ارشيف من : 2005-2008

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل لـ"الانتقاد":قدرنا أن نتحاور وإلا سيحاسبنا الرأي العام

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل لـ"الانتقاد":قدرنا أن نتحاور وإلا سيحاسبنا الرأي العام

يصعب على أحدنا أن يخرج من لقاء مع النائب في كتلة التنمية والتحرير، علي حسن خليل، بانطباع واحد متفائل أو متشائم صرف، حيال نتائج مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأت أعماله أمس في مقر المجلس النيابي، ويمتد لعشرة أيام حسب المنظمين له، أو لثلاثة أيام كما يأمل البعض، برغم الآمال المعقودة عليه وعلى المتحاورين فيه، لكن خلاصة واحدة خُلِص إليها من الآن، وهي على حد قول خليل والمأخوذة من حديث لرئيس المجلس النيابي نبيه بري في معرض استقرائه لمسار الحوار "إننا متشائلون". هذه العبارة "المركبة" ما بين التشاؤم والتفاؤل أخذت تسري في عروق اللبنانيين التوّاقين إلى نتائج ملموسة قبل أن تسري في عروق المتحاورين أنفسهم، غير أن "هناك رأياً عاماً سيحاسب، ويعي من هي الجهة التي تحاول عرقلة الوصول إلى تفاهم" كما يقول خليل، ويضيف "قد يكون البعض غير متحمس للوصول إلى نتائج، والبعض الآخر يمكن أن يكون متضرراً، لكن اليوم مجرد قبول الدعوة والدخول في الحوار يضع الجميع أمام مسؤولياتهم". خليل الذي حاول أن يضفي مسحة أمل على الحوار القائم، يستبطن خشية من "الأكثرية"، " لأننا كلبنانيين نشعر بقلق كبير عندما نرى دوراً أمريكياً يضطلع في المسائل الداخلية".‏

خليل برغم مشاغله الكثيرة هذه الأيام تحدث لـ"الانتقاد" عن الحوار معرجاً على مقام رئيس الجمهورية وزيارة رايس لبيروت.‏

* ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون مع بدء ورشة عمل الحوار الوطني تحت قبة البرلمان، هل سيفضي هذا الحوار الى نتائج عملية وجدية تجعل لبنان امام مرحلة جديدة من الاستقرار والهدوء، أم ان هذا الحوار سيكون مدخلاً جديداً من الانقسام والاختلاف؟‏

ـ بالنسبة إلينا هناك قناعة بأن حالة التأزم السياسي القائمة في البلاد والخطاب السياسي العالي الذي أشعر اللبنانيين للحظة بأن هناك خطراً كبيراً محدقاً بهم، كان لا بد من البحث عن سبيل للخروج من هذه الحالة باتجاه اختيار الحوار كوسيلة فضلى.‏

من هنا نرى ان هذا الحوار الوطني بغض النظر عن النتائج التي سيصل إليها يمكن ان يشكل نقطة ارتكاز وتحول لاعادة تنظيم علاقات القوى اللبنانية مع بعضها البعض من جهة، ولتفاهمها على خطاب وطني موحد حول عناوين الانقسام التي حددها جدول اعمال هذا المؤتمر من جهة اخرى، أما بالنسبة للنتائج فعلينا ان نكون متفائلين خصوصاً لما عكسته آراء القوى السياسية وردود الفعل الاولية التي أشرت الى استعداد الجميع الى تقديم المشترك فيما بينها على عوامل الانقسام، هذا أمرٌ مشجع، فلنستكمل جلسات الحوار لنرى ما هو المدى التي ستفضي إليه هذه الاجتماعات.‏

* .. لكن التصريحات التي سبقت الجلسة توحي عكس ذلك، وخاصة ان كل طرف يتمسك بمواقفه حيال الملفات المطروحة على جدول اعمال المؤتمر؟‏

ـ لقد سمعنا أصواتاً يمكن تسميتها بأصوات عالية تخرج عن سياق الموضوع، لكن بالنسبة إلينا ندخل الى مقاربة هذه المسألة بإيجابية لنقول ان الاراء المختلفة يجب ان تكون موضع نقاش على الطاولة، وان تكون الخلفية هي أيضاً خلفية إيجابية في التعاطي مع هذه المسائل المطروحة. قد يكون البعض غير متحمس للوصول الى نتائج، والبعض الاخر يمكن ان يكون متضرراً، لكن اليوم مجرد قبول الدعوة والدخول في الحوار يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وسيكون هناك حساب أمام الرأي العام اللبناني الذي يعي تماماً من هي الجهة التي تحاول عرقلة الوصول الى تفاهم، وتالياً الاطمئنان على مسيرة السلم الاهلي.‏

