ارشيف من : 2005-2008
اكتمال عقد المجلس النيابي الجديد برئيسه وهيئة مكتبه
الانتقاد/العدد 1116 ـ 1ـ تموز/يوليو 2005
عناوين المرحلة المقبلة: حماية لبنان بحماية المقاومة واستكمال تنفيذ الطائف
اكتمل عقد المجلس النيابي الجديد بعدما جرى انتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس في الجلسة العامة التي عقدت قبل ظهر الثلاثاء الماضي بحضور كامل أعضاء المجلس البالغ عددهم مئة وثمانية وعشرين نائباً، اضافة الى حكومة تصريف الأعمال وحشد كبير من السفراء العرب والأجانب، كان من بينهم سفيرا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا جيفري فيلتمان وبرنار إيمييه. الجلسة التي استمرت نحو ساعتين جُدد خلالها عبر الاقتراع السري للرئيس نبيه بري رئيساً بأكثرية تسعين صوتاً من أصل مئة وثمانية وعشرين، مقابل سبعة وثلاثين ورقة بيضاء وورقة للنائب باسم السبع. كما انتخب النائب فريد مكاري نائباً لرئيس المجلس بأكثرية تسعة وتسعين صوتاً.
وجرى انتخاب أميني سرّهما النائبين أيمن شقير وجواد بولس وثلاثة مفوضين هم: سيرج طورسركيسيان ومحمد كبارة وميشال موسى.
جلسة الثلاثاء الماضي رسمت ملامح المرحلة السياسية المقبلة من خلال عدة مؤشرات حملتها، ومنها:
أولاً: شكلت عملية إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس صفعة قوية للإدارتين الأميركية والفرنسية اللتين مارستا ضغوطاً كبيرة لعدم حصول هذا الأمر على العديد من الكتل النيابية، متجاهلتين الإرادة الشعبية التي تجلت في انتخابات الجنوب والبقاع من خلال التحالف بين حزب الله وحركة أمل، حيث حسم هذا التحالف منذ البداية ان الرئيس بري هو مرشحه لرئاسة المجلس، ما شكل صخرة سياسية صلبة في وجه تلك الضغوط الخارجية وجعلتها ترضخ مرغمة للإرادة الشعبية العارمة التي عبرت عنها صناديق الاقتراع، والتي كانت تقترع لخيار المقاومة ورفض الهيمنة الأجنبية على لبنان.
ثانياً: شكّل انتهاء انتخابات رئاسة المجلس الى ما انتهت اليه بداية سياسية عملية معاكسة للبرنامج الأميركي الفرنسي المرسوم للوضع في لبنان في المرحلة المقبلة، والذي يهدف الى وضع البلد تحت الوصاية الأجنبية بعيداً عن إرادة اللبنانيين.
ثالثاً: بلورت جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس شكل التحالفات بين الكتل النيابية في المجلس النيابي الجديد على القضايا الأساسية، وقد ظهر ذلك في نوعية التصويت لمصلحة الرئيس بري، أو من خلال الورقة البيضاء في صندوقة الاقتراع. والكتل التي صوتت للرئيس بري (90 صوتاً) هي: "التنمية والتحرير"، "الوفاء للمقاومة"، "اللقاء الديمقراطي" وكتلة "تيار المستقبل".
والكتل التي صوتت بورقة بيضاء (37) هي كتلة العماد ميشال عون، والمتحالفون معها من نواب المتن الشمالي وزحلة، وكتلتا "قرنة شهوان" و"القوات اللبنانية" وبعض النواب المستقلين، من بينهم الرئيس حسين الحسيني الذي سحب ترشيحه لرئاسة المجلس عشية الجلسة.
ويبدو ان هذا الفرز سينسحب على التعاطي مع العديد من القضايا والمشاريع السياسية في المستقبل.
رابعاً: اتضح في جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس برنامج العمل الذي سيسلكه هذا المجلس في المرحلة المقبلة، والأولويات التي سيعمل على تحقيقها. وقد برزت هذه العناوين في الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد إعادة انتخابه. وفي مقدمة هذه العناوين:
ـ الحفاظ على نهج المقاومة في مواجهة العدوانية الصهيونية المتواصلة ضد لبنان، ورفض القرار 1559. وفي هذا السياق قال الرئيس بري في كلمته: "سأبقى استثنائياً أرى كل الجهات الجنوب".. وما دامت "اسرائيل" تواصل احتلال أجزاء عزيزة من أرضنا وتواصل اعتقال أبنائنا، وما دامت تقوم بخروق متنوعة لسيادتنا.. ان هذا الاستثناء السياسي والسيادي سيستمر بالنسبة الي كعنوان لخط ونهج مقاوم ينطلق من ان قوة لبنان في مقاومته ووحدته. مضيفاً: "اذا كان القرار 425 حليف المقاومة لم يحرر الأرض، فهل القرارات المتربصة بالمقاومة ستحرر الباقي منها؟".
هذا العنوان أكده أيضاً رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عندما قال: إن من أهم واجبات هذا المجلس حماية لبنان من خلال حماية مقاومته. مشيراً الى أن أغلبية الكتل النيابية هي مع هذا الخيار.
ـ العنوان الثاني تطبيق كامل بنود اتفاق الطائف، من قانون الانتخاب الى قانون الأحزاب واللامركزية الإدارية وصولاً الى مقاربة مسألة إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس شيوخ. ولهذه الغاية وعد بري بتحويل مجلس النواب الى خلية عمل مكثفة تعمل مع كل القوى والأحزاب والنقابات لصياغة اقتراحات تؤسس لمشاريع واقتراحات قوانين في جميع المسائل المنصوص عليها في اتفاق الطائف.
العنوان الثالث: تفعيل مراقبة مجلس النواب لأعمال الحكومة من خلال عقد جلسات مساءلة مكثفة.. وقد لفت بري الى أنه ستُعقد جلسة كل أسبوع لمساءلة الحكومة على سياساتها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن تشكيل لجنة لمراقبة أداء الحكومة في تطبيق القوانين والتشريعات التي تصدر عن مجلس النواب.
في جميع الأحوال، فإن استحقاقات كبيرة تنتظر المجلس النيابي الجديد خلال المرحلة الراهنة، سيكون أولها بعد جلسة إعطاء الثقة للحكومة الجديدة، جلسة تشريعية يكون الموضوع الأبرز على جدول أعمالها العفو عن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع وموقوفي الضنية ومجدل عنجر. أما بشأن قانون الانتخاب، فإن التوقعات تشير الى أنه سيأخذ وقتاً كافياً برغم الاهتمام بإنجازه بأسرع وقت، وذلك لكي يأتي منسجماً مع تطلعات معظم الفئات والقوى السياسية في لبنان.
هلال السلمان
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018