ارشيف من : 2005-2008

لبنان يحُيي ذكرى عاشوراء أبي عبد الله الحسين (ع)

لبنان يحُيي ذكرى عاشوراء أبي عبد الله الحسين (ع)

السيد نصر الله: مئات الملايين من المسلمين مستعدون لتقديم أرواحهم صوناً لكرامة نبيهم‏

عادت كربلاء هذا العام كما كل عام محملة بعبق الشهادة في مواجهة الظلم، وأي ظلم.. وكما كل عام احتفل المسلمون في لبنان بهذه الذكرى في مختلف المناطق اللبنانية التي تكللت بالسواد حزناً ومواساة لأبي عبد الله الحسين (ع). الشوارع ازدحمت باللافتات الحسينية، وازدحمت النوادي الحسينية والسرادق المخصصة لإحياء هذه المناسبة بأنصار أبي عبد الله، وتُليت السيرة الحسينية وتحدث الخطباء عن دلالات ثورة الإمام الحسين (ع) الإصلاحية في حفظ الإسلام ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. وتطرق خطباء المنابر الحسينية للتطورات المحلية والإقليمية التي تهم العالم الإسلامي، خصوصاً حملة التشويه الغربية ضد الإسلام والنبي الأكرم محمد (ص)، والإساءات المتعمدة من قبل بعض وسائل الإعلام في الدنمارك والنرويج وآخرها الرسوم الكاريكاتيرية التي استفزت مشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم الإسلامي.‏

وفي هذا الإطار افتتح الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله مراسم المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه كل عام في مجمع سيد الشهداء ـ الرويس. وتحدث في الليلة الأولى من إحياء هذه المراسم عن هجرة الرسول الأكرم (ص) وهجرة الإمام الحسين (ع)، ثم توقف سماحته عند موضوع الرسوم التي نشرتها الصحف الدنماركية والنروجية المسيئة للنبي الأكرم وقال: "اليوم المسلمون في كل أنحاء العالم متألمون، يشعرون بالإهانة والمظلومية نتيجة بعض الرسوم المسيئة لنبيهم (ص). الحكومات تدين، تستدعي سفراء الدنمارك والنرويج، الناس بدأت تتحرك، تدعو الى مقاطعة البضائع الدنماركية والنرويجية، وهذا أضعف الإيمان.‏

وقدم سماحته "انطباعا مختلفا عما يحاول بعض الناس أن يثيروه حول إحياء مراسم عاشوراء، وكأن المسألة هي مسألة شيعة وسنة"، مؤكدا أن "المسألة ليست كذلك على الإطلاق". وقال: "لم يكن يزيد بن معاوية ولا عبيد الله بن زياد ولا أولئك الذين قتلوا الحسين (ع) في كربلاء سنة أو من أهل السنة أو يرتبطون بأهل السنة إطلاقا".‏

وفي الليلة الثانية توقف السيد نصر الله مجدداً عند ما يتعرض له رسول الله الأعظم (ص) من الإهانة فقال: "نبي ورسول يؤمن بنبوته مليار وأربعمئة مليون مسلم.. أكثر من خمسين دولة هي دول إسلامية.. الدول الإسلامية تملك أول احتياط نفط في العالم وثاني احتياط نفط في العالم وثالث احتياط نفط في العالم، ويساء إلى رسول هؤلاء، ثم يطلع رئيس وزراء الدنمارك غير حاضر للاعتذار بحجة أن الصحيفة لم تخالف القانون، وأن عندهم حريات! ما هذا المنطق؟ ثم بعد ذلك قامت النروج وأخذت الكاريكاتير ونشرته في صحفها، وحصلت ضجة في العالم الإسلامي.. طبعاً مطلوب مقاطعة البضائع الدنماركية والنروجية، ولكنها ليست القضية التي تهز الدنيا. اليوم أسوأ من ذلك، أتت صحيفة فرنسية وتضامنت مع الصحف الدنماركية والنروجية وقامت بنشر الكاريكاتير نفسه. نحن مليار وأربعمئة مليون مسلم لا نتحمل أن يهين أحد نبينا ويقدمه بصورة كريهة كما قدمته هذه الصحف".‏

ورأى سماحته أن ما جرى في العالم الإسلامي بما فيه لبنان حتى الآن من احتجاجات ليست بمستوى الإهانة. وأكد أن المشكلة بدأت من يوم كتب سلمان رشدي آيات شيطانية، مشدداً على أنه لو قام مسلم ونفذ فتوى الإمام الخميني بالمرتد سلمان رشدي لما تجرأ هؤلاء السفلة على أن ينالوا من رسول الله (ص)، لا في الدنمارك ولا في النروج ولا في فرنسا.‏

