ارشيف من : 2005-2008

معركة بعبدا عاليه لملء المقعد الماروني الشاغر بوفاة نعيم:مأزق جنبلاط.. وعون يستعد للثأر

معركة بعبدا عاليه لملء المقعد الماروني الشاغر بوفاة نعيم:مأزق جنبلاط.. وعون يستعد للثأر

إلى ان يجري استحقاق الانتخابات النيابية الفرعية في دائرة بعبدا عاليه في مهلة الشهرين التي يحددها قانون الانتخاب لملء المقعد الماروني الذي شغر بوفاة النائب ادمون نعيم، فإن هذه المدة الفاصلة عنه ستستحوذ على الانشداد السياسي عبر التحضيرات والاستعدادات التي ستجريها القوى السياسية المتحالفة والمتخاصمة لخوض هذه المعركة الانتخابية التي ستحمل مدلولات سياسية كبيرة وسط حالة التأزم السياسي التي تعيشها البلاد وإعادة خلط التحالفات والاصطفافات الحاصلة رفضاً وتأييداً للمشاريع الأميركية التي تحضر للساحة اللبنانية.‏‏

جميع المؤشرات والمعطيات تدل على ان الاستحقاق الانتخابي الفرعي في بعبدا عاليه يتجه نحو معركة انتخابية قاسية مع انعدام فرص التوافق على مرشح تزكية تجمع عليه القوى السياسية المتواجهة، حيث بدا أن قوى السلطة تتجه لترشيح الإعلامية مي شدياق لهذا المقعد، في محاولة لاستغلال وضعها الإنساني. فيما يتجه التيار الوطني الحر لترشيح أحد مسؤوليه هو المهندس حكمت ديب أو النائب السابق بيار دكاش.‏‏

وعليه فإن الأوساط السياسية المتابعة ترى أن هذا الاستحقاق سيشكل تحدياً للعديد من القوى السياسية الموجودة في هذه الدائرة، بحيث يشكل "مأزقاً" لبعض القوى ومناسبة لقوى أخرى "للثأر" من انتخابات الصيف الماضي.‏‏

أولاً: سيشكل هذا الاستحقاق تحدياً قاسياً بل "مأزقاً مفاجئاً لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يضاف الى مأزقه السياسي الذي يتخبط فيه منذ مدة، ذلك ان الأخير تعاطى منذ العام اثنين وتسعين حتى العام ألفين وخمسة وما تخلل هذه المرحلة من استحقاقات انتخابية، على اعتبار أن هذه الدائرة بمقاعدها الأحد عشر تحت جناحه ونفوذه السياسي. وعلى هذا الأساس كان يستغل غياب القوى المسيحية ومقاطعتها للانتخابات للإتيان بنواب مسيحيين لهذه المقاعد ربما لا يستطيع الواحد منهم الفوز في انتخابات "مقاعد اختيارية" في بلدته اذا أراد الاعتماد على شعبيته الخاصة. وحصل ذلك في استحقاقات 92، 96، 2000، و2005. هذا اضافة الى الانتخابات الفرعية التي جرت عام ألفين وثلاثة عندما شغر المقعد الماروني في عاليه بوفاة النائب السابق بيار حلو، حيث اعتبر جنبلاط نفسه حينها انه "أم الصبي" في هذه الدائرة، وخاض المعركة حينها بالمرشح هنري حلو نجل بيار حلو في مواجهة التيار الوطني الحر الذي رشح حينها حكمت ديب.‏‏

الأوساط المتابعة ترى أن هذه المعادلة سقطت اليوم ولم يعد بمقدور جنبلاط اعتبار نفسه الرقم الصعب في هذه الدائرة، أو أنه أم الصبي لأسباب عدة منها:‏‏

ـ ترسيخ التيار الوطني الحر اكتساحه للصوت المسيحي في هذه الدائرة، وهو ما ظهر في انتخابات الصيف الماضي.‏‏

ـ الحملة السياسية التي يخوضها جنبلاط في وجه حزب الله في هذه المرحلة ونكوثه بمستلزمات التحالف الرباعي، ما أفقده حليفاً قوياً كان يعتمد على أصوات ناخبيه في السابق، وهو ما حصل في الاستحقاق الانتخابي في الصيف الماضي عندما فازت لائحة جنبلاط بفضل أصوات حزب الله في الضاحية. لذلك لم يبادر جنبلاط حسب الأوساط المتابعة حتى الآن الى تصدر واجهة المعركة الانتخابية في هذه الدائرة كما كان يفعل سابقاً، وهو يريد أن يخوض هذه المعركة من خلف واجهة القوات اللبنانية حتى يخفف من وقع الهزيمة عليه اذا جاءت نتائج الانتخابات لمصلحة مرشح التيار الوطني الحر.‏‏

