ارشيف من : 2005-2008
سحب "التعاقد الوظيفي" من التداول لا يعني إلغاءه نهائياً:المشاريع المقترحة للإصلاح تنال من الحقوق المكتسبة!
التظاهرة التي نظمتها هيئة التنسيق النقابية، لا تقتصر على رفض مشروع قانون التعاقد الوظيفي الذي أعلنت الحكومة أنها سحبته من التداول من دون أن يعني ذلك أنها ألغته نهائياً، وهو ما تطالب به هيئة التنسيق، إنما الرفض يتناول أيضاً سلة من مشاريع القوانين التي تتمسك بها الحكومة، وتنال من الحقوق المكتسبة والمقرة سابقاً للمعلمين والأساتذة. ويمكن حصر هذه المشاريع بخمسة وردت ضمن الورقة الاصلاحية وهي: مشروع التعاقد الوظيفي، مشروع يتعلق بالتقاعد وتعويض الخدمة، نظام الاستشفاء ومنح التعليم، أحكام تتعلق بالقطاع التعليمي، تعديل دوام العمل في المدارس والجامعات.
وإذا كانت الحكومة رضخت لمطالب الحركة النقابية في سحب مشروع التعاقد الوظيفي من التداول إلا أن الاحتفاظ ببقية المشاريع الأخرى المعترض عليها يُبقي الأزمة قائمة، وخصوصاً أن هذه المشاريع تتضمن سلبيات ومخاطر كبيرة وفق تقديرات هيئة التنسيق، وثمة بدائل يمكن اعتمادها مع عدم المساس بالحقوق المكتسبة، فما هي هذه المشاريع وما هي المخاطر والسلبيات، وما هي البدائل وفق تقويم هيئة التنسيق النقابية.
يتضمن مشروع التقاعد وتعويض نهاية الخدمة المبادئ الآتية:
- خفض سن التقاعد إلى 60 سنة لأفراد الهيئة التعليمية في مختلف مراحل التعليم الرسمي غير الجامعة من دون مقابل.
- خفض المعاش التقاعدي وتعويض الصرف إلى ما بين 50 و60 في المئة من الراتب.
- زيادة 1 في المئة من الراتب على المحسومات التقاعدية.
- قطع المعاش التقاعدي عن الأولاد الذكور الأعِلاَّء.
- قطع المعاش التقاعدي نهائياً لمصلحة الخزينة, في حال وفاة أحد الورثة ممن يتقاضون معاشاً تقاعدياً.
وتتمحور مخاطر وسلبيات هذا المشروع بأن خفض السن التقاعدي إلى الـ60 سنة يؤدي إلى حرمان الموظف (الأستاذ) من فرصة عمل لمدة 4 سنوات، كما أنه يؤثر على حساب تعويض الصرف الذي يحسب على أساس سنوات الخدمة, يضاف إلى ذلك خسارة 40 في المئة من تعويض الصرف والمعاش التقاعدي عبر تخفيضه دون مقابل، عندها يخرج المدرّس من وظيفته التي أفنى عمره فيها دون أيّ مردود مالي مهم يعتاش منه.
أمَّا فيما يتعلق باستحقاق المعاش التقاعدي, فالقانون يعطي الحق في تقاضيه لزوجة الموظف ولابنته (أو بناته) العزباء, وبالتالي إذا توفيت الزوجة يبقى حق الإبنة في تقاضي المعاش قائماً على نظرية الحقوق المكتسبة.
أمَّا مشروع القانون الجديد فيحرم باقي الورثة من هذا الحق بمجرد وفاة أحدهم. وبصورة عامة إنَّ معظم البنود المتعلقة بالتقاعد وتعويض نهاية الخدمة تعتبر تعدياً على حقوق الموظف وورثته المكتسبة.
البدائل: رفض خفض السن القانوني دون مقابل.
- احتساب المعاش التقاعدي وتعويض الصرف على أساس 100 في المئة من الراتب والقسمة على 35.
- رفض زيادة 1 في المئة على المحسومات التقاعدية.
- رفض قطع المعاش على الذكور الأعِلاَّء.
- الإبقاء على حق الورثة في الاستفادة من المعاش التقاعدي.