ودعا سماحته فقهاء وعلماء المسلمين وقادة الحركات الإسلامية وزعماء الدول الإسلامية وكل المسلمين إلى موقف صارم، لأننا إذا تسامحنا اليوم، الله يعلم ماذا سيصنعون غداً. اليوم مطلوب موقف مختلف من الدنمارك إذا لم تعالج الموضوع، ومن النرويج إذا لم تعالج الموضوع، ومن فرنسا إذا لم تعالج الموضوع. هنا لم يعد شيء اسمه: لبناني وسوري وفلسطيني ومصري وسعودي وماليزي وأندونيسي، هنا نبي مليار وأربعمئة مليون مسلم. وأنا واثق بأن هناك مئات الملايين من المسلمين حاضرون ومستعدون لأن يقدموا أرواحهم من أجل أن يصونوا كرامة نبيهم. هذا الأمر بحاجة إلى جدية حقيقية من كل المسلمين ومن كل أتباع الديانات السماوية. وسوف نرى خلال الأيام المقبلة إلى أين ستتجه هذه القضية، لكن يجب أن نكون مستعدين وجاهزين لفعل أي شيء للدفاع عن كرامة نبينا محمد (ص)".‏

قاسم‏

وأكد نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في المجلس العاشورائي في مدرسة شاهد، أنّ سبب الأزمة الحكومية يعود إلى أمرين أساسيين: طريقة الإدارة ومتطلبات المجتمع الدولي. ولفت إلى أن الحل هو بيد الآخرين، بأن يُقرّوا بشركائهم في الوطن حتى يكون القرار قراراً مشتركاً، وأن تقال عبارة "المقاومة ليست ميليشيا" لتُحل المشكلة بالنسبة إلينا".‏

وأوضح أن استمرار تعليق مشاركة وزراء أمل وحزب الله في الحكومة سببه عدم تجاوب الطرف الآخر، والمسؤولية تقع على الطرف الآخر، لأننا تنازلنا كثيراً ولم نضع شروطاً مُعقّدة.. مشدداً على انه "لولا بندقية المقاومة لما ارتفع رأس لبناني ولا عربي ولا مسلم في كل هذه المنطقة".‏

يزبك‏

وقال الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان سماحة الشيخ محمد يزبك في كلمة ألقاها في المجلس العاشورائي المركزي في مقام السيدة خولة بنت الإمام الحسين في بعلبك: "الحياة مساحة اختلاف، وكل اختلاف على الحطام والحرص على الدنيا والتنافس عليها يمكن أن يؤدي إلى صراع".‏

وأشاد سماحته بـ"الثورة الإسلامية في إيران التي قادها الإمام الخميني، والتي يشهد التاريخ بأنها حولت سفارة "إسرائيل" التي أوجدها الشاه إلى سفارة فلسطين".‏

وقال: "من بركات عاشوراء وكربلاء كانت المقاومة في لبنان، وكما أن السيف لم ينتزع في كربلاء، كذلك سلاح المقاومة في لبنان دفاعا عن كرامة الإنسان". مؤكداً أن أحداً لا يمكن أن ينتزعه ما دام هناك دم يجري في عروقنا، ومن يراهن على أميركا وفرنسا ودول الاستكبار واهم وخاطئ".‏

السيد صفي الدين‏

ورأى رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين في مجلس عزاء أقيم في الهرمل، "أن من يتخيل مستقبل لبنان بلا سلاح ومقاومة هو واهم ومخطىء، وأن من يتخيل أن تستقر المنطقة من دون مقاومة ومن دون سلاح في لبنان وفلسطين هو مخطىء وواهم".‏

وتطرق سماحته إلى السجالات الداخلية، فأكد "أن ما نواجهه اليوم على مستوى التحديات الكبرى ليس كما يتحدث البعض مرتبطا بخلافات داخلية، إنما هناك ضغوط دولية من أجل إعادة لبنان إلى سابق العهد، حيث كان مسرحا للمؤامرات الدولية التي أريد من خلالها استعباد اللبنانيين والمنطقة".‏

وأكد "أن المقاومة ليست ميليشيا والجميع يعلم، ولكن البعض يأبى النطق بهذه الكلمة، لأن المقاومة واضحة وهذا أمر ممنوع عليهم".‏

