ارشيف من : 2005-2008

بعلبك الهرمل في يوم الانتخاب: لبيك مقاومة

بعلبك الهرمل في يوم الانتخاب: لبيك مقاومة

العدد 1114ـ 17 حزيران/يونيو 2005‏

اقترب من صندوق الاقتراع، رفع المغلف بيده وقال بصوت سمعه من خلاله كل الموجودين في القاعة: اللهم انصر من نصرك.. ثم أدخل المغلف من فتحة الصندوق.‏

لقد اعتاد هذا الرجل منذ العام 1992 على اختيار اللائحة نفسها التي تتقدم للانتخابات النيابية عن دائرة بعلبك الهرمل، ولم يكن للحظة يتردد في الاختيار برغم ما يكنه من محبة لبعض المرشحين المنافسين للائحة التي يراها تجسد خيار ابنه الذي استشهد قبل اكثر من عشر سنوات في صفوف المقاومة، وهو اليوم يعتبر من خلال اقتراعه للائحة المدعومة من حزب الله انه يوجه رصاصة لقلب الاعداء والمتآمرين.‏

بروحية والد الشهيد خاضت بعلبك الهرمل انتخاباتها تحت عنوان سياسي بدا واضحاً من خطاب المرشحين على لائحة بعلبك الهرمل الفائزة، ومن حركة الناخبين الذين حضروا الى المنطقة من أحياء العاصمة وضواحيها بكثافة لم يسبق لها مثيل تلبية لنداء المواطنية وللتعبير عن خياراتهم السياسية التي وجدوا بصناديق الاقتراع طريقة للاعلان الصريح عنها.‏

ولئن كان الغالب على العملية الانتخابية طابعها السياسي، فإن الجانب الانمائي لم يكن غائباً، ولكن الكثير من الناخبين رأوا فيما يطرح من عناوين انمائية في الانتخابات امراً تقليدياً، وتجد نسخاً عنه في كل كل خطابات المرشحين في لبنان وخارجه بصيغ معدلة لتناسب واقع المنطقة المستهدفة بالخطاب، ولكن اليوم وفي ظل ما يشهده لبنان من متغيرات سياسية وضغوط تستهدف المقاومة وسلاحها فإن صوتنا هو ضد القرار 1559، كما قال احد المواطنين بعد ادلائه بصوته: لقد شاركت في الاستفتاء، اخترت المقاومة ونهجها، لم انتخب ضد اي من اللوائح الاخرى، بل ضد اميركا و"اسرائيل".‏

لقد بدا واضحاً وعلى طول الطريق الممتد من شتورة وحتى اولى بلدات بعلبك الهرمل، ومن خلال اللافتات التي رفعت، أن ترحيباً بالامين العام لحزب الله الذي كان حضر الى المنطقة قبل يومين من الانتخابات، وألقى خطاباً في مهرجان ذكرى الانتصار في بعلبك، او في اللافتات التي تحث على الاقتراع، ان المنطقة هي خارج النزاع الانتخابي بمعناه التقليدي، وان ما جرى التحضير له هو حشد انتخابي كبير يؤكد ان هذه المنطقة التي ترعرعت فيها المقاومة ما زالت حاضنة بقوة لها، وحاضرة في مشروعها السياسي والجهادي.‏

يوم الانتخاب كان يوماً مختلفاً عن كل الايام التي سبقته، وبعلبك الهرمل عاشت يوماً فريداً في تاريخها، الناخبون حضروا الى مراكز الاقتراع جاهزين بلوائحهم "الزرقاء" التي زودتهم بها الماكينة الانتخابية لحزب الله، والتي نشطت من فجر يوم الاحد في تعبئة الجوّ العام من خلال السيارات التي جالت شوارع البلدات تحمل مكبرات الصوت التي تبث اناشيد المقاومة، ومن خلال نقل الناخبين من والى مراكز الاقتراع في عملية منظمة شملت عشرات الالاف من الناخبين.‏

في غرفة العمليات الانتخابية في منطقة الهرمل كانت الاجواء مستنفرة لمتابعة ادق التفاصيل المتعلقة بالعملية الانتخابية، إن على مستوى مواجهة الاشكالات التي تتعلق بسير العملية الانتخابية او متابعة نسب الاقتراع التي ترد تباعاً من قرى وبلدات القضاء، والتي كانت حتى الظهيرة تبشر بنسب تتجاوز ما كانت عليه العام 2000.‏

الى ما بعد ظهيرة اليوم الانتخابي لم يكن من شيء يوحي ان هناك معركة انتخابية تجري وقائعها على الرغم من ان المنافسة هي بين ثلاث لوائح، اللائحة الاولى هي لائحة بعلبك الهرمل التي تشكل ائتلاف حزب الله مع عدد من القوى السياسية والاحزاب، ولائحتين، واحدة مكتملة يترأسها يحيى شمص، واخرى تتشكل من عدد من المرشحين ويقودها علي صبري حمادة، اضافة الى عدد من المرشحين المنفردين. الامر بقي في اطار المنافسة التي تتعلق بنسب الاصوات التي تحوزها أي من اللائحتين قبالة اللائحة الاولى في حسابات كل بلدة على انفراد، فالامر تحول الى معارك متفرقة مكنت من قياس القدرة الانتخابية للمتنافسين في البلدات المختلفة.‏

اقفال صناديق الاقتراع عند السادسة عصراً أرخى بجو مختلف دفع بالماكينات الى الانسحاب من ميدان المعركة خطوات قليلة الى الوراء شبيهة باستراحة المحارب والبدء بترقب النتائج ـ انه حصاد ايام وشهور من عناء هذه الماكينات ـ وان كان هذا حال انصار اللائحتين الثانية والثالثة، فإن انصار اللائحة الاولى الذين كانوا يستعدون للاحتفال بالفوز، كانوا يرمون الى فوز غير عادي يجعل من المستهدفين بأصواتهم يعيدون قراءة حساباتهم جيداً.‏

بدء صدور النتائج عن اقلام الاقتراع واكتشاف حجم الثقة التي حازتها لائحة بعلبك الهرمل في كل بلدة اطلق عند الاهالي حالة من البهجة والفرح، فخرجوا مساء الاحد في مسيرات سيارة في الشوارع رافعين اعلام حزب الله وصور الامين العام، اضافة الى رايات القوى التي شاركت بدعم اللائحة، ساعات قليلة من مساء الاحد كانت خلاله بلدات منطقة بعلبك الهرمل تعيش اجواء احتفال تنوع بين المسيرات السيارة وحلقات الفرح في الساحات واطلاق الالعاب النارية في سماء المنطقة وتوزيع الحلوى على الطرقات امتد حتى ما بعد منتصف الليل، وفي مدينة بعلبك احتشد الالاف في حديقة رأس العين في احتفال عفوي احتفاء بالفوز، كانت تجري خلاله متابعة ما يصدر من ارقام عن غرفة العمليات، وكلما اتسع الفارق بعدد الاصوات بين اللائحة الاولى واللائحتين الاخريين كانت الجماهير تزداد بهجة.‏

في احتفال الوفاء للمقاومة في بعلبك يوم الجمعة الماضي خاطب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أهالي البقاع: يا أهل الوفاء للمقاومة وشهدائها، يا من لم تبخلوا بعطاء الدم... فأجابه ابناء المقاومة يوم الاحد لبيك نصر الله.‏

2006-10-30