نظام الاستشفاء ومنح التعليم:
يقضي هذا المشروع، بوضع نظام موحّد للاستشفاء ومنح التعليم من دون طرح تفاصيل هذا النظام، إلغاء المؤسسات الضامنة التابعة للدولة وإلحاق الموظفين والأساتذة والمعلمين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إضافة إلى التوسع في زيادة المساهمات المالية من 1 الى 3 في المئة دون مقابل.
أما المخاطر والسلبيات، فيعتبر هذا البند خرقاً واضحاً لحقوق الموظف المكتسبة.
إضافةً إلى أنَّ إلغاء المؤسسات الضامنة التابعة للدولة هو نتيجة حتمية لمشروع
التعاقد الوظيفي، ولكن السؤال ما هو مصير موظفي هذه المؤسسات؟ وهل إلحاق الموظفين والمعلمين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سيحل المشكلة أم سيفاقمها في ظل الوضع الحالي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي!
والبدائل هنا تتمحور حول:
- الالتزام الواضح بالحفاظ على الحقوق المكتسبة.
- توحيد مشتريات الدولة من الخدمات الصحية والاستشفائية.
- توحيد التعرفة الطبية لسائر المؤسسات الضامنة.
- التوسع في التقديمات والخدمات والمنافع الصحية والاجتماعية والتعليمية التي تقدمها تعاونية الموظفين، خصوصاً بعدما رفعت وزارة المالية نسبة مساهمة الموظفين من 1 إلى 3 في المئة.
- تمثيل روابط الأساتذة والمعلمين والموظفين في مجلس إدارة التعاونية.
القطاع التعليمي الرسمي:
وتتضمن "الاصلاحات" في هذا القطاع، إلغاء كل مدرسة رسمية يقل عدد تلامذتها عن مئة تلميذ ودمجها بمدرسة مجاورة، إلغاء جميع الفروع العائدة للثانويات، إضافة إلى إلغاء دُور المعلمين الابتدائية والمتوسطة، والاكتفاء بدار واحدة في كل محافظة.
هذه البنود تثير التساؤل حول مصير المعلمين المعنيين بعد سلسلة الإلغاءات؟ والبدائل تكون عبر إعداد دراسة ترمي إلى تحديد أصول ومعايير واضحة حول فتح المدارس وإلغائها، وتحسين نوعية التعليم وجودته، وتدريس المواد الإجرائية المقررة في المناهج التعليمية الجديدة، ولا يتم ذلك إلاّ بعد زيادة موازنة وزارة التربية، وتفعيل دور كلية التربية في إعداد الأساتذة والمعلمين.
زيادة دوام العمل:
المشروع يتضمن، زيادة دوام العمل إلى 24 ساعة، وزيادة ساعات التدريس الفعلي لأساتذة التعليم الثانوي إلى 20 ساعة تدريس فعلياً، وأربع ساعات نشاطات لا صفيّة، إلغاء قانون التناقص في ساعات التدريس.
وسلبيات هذا المشروع أنه يفترض عند زيادة ساعات العمل زيادة قيمة الرواتب نتيجةً لزيادة الأعباء الملقاة على عاتق الأساتذة، وتطبيقاً لمبدأ إنساني اجتماعي هام هو "لا عمل بدون أجر"، فهل سترفع الحكومة رواتب المعلمين؟ وهل إجهاد المعلم الذي يقوم بعمل فكري تربوي بساعات إضافية سيؤثر إيجاباً على نوعية عمله؟ وبالتالي على المستوى التعليمي؟
البدائل لتلافي السلبيات تكون بإقرار قانون التفرغ ومضاعفة سلسلة الرتب والرواتب، إضافة إلى التمسك بمبدأ قانون التناقص في ساعات التدريس لأنه حق مكتسب, فضلاً على كونه ضرورة تربوية.
هذه المشاريع تتعلق فقط بالقطاع العام والتعليم الرسمي الثانوي والجامعي، وهناك العديد من المشاريع الأخرى التي تتضمنها الورقة الإصلاحية، وتتعلق بزيادة الضرائب والفوائد ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وتخصيص بعض القطاعات المنتجة، وكلها مواضيع ساخنة تلقى اعتراضات واسعة من القوى السياسية والنقابية، وكل واحد منها كافٍ لتبرير التظاهر والإضراب، وخصوصاً أنها تتكامل مع بعضها ولا يمكن الفصل بينها.
غادة احمد عيسى
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1161 ـ 12 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018