ارشيف من : 2005-2008
إرجاء "الحسم السلبي" لموضوع الرئاسة لامتصاص التشنج:"لقاء الأرز"… إعادة تموضع داخل قوى 14 شباط
أظهرت نتائج الجولة الخامسة من مؤتمر الحوار الوطني التي انعقدت في مقر المجلس النيابي يوم الجمعة الماضي في الثامن والعشرين من شهر نيسان بحضور جميع القادة السياسيين، العديد من الحقائق السياسية، وكوّنت معطيات جديدة للمرحلة المقبلة برغم إرجاء "الحسم السلبي" لملف رئاسة الجمهورية والإبقاء على نقاشه إلى الجلسة المقبلة المقررة في السادس عشر من شهر أيار الجاري.
مصادر متابعة ترى أن المعطى الأول الذي أفرزته جلسة الجمعة الماضية، هو رغبة جميع الأطراف بإبقاء طاولة الحوار "كمتنفس" للاحتقان السياسي الحاصل في البلاد. ومن هنا جاءت الرغبة في عدم الحسم السلبي لملف الرئاسة حتى لا تذهب الأمور نحو مزيد من التشنج، ومن ثم تقطيع الوقت لأطول مدة ممكنة في ظل نوع من التهدئة يفرضها استمرار الحوار على الطاولة المستديرة، وهو أمر ترغب به قوى الرابع عشر من شباط بعدما أعلن التيار الوطني الحر أنه بصدد خوض معارضة فعّالة ضد الحكومة بعدما انتهت فترة السماح التي اعطاها لها، والتي استمرت نحو عشرة أشهر.
ومن نتائج الجلسة سقوط رهانات بعض قوى الرابع عشر من شباط على ايجاد شرخ في العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر برئاسة العماد ميشال عون من مدخل ترشيح العماد عون، وموقف حزب الله من هذا الترشيح. وتجدر الاشارة هنا إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان قد دعا قبل الجلسة الأخيرة رداً على هذه المحاولات قوى الرابع عشر من شباط إلى تسمية العماد عون مرشحاً رئاسياً، ثم يأخذون موقف حزب الله من هذا الترشيح على طاولة الحوار، لكن الذي جرى ـ وكما توقعت "الانتقاد" الأسبوع الماضي قبل الجلسة ـ فإن قوى الرابع عشر من شباط لجأت إلى طرح رزمة من المرشحين بدل تحديد موقفها مباشرة من ترشيح العماد عون، وهو ما ترجم بأنه رفض عملي ونهائي لترشيح العماد عون لمنصب رئاسة الجمهورية.
ومع هذه النتيجة بدا أن قوى الرابع عشر من شباط قد اصطدمت بالحائط المسدود في الملف الرئاسي برغم عدم الإعلان الرسمي عن إغلاق هذا الملف.
"لقاء الأرز"
هذا الحائط المسدود استدعى حركة سياسية لأكثر القوى المتضررة من هذا الفشل، وتحديداً القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، وهو ما تجلى باللقاء الذي جرى في منزل جعجع في الأرز، وحضره عدد من الشخصيات المسيحية المنضوية في فريق الرابع عشر من شباط، وفي مقدمتهم النائبان بطرس حرب ونايلة معوض، والنائبان السابقان نسيب لحود وفارس سعيد، لكن العديد من التساؤلات طرحت في الأوساط السياسية عن مدى تأثير هذا اللقاء على الساحة المسيحية، وعما اذا كان يشكل معادلة سياسية جديدة على هذه الساحة؟
الأوساط المتابعة تلفت أولاً الى أن هذا اللقاء عقد في أعقاب تصريح للبطريرك الماروني نصر بطرس صفير قال فيه ان جميع الطوائف قد حسمت أمرها وحددت خياراتها ما عدا الطائفة المارونية. وتذكّر الأوساط برعاية بكركي للقاء قرنة شهوان الذي كان يضم جميع هذه القوى التي اجتمعت في الأرز، لكن لم يصدر أي دعم علني من قبل بكركي لهذا اللقاء، وان كانت متعاطفة معه بشكل مبطن. وترى الأوساط أن هذا اللقاء هدف إلى محاولة تجميع القوى المسيحية في فريق الرابع عشر من شباط في مواجهة التيار الوطني الحر، وتقدر أنه سيبقى متأخراً عن إحداث أي تحول على الساحة المسيحية التي تبقى بأغلبيتها مؤيدة للتيار الوطني الحر، وهو ما تؤكده أوساط التيار وتصريحات مسؤوليه حيث تعتبر أن هذا اللقاء هو لقاء القوى التي وصلت إلى الحائط المسدود في الملف الرئاسي.
وتشير هذه الأوساط أيضاً إلى أن هذا اللقاء هدف إلى وقف حالة التداعي في صفوف مسيحيي الرابع عشر من شباط على خلفية الملف الرئاسي، لأن عدم تحديد مرشح واحد يبقي حالة الوئام المؤقت موجودة بين هذه الأطراف.
ومن نقاط الضعف التي تسجلها هذه المصادر على لقاء الأرز هي غياب الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل ونجله وزير الصناعة بيار الجميل.
وفي هذا السياق ترى الأوساط المتابعة أن الجميل ـ وحزب الكتائب ـ بدأ منذ فترة يجري عملية تقويم للأداء السياسي لقوى الرابع عشر من شباط، وهو لاحظ في هذا المنحى أن الخيار الرئاسي لدى هذا الفريق رسا تقريباً على النائب السابق نسيب لحود، بينما لم يكن الرئيس الجميل خياراً جدياً لديهم، فضلاً عن أن لحود ساحته السياسية هي المتن الشمالي، وهي نفس الساحة لوجود آل الجميل، ما يعد منافساً لهم في تلك المنطقة على الصعيد السياسي، وبناءً على هذا التقويم أجرى الجميل عملية مراجعة سياسية كان من نتائجها اتخاذ مواقف تضمن مصالحه السياسية، ومنها إبقاء خط انفتاح وتواصل مع التيار الوطني الحر، مع التذكير أن هذا التيار كان قد ترك مقعداً شاغراً في المتن الشمالي في الانتخابات النيابية التي جرت العام الماضي، وفاز بهذا المقعد النائب بيار الجميل. وتلفت الأوساط في السياق عينه إلى حضور نائب حزب الكتائب انطوان غانم الاحتفال المركزي الذي أقامه حزب الله في مجمع سيد الشهداء في الرويس لمناسبة المولد النبوي الشريف، وذلك في الوقت الذي كان يواصل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط هجومه على حزب الله.
وجاء غياب حزب الكتائب عن لقاء الأرز ليوضح الصورة أكثر فأكثر في عملية إعادة التموضع برغم اعلان حزب الكتائب ان الغياب كان لأسباب عائلية.
وفي الخلاصة ترى المصادر أن لقاء الأرز الذي جمع مسيحيي الرابع عشر من شباط سيبقى تأثيره محدوداً على الساحة المارونية، وهو هدف إلى وقف التداعي في صفوف هذا الفريق بعد وصوله إلى الحائط المسدود في الملف الرئاسي.
هلال السلمان
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1160 ـ 5 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018