* .. ما نقوله هو استنتاج يبدو مشروعاً، خصوصاً ان تجارب الحوار في لبنان منذ عهد الاستقلال الى اليوم مريرة وغالباً ما كانت تفضي الى نتائج سلبية.. ولعل كلام الرئيس سليم الحص في معرض تعليقه على الحوار بأنه سيكون عقيماً خير برهان على ذلك؟‏

ـ لقد استخدم الرئيس نبيه بري في معرض رده على سؤال حول ما هو تقديره للنتائج فقال انه "متشائل" وهي صيغة وسطية بين التفاؤل والتشاؤم، أي فتح أبواب الخيارات جميعاً للوصول الى نتائج حتى لو لم تكن كاملة، لكن بكل تأكيد وإذا ما حسنت النيات نأمل ان يكون هناك نتائج على الاقل حول بعض القضايا الخلافية، أما بعض الأمور الاخرى فيمكن تأجيل البحث فيها والاتفاق على آلية للمتابعة.‏

* كيف تفسر طرح الاكثرية الموضوع الرئاسي كأولوية على الحوار في حين ان هذا البند من المفترض ان يطرح في سياق القرار 1559، ألا يشكل ذلك مقدمة للاطاحة بالحوار؟‏

ـ هذه مسألة تقنية أمكن معالجتها، المهم أننا أمام جدول أعمال محدد، والكل وافق على هذه المشاركة ضمن هذا الجدول.‏

* "الاكثرية" ذهبت إلى الحوار متسلحة بالموضوع الرئاسي، انتم في "الضفة الاخرى" بماذا تسلحتم؟‏

ـ قوتنا هي أننا تمسكنا بعناصر قوة لبنان، وبالثوابت التي جعلته قوياً قادراً على مواجهة تحديات المنطقة، والاصرار الكامل على كشف حقيقة جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من جهة، وعلى تنظيم العلاقات اللبنانية السورية وفقاً لمصالح البلدين، وبما يؤمن تعزيز هذه العلاقة كقوة للبنان كما هي قوة لسورية من جهة أخرى، ثم مقاربة القرار 1559 وفقاً لقاعدة الحوار بما لا يؤمن الا مصالح لبنان، ووفق الروزنامة التي يراها مناسبة لا الروزنامة التي تحاول ان تفرضها أميركا خدمة لـ"اسرائيل".‏

* .. لماذا "الاكثرية" بدت مصرة على طرح الموضوع الرئاسي كبند أساسي في حوارها؟‏

ـ كما تعلمون هناك "أجندة" واضحة لدى قوى الاكثرية، وهي التركيز على حسم مسألة رئاسة الجمهورية، ونحن كنا حددنا وجهة نظرنا من هذا الموضوع بأن الدخول في هذه المسألة يحتاج الى ان نعي ونفهم بدقة ما هو مطروح على هذا الصعيد، أي الآلية التي ستعتمد حول هذه المسألة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية نحن كقوة سياسية قلنا إننا نقف خلف البطرك في ما طرحه من عناوين لجهة كيفية التعاطي مع هذه المسألة خارج الشارع من جهة، والتفاهم على البديل من جهة اخرى.‏

* البعض اعتبر أن طرح الموضوع الرئاسي بالصيغة التي أرادتها الاكثرية إنما أريد منه أن يشكل مادة تفجيرية؟‏

ـ لا اعتقد اننا سنكون امام مشكل كبير بشأن هذا الموضوع.‏

* يقول الرئيس فؤاد السنيورة في معرض رده على سؤال ان البعض لا يزال يفكر بعقلية ما قبل اتفاق الطائف، هل لهذا التوصيف مكان بين المتحاورين؟‏

ـ بالنسبة إلينا متفقون على ان أي تحرك، او أي نقاش في هذا الحوار أو غيره يجب ان يجري تحت سقف اتفاق الطائف ونصوص الدستور.‏

*..هناك من يعتبر ان اللبنانيين جميعهم يريدون استقالة الرئيس لحود لكن لكل طريقته: منهم من يريد ثمناً، وآخر موقعاً، وآخرون تطميناً، هل هذا التوصيف واقعي، ام انه مجرد تبسيط للواقع؟‏

ـ نحن كقوة سياسية نريد من يؤمن استقرار البلد وتحصين أدوار مؤسساته، وهو ما سوف يحكم موقفنا من هذا الاستحقاق وغيره من الاستحقاقات في المستقبل.‏

* لنسلّم جدلاً ان الحوار لم يصل الى نتيجة، هل يكون البديل الشارع كما تشتهي "الأكثرية"، ام الرهان على مبادرة عربية لم تتبلور بعد؟‏

