ارشيف من : 2005-2008
جدد في أربعين الإمام الحسين (ع) وعده للأسرى بتحقيق وعد الحرية ـ السيد نصر الله :المدخل الطبيعي لمناقشة سلاح المقاومة: كيف نحمي لبنان؟
عشية بدء الجولة الثالثة من الحوار الوطني التي تتضمن مناقشة بندي سلاح المقاومة ورئاسة الجمهورية، وفي كلمة هي الأولى منذ بدء هذا الحوار، أطل الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله على جماهير حزب الله والرأي العام اللبناني ليطلق مجموعة مواقف تتعلق بالجولات السابقة واللاحقة، وليؤكد الالتزام بما جرى الإجماع عليه، و"أننا نذهب إلى الحوار من موقع الإرادة الجدية والهادفة والحريصة على التوصل إلى نتائج، لأن هذه هي مصلحة لبنان".
وتوقف السيد نصر الله عند الموضوع الاقتصادي والرسائل التي وردت إلى طاولة الحوار والمطالبة بإدراجه ضمن جدول أعمال الحوار، وأبدى تأييده لهذه الطروحات. واستغرب الاستعجال في اتخاذ خطوات سريعة باتجاه خصخصة قطاع الاتصالات.
ووافق سماحته على مناقشة موضوع قانون الانتخابات على طاولة الحوار أيضاً، معتبراً أن "من أهم أسس وبوابات قيام دولة قادرة وقوية وعادلة هو قانون انتخاب صحيح وسليم يؤمن التمثيل السليم".
وحرص السيد نصر الله على توضيح بعض الالتباسات التي أوجدتها وسائل الإعلام في ما يتعلق بتأجيل بندي سلاح المقاومة ورئاسة الجمهورية إلى جلسة الأربعاء، مؤكداً عدم ترابط الموضوعين، نافياً أن يكون المطروح هو المقايضة بين سلاح المقاومة ورئاسة الجمهورية.
كما أكد أنه لم تتم مقايضة الإجماع على لبنانية مزارع شبعا وتلال كفر شوبا بأي شيء على الإطلاق.
وشدد السيد نصر الله على "أن المدخل الطبيعي والوحيد لمناقشة سلاح المقاومة هو الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي تجيب عن سؤال: كيف نحمي لبنان؟ والإجابة عن أسئلة أخرى تتفرع عن هذا السؤال الرئيسي، وأن ليس هناك باب آخر للنقاش. مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "أي شيء آخر يعني أنه يراد أن يقال لنا هاتوا سلاحكم والله يعطيكم العافية واذهبوا إلى بيوتكم، وهذا ما لم يحصل مع أي مقاومة في السابق".
وتوقف سماحته مطولاً عند التهديدات الإسرائيلية والاستعدادات عند الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، مؤكداً للعدو أنه "أياً تكن جهوزيته واستنفاراته، وأياً تكن الأيام والليالي، سوف يأتي اليوم والليلة التي سنحقق فيها وعدنا لسمير القنطار وإخوانه في السجون الإسرائيلية باستعادتهم إلى الحرية، وهذا وعد حقيقي ووعد حسيني نجدده في أربعين الإمام الحسين (ع).
أحيا حزب الله ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع) بمجلس عزاء مركزي أقامه في قاعة مجمع سيد الشهداء (ع) ـ الرويس، تحدث فيه السيد نصر الله بداية عن شخصية السيدة زينب (ع) ومواقفها في مواجهة يزيد بن معاوية. ثم تحدث عن المستجدات السياسية، فانطلق بداية من الذكرى الثالثة لغزو العراق وقال: "هذا الاحتلال وضع المنطقة كلها أمام تحديات كبيرة ومخاطر جسيمة جدا من خلال استراتيجية الفوضى البناءة في خدمة مشروع الهيمنة الأميركي الصهيوني على بلادنا وخيراتنا ومقدراتنا.
