ارشيف من : 2005-2008

العدد السنوي // العام البرلماني:استحقاق الانتخابات التشريعية.. وانقلاب التوازنات

العدد السنوي // العام البرلماني:استحقاق الانتخابات التشريعية.. وانقلاب التوازنات

مرّ العام ألفين وخمسة ثقيلاً على اللبنانيين حيث تخللته أخطر تطورات سياسية وأمنية يشهدها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية عام تسعين، وذلك بفعل الاندفاعة القوية للمشروع الاميركي الصهيوني تجاه المنطقة، ومن ضمنها لبنان. وقد شكّلت الندوة النيابية ساحة كباش كبيرة تصارعت داخلها مشاريع سياسية مختلفة جرى من خلالها السعي الى نقل لبنان من وضع سياسي الى آخر.‏

"العام البرلماني" انطلق مع معركة سياسية شرسة حول شكل قانون الانتخاب الذي يفترض أن تجري على أساسه الانتخابات النيابية خلال الصيف، واستمر هذا الكباش الى منتصف شهر شباط، حينها وقع زلزال استشهاد الرئيس رفيق الحريري في متفجرة أمام فندق السان جورج، ما قلب الأحداث رأساً على عقب. بعد هذا الاستشهاد جرت محاولات بعد أسبوع لإعادة اطلاق درس قانون الانتخاب الذي كانت أحالته حكومة الرئيس عمر كرامي على أساس القضاء، لكن المعارضة النيابية حينها وقفت في وجه الأمر وطالبت بإرجائه، ولبى رئيس المجلس نبيه بري طلبها بعقد جلسة تناقش قضية استشهاد الرئيس الحريري. مثلت حكومة الرئيس كرامي أمام المجلس النيابي في الثامن والعشرين من شباط، وأمام ضغط الاتهامات في تلك الجلسة فاجأ الرئيس عمر كرامي الجميع بإعلان استقالة الحكومة. دخلت البلاد حينها في أزمة حكم وحصلت استشارات نيابية، وأعادت الأكثرية تسمية الرئيس كرامي لتشكيل حكومة جديدة، وأجرى مشاورات مطولة لكنها فشلت فاعتذر عن التشكيل، واتجهت الأمور نحو الرئيس نجيب ميقاتي الذي شكل بعد اتفاقات محلية اقليمية ـ دولية، حكومة من أربعة عشر وزيراً نالت ثقة مئة وعشرة نواب، واعتبرت حكومة ميقاتي حكومة انتقالية مهمتها التحضير والاشراف على الانتخابات النيابية التي جرت بين النصف الأخير من شهر أيار والنصفين الأول والثاني من شهر حزيران.‏

جرت هذه الانتخابات وكان الأبرز فيها نشوء التحالف الرباعي بين حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي على قاعدة تفاهمات سياسية، اضافة الى دخول التيار الوطني الحر الانتخابات لأول مرة، واكتساحه دائرتي المتن الشمالي وكسروان. وأفرزت الانتخابات مجلساً نيابياً جديداً كانت الكتلة الأكبر فيه لتيار المستقبل، التأم عقد المجلس في الثامن والعشرين من شهر حزيران حيث أعيد انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس برغم محاولات لاستبعاده بإيحاء اميركي فرنسي.‏

أواخر تموز تشكلت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إثر تفاهمات سياسية بين التحالف الرباعي، وكانت هذه الحكومة الأولى التي يدخلها حزب الله بشكل رسمي للمساهمة في مواجهة التحديات التي واجهها لبنان.‏

بعد تشكيل حكومة السنيورة شرع مجلس النواب في عقد جلسات تشريعية كان أبرزها اصدار قانون عفو عن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع تمهيداً للإفراج عنه. استمر العمل التشريعي خلال أشهر الصيف، وعقدت العديد من جلسات المساءلة للحكومة، وبعدما بدأ العقد العادي في تشرين الأول عقد مجلس النواب جلسة تشريعية مررت فيها الأكثرية قانوناً جديداً للمجلس الدستوري بعيداً عن اجواء التوافق، وكان هذا مؤشراً لمرحلة من الكباش السياسي، لكن هذا القانون عاد ورده رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، وانتهى الأمر في شهر كانون الأول بحصول أزمة حكومية تسببت بها الأكثرية الوزارية لقوى الرابع عشر من آذار عبر اقرار طلب انشاء محكمة دولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعيداً عن مبدأ الشراكة والتوافق، ما أدى الى خروج وزراء حزب الله وحركة أمل من الجلسة وتعليق عضويتهم في الحكومة.‏

