ارشيف من : 2005-2008

حزب الله يحيي ذكرى استشهاد سيد شهداء المقاومة وشيخها بمهرجان حاشد في الأونيسكو:

حزب الله يحيي ذكرى استشهاد سيد شهداء المقاومة وشيخها بمهرجان حاشد في الأونيسكو:

ـ لولا سلاح المقاومة لكانت "إسرائيل" ما تزال تحتل بيروت ولعرفنا من هو الإسرائيلي ومن هو اللبناني أولاً وأخيراً‏

ـ عندما نتحدث عن المقاومة وهدفها وتاريخها واستراتيجيّتها وشهدائها فمن الطبيعي أن نتحدث عن مقدس‏

ـ المقاومة التي حفظت الوطن مقدسة، ولولا سلاحها لكنا رأينا اليوم حقيقة من هو الإسرائيلي ومن هو اللبناني أولا وآخرا.‏

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏

تحول المهرجان الخطابي الكبير الذي أقامه حزب الله في ذكرى استشهاد سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي وزوجه وطفلهما، وشيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب، إلى محطة سياسية لتأكيد وصية السيد عباس بحفظ المقاومة، وتأكيد موقف الشيخ راغب بأن الموقف سيبقى سلاحاً والمصافحة ستبقى اعترافاً، في زمن التحولات والتيه عن تحديد العدو الحقيقي الذي بات يعاني منه البعض في لبنان.‏

الحضور الرسمي عبر ممثلي الرؤساء الثلاثة إضافة إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والمواقف التي أعلنت، كان لها دلالاتها السياسية المهمة، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، حيث يتعمد البعض تسعير السجال حول المقاومة وسلاحها ونزع القدسية عنها وتوهينها بنزع إجماع لم يكن متوافراً لها أصلاً، كما أكد السيد نصر الله في كلمته التي اعتمدت لغة العقل والمنطق والصراحة، واضعاً الجميع أمام مسؤولياتهم.‏

السيد نصر الله نجح كعادته في استيعاب الخطابات النارية وإطفائها بصدق الموقف وصراحته المعهودة، وهو أكد أن المقاومة مقدسة قائلاً: "إذا كان الوطن مقدساً فإن المقاومة التي حفظت الوطن هي مقدسة، والسلاح الذي حرر الوطن هو سلاح مقدس، ولولا سلاح المقاومة لكانت "إسرائيل" لا تزال تحتل بيروت، ولعرفنا من هو الإسرائيلي ومن هو اللبناني أولاً وأخيراً.‏

وقال: "نعم، نحن مع مشروع الدولة التي يجب أن تحمي لبنان". مشيراً إلى أننا "لم نفقد الإجماع الوطني حول سلاحنا لأنّه لم يكن موجودا، وهذا السلاح موجود لأنّ هناك ضرورة وطنية للمقاومة، وهذه المقاومة تستند إلى الحق والقانون".‏

واعتبر سماحته "أن ما جرى يوم 14 شباط في جزء كبير منه لا يعبّر عن صورة مدينة بيروت المقاومة العربية الصادقة، ولا يعبّر عن صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري".. وسأل: "أين هو اتفاق الطائف؟ وأين هو البيان الوزاري في بعض الخطابات‏

يوم الثلاثاء؟". وقال: "ما حصل يحمّل الحكومة اللبنانية وأيضاً الإخوة في تيار المستقبل مسؤولية أكثر, لا يستطيعون أن يقفوا في النصف، إما (أنتم) مع هذا الخطاب أو لستم مع هذا الخطاب.. حتى نعرف".‏

المهرجان تحدث فيه ممثل رئيس الجمهورية الوزير شارل رزق وممثل رئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل وممثل رئيس الحكومة الوزير خالد قباني وممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان.‏

كما حضر النائب نبيل نقولا ممثلاً عن التيار الوطني الحر، والنائب حسن يعقوب ممثلاً عن الكتلة الشعبية، وممثل عن نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وممثلون عن قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، وممثل عن السفارة الإيرانية، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأستاذ علي قانصوه، إضافة إلى أحزاب لبنانية وفلسطينية ورجال دين من مختلف الطوائف، وشخصيات سياسية واجتماعية ونقابية وبلدية، وحشد من المواطنين.‏

