ارشيف من : 2005-2008
عون يرفض صفقة رئاسية من "14 شباط":نصف ولاية مقابل "رأس المقاومة"
هل بات محسوماً أن رئيس الجمهورية العماد إميل لحود باق في منصبه حتى آخر يوم من ولايته الممددة في تشرين الثاني من العام ألفين وسبعة القادم؟
وهل انقطعت السبل بفريق الرابع عشر من شباط وبات عاجزاً بالكامل عن تحقيق أي نتيجة تسقط الرئيس لحود الذي يواصل هجومه السياسي المضاد والناجح على هذا الفريق، أم أنه لا زالت بعض الأوراق في حوزة فريق الرابع عشر من شباط يمكن أن يلعبها في اللحظة الحرجة لإحداث التغيير الذي يتمناه؟ هذه التساؤلات فرضتها بقوة نتائج الجولة الخامسة من مؤتمر الحوار الوطني التي انعقدت يوم الاثنين الماضي، والتي أظهرت حجم العقبات أمام إحداث أي تغيير رئاسي. وهو ما دفع المتحاورين إلى تحديد موعد نهائي لبت هذا الملف سلباً أم إيجاباً في الجلسة القادمة المقررة في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، حسبما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري في مؤتمره الصحافي في ختام الجلسة.
تشير الأوساط المتابعة لمجريات مؤتمر الحوار الوطني عن قرب، إلى أن المعطيات الحاصلة على أكثر من صعيد تؤكد بقاء رئيس الجمهورية العماد إميل لحود حتى آخر ولايته الممددة، وتتوقع أن يعلن المتحاورون في الجلسة المقررة آخر نيسان فشل التوافق على إحداث تغيير رئاسي، والانتقال إلى مناقشة قضية الاستراتيجية الوطنية الدفاعية في مواجهة التهديدات الصهيونية للبنان.
وترى هذه الأوساط أنه اضافة إلى التعقيدات الإقليمية والدولية بشأن التغيير الرئاسي في لبنان، فإن طريقة تعاطي قوى الرابع عشر من شباط مع هذا الملف جعلها تصل إلى الطريق المسدود، لكونها سعت إلى إحداث تغيير يؤمن المصالح السياسية لهذا الفريق بما يؤدي إلى استكمال الانقلاب الذي انطلق مع الانتخابات النيابية العام الماضي، وليس تحقيق مصلحة وطنية بالتوافق مع جميع القوى السياسية الفاعلة، وهو ما جعل هذا الفريق مرتبكاً وعاجزاً عن مقاربة الملف بصراحة على طاولة الحوار، بعكس الفريق المقابل الذي تمثل بحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر الذي دعا فريق 14 شباط إلى كشف أوراقه وتقديم مرشحيه على الطاولة، وهو ما لم يحصل برغم تكرار هذا الطلب في أكثر من جلسة.
لكن هل بات محسوماً فشل الحوار حول التغيير الرئاسي؟ وهل استخدمت قوى 14 شباط كل أوراقها وطروحاتها؟
المصادر الواسعة الاطلاع تؤكد أن هذه القوى وصلت فعلاً إلى الطريق المسدود في إكمال الانقلاب عبر إسقاط رئيس الجمهورية، حيث سقطت بداية لغة الشارع التي استخدمت في 14 شباط، ولم يكن هناك أي أثر لعريضتي الإكراه وعدم دستورية التمديد والعريضة "الشعبية" المتنقلة بين المناطق. حتى أن تعويل فريق 14 شباط على تمرير التغيير الرئاسي عبر مؤتمر الحوار من خلال برنامجه الخاص ومن دون الاعتراف بالواقع السياسي والشعبي للقوى المقابلة يفشل في تحقيق أهدافه.
وأمام كل هذه العقبات تكشف مصادر سياسية واسعة الاطلاع عن "مشروع ـ صفقة" طرحته قوى الرابع عشر من شباط خلال الأيام الأخيرة قدمت فيه تنازلات جزئية في الملف الرئاسي علّها تحقق بعض أهدافها.
ما هي حيثيات هذا المشروع ـ الصفقة؟
"الانتقاد" علمت من مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن قوى 14 شباط طرحت على رئيس التيار الوطني الحر النائب العماد ميشال عون صفقة تقضي بأن يتولى الأخير رئاسة الجمهورية مدة ثلاث سنوات ـ أي نصف ولاية ـ مقابل التزامه بالبرنامج السياسي لهذا الفريق، وتحديداً نزع سلاح المقاومة وسلاح المخيمات الفلسطينية. وتلفت المصادر إلى أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لمّح إلى معالم هذا المشروع على طاولة الحوار عندما تحدث عن أن العماد عون هو المرشح الأقوى على الساحة المسيحية، وطرح ما أسماه خارطة طريق للرئيس المقبل، بحيث يتعهد بسحب سلاح المقاومة ونزع السلاح الفلسطيني، وإصراره على ترسيم الحدود في مزارع شبعا.
ولفت في هذا السياق انفتاح العديد من قوى 14 شباط مؤخراً على التيار الوطني الحر وزيارة العماد عون في الرابية والحديث عن أنه مرشح جدي للرئاسة، وصولاً إلى الغداء الذي جمع الأخير مع رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع في الوسط التجاري بعد جلسة الحوار الأخيرة.
مصادر نيابية في كتلة التغيير والإصلاح أكدت "للانتقاد" أن قوى الرابع عشر من شباط تقدمت بهذا العرض للعماد عون، لكنه رفضه.
وبذلك يمكن القول إن فريق 14 شباط قد فشل بشكل كامل في تحقيق أهدافه على صعيد التغيير الرئاسي، وعليه من الآن وصاعداً أن يتعايش مع رئيس الجمهورية العماد إميل لحود حتى آخر ولايته الدستورية.
وهنا يلفت أكثر من مصدر إلى أن الرئيس لحود بات مرتاحاً جداً لوضعه، خصوصاً بعد الإنجاز الوطني الكبير الذي حققه في الخرطوم، وهو لن يرضى بعد الآن بالاستقالة حتى لو توافقت على ذلك جميع القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب.
هلال السلمان
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1156 ـ 7 نيسان/أبريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018