ارشيف من : 2005-2008
الخلوي: لماذا انقلبت "ليبانسيل" على تسوية مع الحكومة؟ طابوريان: تعديل الحكومة الحالية البند الخامس من الاتفاق خرّب التسوية
حسين عواد
الخلوي من جديد في الواجهة.. وهذه المرة من باب الحجز على سندات الخزينة اللبنانية بالعملات الأجنبية في نيويورك واللوكسمبورغ وباريس ولندن والمقدرة بـ1200 مليون دولار من أجل ضمان حقوق شركة "ليبانسيل" اللبنانية في الخارج تنفيذاً للقرار التحكيمي الذي ربحته ضد الدولة اللبنانية وتعويضها بـ266 مليون دولار، علماً بأن هذا القرار كان صدر في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي!
جملة من الأسئلة تتزاحم في ذهن المواطن حول الأسباب التي دفعت الشركة إلى طلب الحجز في هذا التوقيت، ولماذا انقلبت شركة "ليبانسيل" على التسوية التي توصلت إليها مع وزير الاتصالات السابق ألان طابوريان؟ لماذا رفض رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تلك التسوية التي توصل إليها وزير الاتصالات السابق مع الشركة وقضت بتخفيض تعويضاتها من 266 مليون دولار إلى 156 مليون دولار، بدل أن تلجأ الشركة إلى المطالبة بتنفيذ القرار التحكيمي بحق الدولة؟ وهل بإمكان الدولة أن تعيد الاعتبار من جديد إلى التسوية التي أُبرمت سابقاً، أم انها باتت مجبرة على دفع التعويضات بالكامل؟ من يتحمل مسؤولية ضياع المال العام والإساءة إلى سمعة لبنان في الخارج؟ وهل يتحمل لبنان مثل هذا الأمر؟
هذه الأسئلة وغيرها حملتها "الانتقاد" إلى الوزير السابق ألان طابوريان الذي قدّم مكاشفة مع كل من الشركتيين الخلويتين "فرانس تلكوم" و"ليبانسيل" عندما خاض معهما مفاوضات من أجل تسوية تعويضاتهما مع الدولة اللبنانية.
يقول طابوريان: "عندما تسلمت وزارة الاتصالات في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، طُلب مني حل النزاع القائم مع الشركتين الخلويتين "فرانس تليكوم" و"ليبانسيل" في الوقت الذي صدر فيه قرار تحكيمي لمصلحة الأولى وقضى بدفع تعويضات بقيمة 280 مليون دولار. إلا أنه خلال المفاوضات مع "فرانس تيليكوم" توصلت إلى خفض المبلغ إلى 96 مليون دولار على أن تدفع على ثلاث دفعات بواقع 32 مليون دولار ومن دون فوائد. وعندما انتقلت للتفاوض مع "ليبانسيل" لم يكن القرار التحكيمي قد صدر في حينه، فقلت لهم إننا كحكومة سنطبق مبدأ التعامل بالمثل، أي إعطاء التعويضات بالتساوي على غرار ما حصل مع الشركة الفرنسية، أي 96 + 112 (قيمة دفترية ) = 208 ملايين دولار (التعويضات الإجمالية) ووافقوا على ذلك، ولكن ليس على قاعدة الـ96 مليون دولار، بل على قاعدة 156 مليون دولار، (وهو ما توصلنا إليه في آخر المطاف) على اعتبار أن الشركة عند استردادها القطاع للدولة قبضت مستحقات (القيمة الدفترية) فقط 52 مليون دولار، في حين أن الشركة الفرنسية استحقت مبلغ الـ112 مليون دولار.. بمعنى أن الشركة الفرنسية وفق التسوية التي أُبرمت معها تكون قد استحقت مبلغ 208 ملايين دولار تعويضات إجمالية، في حين أن الشركة اللبنانية ـ وفق قاعدة الـ96 مليون دولار ـ لا تكون قد قبضت مستحقاتها بالمثل مع الشركة الفرنسية.. وقلت لهم يومها إنه وفق الحسابات العملية أنتم على حق، ولكن في السياسة هذا أشبه بالانتحار، لأن هناك من سيخرج ليقول إن الشركة اللبنانية قبضت مستحقات تفوق ما ستقبضه الشركة الفرنسية!
وتابع طابوريان: وفق الصيغة التي جرى التوافق عليها مع الشركتين: أي 96 مليون دولار للفرنسية و156 مليون دولار للّبنانية، أُرسل نص الاتفاق إلى مجلس الوزراء الذي كان في آخر أيامه، ونظراً لضخامة البنود المطروحة على جدول أعمال المجلس أُرجىء هذا الموضوع إلى حكومة السنيورة.. وخلال الفترة الانتقالية بين حكومتي ميقاتي والسنيورة صدر قرار التحكيم لمصلحة شركة "ليبانسيل" في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وقضى بدفع مبلغ قدره 266 مليون دولار.
