ارشيف من : 2005-2008
اوركسترا!
الانتقاد/مجرد كلمة ـ العدد 1122 ـ 12 آب/أغسطس 2005
ثمة إصرار غريب لدى بعض ممتهني الإعلام والسياسة والتمثيل الشعبي حديثاً للقراءة في الكتاب الأميركي وكتب حلفائه، والغرف من التوجيهات والمذكرات السرية والاقتباسات الحرفية لما يدور في كواليس "القناصل" وأتباعهم، وتحويلها بقدرة قادر إلى مواقف لا بل إلى مطالب لبنانية يتشدقون بها إلى حد الإسفاف، بمناسبة أو من دون مناسبة!
هؤلاء يشكلون "أوركسترا" لا تعزف إلا النشاز المنظّم. تبدأ "الأوركسترا" مع تصريح أو مطلب مشبوه لإثارة فتنة، فتتلقفه محطة بارزة "أنيابها" الإعلامية، وتسيل منها "لطائفها الانسانية" في موضوع العفو عن العملاء، وتَقلب الخبر فتدخل تقنية الهرم الجالس بالهرم المقلوب، فيغدو المضمون واضحاً لا لبس فيه.
تكتمل المعزوفة مع كاتب مغمور في مقالة على الصفحة الأولى ليتابع النشاز "بكلام واضح وصريح"، ليتلو مطالبه وتحذيراته وتحريضه متوسلاً ثقافة الواقعية و"المنطق" المعتمد على القرارات الدولية واحترامها بشكل دقيق لكي لا يحدث صدام مع "الشرعية" الدولية وقرارات مجلس الأمن الذي يفترض "أن نشكر بعض أعضائه على تكرمهم علينا بإصدارها"، والضغط علينا أيضاً لتنفيذها بكامل بنودها!
وحتى "يكتمل النقل بالزعرور" لا بد من تحقيق التناغم بين "حلف النشاز" بإكمال المكتوب بالمرئي والمسموع بمقابلة مع ضيف متفرنج مزدوج الجنسية ليؤكد بالصدفة أيضاً "النشاز" عينه بصوت أقوى على الأثير المحلي والفضائي؟
بالتأكيد هذا النشاز الذي يصمّ آذان اللبنانيين ليس جديداً، لكنه في الآونة الأخيرة بات أكثر جرأة بالجهر بمطالبه "الوطنية"، وإعادة الاعتبار إلى الماضي، والحنين إلى مقولات القوة بالضعف وطنياً، والحياد بالانحياز إلى اللاهوية، واللاانتماء.
هؤلاء عندما يتحدثون تُطرب آذانهم لسماع أصواتهم، فيظنون أن المواطن كذلك، ولكن الحقيقة أن أصواتهم ستبقى نشازاً لأنها تفتقد المعاني الحقيقية للحرية والوطنية والاستقلال، وتتنكر للتاريخ، وتمجد ثقافة الحياد حتى لا نقول الاستسلام.
سعد حمية
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018