ارشيف من : 2005-2008

من أوراق الجرائد اللبنانية ...

من أوراق الجرائد اللبنانية ...

صحيفة السفير:

الاختبار الجبلي

كتب جوزف سماحة

الأكثرية النيابية الجديدة في لبنان شبه معروفة. وظيفة الانتخابات هي التدقيق في ملامح الصورة. تشذ بعض دوائر الجبل عن هذه القاعدة. فوظيفة الانتخابات فيها التدقيق في حجم المعارضة.

زكّت بيروت نهج الشهيد رفيق الحريري. وضعت المدماك الأول في بنيان السلطة القادمة بنواتها الصلبة والراجحة وبتحالفاتها الجدية والطرفية.

زكّى الجنوب نهج المقاومة. ضرب طوقاً حول <<حزب الله>> وسلاحه لن يكون ممكناً اختراقه في المدى المنظور على الأقل. وإلى ذلك فإنه ثبّت موقع الرئاسة الثانية في الشراكة اللاحقة أو، على الأقل، قلّل من الخسائر التي كان يمكن أن تلحق به. وليس مستبعداً، في ظل ما نشهد، أن يتقدم الحزب نحو المشاركة المباشرة في السلطة امتداداً للتحالفات التي ارتضاها.

لا تقول لنا الانتخابات التزكية في بيروت والجنوب جديداً بالنسبة إلى العام 2000 وحتى إلى ما قبل ذلك. إن <<إعادة الإعمار>> و<<المقاومة>> هما المشروعان اللذان طبعا لبنان منذ مطالع التسعينيات. تعايشا بيسر أو بصعوبة، وها هما عائدان مع تحولات في موقع كل منهما: حرية حركة أكثر للأول واحتمالات حصار للثاني.

ربما كان التغيير الوحيد حتى الآن، وهو سيستمر، هو استيعاب بعض القوى السياسية المسيحية المحجوبة عن الشرعية والتي كانت مستبعدة سابقاً. يحصل ذلك باسم ضرورات <<المصالحة الوطنية>> وفي سياق <<انتفاضة الاستقلال>>، ويمكن له، منطقياً، أن يترجم نفسه في حكومة <<وحدة وطنية>> تشارك فيها <<القوات اللبنانية>> وغيرها.

ستتضح الصورة الإجمالية أكثر في انتخابات الأحد القادم (يتوجب تكرار الشكر لميشال عون فلولاه لأكلت التزكية الناس). سيحصل ذلك جزئياً. فنتائج دائرة الشوف، المحسومة سلفاً، ستعزز نتائج بيروت. ونتائج البقاع الشمالي، المحسومة سلفاً، ستعزز نتائج الجنوب. نتائج البقاعين الأوسط والجنوبي لن تدخل أي تعديل جوهري ولن يكون لها معنى إلا بقدر ما تؤكد أو تشكك في الانتشار الوطني لتيار <<المستقبل>>. ولن تخرج الحصيلة في هذه الدوائر عن كونها استكمالاً للتدقيق في صورة السلطة الجديدة وأرجحيتها النيابية.

لذا من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى دوائر بعبدا عاليه والمتن الشمالي وكسروان جبيل. إذا كان من جديد يحصل فهو سيحصل هنا. وإذا كان ألق الانتخابات مرتبطا باحتمال المفاجآت فهو محصور في هذه البقعة (بانتظار رسو الأوضاع الشمالية).

المواجهات الانتخابية في هذه الدوائر مهمة استثنائياً لأنها، خلافاً لغيرها، عنصر أساسي في تحديد وزن المعارضة التي بات واضحاً أن <<التيار الوطني الحر>> سيشكّل عمودها الفقري.

يحاول عون، في الجبل الشمالي، قياس تياره حيال أطياف المعارضة المسيحية السابقة والمؤتلفة والتي تؤهل نفسها لتكون <<شريكة>> في السلطة الجديدة. أي أنه يريد البرهنة على أنه الناطق الأول باسم القاعدة المسيحية الأوسع في المركز التاريخي لفاعليتها. إن معركته هي مع ما يعتبره <<الجناح الضعيف>> في السلطة الناشئة لأنه لا يرى فيه نداً للشركاء الآخرين الأمر الذي يحرمه من القدرة على أي تمايز باتجاه <<التغيير>>.

