ارشيف من : 2005-2008

السماح للفلسطيني بمزاولة مهن/ الفلسطينيون في لبنان: قرار جريء والمطلوب المزيد

السماح للفلسطيني بمزاولة مهن/ الفلسطينيون في لبنان: قرار جريء والمطلوب المزيد

العدد 1117 ـ 8 تموز/ يوليو 2005‏

"قرار جريء"، "لا سياسي" "يخدم الفلسطينيين"، بهذه الكلمات عبّر اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان عن فرحتهم بقرار وزير العمل والزراعة اللبناني الدكتور طراد حمادة، داعين إلى استتباع هذه الخطوة بخطوات أخرى ترفع الغبن والظلم، وتساعد في تعزيز صمود اللاجئين في وجه مشاريع التوطين والتهجير.. ولأهمية الموضوع جالت "الانتقاد" على المخيمات الفلسطينية مستطلعة آراء اللاجئين..‏

تواصلت معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وازدادت عقب التوقيع على اتفاقية أوسلو (13/9/1993)، وغدت معاناة اللاجئين بشكل مركب لجهة المنع اللبناني للفلسطيني من العمل في أكثر من سبعين مهنة، وتخلي منظمة التحرير الفلسطينية عنهم وإغلاق مؤسساتها، إضافة إلى تقليص الأونروا لخدماتها، ما ولّد حالة من البؤس والفقر الشديدين. فقد أشارت إحصاءات إلى أن 60% من الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، وأن نسبة البطالة بينهم تتراوح ما بين 35 ـ 45%. ومن وَجَد عملاً فبأجر زهيد وليس له أية ضمانات!!‏

كما أنه بسبب البطالة باتت معدلات الأمية أكبر في صفوف الفلسطينيين. ويشير المكتب المركزي للإحصاء والمصادر الطبيعية الفلسطيني إلى أن 23% من الفلسطينيين من عمر 15 عاماً فما فوق هم أميّون، وأنهم أقل تعلماً من اللبنانيين، فحسب التقرير يوجد 12% من الفلسطينيين أكملوا المرحلة الثانوية من التعليم في مقابل 22% في صفوف اللبنانيين.‏

كما يعاني الفلسطينيون في المخيمات مشاكل عديدة، بدءاً من عدم القدرة على مواصلة التعلم بشكل عادي، لأسباب اقتصادية، ومروراً بعدم السماح لهم بممارسة عدد كبير من المهن، وليس انتهاءً بضيق سوق العمل وتدني الأجور، بالإضافة إلى عدم قدرة الفلسطيني على التملك وقضايا عديدة أخرى، ويشير برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول الدول العربية، الذي نشر مؤخراً، إلى أن نتائج المسوح التي أجريت في بلدان المنطقة تشير إلى أن نصف الشباب قد يكون مستعداً لأن يقدم على الهجرة في محاولة للتخلص من الضائقة الاقتصادية والعوامل الاجتماعية الضاغطة. وهذا بدوره ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات وسعيهم إلى الهجرة كلما أتيحت لهم فرصة لذلك، في محاولة للتخلص من الواقع البائس وتحسين الظروف الصعبة.‏

وبالنسبة لقرار الوزير طراد حمادة فيؤكد أبو وسيم (عضو المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمال فلسطين) أن القرار ليست له أبعاد سياسية، وهو قرار اتخذ مراعاة للجانب الإنساني والمدني، وتنفيذاً لشرعة حقوق الإنسان المقرة من الأمم المتحدة، وما أقر في الجامعة العربية بضرورة معاملة اللاجئ الفلسطيني كمواطن في الدولة المضيفة. وما يشاع من ربط للقرار بمسألة التوطين فهو غير صحيح، فلبنان الرسمي والشعبي والفلسطينيون يرفضون وبشكل قاطع التوطين، ويتمسكون بحقهم في العودة إلى أرضهم وديارهم التي اقتلعوا منها.‏

وأكد النقابي الفلسطيني رائف موعد أن قرار الوزير حمادة جاء ليزيد من تمسّك الفلسطيني في حقه في العودة إلى أرضه، كما أنه يؤكد أن إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين لا يعني تخليهم عن حلمهم في العودة إلى أرضهم، أو قبولهم في التوطين. ويجب استكمال العمل في تطبيق هذا القرار حتى يصبح الفلسطيني كشقيقه اللبناني لمواجهة التحديات المشتركة.‏

