ارشيف من : 2005-2008

بوش يقف على سبابته!

بوش يقف على سبابته!

المتابع للسياسة الأميركية في لبنان لا يفوته مدى "الاهتمام" الأميركي بهذا البلد الصغير الذي بالكاد يظهر كنقطة صغيرة على خريطة العالم.‏

وإذا ما أراد جورج بوش أن يضع سبابته على الخريطة ليحدد موقع لبنان فستتجاوز مساحة رأس سبابته مساحة لبنان بعشرات الكليومترات المربعة، هذا إذا أفلح في تحديد الموقع!‏

هذا الأمر ليس تضخيماً ولا مبالغة، ولكن المبالغة تكمن في "الاهتمام" الأميركي بلبنان، وسعي البيت الأبيض الدءوب لجعل لبنان موطىء قدم لانطلاق المشروع الأميركي المتعثر في المنطقة. والحقيقة تقول بأن على بوش أن يقف على سبابته في لبنان وهذا أمر مستحيل لعدم وجود مساحة "لموطئ القدم"، وفي حال حصول المحال سيسقط على رأسه عند أول هبة ريح!‏

ربما يكون الأميركي معذوراً في أوهامه في الهيمنة والسيطرة، ولكن لا عذر للبعض في لبنان أن يصدق الأوهام الأميركية ويراهن عليها، ويعتقد أن باستطاعته تمكين بوش من الوقوف على سبابته من دون أن يسقط عليه أن يوفر المساحة الكافية للوقوف زمناً طويلاً!‏

هذه السياسة "البهلوانية" لأميركا وحلفائها الجدد في لبنان تتوغل يوماً بعد يوم في مأزق من الصعب الاستمرار فيه أو التراجع عنه لأن لكلا الأمرين تبعاتهما، ونتائجهما غير مضمونة، خصوصاً بعد جنوح بعض "الحلفاء" إلى افتعال إشكالات سياسية وأمنية، واعتماد سياسة الانقلاب على الإجماع والتفسير الملتبس للمواقف وفق ما تقتضيه مصالحهم ورهاناتهم السيادية المستوحاة من وراء البحار.‏

ربما يعتقد حلفاء أميركا من اللبنانيين أن الوقت ما زال يعمل لمصلحتهم، وأن طموحاتهم قابلة للتحقق ببركة الرعاية الأميركية التي "تصنع" الظروف السياسية في المنطقة والعالم وكأنها القدر الذي لا راد له، بينما الحقيقة أن القدر تصنعه إرادة الشعوب الحرة، وسبق لهذه الشعوب أن أسقطت في الماضي المشاريع الأميركية، ولديها من العزم ما يؤهلها لإسقاطها مستقبلاً وإسقاط المراهنين عليها.‏

سعد حميه‏

الانتقاد/ مجرد كلمة ـ العدد 1160 ـ 6 أيار/مايو 2006‏

2006-10-30