اليوم هناك من يحاول ان يضع الشعب العراقي أمام خيارات قاسية ومؤلمة. الخيارات التي وضع أمامها الشعب العراقي منذ ثلاث سنوات الى اليوم: إما النظام الدكتاتوري والمقابر الجماعية والقمع والقتل، وإما الرضا بالاحتلال الأميركي والهيمنة الأميركية على العراق ومقدراته، وإما الحرب الأهلية.
وطبعا يروّج في وسائل الإعلام، ويساعد على هذا سياسيون ونخب فكرية، بالقول إنه من بين هذه الخيارات الثلاثة، الخيار الأقل سوءاً هو القبول بالاحتلال. لكن المغالطة الكبرى هنا والكذبة الخطيرة هي القول انه ليس أمام الشعب العراقي سوى الخيارات الثلاثة.
والصحيح ان هناك خياراً رابعاً، وهو ان يقوم هذا الشعب وتتعاون قواه السياسية في بناء دولته ومؤسساته وتحرير أرضه من الاحتلال وبناء نظام يطمئن ويرضي ويشرك الجميع. هذا الأمر خاضع لإرادة العراقيين أنفسهم والقيادات والتيارات العراقية. اذا أصغوا الى مصالحهم الوطنية ولم يعطوا آذانهم للأميركيين ولم يعطوا قلوبهم للمخاوف والهواجس واستطاعوا ان يطمئن بعضهم بعضا، هناك خيار آخر يمكن أن يلجأ اليه العراقيون.
أهم ما يجب ان نتوقف عنده باختصار هي المحنة التي يواجهها الشعب العراقي. نجزم جميعا بأن الشعب العراقي يُدفع بقوة الى الحرب الأهلية والفتنة المذهبية. يجب ان نفتش عن الأدوات الأميركية والإسرائيلية، وهذا أمر واقع تؤكده الكثير من المعطيات والمعلومات الميدانية، وأيضاً تؤكده مصالح المحتلين. يجب أن نتعاون للابتعاد عن هذه المحنة، وبالتالي العمل على الخيار الصحيح، خيار التوافق والتعايش والتعاون بين مختلف التيارات العراقية، وبالتالي يستطيعون أن يبنوا عراقهم الذي يحبون.
مستمرون في الحوار
وأضاف: في الموضوع اللبناني وفي الأسابيع القليلة الماضية كان مؤتمر الحوار الوطني. نحن منذ وقت طويل دعونا الى الحوار، وعندما كانت هناك طاولة جدية سارعنا للمشاركة. وأود أن أؤكد أننا سنستمر في المشاركة في هذا الحوار، وأننا ملتزمون أيضا بنتائج هذا الحوار. ما نتفق عليه نحن ملتزمون بمضمونه السياسي، ونحن جاهزون أن نلتزم بأدبيات ما نتفق عليه، لأنه من الخطأ ان نتفق على أشياء أساسية ثم بعد مدة من الزمن يتخلف أحدنا وكأنه لم يكن هناك حوار ولم يكن هناك إجماع ولم يكن هناك توافق! وأؤكد أننا مستمرون في الحوار أيا تكن موضوعاته ونتائجه وزمانه، حتى ولو طال هذا الحوار، لأنه ليس هناك خيار أمام اللبنانيين سوى هذا.
وتابع :"إذا عطلنا الحوار إلى أين نذهب ببلدنا وشعبنا ومصالحنا الوطنية ومستقبل أولادنا وأحفادنا؟ الى أين نمضي في مواجهة كل هذه التحولات الكبرى التي تحصل في المنطقة وفي العالم؟ إذاً نحن هنا نذهب إلى الحوار من موقع الإرادة الجدية الهادفة والصادقة والحريصة على التوصل إلى نتائج، لأن هذه هي مصلحة لبنان التي لا يمكن ان تتحقق إلا بهذه الوسيلة".
