ارشيف من : 2005-2008
لائحة "وحدة الجبل" في بعبدا - عاليه تفوز بـ"أم المعارك": قدرة تجيير مرتفعة لحزب الله وكثافة اقتراع درزية
العدد 1114ـ 17 حزيران/يونيو 2005
صدقت التوقعات وكانت "أم المعارك" في دائرة جبل لبنان الثالثة التي تضم قضاءي بعبدا وعاليه بين لائحة "وحدة الجبل" المدعومة من الحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الله وتيار المستقبل ونواب من لقاء قرنة شهوان، وبين لائحة "الإصلاح والتغيير" المدعومة من التيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان.
وانجلى غبار المعركة عن فوز لائحة وحدة الجبل بكامل أعضائها الأحد عشر بعد تجاذب وتقارب في الأرقام حسمتها دقة الماكينة الانتخابية التابعة لحزب الله التي كان لها حضورها البارز طيلة اليوم الانتخابي الطويل.
يكاد يجزم معظم المراقبين بأن أقسى المعارك الانتخابية هي تلك التي شهدتها دائرة بعبدا- عاليه، إذ عجزت معظم استطلاعات الرأي والدراسات الانتخابية عن توقع حسم فوز أي من اللائحتين نظراً لتكافؤ القوى المتنافسة، وتقارب أصوات الكتل الناخبة الأساسية وتنوع هذه القوى سياسياً وطائفياً، وهو ما جعل الصورة ضبابية ولم تتضح معالمها إلا مع انتهاء عمليات الاقتراع.
الحماوة بدت واضحة مع بدء توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع حيث شهدت ازدحاماً صباحياً لافتاً في العديد من المناطق انتج نسبة مشاركة عالية جداً مع اقفال الصناديق، وبلغت نسبة المشاركة 51%.
هذه الكثافة المتوقعة كان سببها الأساسي توازن القوى، وسجلت القوى الناخبة الأساسية نسباً عالية جداً في المشاركة جاءت نتيجة استنفار كافة القوى والتعبئة السياسية للناخبين فكانت المعركة سياسية إلى أبعد الحدود، وكان للكتلة الناخبة الشيعية الدور الأبرز في تحقيق فوز لائحة وحدة الجبل.
وتشير الأرقام الصادرة عن الماكينة الانتخابية التابعة لحزب الله في دائرة بعبدا- عاليه إلى أن مرشح حزب الله على لائحة وحدة الجبل نال أعلى نسبة من الأصوات، وأعطت الكتلة الشيعية اللائحة المدعومة من النائب وليد جنبلاط حوالى 14500 صوت من أصل 18891 مقترعاً أي ما نسبته 77%، بينما كانت نسبة التجيير للائحة 80% وهي نسبة مرتفعة جداً.
ونال المرشح النائب علي عمار 16515 صوتاً أي ما يساوي 92% من الأصوات الشيعية بينما نال في الدورة السابقة ما نسبته 69%.
وفي المقابل نالت لائحة "الإصلاح والتغيير" من الأصوات الشيعية ما نسبته 13% على الرغم من أن هذه اللائحة كانت تضم مرشحين شيعيين عملياً، إذ أن المقعد الشيعي الثاني الشاغر في لائحة "التغيير والإصلاح" كان شاغراً سياسياً، ولكنه من الناحية العملية كان للمرشح سعد سليم الذي تبادل الأصوات بشكل فعلي مع اللائحة المذكورة.
ويشير توزع نسب المشاركة بحسب الطوائف وفق أرقام الماكينة الانتخابية التابعة لحزب الله في الدائرة المذكورة إلى أن الكتلة الناخبة الدرزية حلت أولاً بنسب الاقتراع وبلغت 60% فيما تساوت الكتلتان الشيعية والمارونية وبلغتا 53% فيما تراجعت نسب الاقتراع لدى الطوائف المسيحية الأخرى فكانت عند الكاثوليك 40%، والأورثوذوكس 45%، ومسيحي مختلف 31%.
كما أشارت أرقام الماكينة الانتخابية إلى أن لائحة وحدة الجبل أخذت ما نسبته 27% من أصوات الناخبين المسيحيين، فيما نال النائب علي عمار 24% وهي نسبة معقولة.
وأكدت مصادر في الماكينة الانتخابية أن الالتزام الحرفي والحديدي من قبل الناخبين الدرزي والشيعي كان مميزاً، وهو ما منع حدوث أي خرق للائحة، ولو كان هناك أي تهاون أو استخفاف من الجهتين لكان الخرق وارداً، وخصوصاً أن الفارق بين الفائز الأخير أيمن شقير والخاسر الأول طلال أرسلان 3800 صوت.
وأظهرت النتائج النهائية لانتخابات جبل لبنان العديد من المؤشرات السياسية المهمة، التي لا يمكن إغفالها:
ـ أن هذه المنطقة ذات تنوع سياسي وطائفي وتشكل نموذجاً عن النسيج اللبناني ككل حيث تتعايش فيه كل هذه الأطياف منذ فترة طويلة، وأن هذه الأطياف محكومة بالتعاون والحوار ولا يمكن لأي طرف تجاهل الطرف الآخر، ولا أحد يستطيع أن يختزل الآخر، وأنه لا بد من التعاون فيما بينها.
ـ تأكيد قوة النائب جنبلاط على الساحة الدرزية، وهي قوة كبيرة إذ استطاعت لائحة وحدة الجبل الحصول على 72% من أصوات الدروز والالتزام باللائحة كاملة.
ـ قدرة حزب الله الكبيرة على تجيير الأصوات وقدرته على حسم النتيجة النهائية من خلال التزام محازبيه ومناصريه باللائحة كاملة، وصب الأصوات باتجاه واحد.
ـ التصويت كان سياسياً بامتياز لمشاريع وثوابت محددة تتعلق بوحدة لبنان والعيش المشترك وحماية المقاومة ومحاربة الفساد.
سعد حمية
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018