ارشيف من : 2005-2008
مؤتمر الحوار الوطني:بعد تبلور المواقف هل تتم تسوية الخلافات؟؟
أخيراً وبرغم حدة الاصطفافات السياسية الحاصلة والأزمات المفتوحة في البلاد، جلس قادة الأطراف السياسية الأساسية الممثلة في مجلس النواب حول الطاولة المستديرة للحوار تحت قبة البرلمان من خلال المؤتمر الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، واذا كان المأمول من هذا الحوار أن ينتهي باتفاق على قواسم مشتركة يخرج البلاد من النفق السياسي المسدود الذي تحاول بعض القوى جر البلد اليه مدفوعة من المشروع الاميركي الفرنسي، فإن هواجس وتساؤلات كثيرة تطرح مع انطلاق مؤتمر الحوار، وعما اذا كان سينتهي إلى نتائج ايجابية أم أنه سيبوء بالفشل.
وما هو البديل المطروح اذا فشل هذا الحوار؟ وهل تريد قوى الرابع عشر من شباط افشال هذا المؤتمر من خلال مواصلة المواقف التصعيدية، وهل يكون ملف الاستحقاق الرئاسي البند الطارئ الذي يفجر الحوار؟
في كل الأحوال فإن مؤتمر الحوار الذي يفترض أن يستمر قرابة العشرة أيام، انطلق في موعده المقرر وهو يحمل جدول أعمال رسمياً قوامه ثلاثة بنود:
ـ قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري وكشف الحقيقة ومسألة المحاكمة.
ـ القرار 1559 الذي تتفرع منه قضايا الاستحقاق الرئاسي، وسلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني.
3 ـ العلاقات اللبنانية السورية، ومحاولة فصلها عن التحقيقات المستمرة في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري.
ويطرح من خارج جدول الأعمال موضوع الاستحقاق الرئاسي برغم تضمنه في القرار 1559 لأن قوى الرابع عشر من شباط تصر على هذا الملف كأولوية في الحوار، وهي تعتبر أن السعي لإسقاط رئيس الجمهورية مستمر وهو أمر محسوم.
وعشية مؤتمر الحوار كانت قد تبلورت المواقف السياسية بشأنه من مختلف القوى داخل تحالف 14 شباط وخارجه.
فحزب الله الذي كان يشدد طوال الفترة الماضية على أن الحوار هو الباب الوحيد لحل ومعالجة الأزمات والقضايا الخلافية أكد أكثر من مرة أنه يأتي الى هذا الحوار لمناقشة كل القضايا المطروحة دون استثناء، وفي مقدمتها القضية المركزية المتعلقة بكيفية حماية لبنان من التهديد الصهيوني الدائم، وهو من هذا المنطلق مستعد لمقاربة مسألة سلاح المقاومة، كما يؤكد أن هذا الحوار يجب أن يكون مفتوحاً على كل الاتجاهات، فإذا كان هو مستعداً للإجابة عن أسئلة الآخرين فإن الآخرين يجب أن يكونوا مستعدين للإجابة عن اسئلة في أكثر من قضية وملف.
كذلك فإن حزب الله يذهب الى الحوار وهو يحمل ورقة تفاهم وطنية هامة وقعها مع التيار الوطني الحر برئاسة العماد ميشال عون، وهذه الورقة اذا لم يجر تقديمها رسمياً على طاولة الحوار فإنها على الأقل تشكل أرضية ونموذجاً يمكن التأسيس عليها في مؤتمر الحوار.
ويرى حزب الله أنه لا بد من تهيئة الأرضية لإنجاح الحوار عبر التواصل بين القوى الأساسية المتوجهة الى المؤتمر في محاولة لإنضاج الرؤى السياسية المشتركة، وفي هذا السياق جاء اللقاء الهام الذي عقده الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله مع رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري مساء الثلاثاء في قريطم، والذي استمر سبع ساعات وتخللته مأدبة عشاء، وجاء هذا اللقاء ليرخي بأجواء ايجابية على الساحة السياسية عشية انطلاق مؤتمر الحوار تحت قبة البرلمان.
أما التيار الوطني الحر برئاسة العماد ميشال عون فإنه يذهب الى مؤتمر الحوار وفق أسس واضحة، فهو أكد رفضه اللجوء الى الشارع لإسقاط رئيس الجمهورية، وهو يرى أنه لا بد من التوافق في هذا الملف والاتفاق على البديل قبل إسقاط الرئيس لحود، كذلك بات موقف التيار واضحاً من القرار 1559 وان الأمر يخضع للحوار الداخلي، وبالنسبة للعلاقة مع سوريا فإنه يؤيد علاقات صحيحة بعدما "أصبحت سوريا في سوريا"، وهو يرفض الانسياق مع حملات قوى الرابع عشر من شباط المستمرة ضد سوريا، وخصوصاً أنها تأتي وفق "أجندات" أجنبية معلومة الأهداف.
بدورها تجلس حركة أمل الى طاولة الحوار متحالفة مع حزب الله، ويسجل المراقبون نجاحاً لرئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري في التحضير لهذا اللقاء، وصولاً الى عقده بغض النظر عن النتائج التي قد يصل اليها هذا الحوار، فإذا وصل الى نتائج ايجابية يكون قد حقق انجازاً، واذا فشل فإن المسؤولية تقع على القوى التي ستتسبب بهذا الفشل، وما سينتج عنه لاحقاً.
في مقابل هذه القوى الثلاث الذاهبة الى طاولة الحوار من خارج قوى 14 شباط، وهي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، فإن قوى 14 شباط تذهب الى الحوار بعدما كانت أطلقت "معركة" لإسقاط رئيس الجمهورية، لكن تبين بعد مرور اسبوعين على الانطلاق ان هذه المعركة فاشلة بعدما ارتطمت هذه القوى بالحائط المسدود دستورياً، وفي الشارع، وعليه فإن هذه القوى واصلت مواقفها التصعيدية عشية الحوار، خصوصاً القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي الذي يستعد رئيسه النائب وليد جنبلاط للتوجه الى واشنطن بداية الأسبوع المقبل تلبية لدعوة اميركية رسمية.
وتصرّ هذه القوى على طرح ملف الاستحقاق الرئاسي كأولوية على طاولة الحوار بعدما أدركت أنها لن تستطيع تحقيق أي نتيجة دون التوافق مع باقي القوى السياسية، وهو ما كانت تجاهلته سابقاً.
في جميع الأحوال مؤتمر الحوار انطلق بحضور قيادات الصف الأول، ومن غير الواضح بعد الى أي نتيجة سيصل، النجاح أم الفشل، فإذا نجح تكون البلاد قد خرجت من النفق المسدود، واذا فشل فإن الأزمات السياسية ستتعقد أكثر، ولن يكون المخرج بحسب أوساط متابعة سوى الذهاب نحو انتخابات نيابية مبكرة، وخصوصاً أن اللجنة المكلفة اعداد قانون جديد للانتخاب قد أعدت صيغة لدرسها في مجلس الوزراء، ثم في مجلس النواب، لكن السير في هذا الاتجاه متوقف على قوى الرابع عشر من شباط التي يبدو أنها تتخبط في سياساتها، ولم تحسم أمرها بتغليب المصلحة الوطنية على مصالح أفرقائها السياسيين.
هلال السلمان
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1151 ـ 03/03/2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018