وقال: الموضوعات المعلنة ليوم الأربعاء، موضوع سلاح المقاومة وأزمة الحكم كما سُميت.. هناك رسائل كثيرة وصلت الى طاولة الحوار من الهيئات الاقتصادية والاجتماعية تطالب بمناقشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وهذا حق ويجب ان يحصل، لأنه يجب النظر الى هذا الأمر كواحد من الأولويات، ولا يجوز فقط أن نناقش على الطاولة ما يطلبه منا المجتمع الدولي الذي يسلط على رقابنا جميعا الـ1559، و(تيري رود) لارسن سيحضر يوم الخميس المقبل ليعرف ماذا عملنا كلبنانيين في هذا القرار! اذا كانت هذه أولويات المجتمع الدولي فهناك أيضا أولويات وطنية يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، ومن ضمنها الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي والصعب.. يجب ان نناقش السياسات التي ستتبعها السلطة، سواء في ما يتعلق بمؤتمر (بيروت ـ 1) أو في ما يتعلق بالخصخصة، خصوصا ان هناك على ما يبدو خطوات سريعة تُتخذ باتجاه خصخصة قطاع الاتصالات، وهذا أمر عجيب وغريب! أهم قطاع منتج يأتي بواردات مهمة الى خزينة الدولة، هناك استعجال لخصخصته! كيف؟ ولمن؟ هذا في الحد الأدنى يحتاج الى توقف وتأمل ونقاش. لكن الأهم في الموضوع الاقتصادي الذي يجب ان تتحمل مسؤوليته الحكومة، هو تأمين فرص العمل. نحن لا نريد ان نحول الشعب اللبناني الى شعب يعيش على الحصص التموينية والمساعدات، وإنما الى شعب منتج. الأولوية في المعالجة الاقتصادية الاجتماعية، يجب أن تكون في تأمين فرص العمل للشباب اللبناني.. هذا وضع يجب ان يناقش ويعالج".
الدولة القوية القادرة العادلة
وأردف قائلاً: "سمعت أن التكتل الطرابلسي يدعو الى مناقشة قانون الانتخاب على طاولة الحوار. نحن موافقون على ذالك، لأن قانون الانتخاب هو المدخل الصحيح والطبيعي لبناء ما نتفق عليه وما نجمع عليه، وما أجمعنا عليه حاجة اللبنانيين جميعا الى الدولة القوية والقادرة.. لكن أيضا كنا نصر في الحوار على الدولة القوية القادرة العادلة المطمئنة. نحن لا نريد دولة قوية ظالمة ولا نريد دولة قوية بوليسية، ولا نريد دولة قوية استبدادية.. نريد دولة قوية وقادرة وعادلة تحمي الحريات والحقوق وتؤدي الواجبات ولا تظلم أو تعتدي على أحد، ولا تسلب حق أحد، والمطمئنة لكل الطوائف في لبنان الكبيرة والصغيرة، والمطمئنة لكل التيارات السياسية لتشعرها بأنها تحميهم وتحفظهم وتشركهم. من أهم أسس وبوابات قيام دولة قادرة وقوية وعادلة، هو قانون انتخاب صحيح وسليم يساعد على تمثيل سليم. ان قانون الانتخاب كان دائما من أخطر المسائل التي يختلف حولها اللبنانيون والقوى السياسية.. نحن موافقون أن يناقش هذا أيضا على طاولة الحوار".