أما في بعبدا عاليه فالنكهة مختلفة. فالدائرة هي مجال لاستعراض القوة في منطقة مختلطة ومتوازنة ديموغرافياً إلى حد ما. ولذلك فهي تشكّل الحيز الذي يُخرج عون من النطاق المسيحي ليقدمه بصفته زعيماً <<وطنياً>>، أو، على الأقل، زعيماً ذا طموحات وطنية مشروعة. والخصم في هذه <<الموقعة>> ليس سوى وليد جنبلاط أحد أبرز أقطاب السلطة الجديدة وأحد الذين بنوا زعامتهم فوق قاعدة طائفية صلبة لم تمنعه من نسج علاقات وثيقة مع بيئات طائفية أخرى.

يصعب توقع النتائج. قد تأتي شديدة الالتباس. وربما يندلع نقاش حول وجوب إحصاء النواب أم إحصاء الأصوات. ولكن، في كل الأحوال، يمكن التوافق على معيار تقويمي.

يعتبر عون خاسراً إذا مُني بهزيمة موصوفة في بعبدا عاليه، وإذا لم يحصل على عدد مقنع من المقاعد في المتن الشمالي وكسروان جبيل. في المقابل يعتبر عون رابحاً إذا انتزع أرجحية واضحة في الدائرتين المسيحيتين وإذا نجح في إحداث اختراق في بعبدا عاليه.

لكل واحدة من النتيجتين آثارها على المشهد السياسي اللاحق وعلى التوازن بين السلطة الناشئة وبين المعارضة المتوقعة. إن هذا الواقع هو امتياز ممنوح، بشكل خاص، إلى ناخبي هذه المنطقة علماً أن الكثيرين بينهم يشكون منه بحجة أنه دليل انقسام وضعف حيال توحّد وقوة الآخرين.

لقد تحوّل عون إلى <<شريط لاصق>> تلتئم قوى وتتحالف ضده بسهولة فائقة (من <<حزب الله>> إلى <<القوات>>). ومع أن قدرة هذا الائتلاف على الاستمرار مدعاة تساؤل فالواضح أنها تفضل الاختلاف، إذا اختلفت، في غياب <<التيار>>.

صحيفة السفير:

شالوم في نيويورك.. ولارسن في دمشق!

كتب جورج علم

زار وزير خارجية اسرائيل سيلفان شالوم الامم المتحدة قبل أيام، وطالب صراحة بنزع سلاح <<حزب الله>>. وكانت ردّة الفعل ان كلّف الامين العام كوفي أنان ممثله الخاص تيري رود لارسن <<بالسعي الى لقاء الرئيس بشار الاسد في اقرب وقت ممكن>>. السؤال: ما هي الرسالة التي يحملها؟، وما هو مضمونها؟.

المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك يؤكد <<بان أنان يرغب بان تواصل الامم المتحدة العمل مع الحكومة السورية بشكل وثيق لضمان التطبيق الكامل للقرار 1559>>.

منطقي هذا التأكيد من وجهته التقنيّة، لأن لارسن هو الشخصية التي اختارها الامين العام، سابقا، لمتابعة تنفيذ القرار الدولي، اي أنه مكلف بمهمة سابقة لاحقة. كما انه منطقي من الوجهة السياسيّة ايضا، انطلاقا من سؤال افتراضي: لماذا هذا التكليف المفاجىء، والفوري؟، ولماذا سوريا، وقد اعلنت سابقا بأنها قامت بكل ما هو مطلوب منها، ونفّذت ما يتعلق بها من القرار 1559؟.

هناك في الوسط الدبلوماسي الغربي من يتحدث عن <<رسالة متعددة الاغراض يحملها لارسن الى الرئيس السوري، لا تتعلق فقط بصواريخ <<حزب الله>> في جنوب لبنان، بل بصواريخ <<سكود>> السورية المتطورة، وبمصير ومستقبل عملية السلام>>، وان اختيار لارسن لهذه المهمة، كونه مفاوضا برغماتيا ناجحا، ثم كونه موضع ثقة من قبل المسؤولين السوريين.