بارقة أمل‏

ولاقى القرار ترحيباً واسعاً في صفوف اللاجئين وخصوصاً الفئة المستهدفة منهم، وفي الوقت نفسه كانت المطالبة تزداد بضرورة العمل على استكمال كل الخطوات من أجل إنهاء معاناة اللاجئين وبشكل نهائي.‏

فيعتبر راشد (مهندس ميكانيك آلات زراعية، عين الحلوة)، أن القرار خدم جزءاً من شعبنا الفلسطيني، ولم يخدم الجزء الآخر "المهندس، المحامي، الطبيب".‏

أما سعد (مهندس كمبيوتر، مخيم الجليل/بعلبك)، فقال: لم يحدث أي تغيير بالنسبة لعمل الفلسطينيين في لبنان، فهذا القرار سمح للفلسطينيين في العمل بمهن كان يمارسها مع غضّ الطرف عنه. وأمل سعد أن يعطى الفلسطيني الحق الكامل في العمل في شتى المجالات أسوة بالأجانب..‏

واعتبر حسين العلي (ليسانس في التاريخ، مخيم البداوي)، القرار بأنه بارقة أمل لدى الشباب الفلسطيني من عمال وخريجي جامعات ومعاهد بإمكانية الحصول على فرص عمل. ويضيف بالنسبة لي شخصياً يتيح لي هذا القرار فرصة الالتحاق بإحدى المدارس الخاصة أو الرسمية للتدريس فيها مع وجود الضمانات اللازمة (ضمان صحي واجتماعي)، وأجر لا تقل قيمته عمّا يتقاضاه الأستاذ اللبناني.‏

أما ازدهار (خريجة أدب إنكليزي، مخيم شاتيلا)، فقالت: أعتقد أن لهذا القرار إيجابيات كثيرة ستعود بالفائدة على اللاجئين، وستكتمل تلك الإيجابيات عندما يستكمل متابعة إزالة الإجراءات المفروضة على اللاجئين والتي تمنعهم من حق التملك والتوريث، وتمنع أيضاً شريحة مهمة "كالأطباء، والمحامين، والصيادلة" من العمل، مع تأكيدنا على الرفض الكامل والمطلق للتوطين، مع أن تخفيف الإجراءات أو إزالتها لا علاقة له بهذا الأمر من قريب أو بعيد.‏

وعبّرت الصيدلانية منى (مخيم عين الحلوة) عن فرحتها لهذا القرار، مع أنه لا يشمل الصيادلة، وتقول: "إنني سعيدة بهذا القرار الذي جاء في وقت يعاني فيه الفلسطينيون كما اللبنانيين من ضائقة اقتصادية كبيرة". وأملت منى أن يتم شمل الجميع بهذا القرار.‏

خطوات أخرى‏

وبرغم النظرة الإيجابية التي ينظر من خلالها اللاجئون للقرار إلا أن عيونهم ما زالت ترنو إلى مزيد من الخطوات الإيجابية التي تقود إلى إنهاء معاناتهم.‏

يقول عضو المجلس الوطني الفلسطيني فتحي أبو العردات إن قرار الوزير حمادة مهم وجريء، والعمل جار مع الأخوة اللبنانيين من أجل إلغاء جميع القيود على عمل الفلسطيني في لبنان.‏

وطالب أبو وسيم بتطوير القرار بحيث يتناول كافة الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين، وإلغاء قانون منع الفلسطيني من التملك، على اعتبار أن الفلسطيني مقيم بشكل قسري في لبنان ويختلف عن الأجنبي، ويجب أن يُعامل بشكل مختلف أيضاً.‏

وتمنى على وزارة العمل والوزارات الأخرى المعنية "الصحة، الأشغال..." أن تساهم في تثبيت قرار إلغاء إجازة العمل المقرة على الأجانب استناداً إلى مرسوم أقر في العام 1947، وذلك من خلال استثناءات تستطيع الحكومات المعنية بإجازة قانون العمل أخذ قرار بشأنها.‏

وهكذا وبرغم الارتياح الفلسطيني الكبير لقرار وزير العمل، إلا أن الفلسطينيين ما زالوا يأملون بالسماح للجميع "أطباء، ومهندسين، ومحامين.." بالعمل، وإلغاء قانون منع التملك، وعيونهم دائماً ترنو للعودة إلى فلسطين.‏

هيثم أبو الغزلان‏

2006-10-30