لا مقايضة
وفي موضوع الرئاسة وموضوع أزمة الحكم وموضوع سلاح المقاومة قال سماحته: "أنا أريد أن أزيل من الأذهان وهماً وتهمة، لأنه تم تناول هذا الموضوع في الكثير من المقالات والتسريبات، وحتى بعض عناوين وسائل الإعلام.. كأن المطروح ـ يوم الأربعاء ـ هو مقايضة بين سلاح المقاومة والرئاسة، والبعض يتكلم هكذا بهذه الصراحة: أعطونا سلاح المقاومة نعطيكم الرئاسة.. طبعاً لماذا يقولون أعطونا ونعطيكم؟ لأن قوى 14 شباط أو قوى 14 آذار ـ سمّوها ما شئتم ـ تريد أن تعزل أو تبدل أو تغير رئيس الجمهورية. حسناً هذا موضوع للنقاش.. في الشارع لا يمكن فعل ذلك ولا يؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج دستورية أو قانونية. في البرلمان الصيغة المطروحة هي تقصير مهلة رئيس الجمهورية، هذا الأمر يحتاج إلى ثلثي أعضاء المجلس، والثلثان غير متوافرين لقوى 14 آذار. في النهاية هم بحاجة للاتفاق بالحد الأدنى مع إحدى الكتل الثلاث التي هي خارج هذه القوى، أي كتلة التيار الوطني الحر أو كتلة حركة أمل أو كتلة الوفاء للمقاومة. يُتحدث في بعض وسائل الإعلام وكأن المطروح بالنسبة لموقفنا هو: إننا نقول لهم أعطونا سلاح المقاومة وضمانات سلاح المقاومة وحافظوا على سلاح المقاومة ونحن نعطيكم الرئاسة كما ترون مناسباً! هذا طبعاً غير صحيح.. غير صحيح على الإطلاق.. وتأجيل هذين الموضوعين بالتحديد ليس لأن أحدهما مرتبط بالآخر، بل لأنهما موضوعان حساسان دقيقان".
وأوضح: "موضوع العلاقات مع سوريا تقريباً كان ناضجا وكذلك الموضوع الفلسطيني. موضوع مزارع شبعا صحيح أنه استغرق بعض الوقت، لكن في النهاية استطعنا أن نصل فيه إلى نتيجة. موضوع المقاومة موضوع كبير، "ما كان ممكن" حله في الجلسات التي حصلت، وكذلك موضوع الرئاسة موضوع حساس ومعقد ما أمكن حله في الجلسات التي حصلت.. فتم تأجيل هذين الموضوعين ليس لأنهما معلقان بعضهما ببعض، ولا لأن مصير أحدهما مرتبط بمصير الآخر، وإنما لأهمية وحساسية وتعقيد هذين الموضوعين. لعل هذا التأجيل هو الذي أوجد الشبهة التي تتحدث عن نوع من المقايضة. نحن عندما ندخل إلى مناقشة هذه المسائل ليس على قاعدة مقايضة، وإنما على قاعدة ما هي المصلحة الوطنية الحقيقية في هذا أو ذاك الملف؟ على سبيل المثال في الموضوعات التي أنجزت حتى الآن، البعض يحاول أن يصور كأن هناك مكسباً حزبياً أو فئوياً أو طائفياً حصلت عليه هذه الجهة أو تلك الجهة.. المسائل ليست كذلك. النفَس الموجود في الحوار ـ أنا أشهد لكم وإن شاء الله نكمل في نفس الطريقة ـ كانت الأجواء هادئة وإيجابية وشفافة، وهناك فرصة للتخاطب المباشر ولأن يقول كل واحد منا ما عنده بصراحة ووضوح. يجب أن نبتعد عن منطق الغالب والمغلوب، وعن تحقيق مصالح حزبية أو فئوية أو طائفية، يجب أن تتحكم بنا المصالح الوطنية. موضوع مزارع شبعا عندما نصل إلى نتيجة تقول: أجمع المتحاورون على لبنانية مزارع شبعا، وأيضاً أجمعوا على دعم الاتصالات التي ستقوم بها الحكومة اللبنانية لتثبيت هوية هذه المزارع وتلال كفر شوبا، لمن هذا المكسب؟ هذا مكسب وطني وليس مكسباً حزبياً أو فئوياً أو طائفياً. ائتوني بسند ملكية واحد لأحد من حزب الله في منطقة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، أو ائتوني بسندات ملكية بأن الشيعة يملكون هناك! على الطاولة كان يُقال إن هناك وقفا مارونيا ووقفا أرثوذكسيا ووقفا سنيا.. الموضوع إذاً ليس موضوعاً فئوياً أو حزبياً أو طائفياً، هو موضوع وطني. هناك أرض لبنانية مهمة جداً، غنية بالمياه، لها موقع استراتيجي هام جداً، لماذا نتخلى عن أرضنا؟ يجب أن نستعيد أرضنا.. هذا هو المنطق الوطني، وهذه هي المصلحة الوطنية الأساسية، ولذلك نصل إلى هذه النتيجة.
