ارشيف من : 2005-2008
الأزمة الحكومية على حالها:النائب رعد يدعو لعدم المكابرة والتزام التفاهمات
الانتقاد/ مقابلات ـ العدد 1141 ـ 29 كانون الاول/ ديسمبر 2005
لا تزال البلاد تواجه أزمة "حكومية ـ سياسية" مفتوحة، كانت تسببت بها قوى الرابع عشر من آذار الممثلة في الحكومة من خلال اعتماد معادلات في الحكم تنسف مبدأ التوافق والشراكة والعيش المشترك وتحاول تكريس معادلة "الأكثرية" و"الأقلية" ما يدخل البلاد في مهب مصير سياسي مجهول.
وبرغم الحرص الشديد الذي يبديه حزب الله وحركة أمل لرأب الصدع واعادة الأمور الى نصابها الصحيح من خلال اعادة الاعتبار الى التوافق والتفاهمات التي أرست أساساً لتشكيل هذه الحكومة، فإن الطرف الآخر يبدو متمسكاً بأخذ الأمور نحو مزيد من التأزيم السياسي وضرب الميثاق الوطني واتفاق الطائف الذي يؤكد أن الحكم في هذا البلد لا يمكن أن يأخذ شكله الصحيح إلا من خلال مبدأ التوافق والعيش المشترك.
مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية، تشير الى أن هذه الاتصالات لم تؤدِ الى النتائج المرجوة، ولم تُزل الأسباب التي دفعت وزراء حزب الله وحركة أمل الى الانسحاب من جلسة الحكومة التي اتخذ خلالها قرار طلب محكمة ذات طابع دولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومن ثم تعليق عضويتهم في الحكومة.
وتشير المصادر الى أن ما جرى خلال الأيام الأخيرة أوحى وكأن هناك من يسعى الى مزيد من التأزيم لأسباب وغايات ليست بريئة، وتهدف الى خدمة مخططات معينة، وتمثل ذلك بوضع عراقيل أمام الحوار الذي انطلق لمعالجة الأزمة، والذي شكل أساساً له اللقاء الذي عقد بين الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة في مقر الأمانة العامة للحزب في حارة حريك، ومن عناصر هذه العراقيل تسريب بعض محاضر هذه اللقاءات ونقل أجواء الحوار المغلق الى بعض وسائل الاعلام التي لها لون محدد.
ويضاف الى ذلك أن الإرباك ما زال يسود أوساط "الأكثرية" على أكثر من صعيد، خصوصاً مع سير رياح مجلس الأمن الدولي بخلاف ما تشتهي في موضوع المحكمة الدولية وتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق الدولية، ما انعكس تناقضاً في المواقف والتصريحات في صفوفها، وقد لفت المراقبين التصريح الذي أدلى به رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قبل يومين، والذي قال فيه ان تركيبة الحكومة لا تتيح له أن يتخذ قراراً أو يبعث رسالة الى مجلس الأمن حول القرار 1559، والسؤال الذي يطرح في هذا المجال من قبل حزب الله اذا كانت الحكومة لا تستطيع أن تتخذ قراراً في هذا الشأن، فكيف اتخذت قراراً حول المحكمة الدولية، وهو أمر خطير برغم انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل، وهم يمثلون شريحة واسعة من اللبنانيين!
على أي حال "فإن الاتصالات متواصلة على أكثر من مستوى لإنهاء الأزمة، ولكنها لم تصل الى النتيجة المطلوبة حتى الآن" وهو ما أشار اليه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.
وقال في حديث مع "الانتقاد" "نحن ليس لدينا عقدة، لدينا موقف نلتزمه انسجاماً مع توافقات وتعهدات تمت سابقاً من قبل تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي عند تشكيل الحكومة، وهذا الموقف يقتضي بأن تؤخذ القرارات توافقياً في مجلس الوزراء، وان نكون شركاء في القرار السياسي، وأن لا يتم التعاطي معنا كأقلية مقابل أكثرية، الموقف هو العودة الى هذه التعهدات، والعقدة أن هناك بعض المكابرة ومحاولات للدخول في بازارات مقايضة. ونأمل أن تنتهي هذه التمثيلية لنعود الى ما كنا عليه".
المقايضة على ماذا؟
أجاب النائب رعد بالقول: "أن تصبح المطالبة بالالتزام بموقف وبتعهد سابق مدعاة لدى البعض من أجل أن يطالبك بتفسير حدث راهن أو مسألة راهنة، وهذا ما لسنا نحن بصدده الآن".
أما عن الشرطين لحزب الله وحركة أمل للعودة الى الحكومة اللذين يتعلقان بالتوافق على القرارات المصيرية وموقف واضح من القرار 1559، يقول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة "على فرض ان هذا الأمر مطروح فإنما يعبر عن تخوف لدى حزب الله وحركة أمل على التزام الآخرين لمبدأ حماية المقاومة طالما أنهم أخلّوا بالتزاماتهم على مستوى الشراكة السياسية".
وبشأن قول الأكثرية ان ما جرى في مجلس الوزراء لا يخالف الدستور واشارتهم الى المادة 65 منه، يوضح النائب رعد "ان النقاش ليس دستورياً، نحن نقرأ الدستور ونفهم مضمونه تماماً. الخلاف هو حول الاخلال بالتزامات قبل أن تصل الأمور الى جدول أعمال مجلس الوزراء، هناك اتفاق والتزام بأن ما يطرح في المجلس من قضايا خصوصاً المصيرية منها يجب أن يتم التوافق عليها قبل أن تطرح في مجلس الوزراء، وهذا الاخلال هو الذي نتحفظ عليه، وهو الذي دعانا الى تعليق عضويتنا، وهو الذي أثار لدينا الريبة والمخاوف من بقية الالتزامات التي شعرنا أنها أصبحت في مهب الريح.
هذا هو النقاش والهروب الى نقاش دستوري لا يفيد، وهو هروب من المشكلة ويزيد الشكوك لدينا في اصرارهم على الاخلال بالتزاماتهم"..
وحول موقف رئيس الجمهورية العماد اميل لحود الذي رفض ترؤس جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا اذا لم يكن هناك اجماع في الحضور بما في ذلك وزراء حزب الله وحركة أمل قال النائب رعد "ان رئيس الجمهورية تصرف من موقع الرئاسة التي ينبغي أن تكون حكماً يعود اليها الآخرون من أجل معالجة مشاكلهم، وهنا برأينا فإن المطلوب من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن يتصرف الآن بموجب الدستور، وأن لا يُعقد مجلس الوزراء خلافاً للأصول لأن غياب شريحة تمثل قسماً من مكونات المجتمع اللبناني يجعل قرارات مجلس الوزراء غير شرعية لأنها قرارات تناقض ميثاق العيش المشترك، وهذا نص دستوري ورد في الفقرة (ي) من مقدمة الدستور حيث تقول لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
بناءً على المعطيات السالفة هل تتوقعون أن تطول الأزمة؟
هذا متوقف على تعقل الآخرين لموقفنا.
واذا لم يحصل هذا التعقل؟
يختم النائب رعد: عندها يتحملون مسؤولية الأزمة التي تواجهها البلاد.
هلال السلمان
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018