ارشيف من : 2005-2008
تداعيات ما بعد الثامن والعشرين من نيسان:هل يتولى الصفدي رئاسة الحكومة الانتقالية المرتقبة؟
يعود القادة السياسيون المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني إلى الاجتماع اليوم حول الطاولة المستديرة في مقر المجس النيابي لاستكمال النقاش في الملف الرئاسي "وإغلاقه". ومن ثم سيشرعون في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية الوطنية في مواجهة التهديدات الصهيونية الدائمة للبنان، وربما يجري تأجيل هذا البحث إلى جلسة مقبلة.
وبين الجولة الخامسة التي انعقدت يوم الاثنين في الثالث من نيسان الحالي وجلسة اليوم في الثامن والعشرين منه حصلت تطورات ومواقف عديدة ستكون مدار تقويم وبحث على طاولة الحوار.
ومن أهم ما جرى، إقرار قوى الرابع عشر من شباط ببقاء رئيس الجمهورية العماد اميل لحود في سدة الرئاسة حتى نهاية ولايته في تشرين من العام ألفين وسبعة. ومنها الحرب الكلامية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. اضافة الى التصعيد السياسي الذي شنه رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.
ومن هذه المعطيات زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى واشنطن ولقاؤه الرئيس الاميركي جورج بوش وأركان ادارته، وما لقيه من حفاوة فائقة وصفها العديد من الأوساط السياسية "بالمريبة". هذا إضافة الى محاولة بعض قوى الرابع عشر من شباط "تأويل" مؤتمر الحوار ما لم يقله أو يجري التوافق عليه مثل ملف "ترسيم الحدود".
كيف تتوقع بعض الأوساط المتابعة سير جلسة اليوم؟
في الملف الرئاسي فإن هذه الجلسة هي الجلسة الأخيرة وفي ختامها سيتم الإعلان عن فشل التوصل الى توافق، وبالتالي فإن الرئيس لحود باقٍ حتى آخر ولايته بإقرار الجميع. وهذه هي النتيجة الطبيعية المتوقعة إلا إذا حصل شيء آخر ليس في الحسبان. وفي كلا الحالتين فإن قوى الرابع عشر من شباط باعتبارها تشكل الأكثرية النيابية مطالبة بموقف حاسم من أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، وأن لا تبقى في العموميات بهدف إخفاء الخلافات بين أركانها، والمطلوب تحديداً موقف من ترشيح النائب العماد ميشال عون، وماذا سيكون موقفها في حال طلب منها عون تحديد رأيها من ترشيحه؟ وهي إذا كانت حاولت إثارة البلبلة مؤخراً بين التيار الوطني الحر وحزب الله عبر هذا الموضوع، فإن الرد جاء واضحاً في كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى اعتقال عميد الأسرى في سجون العدو سمير القنطار حيث أعلن سماحته أن إجابة حزب الله ستبلغ على طاولة الحوار من مسألة ترشيح العماد عون إذا أيّدت قوى الرابع عشر من شباط هذا الترشيح رسمياً على الطاولة، لكن المصادر المتابعة تتوقع استمرار المراوغة من قبل هذا الفريق، وهو إذا لم يبق في العموميات فإنه قد يلجأ الى إعطاء سلة من المرشحين للرئاسة يكون العماد عون من ضمنهم.
"ما بعد 28 نيسان"
في كل الأحوال، فإنه مع النتيجة المتوقعة بإعلان فشل التوافق على الملف الرئاسي ستكون البلاد أمام مرحلة سياسية جديدة تختلف معطياتها ومتطلباتها عن المرحلة السابقة. فما هي معالم هذه المرحلة؟
مصادر متابعة تجيب أن المعطى الأول هو فشل قوى الرابع عشر من شباط في تحقيق التغيير الرئاسي الذي كانت جيشت له كل طاقاتها، وبالتالي فإن "اللغم السياسي" قد انفجر بهذا الفريق، وأكثر من تضرر بشظاياه رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع عندما "دعس" عليه بضربه المواعيد لهذا التغيير لكنه تبين أنه سراب.
وكانت نتيجة هذه المعركة "هزيمة سياسية محققة لقوى الرابع عشر من شباط". وعليه لا بد من أن تدفع فاتورة سياسية خلال المرحلة المقبلة بعدما عجزت عن إكمال الانقلاب.
المعطى الآخر للمرحلة الجديدة سيكون انتقال التيار الوطني الحر من حالة إعطاء الفرصة للحكومة لكي تتمكن من تحقيق الإنجازات، وهي التي استمرت قرابة عشرة أشهر، الى حالة المعارضة الفعلية والفاعلة والسعي لإسقاطها بكل الوسائل المشروعة ومنها اللجوء الى الشارع، وهو ما صرّح به أكثر من مسؤول في التيار الوطني الحر مؤخراً.