وأكد السيد نصر الله أنه "لم يتم مقايضة الإجماع على لبنانية مزارع شبعا بأي شيء على الإطلاق، ما هي المصلحة الوطنية، ما هو الحق في هذا الموضوع، ذهبنا لنتفق على ما هو الحق في هذا الموضوع، إن أمكننا أن نتفق".
وتابع: "في العلاقات مع سوريا هذه مصلحة لبنان بفعل واقع الجغرافيا والتاريخ وعلاقات البلدين، المصالح الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية وكل هذا الذي قيل.. حتى موضوع الدعوة إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين هي ليست مقايضة، هي قناعة المتحاورين، ولعل مصلحة لبنان وسوريا في المرحلة المقبلة هي في هذا، بالتأكيد مصلحة لبنان هي في هذا".
حماية لبنان
وفي موضوع سلاح المقاومة قال: "نحن ذاهبون إلى طاولة الحوار لنتحدث عن خيار المقاومة وسلاح المقاومة، أيضاً ليس على قاعدة أننا نريد أن نحقق مكسباً فئوياً أو طائفياً. نحن نتحدث عن مكسب وطني، والسؤال الكبير الذي طرحناه على الطاولة ـ ونُقل هذا في وسائل الإعلام في التسريبات وغيرها ـ نحن قلنا لهم: لنا هدف أول هو تحرير ما تبقى من أرضنا المحتلة وتحرير الأسرى.. هناك ملف آخر هو حماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية والتجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية. تعالوا لنناقش كيف نحمي لبنان.. إذا أراد أحد أن يدخل إلى طاولة الحوار وأنه كيف ما كان هو يريد أن ينزع سلاح المقاومة! هذا لم يعد حواراً.. وإذا أنا أدخل إلى طاولة الحوار وأنه كيف ما كان أريد أن أحفظ هذا السلاح! هذا لم يعد حواراً.. نحن ذاهبون إلى الحوار حقيقة وجدياً، وسؤالنا الكبير: كيف نحمي لبنان؟ وبالتالي هناك أسئلة مهمة: هل نحن الجالسون على طاولة الحوار نعتبر "إسرائيل" ما زالت عدواً؟ لأننا لو اعتبرناها لم تعد عدواً، إذاً ليس هناك خطر على لبنان لنبحث كيف نحمي لبنان من هذا الخطر.
ثانياً: إذا اعتبرنا أن "إسرائيل" ما زالت عدواً، هل ما زلنا نعتقد ونؤمن بأن لهذا العدو أطماعا في أرضنا ومياهنا؟ وهذا بحاجة إلى نقاش.. وهل يقنع بعضنا بعضاً فيه؟ إذا أنت مقتنع أن الإسرائيلي أصبح عاقلاًً وليس لديه أطماع أقنعني، وأنا مقتنع بأن الإسرائيلي لديه أطماع يجب أن أقنعك. أنت تأتي بدليل وأنا آتي بدليل، أنت تأتي بوثائق وأنا آتي بوثائق.. كل الدراسات الإسرائيلية على المستوى الإسرائيلي وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط تتحدث أن الحرب المقبلة في المنطقة هي حرب المياه، والحرب على مصادر المياه. هل يوجد لدينا ضمانات قطعية وأكيدة ويمكن الركون إليها بأن مياهنا لن تكون موضع طمع العدو الإسرائيلي؟ هذا بحاجة إلى نقاش.. أيضاً في منطقة متوترة، والوضع في فلسطين يتجه على ما يبدو إلى المزيد من التصعيد والمواجهة أمام الخطوات العدوانية والوحشية الإسرائيلية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، نحن في منطقة تشهد توترات وأحداثا صاخبة، حتى لو لم نتدخل نحن كلبنانيين في أحداث المنطقة وعزلنا لبنان وأنفسنا عن أحداث المنطقة، هل سيعزل الإسرائيليون أنفسهم؟
