ارشيف من : 2005-2008
زيارة متكي: دعم للبنان في مواجهة الهجمة الأميركية الصهيونية
زيارة جاءت في توقيت دقيق وحملت الكثير من المعاني، فيما هو عبّر عن رغبة لافتة في وضع الزيارة في إطار تقديم الدعم للشعب اللبناني في هذه الظروف التي يمر فيها، وبناءً على ثوابت سياسية تركز عليها السياسة الإيرانية في ظل الهجمة التي تتعرض لها المنطقة.
الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي إلى بيروت على رأس وفد كبير من الوزارة جاءت في وقت حساس على المستويات المختلفة، فتحولت من حلقة في سلسلة اللقاءات المتواصلة والزيارات المتبادلة بين لبنان وإيران إلى مجال للقاءات سياسية بالغة الأهمية، حيث شملت جولته الكثير من القيادات اللبنانية، وأطلقت خلالها مواقف لافتة من القضايا السياسية المطروحة على الساحة اللبنانية وعلى مستوى المنطقة.
ومع تغلّب الطابع السياسي على أجواء الزيارة، ولا سيما في شقّه الأكثر راهنية وحرارة، فإن المحتوى البروتوكولي لم يغب عن أجوائها، ما جعلها فرصة للتداول في مختلف المواضيع المطروحة، في حين أن جانباً أكثر ارتباطاً بحياة المواطنين في لبنان وجد حيّزاً كبيراً من الاهتمام.
مصادر إيرانية مطلعة على أجواء الزيارة ربطت زيارة متكي إلى بيروت بسلسلة اللقاءات التي جرت بين القياديين في لبنان وإيران على المستويات كافة خلال السنوات الماضية، والتي وصلت إلى ذروتها مع قيام الرؤساء اللبنانيين الثلاثة بزيارة العاصمة الإيرانية (وزيارة الرئيس السنيورة بصفته وزيراً للمال برفقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري أكثر من مرة)، مقابل زيارات عديدة قام بها عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين إلى العاصمة اللبنانية، ومنهم الرئيس ورئيس مجلس الشورى ووزير الخارجية، بحيث لم يكن يمضي شهر أو شهران دون حصول زيارة رفيعة المستوى لهذه العاصمة أو تلك.
وتقول المصادر إن الشق الاقتصادي في الزيارة أخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام حيث يتوقع أن تعقد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين لقاءً لها قريباً، وذلك بعد تأخّرها فترة عن موعدها بانتظار تحديد الجانب اللبناني موعد اللقاء.
وتحدثت المصادر عن سلّة اتفاقات يفترض أن تقرّ في المرحلة المقبلة، وعن مجموعة من المساعدات الإيرانية يجري تنفيذها في إطار وديعة من خمسين مليون دولار وضعت من أجل تنفيذ مجموعة من المشاريع على صعيد البنى التحتية بأيدٍ إيرانية، ومن هذه المشاريع ما يتعلق بالكهرباء والنفط، وإقامة مسلخ في طرابلس يكاد يشرف على الانتهاء.
وتتحدث المصادر عن اهتمام إيران بحل مشكلة الكهرباء في لبنان لما لحلها من تأثير إيجابي على حياة المواطنين وعلى العجلة الاقتصادية، محددة وجوه المساعدة الإيرانية بتحديث المعدات والآليات والمنشآت بأسعار زهيدة في مقارنة مع الأسعار الغربية، وبتقديم النفط إلى لبنان بأسعار متهاودة، على أن تتم عملية التقديم من دولة إلى دولة.
ومع تجاوز المنحى الاقتصادي يمكن الدخول إلى لب الهدف من الزيارة التي تأتي في وضع لبناني داخلي صعب ووضع إقليمي خطر.
وتقول المصادر الإيرانية المطلعة إن إيران تقف إلى جانب لبنان في هذه الأوضاع الصعبة كما كانت تقف معه في أوقات الراحة، وهي مستعدة لأن تقدم أي مساعدة في إطار مبدأي الوحدة الوطنية اللبنانية والحفاظ على المقاومة.
وكشفت المصادر أن إيران التي تعتبر الوحدة الوطنية أساس استمرار لبنان وبقائه تنصح اللبنانيين بالالتفات إلى أن لبنان يتعرض لخطر إسرائيلي دائم ويومي، ولذلك فالأجدى أن يحفظ كل مقومات المواجهة والصمود بدل التفريط بها.
ولفتت المصادر إلى أن زيارة الوزير الإيراني للقصر الجمهوري في بعبدا هي زيارة بروتوكولية تأتي في إطار لقاء الرؤساء الثلاثة، مشيرة إلى أن الإيرانيين ما زالوا يحفظون للرئيس إميل لحود حفظه للمقاومة وحرصه عليها، ويقدرون له دوره المستمر في هذا الإطار.
وحول بعض التصريحات التي صدرت على هامش الزيارة قالت المصادر إن إيران دولة كبرى ولها دور مهم على مستوى المنطقة، وكل القوى التي تملك بعد النظر تشيد باعتدال السياسة الإيرانية واحتضانها للبنان، أما إذا شاءت بعض القوى أن ترى غير ذلك فهذه مشكلتها، وهي تضع نفسها في مواجهة الإجماع اللبناني، وهي التي تخسر من ذلك.
وإذ لفتت المصادر إلى شمول لقاءات الوزير الإيراني مختلف القوى السياسية في لبنان فإنها تلفت إلى أن ما جاء من أجله الوزير هو "إجراء لقاءات وليس (لا لقاءات)" ما يعني أن إيران منفتحة على كل الأطراف طالما أن هذه الأطراف ملتزمة بعدم تنفيذ مآرب خارجية وتتبنى المسلّمات الوطنية اللبنانية التي تدعمها إيران.
وتلفت المصادر الإيرانية ختاماً إلى أن الهجمة الكبرى التي تتعرض لها المنطقة من قبل الأميركيين والصهاينة تزداد قسوة، ولكن مواقع الصمود لا تضعف أمامها، وإنما هي تصبح أكثر قوة واقتداراً، ولا سيما بفضل توحيد المواقف والثبات في وجه الهجمة.
محمود ريا
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018