ارشيف من : 2005-2008
مجرد كلمة
الانتقاد/العدد 1116 ـ 1ـ تموز/يوليو 2005
متغيرات!
تكاد أنظار اللبنانيين لا ترى إلا ما يحدث على الساحة اللبنانية، وقد يكونون معذورين في ذلك، خصوصاً أن وتيرة تسارع الأحداث تجاوزت قدرة البعض على المتابعة الدقيقة. وثمة مفارقة أن هذا الانغماس كان يرتكز قبل عدة أشهر على رؤية ما يجري في المنطقة من متغيرات، وبنى البعض حساباته متكئاً عليها، لكنه في هذه المرحلة يغض النظر عمّا يجري، مفترضاً أن مفاعيل "الموجة الديمقراطية" التي تحاول أميركا أن تجتاح بها المنطقة عبر انتخابات أفغانستان ثم العراق ثم فلسطين والسعودية (انتخابات بلدية) وأخيراً لبنان، ما زالت مستمرة!
لقد كان استنتاج البعض أن المنطقة بدأت تتغير ولمصلحة أميركا ومشروع "الشرق الأوسط الكبير" في المنطقة، ولكن النتيجة الأولية تشير إلى أن أميركا لم تربح من هذه الانتخابات سوى إجرائها في مواعيدها من دون أن يتحقق ما كانت تتوقعه من نتائج تعزز مشروع السيطرة الجديد بسلاح الديمقراطية، ويكفي التدقيق في نتائج انتخابات العراق، وفلسطين ولبنان، للتأكد من ذلك.
وبالتأكيد هذه النتيجة لاحظها الأميركيون وإن كانوا حتى الآن لم يعترفوا بها، ولكن الواضح أنهم مقبلون على مأزق جديد في المرحلة المقبلة سواء في "مستنقع" العراق، إذ بدأت هذه الحقيقة تنعكس سجالاً حاداً بين البيت الأبيض ووزارة الحرب من جهة، وبين أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لوضع برنامج للانسحاب، من جهة اخرى. وفي فلسطين، يشير الواقع إلى تعقيدات كثيرة ليست في مصلحة واشنطن، والتطورات اللبنانية تنذر بأن النتيجة ليست في مصلحة واشنطن أيضاً.
هذه التعقيدات لا تعني أن أميركا ستنكفئ إلى الوراء، ولكنها ستفرض عليها إعادة النظر باستراتيجيتها المتبعة لتنزع الوجه الديمقراطي عن مشروع السيطرة الجديد، وهو ما يسهل مواجهته، خصوصاً أن أميركا تخسر مزيداً من النقاط.
سعد حمية
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018