أليس هناك سياسة الهروب إلى الأمام عند الدول التي تواجه أزمات داخلية؟ من الذي يضمن لنا أن هذا العدو لن يهرب إلى الأمام باتجاه لبنان عندما يواجه انتفاضة جديدة في فلسطين المحتلة أو توترات جيدة هناك؟ هذه أسئلة نحن معنيون بالتوقف عندها.. والأهم أن البعض يقول إنه لدى "إسرائيل" جيشاً قوياً، وأنا أقول وهذا موجود في أدبيات المقاومة الإسلامية: "إسرائيل" كلها جيش أقيمت له دولة وحكومة ومجلس نيابي.. "إسرائيل" هي قاعدة عسكرية مدججة بالسلاح من رأسها إلى أخمص قدميها، كل ما يمكن أن يخطر في بال أحد من نوعية الأسلحة وكمية السلاح هو موجود عند هذا العدو، من مئات الرؤوس النووية إلى السلاح الكيميائي إلى السلاح الجرثومي.. في جوارنا دولة قوية ومسلحة إلى هذا الحد وإلى هذا المستوى، ونحن بلد صغير في مواجهة هذه الدولة القوية التي تحظى بحماية دولية وبدعم دولي قوي جداً وعلى رأسه وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية.. في مقابل عدو من هذا النوع كيف يمكن أن نحمي بلدنا؟ أنا لا أتحدث عن حماية أشخاص، وإن كان هذا الأمر طُرح بشكل أو بآخر، نحن لا نتحدث عن حماية أشخاص، هؤلاء الأشخاص حملوا دماءهم على أكفهم ليُقتلوا في سبيل الله عزّ وجلّ، ولكن نتحدث عن حماية لبنان وشعب لبنان ودولة لبنان ومقدرات لبنان ومياه لبنان ومستقبل لبنان، كيف؟ هل بالعودة إلى اتفاق الهدنة الموقع عام 1949 نحمي لبنان؟ هل تركت "إسرائيل" شيئاً من اتفاق الهدنة بحروبها واجتياحاتها واحتلالاتها ومجازرها؟ نحن نقول كل هذه الأمور قابلة للنقاش، ولذلك طرحنا العنوان. برأينا أن المدخل الطبيعي والوحيد لمناقشة سلاح المقاومة هو الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي تجيب عن سؤال: كيف نحمي لبنان، وليس هناك باب آخر للنقاش. أي شيء آخر يعني يراد أن يقال لنا: هاتوا سلاحكم والله يعطيكم العافية واذهبوا إلى بيوتكم! وهذا لم يحصل مع أي مقاومة في التاريخ، وإنما كانت هناك طروحات وصيغ. كيف نحمي بلدنا بالعودة إلى اتفاق الهدنة؟ بالضمانات الدولية؟ قيل الكثير خلال الأيام الماضية،
فقط أذكّر بما جرى في سجن أريحا، أين هي الضمانات الأميركية المعطاة للسلطة الفلسطينية؟ أين هي الضمانات الإنكليزية؟ ليس فقط ضمانات، كان هناك مراقبون أميركيون وبريطانيون على بوابة السجن، واقتُحم السجن بالتواطؤ مع الأميركيين والبريطانيين! هذه هي الضمانات الدولية التي ستحمي بلدنا في المستقبل؟! أليس في هذا عبرة؟! ماذا تعني دعوة الإخوة في حركة فتح ـ وهي الفصيل الذي وقعت قيادته اتفاقية "أوسلو" وأقامت السلطة ـ رئيس السلطة محمود عباس إلى حل السلطة الفلسطينية تعقيباً ورداً على اقتحام سجن أريحا، ماذا يريد كوادر فتح أن يقولوا: إن هذه السلطة لا تستطيع أن تحمي، وإن الضمانات الدولية لا تستطيع أن تحمي! في كل الأحوال نحن ذاهبون إلى هذا النقاش، متسلحون بالمنطق وليس بالسلاح، بالمنطق وبالحجة وبالدليل وبالتجارب والواقعية. سوف نتحدث عما حصل في تجارب العرب وفي زمن آبائنا وأجدادنا من 1948 حتى اليوم. ما هي المخاطر والتحديات؟ وما هي الخيارات المتاحة؟ وما هي الضمانات في هذا السياق؟ نحن منفتحون على النقاش، وفي هذا السياق أيضاً يمكن الدخول إلى ما قيل إنه أزمة حكم.
