ارشيف من : 2005-2008

العدد السنوي // مواجهات نوعية تكرس قدرة الردع والعدو يقصف بـ"المناشير"!

العدد السنوي // مواجهات نوعية تكرس قدرة الردع والعدو يقصف بـ"المناشير"!

المقاومة تقطع على العدو أحلامه الوردية‏

المتابع لأحداث لبنان عام 2005 من مجهر الجنوب والحدود اللبنانية الفلسطينية، لن يلحظ فرقاً عما سبقه من الأعوام الماضية. العدو أبقى على خروقاته للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، والمقاومة على الزناد تواجه وتتصدى وتقتحم وتقدم مجاهديها شهداء في سبيل تحقيق الأهداف التي رسمتها: تحرير الأرض من الاحتلال، والأسرى من سجون العدو، وحماية السيادة الوطنية من الانتهاكات العدوانية المتكررة والمتمادية. وقد حدد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أسباب المقاومة التي يطلق عليها البعض "ذرائع" بالتالي: استعادة الأرض وتحرير الأسرى وحماية لبنان في مواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل وأي تهديد إسرائيلي قائم (خطاب إفطار هيئة دعم المقاومة).‏

وان حمل العام 2004 معه تداعيات قرار مجلس الأمن 1559 الذي كان ـ لا سيما في شقه اللبناني المتعلق بسلاح المقاومة ـ محل رفض غالبية اللبنانيين، فإن تقرير لارسن (المبعوث الخاص لتطبيق القرار 1559)، خلّف وراءه جملة تساؤلات فيما يتعلق بإغفاله الاحتلال الإسرائيلي والأسرى والانتهاكات الصهيونية المستمرة.‏

ولم تكن الساحة الجنوبية بمنأى عن التطورات السياسية والأمنية التي شهدها لبنان خلال العام المنصرم، وان لم تتأثر بشكل مباشر، إلا أن العدو استبشر بالمتغيرات الداخلية في لبنان، وما يمكن أن تعكسه من تضييق على المقاومة، الا ان المقاومة لم تتركه يعيش في أحلامه الوردية فأبرقت له بجملة رسائل واضحة وكافية لتقطع عليه شروده المبني على وعود اميركية، وكانت ردود الفعل الداخلية على هذه العمليات إشارات واضحة الفهم وصريحة المضمون، كان أبرزها ما أعلنته الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري من أن المقاومة هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والأطماع والعمل على استكمال تحرير الأرض اللبنانية.‏

الترجمة الميدانية لثبات المقاومة وخطوات العدو تمثلت في عدد من العمليات التي تنوعت بين مواجهة الخروق البرية باستهدافها مباشرة، طلعة جديدة لمرصاد 1 فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى عكا في العمق، مقتل وجرح العشرات من جنود العدو في هذه المواجهات، وارتفاع عدد من المجاهدين شهداء في العمليات تمكنت المقاومة من استعادة أجسادهم في موقف أكد على حضور ميداني رادع يفرض على العدو خيارات المقاومة.‏

في المقابل، العدو لم يتردد في انتهاك السيادة اللبنانية، إضافة الى اعتداءاته التي طاولت المدنيين من خلال القصف على بعض المناطق المحررة أو عمليات الخطف، أو الاغتيال بمحاولة استهداف احد كوادر المقاومة، وإلقاء "المناشير" فوق المدن اللبنانية والعاصمة بيروت، والتي حملت دعوة صريحة الى الفتنة بين المقاومة وأهلها.‏

عملية طريق موقع زبدين‏

إطلالة العام 2005 حملت معها ضربة موجعة تلقاها العدو الصهيوني في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة حين باغتته المقاومة الإسلامية في وضح النهار(9/1) وقتلت مساعد قائد فرقة مشاة "غولاني" وجرحت ثلاثة جنود آخرين في آلية "هامر" على طريق موقع زبدين. واعترف العدو بمقتل ضابط برتبة ملازم، إضافة إلى جرح ثلاثة جنود آخرين، وصفت جراح اثنين منهما بأنه ميؤوس منها. العملية فاجأت على ما يبدو قيادة المنطقة الشمالية ميدانياً واستخباراتياً، وارتفع خلال هذه المواجهات الشهيد أحمد سلامة.‏

ونقلت وسائل إعلام العدو عن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي أنه "لم يكن معلوماً متى وكيف أفلح رجال حزب الله في زرع العبوة". وأقر هؤلاء الضباط بأن "منظومة الرصد العسكري والأمني لم تلحظ تسلل رجال المقاومة وقيامهم بزرع العبوة، كما لم تتوافر لجهات الاستخبارات إنذارات حول العملية".‏