وفي مجلس أقامه حزب الله في مدرسة الإناث في حوض الولاية، اعتبر السيد صفي الدين "أن ما قامت به الصحف الدنمركية والنرويجية هو من ضمن مشروع لتحطيم المقدسات عند المسلمين"، مؤكدا أن "الصهاينة هم الذين موّلوا المشروع ودعموه".‏

ورأى السيد صفي الدين في المجلس العاشورائي المشترك الذي أقامه حزب الله وحركة أمل في بلدة عربصاليم، أن ما يحصل في المنطقة هو أكبر شاهد ودليل على أن المنطقة قادمة على متغيرات، لكنها لن تكون كما يتوهمها بوش ورايس.‏

النائب رعد‏

وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد "أن الأزمة الحكومية لا يمكن أن تعالج إلا بالعودة إلى المصداقية في تطبيق ما ورد في البيان الوزاري بعيداً عن الازدواجية في المواقف".‏

وقال خلال مجلس العزاء في النادي الحسيني في الخيام: "إننا أمام ثلاثة خيارات لا رابع لها: إما أن يتجنبوا موضوع الاستفراد والحديث بمنطق الأكثرية والأقلية، أو أنهم يريدون الاستمرار في الحكومة من دوننا، فيستطيعون أن يقيلوا الوزراء المعتكفين، وبالتالي فليتحملوا المسؤولية في إدارة البلاد.. والخيار الثالث أن نعود إلى انتخابات مبكرة!.. واعتبر "أن المراوحة في الأزمة الحكومية هي مضيعة للوقت وهدر للأعصاب عند الناس". مذكراً بالأسباب التي دفعت وزراء حركة أمل وحزب الله للاعتكاف، لأننا "نحن واعون لكل ما يخطط من أجل نزع هذا السلاح". مشيرا إلى "أن سلاح المقاومة ليس مرتبطا حصرا بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من مزارع شبعا، بل هو جزء من معادلة الحماية للبنان". وخلال رعايته احتفال أقامه حزب الله في مجمع الإمام المهدي (عج) في الغازية تكريما للحجاج العائدين قال رعد: "هناك منطق جديد يسود في لبنان، وهو منطق المستعمرين الجدد الذين لا يحرصون على وحدة لبنان ولا على السلم الأهلي فيه ولا على استعادة حقه في أرضه"، لافتاً إلى "أن المستقبل يقرره اللبنانيون الشرفاء، فلا أحد يستطيع أن يضعه في جيبه ويقول ان هذه القوى فقط هي التي تقرر".‏

حمادة‏

واعتبر وزير العمل طراد حمادة خلال مجلس عزاء أقيم في بلدة قانا، أنه في الوقت الذي يجري فيه لملمة العلاقات المتصدعة بين القوى السياسية بواسطة الحوار الداخلي والاتصالات، يأتي من يعرقل ذلك.. متسائلاً: ما الفائدة من هذه العرقلة في بلد لا يمكن أن يحكم ألا بالتوافق الوطني بين أهله؟! مشيراً إلى أن هناك من تحركه أصابع الخارج وتلعب به لعب الدمى ويفعل فعلته ويعرقل عملية الاتفاق".‏

حيدر‏

وفي مجلس عزاء أقيم في بلدة الخيام استغرب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد حيدر اعتبار البعض أن أميركا صديقة للبنان ويداها ملطختان بدماء العرب والمسلمين.. وقال.. "المؤسف أكثر أن هناك من يعمل ليل نهار لتحقيق الأهداف الأميركية ـ الإسرائيلية بنزع سلاح المقاومة تحت حجج وذرائع واهية!وسأل في سياق: أي مشروع وحلف ينخرط من يطالب بنزع سلاح حزب الله!؟‏

عزالدين‏

وفي مدينة صور حذر المسؤول السياسي لحزب الله الشيخ حسن عز الدين من أن يصبح لبنان رهينة للوصاية الأجنبية إذا ما استمرت الأزمة الحكومية، معتبراً أن ما نشهده اليوم من ضغوطات داخلية ودولية وأميركية على المقاومة، إنما تأتي في سياق الخشية من ذاك الإنسان الذي يحمل مشروعاً وطنياً لهذا البلد".‏

الانتقاد/ مناسبات ـ العدد 1147 ـ 3 شباط/ فبراير 2006‏

2006-10-30