نحن إن شاء الله في هذا الأمر سنستمر لتحرير الأرض وكل أسير ومواجهة الخروق الإسرائيلية وحماية البلد، إلى أن توضع استراتيجية واضحة حول هذا الموضوع، هذا قرارنا وعزمنا.. وأود أن أؤكد أن كل الصراخ وكل الشتائم وكل الانفعال وكل الغضب لا يمكن أن يثنينا عن القيام بواجبنا. إن قُتلنا على الطرقات، والرصاص الذي قتل إخواننا وأخواتنا في 13 أيلول 1993، فسقط منهم الشهداء من الرجال والنساء لم يثن من عزمنا ولم يحرف وجهة سلاحنا، القتل والرصاص والدم عجز عن فعل ذلك، فلييأس الصارخون والمنفعلون والمهولون، نحن في هذا الأمر نؤدي واجباً مقدساً لا تراجع عنه ولا تردد فيه.‏

في الموضوع الداخلي يجب أن نؤكد في ذكرى سيدنا السيد عباس وشيخنا الشيخ راغب، ما كانا يؤمنان به، وأنا أعيده مجدداً، نحن جديون وحريصون جداً على أمن البلد وقرار البلد ومشروع الدولة والسلم الأهلي والعيش المشترك، والنهوض بالبلد ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وهذا يحتاج إلى أن نضع يدنا بيد بعض.‏

اليوم بسبب الظروف السياسية القائمة هناك أكثر من خطاب: اللبنانيون يريدون أن يختاروا، اليوم هناك مرحلة حساسة ومصيرية جداً، هناك خطاب يتحدث عن الشراكة وعن التوافق، وعلينا أن نتذكر في كل الأحوال أن الأكثرية هي مسألة متقلبة، اليوم أنت أكثرية وغداً ربما غيرك أكثرية، الذي يبني البلد هو التوافق في المسائل الأساسية. لا نريد أن نغيّر الدستور ولا ما شاكل، وإنما نقول هناك خطاب يتحدث عن الشراكة وعن التوافق وعن الحوار، وهناك إمكانية لدينا نحن كلبنانيين أن نصل إلى نتيجة بعضنا مع بعض، والذي قلته عن حزب الله والتيار الوطني الحر هو نموذج.. وقبل هذا نحن عندما ذهبنا وصنعنا التحالف الرباعي: تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي من 14 آذار وحركة أمل وحزب الله من 8 آذار، استطاعوا على مسافة صغيرة من 14 آذار ومن 8 آذار أن يصنعوا تحالفا سياسيا.. لكن بعدها (قالوا) لا، (نقول) مرتين لا، لا مشكلة في ذلك.‏

التحالف الرباعي والتقطيع عن القوات اللبنانية وغيرها في انتخابات بعبدا ـ عاليه، هذا يدل أن اللبنانيين قادرون على أن يجلسوا ويتحاوروا معا برغم كل الظروف القاسية. اليوم لقاء حزب الله والتيار الوطني الحر يدل على أن اللبنانيين قادرون على أن يتحدثوا مع بعضهم، لكن دعوهم يجلسوا مع بعضهم البعض.‏

