ارشيف من : 2005-2008
انتخابات الشمال تحدد معالم الأكثريات النيابية: معارك طاحنة في الثانية وقاسية في الأولى
العدد 1114ـ 17 حزيران/يونيو 2005
قبل يومين على إجراء المرحلة الرابعة والأخيرة من الانتخابات النيابية في محافظة الشمال، احتدمت المعركة الانتخابية في دائرتيها الأولى والثانية، وحصل مزيد من خلط الأوراق إثر المفاجآت التي أفرزتها نتائج انتخابات الجبل الأحد الماضي، خصوصاً اكتساح التيار الوطني الحر للدائرتين المسيحيتين في المتن الشمالي وكسروان، وهو ما أرخى بظلاله على الأجواء الانتخابية في محافظة الشمال، وأحدث استنفاراً لدى القوى السياسية هناك، خصوصاً في الدائرة الثانية التي تضم طرابلس والمنية وزغرتا والبترون والكورة، والتي ستشهد معركة انتخابية صعبة.
وقد زاد من حدة الاحتدام في هذه الدائرة الخطوة التي أقدم عليها العماد ميشال عون غداة فوزه في المتن الشمالي وكسروان، والتي تمثلت بزيارته النائب سليمان فرنجية في إهدن، ثم ذهابهما معاً الى منزل الرئيس عمر كرامي في طرابلس. وقد شكّل ما حصل خطوة سياسية انتخابية أراد العماد عون من خلالها استثمار فوزه على أركان قرنة شهوان في الجبل في معركة الشمال، وتقوية تحالفه مع فرنجية وسد الثغرات التي كان من أبرزها عدول الرئيس كرامي عن دعم لائحة فرنجية، إثر تحالفات عقدها الأخير في طرابلس شكلت استفزازاً للرئيس كرامي، وخصوصاً التحالف مع ابن عمّه أحمد كرامي. وإذا كان عون وفرنجية لم يتمكنا من إقناع الرئيس كرامي بالعدول عن موقفه المقاطع للانتخابات ترشيحاً وتصويتاً، فإنهما استطاعا تضييق نطاق هذه المقاطعة الى الملتزمين حزبياً، مقابل إعطاء الإشارة الى الأنصار ـ وهم الدائرة الأوسع في تيار الرئيس كرامي ـ للتصويت للائحة فرنجية ـ عون. وهذا ما لفت اليه الرئيس كرامي صراحة في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع عون وفرنجية في دارته.
وعليه فإن دائرة الشمال الثانية التي تضم سبعة عشر مقعداً نيابياً مقبلة على معركة انتخابية لم تعد سهلة للجبهة المقابلة التي تضم تيار المستقبل والتكتل الطرابلسي وحركة التجدد والقوات اللبنانية والإصلاحية الكتائبية. ولذلك عمد النائب المنتخب سعد الحريري الى النزول بثقله الشخصي لإعادة التوازن الى المعركة الانتخابية في الدائرة الثانية، وتمثل ذلك بخطوات عدة أبرزها ذهابه الى طرابلس والإشراف من هناك على المعركة الانتخابية.
أما الخطوة الثانية فتمثلت بإعادة التواصل مع الجماعة الإسلامية التي كانت اتخذت قراراً بمقاطعة الانتخابات. وقد جاءت هذه الخطوة متأخرة، خصوصاً أن الجماعة جاهرت بأن أحد أسباب مقاطعتها للانتخابات هو محاولة العزل التي مورست ضدها من تيار المستقبل. وهي وإن كانت لم تتهم سعد الحريري مباشرة بهذا الأمر، لكنها أشارت الى دور المحيطين به في هذا المجال. وبرغم ذلك فإن الجماعة الإسلامية لم تغلق الأبواب بالكامل في وجه الحريري، وهي تتجه لاتخاذ موقف مرن يقضي بالتزام المحازبين بقرار المقاطعة مقابل إفساح المجال أمام المناصرين للمشاركة في الاقتراع في الانتخابات. لكن الجماعة لم تعلن صراحة ما اذا كان الأنصار سيصبون أصواتهم للائحة الحريري، أم أن الأمر يتعلق بانتقاء مرشحين من اللائحتين المتنافستين، وهو ما يبدو الأرجح.
جميع المراقبين يتوقعون معركة انتخابية طاحنة في دائرة الشمال الثانية، خصوصاً أن هناك شبه توازن في توزيع الناخبين المسلمين والمسيحيين. وإذا كانت أغلبية الأصوات من الناخبين المسلمين ستصب للائحة الحريري، فإن الأغلبية المسيحية ستعطي أصواتها للائحة المدعومة من التيار العوني والنائب سليمان فرنجية.
