ارشيف من : 2005-2008
اغتيال تويني: رسالة ممّن.. ولمن؟
الانتقاد/ لبنانيات ـ العدد 1140ـ 16/12/2005
هل هي بداية جديدة ام نهاية ام نقطة في الوسط كما عبر البعض؟ لكل خيار من الخيارات السابقة معطيات ترجحه ونتائج تسفر عن اعتماده، فمقتل الصحافي جبران تويني ـ الأرثوذكسي المعارض لسوريا منذ البدايات ـ يفتح المجال أمام الكثير من التأويلات، دون ان يلغي ذلك الاتفاق بين جميع الأطراف على أن هذه العملية وضعت البلد على طريق طويل من الآلام التي ستصيب الجميع، في حال لم يتم تدارك الأهداف التي يرى البعض أنها قصدت من وراء هذا العمل الخطير.
طرحت الجريمة الإرهابية التي استهدفت الصحافي جبران التويني في منطقة المكلس يوم الاثنين الماضي العديد من التساؤلات حول الرسالة التي تكمن وراءها سواء على مستوى الموقع أو التوقيت أو "المحتوى".
فمن ناحية الموقع حصلت العملية على طريق قريب جداً من مركز لجنة التحقيق الدولية في المونتي فردي وعلى طريق كان يمر عليه رئيس اللجنة ديتليف ميليس عندما كان في لبنان، وهو ما يفترض أن يكون هذا الطريق محصناً أمنياً إلى أبعد الحدود.
ومن ناحية التوقيت هناك صورتان لا بد من الوقوف عندهما:
إن عملية الاغتيال جاءت بعد ساعات من عودة جبران تويني من باريس إثر زيارة قام بها ودامت عدة أيام، ولم يعرف الكثيرون بهذه العودة، في حين أعلن بعض أركان المعارضة أنهم تحدثوا مع جبران مساءً بما يعني أنهم يعرفون دون غيرهم بعودته.
والصورة الثانية هي حصول عملية الاغتيال قبل ساعات من انعقاد مجلس الأمن للاستماع إلى تقرير ميليس الثاني حول عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
أما من ناحية المحتوى واستناداً إلى ما تقدم يمكن القول إن قتل جبران تويني الذي يعتبر من أقسى المنتقدين لسوريا في منطقة المكلس عشية انعقاد مجلس الأمن يشير ببساطة إلى أن الذين اغتالوه قرروا وضع سوريا أمام وضع صعب جداً وتمرير مشاريع سياسية كبيرة ـ ليس أقلها تمرير طلب تشكيل محكمة دولية حول الحريري ـ ووضع لبنان تحت الوصاية الدولية الشاملة في الأمن والاقتصاد والقضاء والسياسة.
ويرى البعض الآخر أن في اغتيال جبران رسالة من أشخاص يبحثون عن أي وسيلة ليعبروا عن مدى الضغط الذي يعيشونه، ما يدفعهم لإثارة المشاكل في وجه الجميع سواء بالتصريحات أو بالتفجيرات، ومنها هذا التفجير الذي ستتوجه أصابع الاتهام فيه إلى دمشق.
وإذا كانت هذه الوجهة هي التي يرى البعض من خلالها ما حصل، فإن آخرين يرون الصورة بشكل مقلوب تماماً ويعتبرون ان ما هو ظاهر هو الحق، بمعنى أن الطرف الذي توجهت إليه أصابع الاتهام هو بالفعل الذي نفذ العملية، وهذا ما وجد ترجمته خلال تشييع جنازة تويني ومرافقيه يوم الأربعاء الماضي في وسط بيروت وفي مجلس النواب، حيث انهال السباب والشتائم ضد سوريا وضد الرئيس إميل لحود، ولم تتوانَ هذه الهتافات عن استهداف الشركاء في الوطن وفي الحياة السياسية وفي المصير المشترك لكل اللبنانيين.