وهناك خطاب آخر يقول: يا إخوان نريد أن نهدىء الأمور، السلم الأهلي خط أحمر.. أنت تتحدث عن التواصل فيما بالمقابل يتحدثون عن قطيعة.. تتحدث عن الشراكة فيحكى عن العزل والإلغاء والشطب.. تتحدث عن السلم الأهلي وتنظم مظاهرة وتضبط شعاراتها وتمنع أي شعار يحدث فتنة مذهبية، لكن هل الذين نظموا تظاهرة 14 شباط يتحملون مسؤولية الشعارات التي أطلقت وكُتبت ورفعت، هذه الشعارات أين تضع البلد؟ اليوم نحن أمام خطاب لا نستطيع أن نختبئ وراء أصابعنا ونجامل، سمعنا قبل يومين خطابا سياسيا يضع البلد أمام حرب أهلية، أنا لا أبالغ.. جزء كبير من الخطاب وليس كله يضع البلد أمام حرب أهلية.. كان هناك جزء من الخطاب معقولا ومتوازنا، لكن هناك جزء من الخطاب أساسي يضع الشعب اللبناني ولبنان أمام حرب أهلية بلغته وشتائمه وأدبياته وتصعيده وسقفه العالي وتنكره لكل الأسس التي يقوم عليها الوضع في لبنان اليوم. أنا بكل صراحة أريد أن أقدم وصفاً وأقول: ما جرى يوم 14 شباط في جزء كبير منه لا يعبّر عن صورة مدينة بيروت المقاومة العربية الصادقة، ولا يعبّر عن صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو الانقلاب، وليس وثيقة حزب الله والتيار العوني الانقلاب على الطائف. لا يوجد شيء في الوثيقة ضد الطائف.. يا أخي، أستغفر الله، نسينا كلمة الطائف، كل الجريمة التي ارتكبتها تلك الوثيقة أنه في أولها وآخرها لا توجد كلمة طائف، أستغفر الله ربّي وأتوب إليه.. لكن أين هو الطائف في خطاب يوم الثلاثاء؟ أين هو البيان الوزاري؟ الطائف هو أساس الدولة، والبيان الوزاري هو أساس الحكومة، أين هو الطائف وأين هو البيان الوزاري؟ وهل يبنى لبنان والوحدة الوطنية في لبنان والدولة في لبنان والحكومة في لبنان، وهل يحضر لمؤتمر (بيروت 1) من أجل معالجة القضايا الاقتصادية، وهل يقطع الطريق على الفتنة الداخلية في لبنان بمثل خطاب "البحر من أمامكم والعدو من ورائكم"؟! هذا الأمر هو ما شهدناه يوم الثلاثاء. وأنا أقول: ما جرى يوم الثلاثاء يحمّل الحكومة اللبنانية وأيضاً الإخوة في تيار المستقبل مسؤولية أكثر, لا يستطيعون أن يقفوا في النصف، إما (أنتم) مع هذا الخطاب أو لستم مع هذا الخطاب، حتى نعرف. لا يكفي أن يُقال إن بعض أصدقائنا هاجم بعض أعزائنا في تيار المستقبل حتى يُسكت عن هذا الخطاب.. المسألة هنا ليست من شتم من، المسألة هنا مسألة الخيارات السياسية الاستراتيجية للبنان، هذه هي المسألة.‏

سأقول لكم "نكتة"، هذه المسكينة منطقة مزارع شبعا، السوريون يقولون هذه ليست سورية، الفلسطينيون يقولون هذه ليست فلسطينية، وحتى الإسرائيليون لم يقولوا إنها جزء من كيانهم الغاصب، ثم يأتي بعض اللبنانيين ويقولون هذه ليست لبنانية، إذاً ما هي هذه؟! يبدو أننا سنحتاج في مستقبل الأيام إلى إضافة دولة إلى الجامعة العربية اسمها جمهورية مزارع شبعا العربية.‏

