ارشيف من :آراء وتحليلات

لبنان على عتبة مرحلة جديدة في العلاقة مع سوريا تنتظر المخاض العراقي

لبنان على عتبة مرحلة جديدة في العلاقة مع سوريا تنتظر المخاض العراقي

هيلدا المعدراني

يجزم "سياسي مراقب" بأن الانتظار لن يدوم طويلا حتى يغادر لبنان نهائيا المرحلة التي أعقبت صدور القرار الدولي الرقم 1559، كما يلفت إلى أن هناك بوابة وحيدة لولوج رحلة المغادرة، وهذه البوابة هي دمشق، وهي مفتوحة على مصراعيها، لكن مقاساتها تضيق على من انتفخ بالاستقواء الخارجي في تلك المرحلة، لذا على الراغبين دخول هذه البوابة تنحيف أحجامهم السياسية والتخلص من زوائدها قبل فوات الأوان وإغلاق الباب أمام العابرين إلى المرحلة الجديدة.

وفق هذا التوصيف، تجري متابعة ما يقوم به رئيس الحكومة سعد الحريري من محاولات واجتهادات يرمي من ورائها لإعادة بناء علاقته مع القيادة السورية، فهي لا تقوم فقط على تصحيح الأخطاء الجسيمة السابقة التي لحقت بمسار العلاقات اللبنانية السورية خلال السنوات الأربع الماضية، إنما المطلوب إعادة صياغتها بما يتناسب مع ما أحرزته دمشق من مكاسب إضافية لجهة تثبيت دورها الإقليمي المتقدم في المنطقة.

ويؤكد أن توقيت الإقلاع باتجاه المرحلة الجديدة، ليس مرتبطا على الإطلاق بالمدة الزمنية التي يطالب بها الحريري لإنجاز استدارته النهائية نحو دمشق، وليس أيضا مرهونا على ما يفترض من زعيم المستقبل القيام به من مبادرات وخطوات سياسية وشعبية تسهم في مغادرة لبنان مرحلة ما بعد 1559، فالتوقيت مضبوط على عقارب الساعة الإقليمية، ومؤشر تحرك هذه العقارب ليس في بيروت وإنما في بغداد التي تنتظر إعلان التوافق العراقي على مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي، وبعده سيكون في لبنان لكل حادث حديث.

ويشدد "السياسي المذكور" على أن ملامح المرحلة اللبنانية الجديدة قد اكتملت، ويمكن التثبت من رؤيتها بعدسة التحولات التي طرأت على الساحتين الدولية والإقليمية، وعليه، فإنه لا يعير اهتماماً كبيراً للملفات التي أعيد فتحها بقوة ودفعة واحدة خلال هذه المرحلة من جانب واشنطن وتل أبيب وقوى دولية أخرى، يتراءى من ظاهرها إعادة خلط الأوراق على الساحة اللبنانية والتي بدأت بتسريبات عن التحقيق الدولي باغتيال الرئيس رفيق الحريري واتهام حزب الله بالتورط بهذه الجريمة، وظهور جهات سلفية (صالح القرعاوي) تنذر بتحريك الفتنة المذهبية، وفتح ملف تسليح المقاومة على وقع التهديدات الإسرائيلية والأميركية مع إسناد محلي يتمثل بإثارة موضوع السلاح إعلاميا من خارج هيئة الحوار الوطني، إضافة إلى التلويح بنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية على خلفية التقرير الأخير لناظر القرار 1559 تيري رود لارسن.

ويرى المصدر نفسه، أن كل ما يثار من قبيل هذه الملفات، ليس سوى فقاعات سياسية وأمنية هدفها التعمية على الحقائق اللبنانية المقبلة وتصوير لبنان على أنه سيمكث طويلا قبل خروجه من المنطقة الرمادية، غير أن المراد المختبىء خلف هذه الأهداف هو محاولات كسب النقاط في جولات الصراع حول الملفين العراقي والتسوية في المنطقة.

من هنا، لا يرى "السياسي المراقب" أية فائدة في استجلاء نيات الحريري حيال ما يظهره من تأرجح في تقدمه باتجاه سوريا، كون الأول يعرف أن سريان مهلة مساءلته فعليا حول المطلوب منه يبدأ مع دوي صفارة التوافق العراقي، وكون الأخيرة (سوريا) تستمد الضمانات المطلوبة لإعادة هندسة الساحة اللبنانية بما يتوافق مع تصاعد دورها في المنطقة، ليس من الملك السعودي عبدالله وحسب، وإنما من اتساع دائرة علاقاتها مع سائر الأمراء السعوديين، لتبلغ أخيرا النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء نايف بن عبد العزيز.

ويلفت هذا "السياسي" إلى استرخاص الحريري لهذه المدة الذهبية الفاصلة وإهدارها في مهمة تدخل في باب المحال، وتقضي بإعادة تعويم شياطين مرحلة الأزمة والصراع الداخلي وتحويلهم إلى "ملائكة" في المرحلة المقبلة، وهي مهمة كانت موضع انتقاد لاذع من قبل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، عندما نصح الحريري بأن سمير جعجع الذي يعرفه بالتجربة أكثر منه "لم يستوعب ولن يستوعب، كما لم يتغير ولن يتغير".




2010-05-03