تضم اللائحة المدعومة من فرنجية وعون عن المقاعد السنية الخمسة في طرابلس: عبد المجيد الرافعي، أحمد كرامي، محمد نديم الجسر، صفوح يكن ونواف كبارة.. وعن المقعد الماروني: فايز كرم.. وعن المقعد الأرثوذكسي رفلي دياب.. وعن المقعد العلوي أحمد حبوس.. وعن المقعد السني في المنية محمود طبو. وعن المقاعد المارونية الثلاثة في زغرتا: سليمان فرنجية، اسطفهان الدويهي وسليم كرم.. وعن المقاعد الأرثوذكسية الثلاثة في الكورة: فايز غصن، عطا جبور وسليم العازار.. وعن المقعدين المارونيين في البترون: نزار يونس وجبران باسيل.
أما أعضاء اللائحة المدعومة من تيار المستقبل وأطراف قرنة شهوان، فهم عن المقاعد السنية الخمسة في طرابلس: سمير الجسر، محمد كبارة، محمد الصفدي، مصباح الأحدب ومصطفى علوش.. وإلياس عطاالله عن المقعد الماروني.. وموريس فاضل عن المقعد الأرثوذكسي.. وبدر ونوس عن المقعد العلوي.. ونايلة معوض وسمير فرنجية وجواد بولس عن المقاعد المارونية الثلاثة في زغرتا.. وبطرس حرب وأنطوان زهرا عن المقعدين المارونيين في البترون.. وفريد مكاري ونقولا غصن وفريد حبيب عن المقاعد الأرثوذكسية الثلاثة في الكورة.. وهاشم علم الدين عن المقعد السني في المنية.
المعركة الانتخابية القاسية في دائرة الشمال الثانية هي نفسها ستكون في دائرة الشمال الأولى التي تضم عكار والضنية وبشري، والتي خُصص لها أحد عشر مقعداً نيابياً: ستة للمسلمين، وخمسة للمسيحيين. وستدور المعركة في دائرة الشمال الأولى بين لائحتين قويتين، الأولى تضم تحالف تيار المستقبل مع القوات اللبنانية، وأعضاؤها: مصطفى هاشم، محمود المراد وعزام دندشي عن المقاعد السنية الثلاثة في عكار، والثلاثة ينتمون الى تيار المستقبل.. ورياض رحال وعبد الله حنا عن المقعدين الأرثوذكسيين.. وهادي حبيش عن المقعد الماروني.. ومصطفى حسين عن المقعد العلوي.
وعن المقعدين السنيين في الضنية: أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز.. وعن المقعدين المارونيين في بشري ستريدا جعجع وإيلي كيروز.
أما اللائحة المنافسة للائحة المستقبل والقوات فهي مدعومة من تحالف قوي يضم العديد من نواب المنطقة ونائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، برغم عزوفه عن الترشح، والتيار الوطني الحر والعديد من الهيئات الإسلامية. وتضم هذه اللائحة عن المقاعد السنية الثلاثة في عكار: وجيه البعريني، طلال المرعبي ومحمد يحيى.. وعن المقعدين الأرثوذكسيين كريم الراسي وجوزيف شهدا.. وعن المقعد الماروني مخايل الضاهر.. وعن الضنية جهاد الصمد ومحمد الفاضل.. وعن بشري جبران طوق وروي عيسى الخوري.
وإضافة الى هاتين اللائحتين القويتين، شُكلت لائحة ثالثة غير مكتملة في دائرة الشمال الأولى ضمت: جمال إسماعيل وخالد الضاهر وسعود اليوسف عن المقاعد السنية الثلاثة في عكار.. وغسان الأشقر عن الأرثوذكس.. وجوزيف مخايل عن الموارنة.. وعن الضنية هيثم الصمد.. وعن بشري بطرس سكر وإيلي معربس.
ويتوقع المراقبون معركة انتخابية قاسية في دائرة الشمال الأولى، مستمدة الزخم من النتائج التي حصلت في جبل لبنان والتي دفعت الى تغيير أجواء المعركة الانتخابية في الشمال، وذلك خلافاً لما ساد خلال الأسابيع الماضية من أن معركة الشمال محسومة لتيار المستقبل وحلفائه. ويرى المراقبون أنه اضافة الى الاستنفار الذي أحدثته نتائج انتخابات الجبل، فإن ثغرتين تسجلان على طريقة خوض تيار المستقبل للمعركة الانتخابية في الدائرة الأولى، إحداهما ترشيحه ثلاثة من التيار عن المقاعد السنية في عكار، والثانية تحالفه مع القوات اللبنانية، وهو أمر لا يلقى مقبولية واسعة في الشارع السني في الضنية وعكار لأسباب معروفة.
في جميع الأحوال، فإن الجميع ينتظر نتائج معارك الشمال في المرحلة الأخيرة للانتخابات النيابية، لأنها ستحدد معالم توزيع الأكثريات في المجلس النيابي الجديد الذي تنتظره ملفات سياسية كبيرة في المرحلة المقبلة.
هلال السلمان
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018