ارشيف من : 2005-2008
منطق غريب!
باتت المناسبات في لبنان مزدحمة إلى درجة لم تعد تتسع لها حتى أضخم الموسوعات.. وتكاد هذه المناسبات تتناقض في دلالاتها السياسية وأبعادها الثقافية لدى هذه الجماعة أو تلك، أو هذا الحزب أو ذاك، أو لدى "الأكثرية" أو "الأقلية".
وخلال بحث بسيط في روزنامة المناسبات لشهر أيار، تبين أنه يفور بالمناسبات من أوله إلى آخره. وهناك مناسبات حاضرة بقوة وأخرى أقل حضوراً، ومناسبات يحاول البعض أن يلغيها من الذاكرة، ولو قُدر له العودة بالزمن إلى الوراء لما تأخر في منع حدوثها لتغيير التاريخ على طريقة الأفلام الهوليودية!
ما نعنيه هنا هو مناسبة عيد الانتصار والتحرير تحديداً ـ وللتذكير يحتفل لبنان بهذه المناسبة في الخامس والعشرين من أيار الجاري ـ في هذا اليوم دُحر الاحتلال الإسرائيلي عن جنوب لبنان باستثناء مزارع شبعا اللبنانية المحتلة التي يرفض بعض الزعماء الاعتراف بلبنانيتها وخضوعها للسيادة اللبنانية، متذرعاً بخرائط الأمم المتحدة وخرائط شبكة الانترنت في عصر المعلومات والقرية الكونية، ومعتمداً السياسات الكونية وفق صرعة العولمة!
بالتأكيد سيحتفل اللبنانيون بهذه المناسبة، ولكن كل على طريقته! ربما يعمد البعض نكاية بـ25 أيار لإحياء ذكرى اتفاق 17 أيار وذكر أفضاله وتحسين صورته وتجميلها، وإظهار فداحة الخسارة في إلغائه!
يوماً بعد يوم يظهر بشكل سافر أن مفهوم السيادة ينحرف عن معانيه الحقيقية، وتختلط صورة العدو والصديق عنده، إلى درجة لم يتورع فيها بعض "الزعماء" عن المطالبة بتحييد لبنان عن الصراع مع "إسرائيل"، لأنها "لم تعد عدواً"! ولا ضير عندهم من إعلان الحرب على الأشقاء وإقامة "سلام" مع "الدول المجاورة"!
هذا المنطق لم يعد مستغرباً أو مستهجناً، لكنه يبقى غريباً، فقد ثبت فشله في الماضي وسيثبت فشله كذلك في المستقبل.
سعد حميه
الانتقاد/ مجرد كلمة ـ العدد 1161 ـ 12 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018