- "العام البرلماني" انطلق بجلسة تشريعية عقدها مجلس النواب يومي الأربعاء والخميس في السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر كانون الثاني حيث صدّق خلالها أكثر من عشرين قانوناً من داخل وخارج جدول الأعمال، كان أبرزها مشروع قانون خفض مدة خدمة العلم الى ستة أشهر تمهيداً لإلغائها نهائياً بعد سنتين، وقانون دمج المصارف، وقانون حماية المستهلك وقانون وسيط الجمهورية.‏

وخلال هذه الجلسة تم انتخاب ثلاثة أعضاء في المجلس الدستوري، هم نصري لحود (ماروني) امين حمود وسليم سليمان.‏

ـ في الثامن والعشرين من شهر شباط عقد مجلس النواب جلسة لمناقشة الحكومة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعد أن قدم الرئيس عمر كرامي بياناً مفصلاً عن آخر التطورات، قدم نواب المعارضة احدى عشرة مداخلة هاجمت الحكومة بشكل عنيف، خصوصاً مداخلات النواب بهية الحريري غازي العريضي ومروان حمادة، وفي مستهل الفترة المسائية من الجلسة فاجأ الرئيس كرامي الجميع من موالاة ومعارضة بتقديم استقالة الحكومة خالطاً الأوراق في الساحة السياسية على جميع المستويات، فاجأت هذه الاستقالة المعارضة مثلما فاجأت الموالاة، ودخلت البلاد معها في أزمة حكم وسط تداعي الوضع الأمني والسياسي، عادت الأكثرية النيابية وسمت كرامي لتشكيل الحكومة، أخذ وقته الضروري لذلك لكنه لم ينجح، فاعتذر واتجهت الأمور نحو تسمية الرئيس نجيب ميقاتي وساهم في ذلك جزء من الموالاة ـ حينها ـ والمعارضة، وشكل ميقاتي حكومته المصغرة بعد تفاهمات داخلية وإقليمية ودولية.‏

ـ في السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر نيسان عقد مجلس النواب جلسة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي المصغرة التي تشكلت من أربعة عشر وزيراً، وبعد مداخلات نيابية استمرت يومين نالت الحكومة ثقة قياسية، حيث منحها الثقة مئة وعشرة نواب من الموالاة والمعارضة على حد سواء، من بينهم للمرة الأولى كتلة الوفاء للمقاومة، وحجب الثقة نائب واحد هو النائب انطوان حداد احتجاجاً على عدم ملء شغور المقعد الكاثوليكي بعدما اعتذر غسان سلامة عن المشاركة في الحكومة، كما امتنع نائبان عن التصويت هما اسامة سعد وغسان مخيبر.‏

وفور تصديق محضر جلسة الثقة بالحكومة افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة تشريعية جرى خلالها اقرار اقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى تمديد ولاية مجلس النواب من الحادي والثلاثين من أيار الى العشرين من شهر حزيران، وذلك بهدف تأمين اجراء الدورات الانتخابية خلال شهر حزيران بعد أن تبدأ في التاسع والعشرين من شهر أيار.‏

ـ في الثالث من شهر أيار أرسل رئيس الجمهورية العماد اميل لحود رسالة الى مجلس النواب وفق الصلاحية التي أعطاه إياها الدستور يطلب فيها من المجلس العمل على اقرار قانون انتخاب عادل لأن قانون الألفين لا يراعي صحة التمثيل، في اليوم التالي تسلم رئيس المجلس نبيه بري الرسالة، ثم حدد جلسة لمناقشتها يوم السبت في السابع من أيار التزاماً بما ينص عليه النظام الداخلي للمجلس لجهة تحديد جلسة بعد ثلاثة أيام من تاريخ تسلم الرسالة.‏

الجلسة انعقدت بحضور مئة وعشرين نائباً، وألقيت خلالها نحو عشرين مداخلة نيابية من نواب المعارضة والموالاة على حد سواء، وقد ركّزت معظم هذه المداخلات على مهاجمة رئيس الجمهورية، وتخللتها مطالبات باستقالته ومحاكمته، معتبرة أنه كان بإمكانه ارسال الرسالة قبل وقت طويل، وليس انتظار الأيام الأخيرة، فضلاً عن انتقاده لتوجيه هذه الرسالة في وقت كان قد وقّع مراسيم دعوة الهيئات الناخبة على أساس قانون العام ألفين.‏