ومن هذه المعطيات، الجبهة السياسية الوطنية المعارضة التي يجري العمل على قدم وساق لولادتها خلال شهر أيار، وهي ستشكل جبهة قوية ومنظمة ضد الحكومة وقوى الرابع عشر من شباط، وبرنامجها تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
"التغيير الحكومي"
أمام هذا الواقع ماذا سيجري على الساحة السياسية وما هي المخارج وهل تستطيع الحكومة مواجهة هذه التحديات وغيرها، وهل تستطيع أن تعيش حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد إميل لحود خريف العام المقبل؟
مصادر متابعة تشير الى أن كل هذه التساؤلات طرحت في الكواليس وعلى مستوى سياسي ودبلوماسي عالٍ، وجرى البحث في المخارج التي تؤمّن استمرار الاستقرر السياسي خلال الفترة المقبلة. وقد طرحت عدة "سيناريوهات" كان أهمها السير في التغيير الحكومي. وتشير المصادر الى أن هذه النقاشات تناولت عملية تقويم الأداء وتعاطي رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع الملفات السياسية وغيرها، وسقطاته المتكررة في أكثر من ملف سياسي، والتي كان آخرها ما جرى في السودان. وتلفت الأوساط الى أن "غطاءً عربياً" مهماً رفع عن السنيورة لمصلحة التغيير، وهذا حصل قبل سفره الى الولايات المتحدة في "زيارة الإنعاش" لفريق الرابع عشر من شباط.
"الاسماء"
لكن من هي الأسماء التي طرحت في الكواليس لرئاسة الحكومة البديلة المرتقبة؟
تجيب الأوساط أنه كان من البديهي أن يجري طرح اسم النائب سعد الحريري ليتولى رئاسة الحكومة الجديدة بالأصالة بعدما تولاها السنيورة بالوكالة. وظهرت إشارات موازية بأن سوريا التي يبدو أنها رافضة لزيارة السنيورة الى دمشق ترحب بزيارة يقوم بها النائب سعد الحريري لمعالجة ملف العلاقات بين سوريا ولبنان.
ويقال ان الحريري ناقش مسألة إمكانية ترؤسه حكومة جديدة، لكن المرجح أنه حسم خياره بعدم ترؤس أي حكومة في ظل بقاء رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، وبالتالي هو لن يترأس أي حكومة قبل الاستحقاق الرئاسي خريف العام المقبل.
الاسم الآخر الذي تم وضعه في التداول لإمكانية ترؤس حكومة انتقالية في المرحلة المقبلة هو اسم الرئيس نجيب ميقاتي، وقد جرى الحديث عن هذا الأمر في كواليس السياسيين، وهو ما لاقاه الأخير بإعلان مواقف تؤهله لتولي مثل هذا المنصب عبر إعلانه أنه لن ينضم الى الجبهة المعارضة التي يجري العمل على تشكيلها، لكن بعض المصادر تشير الى أن حظوظ ميقاتي قليلة في تولي حكومة انتقالية، وأن طرح اسمه في التداول كان من قبيل القنابل الدخانية أو لغاية "الحرق" من قبل بعض الأطراف.
اسم ثالث يطرح بجدية في الكواليس هذه الأيام لتولي حكومة انتقالية في حال حصول التغيير، وهو وزير الأشغال ورئيس التكتل الطرابلسي النائب محمد الصفدي، وهنا تلفت بعض الأوساط الى أن الخطاب السياسي الذي اعتمده التكتل في المرحلة الأخيرة جاء متوازناً في أكثر من ملف، وانتقد بعض أخطاء فريق الأكثرية.
وترى هذه الأوساط أن الصفدي يمكن له في حال تولي رئاسة حكومة انتقالية أن يشكل حالة وسطية بين قوى الرابع عشر من شباط وقوى الثامن من آذار، اضافة الى انفتاحه على التيار الوطني الحر.
لكن أكثر من مصدر يشير الى أن التغيير الحكومي لا تزال دونه عقبات أساسية، منها خوف قوى الأكثرية من فقدان أكثرية الثلثين في أي حكومة جديدة، خصوصاً في حال انضمام التيار الوطني الحر اليها، إلا أنه دون الموافقة على التغيير الحكومي عواصف سياسية وشعبية تتحضر لها قوى أساسية معارضة في مواجهة الحكومة، والسؤال سيكون الى متى والى أي مدى يمكن لهذه الحكومة أن تتحمل هذا المعطى الجديد.
بكل الأحوال فإن مرحلة ما بعد الثامن والعشرين من نيسان الحالي مقبلة على بلورة واقع سياسي جديد لن يكون في مصلحة قوى الرابع عشر من شباط، وما على هذا الفريق الا معرفة كيفية الحد من خسائره المتتالية.
هلال السلمان
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1159 ـ 28 نيسان/أبريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018