ارشيف من : 2005-2008
إجراءات إضافية ولا تساهل والتركيز على "درهم وقاية":لا إصابات بأنفلونزا الطيور في لبنان حتى الآن
عاد الحديث عن مرض أنفلونزا الطيور مجدداً ليضع اللبنانيين في دائرة القلق بعدما أصبح لبنان نظرياً في دائرة الخطر بعد تسجيل أربع وفيات بهذا المرض في تركيا وفي المناطق المحاذية لسوريا وإيران والاشتباه بحالة مرضية في شمال فلسطين المحتلة لم يجر التأكد منها، وتصنيف منظمة الصحة العالمية للمنطقة بأنها "عالية الخطورة"، ووضعها في "الدائرة الحمراء".
وعلى الرغم من أنه لم تسجل في لبنان أي حالة مرضية أو نفوق طيور بهذا المرض، إلا أن الحذر واجب ويقتضي اتخاذ الإجراءات الوقائية من قبل الوزارات المعنية لدرء الخطر، والتعاطي المسؤول والجدي من دون الوقوع في الهلع.
بدا التعاطي الإعلامي مع هذا الموضوع خلال الفترة الماضية فيه شيء من عدم المسؤولية في بعض الأحيان، الأمر الذي دفع وزير الزراعة طلال الساحلي إلى مطالبة وسائل الإعلام بالتعاطي بموضوعية مع هذه "الظاهرة" لكي لا يصاب المواطنون بذعر مبالغ فيه، خصوصاً أن لبنان خالٍ من أي إصابات، وأن نفوق طيور الدواجن الذي وقع في عدد من قرى عكار مؤخراً هو طبيعي، وهذا ما أثبتته التحاليل المخبرية التي أجريت عليها.
لكن السؤال الذي يطرح اليوم: هل الإجراءات المتخذة من قبل الوزارات والهيئات المعنية كفيلة بدرء هذا الخطر، خصوصاً في ظل الانشغال الحكومي بالتجاذب السياسي والسجالات؟
وزير الزراعة طلال الساحلي أكد لـ"الانتقاد" أن الوزارات المعنية اتخذت إجراءات وقائية إضافية من قبيل عدم "السماح بعد اليوم بأي استخفاف، لا سيما بالنسبة للصيادين وبائعي الدواجن الذين يملكون (الملاّشات) بطرائق لا تتوافر فيها مواصفات السلامة العامة.. وأن الوزارة طلبت من الحكومة مؤخراً سلفة مالية قدرها 250 مليون ليرة لتأهيل المختبرات التحليلية والعمل على متابعة كل الحالات الطارئة المستجدة. كما جرى الطلب من البلديات في كل المناطق اللبنانية العمل على إحضار الطيور النافقة إن وُجدت بهدف تحليلها مخبرياً لمعرفة ما إذا كانت هذه الطيور مصابة بمرض أنفلونزا الطيور بالفعل أم لا".
ويتابع الساحلي: "المستجد الأبرز على صعيد الإجراءات الوقائية هو اتخاذ قرار يهدف إلى تأهيل مراكز خاصة في كل المحافظات لمواكبة أي طارئ، وقد جرى لهذه الغاية استقدام جرعات دوائية لخمسة آلاف شخص".
ويبرر الساحلي الإجراءات الإضافية بأن "لبنان في دائرة الخطر"، ولكن مع ذلك "علينا أن لا نخاف، لأن المعركة تربحها عندما تهيئ لها بشكل جيد".
هذه الإجراءات على أهميتها تبقى غير كافية بحسب بعض الخبراء، خصوصاً أن بعضها يقتضي أموالاً تفوق قدرة لبنان. ويشير الاختصاصي بالأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان في الجامعة الأميركية إيلي بربور إلى أن الحكومة قد رصدت 75 مليون ليرة لإجراء مسح شامل وكامل لمزارع الدواجن المنتشرة على الأراضي اللبنانية، لمعرفة ما إذا كان هناك من إصابات بمرض أنفلونزا الطيور، إلا أن هذا المبلغ زهيد ولا يفي بالغرض، خصوصا إذا لفتنا إلى أن الإدارة الاميركية خصصت 8 مليارات دولار، والاتحاد الأوروبي 82 مليون دولار!".
ويجزم بربور بأن لبنان دخل فعلا في دائرة الخطر، مشيراً إلى احتمال وجود إصابة في شمال فلسطين المحتلة، أي أصبح المرض على حدودنا".
ويعتقد بربور أن أحداً لا يستطيع أن يجزم بأن لا إصابات لدينا في طيور الدواجن ما دامت إجراءات المسح ضعيفة، لكون الأمر يتطلب إمكانيات كبيرة يفترض اتخاذها من قبل الدولة اللبنانية. ويعزو عدم قبول بعض المزارع دخول الخبراء لأخذ عينات من دواجنها وبيضها لفحصها والتأكد من خلوها من مرض أنفلونزا الطيور، إلى أن "هؤلاء يخافون على مصالحهم.. هناك عائلات كبيرة تعتاش منها.. ولا سمح الله اذا جرى تشخيص لهذا المرض، فالناس لن تستهلك الدواجن، وسوف تقع هذه المزارع في خسارة كبيرة".
ولكن رئيس نقابة الدواجن في بعلبك الهرمل علي الحاج أكد جازماً في معرض نفيه فرضية بربور، "انه مستعد لأن يبّين خلو مزارع البقاع من أي إصابة بفعل المسح الدوري الذي يجريه خبراء من وزارة الزراعة". وقال في اتصال أجرته معه "الانتقاد": "ان الجيش اللبناني والقوات الدولية تستهلك دوما من منتجاتنا".. ونفى عملية تهريب الطيور الداجنة عبر الحدود اللبنانية، " لأن سعر كيلو الفروج عندنا هو 1200 ليرة، في حين أن سعره في سوريا 1900 ليرة، فكيف يكون التهريب؟!
وأكد مصدر من منظمة الصحة العالمية لـ"الانتقاد" أن لبنان بحكم موقعه الجغرافي القريب من تركيا الواقعة على مفصل طرق مهم لهجرة الطيور من آسيا، يصنف كمنطقة عالية الخطورة، غير "أنه حتى الساعة لا مؤشرات تدل على وجود مرض أنفلونزا الطيور لدينا". وقال: "إن المنظمة دورها داعم تقنياً للدولة اللبنانية عبر تقديم الدراسات اللازمة وتدريب الكادر البشري، فضلا عن تقديم العلاجات اللازمة عند وقوع إصابات".
"درهم وقاية خير من قنطار علاج".. شعار رفعته وزارة الزراعة وفق ما يقول رئيس مصلحة الحجر الصحي البيطري الدكتور فضل الله منيّر، مشيراً إلى أن هناك نهجين تتبعهما الوزارة: الأول مسح شامل وعام للمزارع بهدف التأكد من خلوها من الإصابات، مع تقديم الإرشادات المطلوبة للمزارعين. والثاني مراقبة الطيور المهاجرة وأخذ عينات منها. وقال: "إن فرق الوزارة البالغ عددها 12 استحصلت على 7000 عينة دم، والحمد الله جاءت خالية من أنفلونزا الطيور".
حسين عواد
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1146 / 27/1/2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018