ارشيف من : 2005-2008

عدالة في الغرم!

عدالة في الغرم!

سعد حمية‏

تجاوز الدين العام في لبنان سقف الـ40 مليار دولار، والبعض يحدده بـ46 مليار دولار، فيما تجاوز عبء هذا الدين للعام الحالي المئتين في المئة نسبةً إلى إجمالي الناتج المحلي، وهو من الأرقام القياسية في العالم!‏

هذه "الثروة" المجازية والعدالة في توزيع أعبائها ستكون عنوان المرحلة المقبلة مع بدء الحوار حول ورقة الإصلاح الاقتصادي المعدة من الحكومة مع مختلف الشرائح السياسية والاقتصادية والعمالية.‏

والحديث عن "العدالة" هنا يأخذ أبعاداً مهمة لأننا نتحدث عن الغُرم الذي سيرتب أعباء إضافية على الفئات الشعبية التي لم يصبها الغُنم في مراحل النهوض وإعادة الإعمار سابقاً، وكأن القدر كتب على هذه الفئات الدفع من حسابها مرتين في السرّاء والضرّاء!‏

استدعاء العدالة في هذه العجالة ليس إلا نتيجة ما احتوته الورقة الإصلاحية في بعض بنودها التي تجافي العدالة وتنحو باتجاه سلب حقوق ومكتسبات الشرائح الفقيرة من العمال والموظفين الذين ناضلوا لنيلها طيلة عقود طويلة، وبذلوا في سبيلها الصبر والعرق والدماء.‏

الوصفة الإصلاحية الجديدة لا تختلف عن الوصفات المعلبة سابقاً، وهي تختزل المأزق الاقتصادي في لبنان في الدين العام، وتركز على إجراءات تهدف إلى تصحيح مالية الدولة عبر زيادة الضرائب القائمة أو استحداث المزيد منها، ورفع الدعم عن السلع الحيوية وتحرير المشتقات النفطية وإسقاط ديمومة العمل عبر التعاقد الوظيفي، وهو ما ينذر بالوقوع في دوامة جديدة من اللااستقرار الاجتماعي بعد الهزات السياسية العنيفة التي شهدها لبنان خلال العام المنصرم.‏

الوضع الاقتصادي وإصلاحه هذه المرة يتطلب مزيداً من الدقة والتروي، وربما المطلوب هذه المرة أن يتم التفكير جدياً بإعادة هيكلية هذا الاقتصاد وإعادة الاعتبار للقطاعات المنتجة التي يمكن أن تضع لبنان على سكّة التنمية الحقيقية، وإن أخذ هذا الأمر بعض الوقت.‏

الانتقاد/ مجرد كلمة ـ العدد 1157ـ 14 نيسان/ ابريل 2006‏

2006-10-30