وفي ختام الجلسة صوّت المجلس بأكثرية نوابه على اقتراح للنائب مروان حمادة برد رسالة رئيس الجمهورية، وقد احتج عدد من نواب المعارضة على عدم تحويل الجلسة الى تشريعية للتصويت على قانون القضاء الى اقتراح العفو عن سمير جعجع.‏

جرت الانتخابات النيابية على أساس قانون العام ألفين بين آخر أيار والعشرين من شهر حزيران. في بيروت فازت اللوائح المدعومة من تيار المستقبل، لكن الإقبال كان ضعيفاً حيث لم يتجاوز الثلاثين في المئة، في الجنوب وبعلبك الهرمل حقق حزب الله وحركة أمل فوزاً كاسحاً جرى من خلاله توجيه صفعة كبيرة للولايات المتحدة التي كانت تراهن على ضعف شعبية حزب الله في هذه الانتخابات تمهيداً لضرب خيار المقاومة.‏

أما المفاجآت الأخرى فقد حصلت في انتخابات جبل لبنان حيث اكتسحت لائحتا التيار الوطني الحر دائرتي المتن الشمالي وكسروان ـ جبيل، وأسقطت رموز قرنة شهوان، وأبرزهم نسيب لحود في المتن، وفارس سعيد في جبيل. أما في جبل لبنان فقد فازت لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي في دائرة بعبدا عاليه بأصوات ناخبي حزب الله في الضاحية الجنوبية. انتصار التيار العوني في جبل لبنان الشمالي دفع تيار المستقبل الى الاستنفار في دائرتي الشمال حيث جرت المرحلة الأخيرة من الانتخابات هناك على وقع التجييش الطائفي والمذهبي، وكانت النتيجة فوز لوائح المستقبل وسقوط النائب السابق سليمان فرنجية ومرشحي التيار العوني.‏

ـ في الثامن والعشرين من شهر حزيران اكتمل عقد المجلس النيابي الجديد، وعقدت جلسة جرى خلالها انتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس بحضور كامل أعضاء المجلس البالغ عددهم مئة وثمانية وعشرين نائباً، اضافة الى حكومة تصريف الأعمال، وتم خلالها عبر الاقتراع السري التجديد للرئيس نبيه بري رئيساً بأكثرية تسعين صوتاً من أصل مئة وثمانية وعشرين، مقابل سبع وثلاثين ورقة بيضاء، وورقة للنائب باسم السبع، كما انتخب النائب فريد مكاري نائباً لرئيس المجلس بأكثرية تسعة وتسعين صوتاً، وجرى انتخاب اميني سر، هما النائبان ايمن شقير وجواد بولس، وثلاثة مفوضين هم: سيرج طور سركيسيان، محمد كبارة وميشال موسى.‏

ـ يوم الاثنين في الثامن عشر من شهر تموز عقد مجلس النواب جلسته التشريعية الأولى التي جرى خلالها انتخاب أعضاء اللجان النيابية السبعة عشر.‏

وجرى خلال هذه الجلسة اقرار قانوني العفو عن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع وموقوفي الضنية ومجدل عنجر، وقد انسحب في بداية الجلسة نواب كتلة الوفاء للمقاومة، ونائبا الحزب القومي أسعد حردان ومروان فارس، وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان الانسحاب من الجلسة سببه عدم الأخذ بعين الاعتبار جملة مقدمات، منها ما له علاقة بعائلة الشهيد رشيد كرامي. وقال ان هذا الملف يحتاج الى حكمة ودقة مميزتين، آملاً ان يتم تدارك الثغرات التي خلفتها طريقة المعالجة.‏

ـ عقد مجلس النواب جلسة منح الثقة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة على مدى أيام الخميس والجمعة والسبت في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين من شهر تموز، وألقيت خلالها سبع وأربعون مداخلة نيابية، وفي ختام المداخلات النيابية نالت الحكومة ثقة اثنين وتسعين نائباً، مع معارضة أربعة عشر هم نواب كتلة التيار العوني، وامتنع نائبان عن التصويت، هما اسامة سعد وحسن يعقوب.‏

