ارشيف من : 2005-2008

بعد التصدعات وفرز المواقف مساعٍ لإعادة ترميم التحالف الرباعي

بعد التصدعات وفرز المواقف مساعٍ لإعادة ترميم التحالف الرباعي

الانتقاد/ محليات ـ العدد 1139ـ 9/12/2005‏

لاحظت مصادر نيابية متابعة للتطورات السياسية خلال الأسابيع الأخيرة، أن التحالف الرباعي بين حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي يواجه "أزمة ثقة" بعد التباين الكبير في المواقف من قضايا عدة، كان أبرزها ملف المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واللجوء إلى منطق الأكثرية والأقلية في حسم القرارات بعيداً عن الشراكة والتفاهم حول القضايا الكبرى التي بُني على أساسها هذا التحالف منذ البداية.‏

وهذا الواقع المأزوم في العلاقة بين حزب الله وحركة أمل من جهة وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، استدعى تحركات ومواقف تهدف إلى "رأب الصدع" وإعادة ترميم هذا التحالف بما يثبت وحدة الموقف في التعاطي تجاه القضايا الكبرى في المرحلة الراهنة والمقبلة وسط المخاطر الكبيرة التي يواجهها لبنان والمنطقة نتيجة الضغوط الأميركية والصهيونية المتواصلة على أكثر من صعيد.‏

وفي سياق هذا التحرك جاءت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد لقاء رباعي يضمه والأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله والنائب سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ويحضره رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.‏

وفي السياق ذاته جاءت إشارة نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم إلى تحضيرات للقاءات جدية مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي.‏

مصادر متابعة لتطور العلاقة بين أركان التحالف الرباعي أخذت على تيار المستقبل والحزب الاشتراكي لجوءهما مؤخراً إلى استخدام منطق الأكثرية والأقلية لحسم القرارات داخل مجلس الوزراء ومجلس النواب بعيداً عن الشراكة والتفاهم. وأعادت التذكير بالأجواء التي أحاطت بنشوء هذا التحالف عشية الانتخابات النيابية، حيث سعى الطرفان حينها إلى تسوية تتيح إقرار قانون عام ألفين بما يتيح لهما تحقيق مكاسب في الدوائر الانتخابية.‏

إضافة إلى حصول تحالفات انتخابية بين الأطراف الأربعة كانت نتيجتها فوز لائحة النائب جنبلاط في بعبدا ـ عاليه بأصوات ناخبي حزب الله، الأمر الذي تكرر في دائرة البقاع الغربي أيضاً.‏

وتؤكد الأوساط المتابعة أن على جنبلاط والحريري عدم نسيان هذا الأمر، وأن الأكثرية التي يلوحون باعتمادها مدينون بجزء منها إلى حزب الله، وبالتالي فلا يصح التلويح بها في وجهه.. وتتساءل هنا هذه الأوساط: ماذا لو لجأ الطرف الآخر في هذه الحال إلى اتخاذ موقف بالدعوة إلى تقصير ولاية مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة؟ ومن ثم إجراء انتخابات وفق تحالفات مغايرة عن التي حصلت في انتخابات حزيران الماضي؟ عندها سيحصل خلط أوراق كبير في مسألة الأكثرية والأقلية.‏

منطق الأكثرية والأقلية الذي اعتمد في الجلسة التشريعية الأخيرة لمجلس النواب عبر إقرار مشروع قانون المجلس الدستوري بما يتيح السيطرة عليه من الأكثرية لم تنته تداعياته، مع الترجيح المتوقع برده من قبل رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، وعندها سيحتاج القانون الى الأكثرية المطلقة، أي 65 صوتا لإقراره مجدداً في مجلس النواب.‏

المصادر المتابعة تشير إلى أن الأخطر في اعتماد منطق الأكثرية هو سريانه على قرارات مجلس الوزراء، وهو ما لم يحصل حتى الآن برغم المحاولات التي جرت في هذا الإطار في موضوع المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لأن وصول الأمر إلى هذا المنحى سيطيح بالحكومة إذا قرر حزب الله وحركة أمل الخروج منها في حال ضرب مبدأ الشراكة والتفاهم حول القرارات بشأن القضايا المصيرية.‏

وتستغرب المصادر الاستعجال المبرر لطلب المحكمة الدولية من قبل تيار المستقبل والحزب الاشتراكي في الوقت الذي لا يزال التحقيق الدولي يتخبط بنفسه مع سقوط المعطيات الأساسية التي ارتكز عليها في اتهام سوريا بالجريمة، عبر ظهور الحقيقة بشأن شهادة الشاهد السوري هسام هسام وقبله محمد زهير الصديق.‏

وقد دفعت هذه التطورات وغيرها المحقق الدولي دتليف ميلس إلى التنحي عن إكمال التحقيق، وبالتالي فإن خليفته المرتقب بحاجة إلى أشهر عدة لإعادة الانطلاق في التحقيقات، فضلاً عن المدة التي يحتاجها لإنجاز التحقيق وهي تتعدى الأشهر إلى السنوات.‏

إضافة إلى شبهة التوقيف، فإن المصادر المتابعة تشير إلى خطورة مبدأ اعتماد محكمة دولية، لأن المؤسسات الدولية وخصوصاً الأمم المتحدة خاضعة لإرادة الولايات المتحدة التي يأتي في رأس أولوياتها ضرب المقاومة في لبنان والممانعة في سوريا بعيداً عن أي سعي جدي لكشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري.‏

وتشير المصادر المتابعة إلى أن هذه التطورات في ملف التحقيق تستمد من الاندفاعة حول طلب تشكيل محكمة دولية، وهو ما ظهر خلال اليومين الأخيرين وترافق مع بروز مواقف تنحو باتجاه التهدئة، وهو ما عبّر عنه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في تصريحه بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري على هامش جلسة المساءلة للحكومة، حيث قال: "لا داعي للقلق والخوف والتوتر، دعونا نتروَّ لأن التحقيق مستمر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري"..‏

في كل الأحوال، فإن الاتصالات البعيدة عن الأضواء مستمرة لعقد لقاءات وإبرام تفاهمات في سياق السعي لإعادة ترميم التحالف الرباعي الذي تعرض للاهتزاز مؤخراً.‏

هلال السلمان‏

2006-10-30