نحن اليوم كلنا نقول لبنان أولاً، نعم.. هل يعني لبنان أولاً أن نتخلى عن أرض لبنانية؟ تصوروا أن السوري يقول هذه الأرض لبنانية وليست سورية، فنقول له لا، آتنا بالدليل! هذه الأرض لي وأنا أملك الدليل، يأتي من يقول لا، الأرض له وعليه أن يأتي بالدليل! هذه مناكفة وليست قانونا وليست سياسة.. لبنان أولاً هل يعني التخلي عن أرض لبنانية؟ لبنان أولاً هل يعني ترك الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.. أم لا؟ على كل حال عندما تنجز المقاومة استحقاق تحرير الأسرى سنرى لبنان أولاً في موضوع الأسرى.. هل لبنان أولاً يعني أن نترك "إسرائيل" تجتاح أجواءنا في كل يوم وتخترق مياهنا الإقليمية وتهدد حدودنا، وهي تفعل ذلك ولم تعد عدواً؟! هل هذا لبنان أولاً؟ نريد أن نعرف.. لبنان أولاً هل يعني أن أقول أنا وأنت ما نرى حقاً أنه مصلحة لبنان ولو اختلفنا في وجهات النظر.. أنا أوافق، أنت تتهمني وتقول أنت تتكلم بدوافع من سوريا وإيران، وأنا أقول لك: لست كذلك.. نحن نقول ونفعل ما نرى فيه مصلحة بلدنا، عندما وقف حزب الله والتيار الوطني الحر على مبدأ إقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا، هل أخذت إذناً من سوريا أو أعطيتهم علماً قبل ذلك؟ أبداً، أنا لم أفعل ذلك ولا أفعل ذلك.. لكن يجب أن تطمئنونا أيضاً أنكم عندما تتكلمون وتصعدون وتغيّرون مواقفكم أن هذا لم يكن بطلب من جورج بوش وكندوليزا رايس.‏

اللبنانيون ليسوا بحاجة إلى أن ينخرطوا في أحلاف، ونحن لسنا منخرطين في حلف، نحن لنا ثوابتنا ومواقعنا ورؤيتنا قبل الأحلاف ومع الأحلاف وبعد الأحلاف. ما نقوله عن لبنان، ما نقوله عن فلسطين، ما نقوله عن "إسرائيل"، ما نقوله عن إيران، عندما كانت سوريا في لبنان وبعدما خرجت سوريا من لبنان، وقبل النووي الإيراني وبعد النووي الإيراني، قبل فوز حماس وبعد فوز حماس، لم يتغير لدينا شيء.. نعم، نحن كلبنانيين لسنا بحاجة إلى أحلاف، ما نحتاج إليه كلبنانيين هو أن نتواصل ونتحاور ونحل مشكلاتنا في ما بيننا، ولكن إذا أصر البعض على ضم لبنان إلى أحلاف دولية تخوض حروباً دولية ووضعنا بين خيارين: بين أن نكون في حلف يمتد من غزة إلى بيروت إلى دمشق إلى طهران إلى أي عاصمة في العالم، إلى "أخونا شافيز" في فنزويلا، وبين حلف آخر، حتى أكون واضحاً وصريحاً، الآن لسنا في حلف، ولكن إذا وضعنا بين حلفين، بين هذا الحلف وبين حلف آخر يمتد من تل أبيب إلى أميركا وغير أميركا، قطعاً سنكون في الحلف الأول. نحن لا نتنكر لا لانتمائنا ولا لثقافتنا ولا لتاريخنا ولا لفكرنا. خطابنا في لبنان دعوة لكل اللبنانيين، نعم، لنضع الأحلاف جانباً، ولنعمل جميعاً لمصلحة لبنان، لحمايته وقيامته وقيامة دولته ووحدته الوطنية ومعالجة أزماته الاقتصادية وبناء دولته القوية القادرة التي تحمينا جميعاً وتعالج مشاكلنا جميعاً، هذا لا يمكن أن يتم بالأحلاف، ولا باللغة التي استمعنا إليها قبل أيام.‏

في ذكرى السيد عباس والشيخ راغب، شهداء الحب والتواضع والزهد والمقاومة والجهاد والإخلاص، باسمهم وباسم كل إخوانهم وأخواتهم، بنات الشهيدة السيدة أم ياسر وكل الذين ينتمون إلى هذا الخط وإلى هذا الطريق، وأستطيع أن أقول باسمي واسم إخواني في حركة أمل، أعيد وأؤكد وأقول: برغم كل ما سمعناه يدنا ممدودة للجميع، والجميع مدعو إلى منطق وحيد هو منطق الحوار، وفي غير هذا المنطق الكل خاسر.‏

الانتقاد/ موضوع الغلاف ـ العدد 1149 ـ 17 شباط/فبراير 2006‏

2006-10-30