وبالرغم من الكلمات الهادئة والعميقة التي وجهها والد تويني، الصحافي والسياسي المخضرم غسان تويني، والتي دعا فيها إلى دفن الخلافات والأحقاد، فإن كثيرين استفادوا من هذه المناسبة الدموية من أجل استدراج عروض لمشاريع سياسية شخصية يحملونها ويرغبون في تسويقها على أكثر من صعيد، ولذلك جعلوا من التشييع ومن جلسة مجلس النواب التي سبقته منصة لإطلاق شتائم وشعارات واتهامات استبقت كل ما يمكن أن تتوصل إليه التحقيقات في المستقبل.
لا بل إن أطراف "الأكثرية" النيابية والوزارية (المزعومة) اتخذوا من جريمة اغتيال تويني منصة للانطلاق نحو تنفيذ خطة وضع لبنان تحت الوصاية عبر ضرب كل التفاهمات والاتفاقات مع الشركاء في الحكومة، وطرح موضوع تشكيل محكمة دولية وتوسيع التحقيق في جرائم الاغتيال التي تعرض لها مسؤولون وإعلاميون لبنانيون خلال المرحلة الماضية، بما يعني وضع لبنان تحت وصاية مطلقة في الأمن كما في القضاء والسياسة والاقتصاد.
وهكذا يمكن العودة الى البداية وطرح السؤال البديهي الذي يطلق في مستهل التحقيق في أي جريمة: من المستفيد من هذه الجريمة؟
ومع هذا السؤال يطرح سؤال آخر ـ في هذه الجريمة بالذات ـ هو: من القادر على تنفيذ هذه الجريمة في هذا التوقيت وفي هذا الموقع بالذات، وهل بلغ العمى السياسي عند البعض، والكيد السياسي عند البعض الآخر، حد القفز فوق كل المعطيات وتوزيع الاتهامات المبنية على معطيات واهية دون الخوف من التعرض للنقد من المتابعين لهذه الاتهامات؟
محمود ريا
الانفجار
امتدت يد الغدر مجدداً لتنال من استقرار الساحة اللبنانية في لحظة سياسية دقيقة إذ دوى انفجار كبير بعد سلسلة من التفجيرات المتنقلة التي حصلت مؤخرا في لبنان، وذهب ضحيته النائب والصحافي اللبناني جبران تويني وثلاثة أشخاص آخرين فيما أصيب عشرة بجروح، اصابة اثنين منهم خطرة.
واستهدفت سيارة مفخخة من نوع رينو محشوة بحوالى أربعين كيلوغراماً من المواد الشديدة الانفجار، كانت متوقفة على طريق المكلس موكب النائب تويني بعد عشر دقائق من مغادرته منزله في بيت مري، متوجها الى مكاتب جريدة "النهار" سالكا الطريق الفرعية في المدينة الصناعية ـ المكلس التي غالبا ما يسلكها يوميا في هذا الوقت.
وقذفت شدة الانفجار سيارة النائب تويني حوالى 100 متر شمالا الى الوادي من على علو مرتفع، حيث انفجرت السيارة لدى ارتطامها بالارض وتطايرت اشلاء الضحايا بين الأشجار.
وضربت القوى الامنية طوقا أمنيا حول مكان الانفجار بعد ورود اخبار عن امكان وجود عبوة اخرى في المكان.
وقالت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان لها حول عملية التفجير انه عند "الساعة 9,00 تاريخ 12/12/2005 انفجرت سيارة مفخخة يعتقد أنها من نوع "رينو" مجهولة الرقم والمواصفات، متوقفة إلى جانب الطريق في محلة المكلس قرب افران يني، استهدفت سيارة من نوع "لاند روفر" عائدة للنائب جبران التويني، ونتج عن الانفجار وقوع ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى وتدمير حوالى 10 سيارات بالكامل.
وقد عرف من القتلى النائب جبران تويني وسائقه نقولا الفلوطي ومرافقه اندريه ميشال مراد. وكانت سهام تويني زوجة جبران تويني موجودة في المكان برفقة عدد من أصدقاء العائلة عندما اخرج عناصر من الصليب الاحمر جثة زوجها.
وفور شيوع نبأ حادثة الانفجار هرعت وحدات الاطفاء والإسعاف إلى موقع الحادثة، وعملت على نقل اشلاء الجثث كما نقلت المصابين من بين عمال المصانع.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018