ـ في السادس عشر من شهر آب عقد مجلس النواب جلستين يوم الثلاثاء، حيث جرى في الجلسة الأولى التي تحولت فيها الهيئة العامة الى هيئة محكمة "تبرئة" الوزير السابق شاهي برصوميان من ملف الرواسب النفطية من قبل الأكثرية النيابية. وتم في الجلسة التشريعية التي تلتها إقرار اقتراح القانون المتعلق بتعديل المادة 68 من قانون الانتخاب بما يؤدي الى اعادة فتح محطة (ام تي في).‏

ـ في الثامن والعشرين من شهر أيلول: عقد مجلس النواب جلسة مساءلة للحكومة بناءً على ثلاثة أسئلة موجهة للحكومة، اثنان من عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب اسماعيل سكرية، حول ملف الأدوية والمراقبين الصحيين، والثالث عن ملف الهاتف الخلوي مقدم من النائب مصباح الأحدب. وبنتيجة المناقشة حوّل النائب سكرية سؤاله الى استجوابين.‏

ـ في الخامس من تشرين الأول يوم الأربعاء، عقد مجلس النواب جلسة مناقشة عامة للحكومة في الملف الأمني بطلب من كتلة الاصلاح والتغيير، وقد بدت الحكومة مرتاحة في الاطار العام في هذه الجلسة، ومتسلحة بخطوة إنجاز التعيينات الأمنية. وقد دفع هذا الأمر كتلة الاصلاح والتغيير الى الاكتفاء بإطلاق النار فوق رأس الحكومة "دون السعي الى تعمد إصابتها مباشرة بطرح الثقة بها".‏

ـ بتاريخ 13 تشرين الأول عقد مجلس النواب جلسة مساءلة للحكومة في ملفي المازوت ودعم الشمندر السكري، استمرت ساعة ونصف الساعة، وانتهت الى تمديد الدعم لثلاث سنوات للشمندر.‏

ـ بتاريخ الثلاثاء 18 تشرين الأول عقد مجلس النواب جلسة في مستهل عقده العادي برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري، خصصت لانتخاب أميني سر وثلاثة مفوضين في هيئة مكتب مجلس النواب، وأعضاء اللجان النيابية، وجرى إعادة انتخاب اللجان دون تعديلات تُذكر، إنما جرى سجال على رئاسة لجنة حقوق الانسان.‏

بتاريخ 1 ـ 11 عقد مجلس النواب جلسة عادية لمساءلة الحكومة في قضيتي المراسيم التطبيقية لقانون خفض العقوبات وأطباء الأسنان المراقبين لدى الضمان الاجتماعي.‏

ـ في الثلاثين من تشرين الثاني عقد مجلس النواب جلسة تشريعية كان على جدول أعمالها عدد من المشاريع، أبرزها تمرير الأغلبية النيابية مشروع المجلس الدستوري الذي عارضته كتلة الوفاء للمقاومة، وكتلة التنمية والتحرير، وكتلة الاصلاح والتغيير، التي انسحبت من الجلسة. كما جرى في الجلسة اقرار مشروع الأوقاف الدرزية.‏

ـ في السادس من كانون الأول عقد مجلس النواب جلسة لمساءلة الحكومة، وكان على جدول الأعمال ثمانية أسئلة حول قضايا عدة، منها سؤال مقدم من النائب جبران تويني حول جثث العسكريين التي كانت مدفونة قرب وزارة الدفاع.‏

وطالب تويني بلجنة تحقيق لبنانية دولية بشأن المقبرة المكتشفة في عنجر، ورد على سؤاله وزير الدفاع بالوكالة يعقوب الصراف، لافتاً الى أن موضوع الجثث يعود لمرحلة الحرب الأهلية التي طوتها المصالحة، وأكد في الوقت نفسه السعي لكشف الحقيقة بشأنها كاملة، وأعلن تويني عدم اقتناعه بالجواب، وحوّل سؤاله الى استجواب.‏

ـ في الرابع عشر من كانون الأول عقد مجلس النواب جلسة تأبينية للنائب الراحل جبران تويني الذي اغتيل يوم الاثنين في الثاني عشر من الشهر نفسه، في المكلس مع اثنين من مرافقيه.‏

هلال السلمان‏

الانتقاد العدد 1142 ـ 30 كانون الاول/ ديسمبر 2005‏

2006-10-30