في حينه اجتمعت مع الرئيس السنيورة على عجل ووضعته في صورة الأجواء التي توصلت إليها مع كل من الشركتين، وكان ذلك بحضور وزير المال جهاد أزعور، ولاحقاً اجتمعت بوزير الاتصالات مروان حمادة ووضعته في الأجواء أيضاً.
ولكن ما الذي حصل بعد ذلك؟
يقول طابوريان: "في 17/ 11/ 2005 فوجئت بالوزير حمادة يقدم مشروع مصالحة لمجلس الوزراء يتضمن تعديلاً في "البند الخامس" من الصيغة السابقة، وهذا التعديل يقوم على ربط اتفاقية "فرانس تيليكوم" مع "ليبانسيل". وهذا برأيي خرّب الاتفاقية من أساسها، لأن الحكومة لن تكون قادرة على تطبيق الاتفاقية، خصوصاً أنها اعتبرت أن أي مبالغ إضافية تتقاضاها شركة "ليبانسيل" يفترض أن تتقاضى مثلها الشركة الفرنسية، وهذا غير صحيح، لأن الأخيرة ـ كما ذكرنا ـ كانت قبضت مستحقات استرداد القطاع للدولة بقيمة 112 مليون دولار، في حين أن الشركة اللبنانية قبضت مبلغ 52 مليون دولار فقط، أي بفارق 60 مليون دولار! بمعنى أن الصيغة التي توصلتُ إليها مع الشركتين هي التي تضمن حقوق الطرفين، وهي على الشكل التالي: "فرانس تلكوم": 112 مليون دولار + 96 مليون دولار = 208 ملايين دولار.
"ليبانسيل": 52 مليون دولار + 156 مليون دولار = 208 ملايين دولار.
وتابع طابوريان: "مع التعديل الجديد للبند الخامس سنكون أمام مشكلة كبيرة، وهي أن أي مبالغ إضافية ـ وهي نظرية ـ تعطى للشركة اللبنانية سيقابلها مطالبة من جانب الشركة الفرنسية! بمعنى أننا سندور في حلقة مفرغة لا يمكن الخروج منها، باعتبار أننا سنجد طرفاً يجري حساباته على أساس التعويضات الإجمالية (أي 208 مليون دولار)، في حين أن الطرف الآخر يجري حساباته على أساس تعويض اليوم!
ويضيف طابوريان: إزاء هذه المغالطات الكبيرة أصدرت بياناً توضيحياً توجهت به إلى الحكومة، إلا أن الرد جاء من قبل الوزير حمادة مدعياً أن معطياتي خاطئة!
أما البند الآخر الذي أضيف على الصيغة الأساسية وشكل علامة استفهام كبيرة بالنسبة الى طابوريان، فهو تغريم الدولة اللبنانية ببنود جزائية اذا تأخرت عن دفع مستحقاتها لكل من الشركتين، وتصل إلى 40% من قيمة التعويضات!
أما السؤال الآخر الذي طرحه طابوريان فهو: لماذا جرى إعفاء الشركتين من ضريبة الدخل التي تصل الى 25%، ما حرم خزينة الدولة من أموال مستحقة؟! وسأل: لمصلحة من؟؟
أما الحل لهذه المعضلة ـ يتابع طابوريان ـ فيكون عبر خيارات ثلاثة:
ـ إما القبول بالمصالحة على أساس 96 مليون دولار، وهذا لن تقبل به "ليبانسيل".
ـ وإما الانتظار سنتين، على اعتبار أن البند الخامس يبطل مفعوله بعد انقضاء هذه المدة.
ـ وإما التنفيذ، وهو الخيار الذي لجأت إليه الشركة، أي إعطاؤها كامل التعويضات (266 مليون دولار).
وعند سؤاله عن رفض رئيس الحكومة صيغة التسوية التي توصل إليها، يحيل طابوريان سائليه إلى المعنيين ويسأل: هل كانوا ينتظرون أن يأتوا بحل أفضل؟! واعتبر أن طلب شركة "ليبانسيل" تنفيذ الحجز على موجودات الدولة اللبنانية يسيء إلى السمعة الاستثمارية في لبنان.
وعن سبب عدم لجوء الشركة إلى طلب تنفيذ هذا الحجز في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي يجيب طابوريان أن الشركة كانت في صدد انتظار أن تصدر الدولة اللبنانية سندات خزينة لكي يتسنى لها إلقاء الحجز، وبالتالي ضمان حقها.. مستبعداً لجوء الدولة إلى استئناف القرار نظراً إلى ضيق هامش المناورة.
الانتقاد/ محليات ـ العدد 1157ـ 14 نيسان/ ابريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018