ـ في أي حال نحن نرحب بأي دعم عربي للبنان سواء عبر المؤتمر أو خارجه، وبالتالي الاحتكام الى الشارع لا يمكن ان نشجعه أبداً، بل ان قدر اللبنانيين هو الجلوس الى طاولة الحوار والتفاهم، وأي خيار آخر هو من الافتراضات البعيدة بالنسبة إلينا، ولن نتعاطى معه كواقع.‏

* كيف تفسر الارباك الذي أحاط بقوى 14 آذار بدخولها الحوار؟‏

ـ الواضح ان ما يسمى بتجمع قوى 14 آذار ليسوا متفقين على خطاب سياسي موحد، هناك إشكالات كثيرة يمكن ان تتعزز في المستقبل القريب عند الدخول في نقاش مواضيع أساسية كمسألة رئاسة الجمهورية، لكن نحن لا نبني أي موقف على هذه التناقضات، بل نحاول قدر الامكان ان نكون إيجابيين في تقريب وجهات النظر بما يخدم تأمين رأي عام حول هذه القضايا.‏

* ما دمت تتحدث عن رئيس الجمهورية، هل تعتقد ان الخيارات الاستراتيجية للرئيس لحود من المقاومة الى العلاقة مع سوريا هي وراء إصرار الاكثرية على إسقاطه في أسرع وقت ممكن؟‏

ـ هذه المسألة مركبة، هناك أكثر من عامل يتعلق بالموقف من رئاسة الجمهورية عبّرت عنه قوى 14 آذار، لا أريد ان أدخل في الخلفيات. القضية اليوم هي قضية مطروحة والنقاش حولها اخذ أكثر من بعد. المطلوب أن تناقش في الاطار الوطني وفقاً للمصلحة العليا لا مصلحة طرف على حساب أطراف أخرى.‏

زيارة رايس‏

* ماذا قرأت في زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كونديزا رايس الى بيروت، حيث حاولت قوى 14 أذار ان تبعدها عن اهدافها الحقيقية لها؟‏

ـ التجربة مع الاميركيين، والوفود التي تأتي من قبلهم الى لبنان لم تكن يوماً تجربة مشجعة. دائماً الدور الاميركي كانت تطرح عليه الكثير من علامات الاستفهام، لانه بالنتيجة يخدم تعزيز دور وموقع "إسرائيل" في المنطقة، ولو بطريقة غير مباشرة، وبالتالي لا يمكن وضع زيارة رايس خارج هذا الاطار، خاصة ان سياق النقاش الذي نقل عنها يشير الى تركيزها على نقاط لا تعكس حرصاً على تفاهم اللبنانيين مع بعضهم البعض، بل الحرص على تقديم عناصر الاختلاف على ما عداها.‏

*هل من رابط بين زيارة رايس لبيروت وتعثر المبادرة العربية؟‏

ـ الادارة الاميركية تحاول أن تدخل على خط أي مبادرة عربية، فإذا ما سارت الأمور بطريقة إيجابية يكون لها دور فاعل ومباشر في رسم توجهاتها، وبالتالي تستطيع أن تعرقل وفقاً لما يخدم مصالحها، فلذا أعود الى النقطة المركزية نحن كلبنانيين نشعر بقلق كبير عندما نرى دوراً اميركياً يضطلع في المسائل الداخلية.‏

* تأسيساً على ما تقدم، هل لبنان اليوم محصن بما فيه الكفاية للحؤول دون تحويله مطية لاي توجهات مخالفة للثوابت الوطنية؟‏

ـ فرصة الحوار تنطلق خلفيتها من تحصين موقفنا الوطني، وان نتفق على خطاب موحد في مقاربة القضايا الوطنية الاشكالية اليوم الموجودة في البلد تحت العناوين التي وضعت لهذا الحوار، هذا أمر مهم جداً لانه عندما نستطيع الوصول الى تفاهم واحد حول خطاب موحد حول هذه القضايا نكون قد ساهمنا وبنينا فرصة تحصين هذا الواقع.‏

* عود على بدء، الى أي حد انتم تراهنون على نجاح هذا الحوار؟‏

ـ نحن في كل الأحوال نرى ان مجرد انعقاد المؤتمر مؤشر إيجابي الى قدرة اللبنانيين على الالتقاء ببعضهم البعض، ومن جهة ثانية نعتقد انه كيفما سارت الامور يمكن الاتفاق على نقاط من عناوين الحوار المقترحة، وهذا بحد ذاته إنجاز.‏

حوار: حسين عواد‏

الانتقاد/ مقابلات ـ العدد1151 ـ 03/03/2006‏

2006-10-30