ثانياً: يشكل هذا الاستحقاق مناسبة للتيار الوطني الحر بقيادة العماد ميشال عون الذي لحقت به خسارة كبيرة في هذه الدائرة في انتخابات الصيف الماضي لرد الاعتبار مع تبدل المشهد السياسي والتحالفات، فضلاً عن أن هذا الاستحقاق يشكل تحدياً له على الساحة المسيحية، ومنها ما اذا كان التأييد الساحق الذي كسبه مسيحياً ما زال قائماً بالنسبة نفسها.. وعليه فإن التيار الوطني يخوض معركة في وجه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي معاً، وهو يرفض مقولة القوات ان هذا المقعد لها، لأن النائب نعيم كان عضواً في كتلتها! وتتساءل أوساطه: هل نحن في نظام ديمقراطي أم نظام مشيخة حتى يكون المقعد من حق القوات؟‏‏

ويعوّل التيار الوطني الحر على التحالف مع حزب الله في هذا الاستحقاق الانتخابي، مستنداً الى التقارب الحاصل بين الجانبين في العديد من الملفات، اضافة الى التباعد السياسي بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، وهو ما لفت اليه عضو كتلة الإصلاح والتغيير النائب إبراهيم كنعان عندما أعلن قرار التيار بخوض المعركة الانتخابية في دائرة بعبدا عاليه.‏‏

ثالثاً: وفي هذا السياق تتجه الأنظار الى موقف حزب الله في هذا الاستحقاق الانتخابي، خصوصاً ان الصوت الشيعي في الضاحية الجنوبية هو الذي حسم الفوز لمصلحة لائحة جنبلاط في انتخابات الصيف الماضي، اذ أعطاها ثلاثة عشر ألف صوت. وكان هذا التحالف بُني على أسس سياسية أخلّ بها النائب جنبلاط وتيار المستقبل، ما ولّد أزمة حكومية لا تزال مستمرة حتى الآن.. وهذا التحالف كان أقرّ بعيد الانتخابات أن فوز لائحة وحدة الجبل يعود الفضل فيه لأصوات ناخبي حزب الله، إلا أنه عاد وتنكر لهذا الأمر، شاهراً سلاح الأقلية والأكثرية في وجه حزب الله.‏‏

بكل الأحوال فإن حزب الله ان لم يكن قد أعلن موقفاً محدداً من استحقاق الانتخابات الفرعية في بعبدا عاليه بعد مضي ثلاثة أيام على وفاة النائب نعيم، الا أن هذا الموقف سوف يتبلور خلال الأيام المقبلة، ليتحدد على أساسه اتجاه الأمور في هذه المعركة الانتخابية القاسية التي ستشكل اختباراً سياسياً كبيراً وتثبيتاً للفرز السياسي الحاصل في أكثر من اتجاه.‏‏

هلال السلمان‏‏

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏‏

الوفاء للمقاومة تنعى نعيم‏‏

نعت كتلة الوفاء للمقاومة النائب ادمون نعيم في بيان أصدرته قالت فيه: "بغياب رجل القانون النائب الدكتور ادمون نعيم يفتقد اللبنانيون كبيراً أسهم في مرحلة صعبة من تاريخ البلاد بحماية النقد اللبناني من خلال موقعه في حاكمية المصرف المركزي، وكذلك برعاية الشباب اللبناني من خلال رئاسته الجامعة اللبنانية.‏‏

ولقد خبرناه مؤيداً بل مدافعاً عن شرعية المقاومة بموجب القانون الدولي، مفنداً مزاعم الذين يتنكرون لشريعتها وحقها الإنساني والقانوني والوطني.‏‏

إننا باسم كتلة الوفاء للمقاومة اذ ننعى هذا الفقيد الكبير، نتقدم من عائلته ومقربيه ومن زملائنا النواب ومن الجامعة اللبنانية ومن حاكمية مصرف لبنان ومن نقابة المحامين ومن اللبنانيين جميعاً، بأحرّ التعازي والمواساة، سائلين المولى القدير أن يحمي لبنان في هذا الوقت العصيب".‏‏

العدد 1146 ـ 27/1/2006‏

2006-10-30