وتوقف السيد نصر الله عند ما يجري على الحدود مع فلسطين المحتلة منذ خمسة عشر يوماً من استنفار إسرائيلي من الدرجة الأولى، براً وبحراً وجواً، ومن قلق المستوطنات والمزارعين والجنود الإسرائيليين الذين يعملون في الليل والنهار وقال: "الاتصالات الدولية من السيد كوفي عنان إلى سفراء الدول الغربية إلى ... لماذا هؤلاء يقيمون قيامتهم؟ لأنهم خائفون من حزب الله.. لماذا هم خائفون من حزب الله؟ لأنه بعد أيام قليلة تأتي الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، وهم يخافون في هذا الوقت أن يقوم حزب الله بشيء يكون له انعكاسات وتداعيات على الانتخابات ونتائج الانتخابات ومزاج الناخب الإسرائيلي. بمعزل عما إذا كان حزب الله يريد أن يفعل شيء أو لا يريد، نحن لسنا معنيين بأن نطمئن أحدا.. لكن في الحقيقة هذا المشهد خلال 15 يوما والأيام القليلة المقبلة عبرة للبنانيين ولكل العرب.. كان الناس "طول عمرهم" يخافون من "إسرائيل"، وكذلك الشعوب والحكومات.. الحمد لله أتى يوم تخاف "إسرائيل" من أحد. أنا أؤكد حتى الذين اتصلوا بنا لم نطمئنهم ولم نخوفهم، لأننا لسنا معنيين بأن نقدم خدمات مجانية لعدونا.. لكن أستطيع أن أقول: من مفاخر لبنان والمقاومة في لبنان أن العدو الذي ما زال يحتل أرضنا ويحتجز أسرانا يجب أن يشعر بالخوف وبالقلق بشكل دائم.. هذا العدو يجب أن يفهم أن في لبنان مقاومة لا يمكن أن تترك أسراها في السجون، وأن في لبنان مقاومة لا يمكن أن تنسى أرضها المحتلة، وأن في لبنان مقاومة لا يمكنها أن تصبر على الاعتداءات وعلى الانتهاكات، ومن واجبه أن يخاف ويقلق.. وأنا أؤكد له أياً تكن جهوزيته واستنفاراته، أياً تكن الأيام والليالي، سوف يأتي اليوم الذي سنحقق فيه وعدنا لسمير القنطار وإخوانه في السجون.. للأسرى والمعتقلين باستعادتهم للحرية إن شاء الله. هذا وعد حقيقي ووعد حسيني نجدده في أربعين أبي عبد الله الحسين (ع)، بمنطق الصدق والإخلاص والعطاء والدم، ولذلك نحن لا يمكن أن نطمئن عدونا الذي يحتل أرضنا ويحتجز أسرانا وينتهك سيادتنا. لا يمكن أن نعطيه هذا الأمر، ويجب أن يبقى قلقاً.. اليوم زمام المبادرة في أيدينا وسيبقى إن شاء الله زمام المبادرة في أيدينا، على أمل أن نواصل الحوار الوطني وأن نتمكن من التوصل إلى نتائج مرضية للبنانيين، وتحقق المصالح الكبرى لنا جميعاً.
الانتقاد/ خطاب الامين العام ـ العدد 1154 ـ 24 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018