ارشيف من : 2005-2008

إقصاء الأكثرية الحقيقية

إقصاء الأكثرية الحقيقية

الانتقاد/ مجرد كلمة ـ العدد 1140ـ 16/12/2005‏

"الأكثرية الوزارية" المنبثقة عن "الأكثرية النيابية" توهمت أنها حققت انتصاراً ساحقاً باعتماد التصويت وتجاوز مبدأ التوافق في القضايا المصيرية، وأدخلت نفسها عن قصد أو غير قصد في تسجيل سابقة من المؤكد أنها سترتد سلباً عليها في المراحل المقبلة.‏

وأظهرت هذه "الأكثرية" تهوراً مريباً في استعجال تحقيق "غلبتها" بالاستقواء بالمعادلات الدولية لتتحكم كلياً بمجريات الساحة المحلية، ومحاولة قهر جزء كبير من اللبنانيين، وأفصحت عن قرارها بإقصاء "الأقلية" استجابة ليس لنصائح بل لمطالب الوصاية الدولية عشية مناقشة تقرير ميليس الثاني في مجلس الأمن الدولي.‏

ما حصل في جلسة مجلس الوزراء كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير، بعدما شهدت الفترة الماضية فتح العديد من الملفات ونبش الخلافات حسب توقيت واشنطن وباريس، إضافة إلى نيويورك وتجاهل التوقيت المحلي!..‏

الواقعة الأخيرة في مجلس الوزراء وما سبقها ورافقها من استغلال للتطورات، تستدعي التوقف والتأمل، لأنها تشي بأشياء كثيرة وتدل على المستفيد مما تشهده الساحة المحلية من تفجيرات يبدو أنها تتجاوز هذه الساحة لتطال ساحات أخرى:‏

ـ اغتيال النائب جبران تويني قبل ساعات عدة من تقديم القاضي الألماني ديتليف ميليس تقريره الثاني للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وتحميل سوريا مباشرة مسؤولية الجريمة لكونه كان من أشد المعارضين لها.‏

ـ فراغ التقرير من الأدلة المادية الملموسة وإثباتات جديدة، واستمراره في التركيز على استراتيجية الشهود التي اهتزت وأفقدت التقرير الأول والثاني مصداقيته، وبالتالي إمكانية صدور قرار عن مجلس الأمن لا يتضمن عقوبات ضد سوريا وتشتت الحصار الدولي عليها، وبالتالي عدم توافر مستمسكات جديدة لـ"الأكثرية" لمتابعة الانقضاض على دمشق وحلفائها في لبنان.‏

ـ استباق مناقشات مجلس الأمن بإيجاد معطيات جديدة بطلب لبنان توسيع نطاق عمل لجنة التحقيق الدولية لتطال كل التفجيرات، وحسم مسألة المحكمة الدولية من خلال استغلال جريمة اغتيال النائب تويني وإعادة تحريك الشارع وتفعيل ديناميات قوى 14 آذار من جديد وتظهير مطالبها على وقع هتافات الجماهير المحتشدة مجدداً في ساحة الشهداء.‏

توالي هذه الوقائع وما أسفرت عنه من نتائج وما يمكن أن ينتج عنها خلال الأيام المقبلة، كفيل بتوضيح كيف تتحرك الساحة اللبنانية ومن يحركها ومن يستجيب لها ولمصلحة من.. ولكن هل هناك من هو مستعد للتأمل والتبصر قبل إطلاق المواقف! وهل الأكثرية الحقيقية من الشعب اللبناني ترضى بذلك؟‏

سعد حميه‏

2006-10-30