وصعّد العدو عدوانه على القرى المحاذية ومنازل المدنيين وأدى إطلاق قذيفة مسمارية محرمة دولية تجاه سيارة فريق المراقبين الدوليين بينما كانوا يقومون بأعمال المراقبة من مكان يعتمده الفريق بشكل روتيني، إلى مقتل الرائد الفرنسي "جان لوي فاليه"، وإصابة رفيقيه.‏

وأعرب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان في برقية تعزية بالشهيد سلامة بعث بها الى السيد نصرالله عن "دعمنا للمقاومة لتحرير كامل الأراضي المحتلة والتصدي لكل مخططات العدو الإسرائيلي الهادفة للنيل من مسيرة الأمن والاستقرار في بلدنا الغالي".‏

وبعد نحو اسبوع وعلى طريق موقع زبدين فجرت المقاومة الإسلامية عبوة ناسفة بجرافة صهيونية ما ادى الى تضررها بشكل مباشر.‏

مرصاد(1) فوق عكا‏

الاختراق النوعي الثاني للمقاومة الاسلامية(11/4) جاء من خلال التحليق الثاني لطائرة استطلاع من دون طيار مرصاد (1)، بلغت هذه المرة في رحلتها العسكرية أجواء شمال فلسطين المحتلة، وقامت بالتحليق فوق مستعمرات صهيونية عدة وصولاً إلى محيط مدينة عكا الساحلية ثم عادت إلى قاعدتها بسلام.‏

واعتبرت المقاومة طلعة مرصاد الاستطلاعية رداً على خروقات العدو الدائمة والمتكررة للأجواء اللبنانية.‏

وقالت صحيفة "معاريف" الصهيونية تعليقاً على العملية: "مرةً أخرى سخرت الذراع الجوية الطويلة لحزب الله من أقوى جيش في الشرق الأوسط". وسخرت من تعهد قيادة العدو عند التحليق الأول، بأنها ستكون المرة الأولى والأخيرة، وخصوصاً أن قيادة العدو اتخذت عقب الاختراق الأول تدابير لسد الثغرات الجوية.‏

ورداً على الاعتداءات الاسرائيلية ضد المناطق المحررة من القصف المدفعي الذي استهدف منازل المدنيين في بلدة كفرشوبا هاجمت المقاومة الإسلامية (13/5) موقع العدو في رويسات العلم.‏

وبعد أسبوع (21/5) ردت المقاومة الإسلامية على الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت بلدة شبعا، وأصابت منازل سكنية في الحي الغربي والشارع الرئيسي، وجاء رد المقاومة بهجوم جديد استهدف موقع رويسات العلم.‏

التصدي وعودة "المناشير"‏

المقاومة الساهرة على امن الوطن وسيادته حضرت مرة جديدة بقوة في المواجهة الواسعة التي خاضتها مع قوة صهيونية كبيرة اخترقت الخط الأزرق باتجاه الأراضي اللبنانية في مزارع شبعا (29/6)، بين منطقتي رمتا والسماقة، فاصطدمت بكمين متقدم للمقاومة الإسلامية، ودارت مواجهات أسفرت عن وقوع إصابات في جنود العدو، تدخلت على إثره مواقع العدو ومدفعيته لمساندة القوة المتسللة، وما لبثت أن وسعت دائرة اعتداءاتها لتصل الى أطراف القرى المحررة في منطقة شبعا، فردت المقاومة الإسلامية على مصادر النيران كما استهدفت مواقع العدو في رمتا والسماقة بالأسلحة المناسبة.‏‏ واعترفت إذاعة العدو بمقتل جندي اسرائيلي واصابة اربعة اخرين بجراح خلال المواجهات، وقال موقع "يديعوت أحرونوت" إن القتيل هو العريف عوزي بيريتز المستوطن في بئر السبع.‏‏‏

في المقابل ارتفع للمقاومة الإسلامية احد مجاهديها وهو الشهيد ملحم حسن سلهب (جابر).‏

وشن العدو الذي أصابته حالة من الهلع جراء المواجهة القاسية غارات جوية مستهدفاً المنطقة المحررة. ودفعه عجزه الميداني إلى اللجوء للمرة الاولى منذ سنوات الى القاء "مناشير" في عدد من المناطق وصولاً الى الضاحية الجنوبية تحرض اللبنانيين على المقاومة وتحمل توقيع "دولة اسرائيل".‏

وقالت مصادر أمنية وعسكرية لبنانية إنها عثرت على مظلات كانت ألقتها طائرات العدو الصهيوني ليلاً وهي تحمل أكياس "المناشير" بحالة سليمة.‏‏‏

حزب الله اعتبر في بيان أصدره "ان إقدام العدو الصهيوني على إلقاء مناشير فوق المناطق اللبنانية يمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة لبنان واستقراره فضلاً عن استفزازه لمشاعر اللبنانيين عبر وسائل مكشوفة تستهدف التحريض ضد مقاومتهم".‏‏‏

عملية الغجر‏

حملت مواجهات الغجر (21/11) دلالات كثيرة على المستوى السياسي والميداني والمعنوي، وكانت الرسالة واضحة من خلال ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال مراسم استقبال شهداء المواجهة الذين استعادتهم المقاومة من العدو انه على الرغم من كل المتغيرات التي حصلت فإننا "لم نضعف ولم نهن ولم نجبن ولن نخاف".‏

وجاءت مواجهات الغجر بعد سلسلة طويلة من الاستفزازات الصارخة بوتيرة تصاعدية في ظل صمت دولي إلى أبعد الحدود مع الكيان الإسرائيلي.‏

بدأت المواجهة مع تجاوز قوة إسرائيلية مؤلفة من آليتين عسكريتين من نوع هامر للقسم اللبناني من بلدة الغجر، فتصدت لها المقاومة الإسلامية وخاضت معها مواجهة عنيفة أدت إلى تدمير الآليتين وسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف العدو.‏

وبعد تطور الموقف ميدانياً، هاجمت المقاومة الإسلامية موقع العباسية وقامت بتدمير دبابتين وناقلة جند داخله، فيما عمد العدو إلى توسيع رقعة المواجهة، فشن عدداً من الغارات الجوية وقام بقصف مدفعي وجوي على عدد من مواقع المقاومة في باطن عبد الله، وعريض النمل، والعباد، والداودية، واليعقوصة، فردت عندها المقاومة بمهاجمة موقع الغجر الغربي بجميع أنواع الأسلحة المتوافرة ودمرته. كما قامت باستهداف مواقع العدو في مزارع شبعا، الرادار، رويسات العلم، رويسة القرن، السماقة، الرمثا، زبدين، وحققت فيها إصابات دقيقة ومحكمة.‏‏‏

كما أدت هذه المواجهات إلى استشهاد اربعة من مجاهدي المقاومة.‏‏‏

وفيما كان دخان مواجهة الغجر لا يزال في الأجواء دارت مواجهات بين "المقاومة الاسلامية" وقوات الاحتلال الاسرائيلية قرب بلدة ميس الجبل (23/11) بعد أن قامت مجموعة صهيونية بخرق السيادة اللبنانية وحاولت اجتياز مستعمرة المنارة الى لبنان محاولة سحب مظلي إسرائيلي سقط في منطقة مزروعة بالألغام ومحاطة بالاسلاك الشائكة وعلق في المنطقة.‏

وفي اعقاب هذه المواجهات عمد العدو مرة جديدة الى التعبير عن عجزه في مواجهة المجاهدين في الميدان من خلال اللجوء الى التحريض على المقاومة، حيث ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشورات في أجواء عدد من المناطق الساحلية مذيلة بتوقيع "دولة اسرائيل".‏

حزب الله وفي تعليقه على المناشير قال على لسان احد مسؤوليه "ان العدو يحدثنا بلغة المناشير عندما يعجز عن محادثتنا في ساحة المواجهة، والمناشير هي تعبير عن الإخفاقات الإسرائيلية أمام حزب الله، ولغة بالية لا محل لها في ساحتنا الوطنية".‏

فيما رأي وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ أن المناشير تهدف الى اثارة الفتنه والخصام بين اللبنانيين.‏

خروقات العدو‏

نفذ العدو الصهيوني خلال العام 2005، نحو 3160 انتهاكاً برياً وبحرياً وجوياً للسيادة (حتى 16/12) اضافة الى الاعتداءات التي طاولت المناطق المحررة واستهدفت منازل المدنيين والطرقات، كان ابرزها فقد الصياد فران في البحر قبالة بلدة الناقورة الذي يطالب ذووه العدو الصهيوني بالكشف عن مصيره. وتوزعت الانتهاكات خلال العام الماضي على الشكل التالي: انتهاكات جوية: 3041، انتهاكات برية: 81، انتهاكات بحرية 38.‏

كما نجا احد كوادر المقاومة الاسلامية (حسين عساف) من محاولة اغتيال استهدفته من خلال تفجير سيارته التي كان غادرها في مدينة بعلبك، وقد اعتبرت المقاومة ان أسلوب التفخيخ والتفجير الذي استهدف الكادر في بعلبك شبيه بما جرى مع الشهيدين علي صالح وغالب عوالي اللذين استشهداء في حادثين مماثلين.‏

أمير قانصوه‏

الانتقاد العدد 1142 ـ 30 كانون الاول/ ديسمبر 2005‏

2006-10-30