يراقب المسؤولون باهتمام هذا التكليف المفاجىء للارسن. دون تحديد اي موعد ( حتى بعد ظهر امس) لزيارة قد يقوم بها الى بيروت، على الرغم من ان هذا الاحتمال وارد جدا، كون لبنان المعني مباشرة بالقرار 1559، ومندرجاته. الا ان الاولوية عندنا، لا تزال للانتخابات، كما سبق ان حددها الموفد الدولي، ولا تزال لانتاج مجلس نيابي جديد، ومن ثم حكومة جديدة تتقدم من هذا المجلس ببيان وزاري يحدد الخطوط العريضة لسياستها الداخلية والخارجية، وتحديدا موقفها من القرار 1559، وسلاح المقاومة.

الحرص الدولي على العملية الديموقراطية، لا يوازيه الا الحرص الاوروبي، وحشد المراقبين على متابعة سير الانتخابات، خير دليل، وبوسع هؤلاء ان يسجّلوا انها في الجنوب أنتجت مبايعة واسعة للمقاومة وسلاحها، الا ان ردت الفعل الاميركيّة لم تكن الاشادة بهذه المبايعة، ولا بديموقراطيّة الانتخابات، بل بتجاوز متعمّد لكل ما أنجزه هذا الاستحقاق في الجنوب، والتاكيد مجددا على سلاح <<الحزب>>، وفق مرجعية القرار الدولي.

هذا الموقف الاميركي كان كافيا، للأشارة الى أن سيلفان شالوم قبل أن يصل الى نيويورك، قد مرّ <<معنويّا>> بواشنطن، وتاكد من دعمها، ومؤازرتها قبل ان يخاطب أنان في ما بعد عارضا عليه سلّة من الشروط والمطالب، وان مهمة لارسن في دمشق لا يمكن الاّ ان تكون <<مرسملة>> بدعم أميركي، لكي يصبح لهذه المهمة وزن، وجدوى، ولا بدّ من ان تفتح بابا عريضا <<للأخذ والرد، وتاليا الحوار في ما بعد>>، لمواجهة الكثير من المواضيع المتداخلة، خصوصا وان الاميركيين يتفقون مع الاوروبييّن <<على ان سلاح حزب الله ليس شأنا لبنانيّا داخليّا>>، بل يدخل حكما في سياق المعادلة الدوليّة الاقليميّة، وبالتالي لا بدّ من ان تأتي المعالجة عن طريق الحوار مع الاطراف الخارجيّة المؤثرة، وايضا مع الداخل. فهل ينجح لارسن في وصل ما انقطع بين دمشق وواشنطن، أم ان الادارة الاميركية لا ترى بأن الوقت قد حان فعلا للحوار، وبان سياسة العصا هي التي يفترض ان تبقى سائدة في المنطقة؟!.

صحيفة السفير:

وطني... حتى إشعار آخر

كتب محمد شري

في لبنان، إما ان تكون ظالما او مظلوما، لا مكان لغير ذلك. إما ان تكون مهيمِنا او مهيمَنا عليه، لا مكان لغير ذلك، أما ان تكون عادلاً ومنصفا ومتوازنا فلا مكان لك في الحياة السياسية اللبنانية.

لا بد إلا ان تكون طائفيا ومذهبيا عندما تدعو الحاجة، مسلما كنت ام مسيحيا، وإلا فلا مكان لك سواء كنت متدنياً ام ملحداً.

وليست هذه الصفات حصرية بفئة من اللبنانيين دون الاخرى، فاللبنانيون بهذه المواصفات سواء، وهم بها فقط يتعادلون الا انهم يتبادلون الواقع والادوار في ما بينهم، تارة ظالمين واخرى مظلومين.

في الماضي غير البعيد استأثر ما عرف <<المارونية السياسية>>، وهي تعبير عن طبقة وليس طائفة، بالسلطة وكان هناك مواطن درجة اولى ومواطن درجة ثانية وآخر ثالثة.

في الماضي القريب جدا تم الحديث عن <<شيعية سياسية>>، تغيرت فيها الادوار وبقي هناك مواطن درجة اولى وثانية وثالثة.

اليوم يبدو اننا ندخل مرحلة ما يمكن ان يسمى <<سنية سياسية>> وسيبقى هناك مواطن درجة اولى وثانية وثالثة.

وهكذا دواليك تبعا لهوية الطائفة الاكثر ارتباطا واعتبارا لدى المرجعية الخارجية المعنية بالشأن اللبناني في كل مرحلة من المراحل.

ليس بين الطوائف والمذاهب اللبنانية من يمتاز عن الآخر بالكثير في ادعاء الولاء والاستقلال والصلاح وعدم الفساد وغلبة الحسابات الوطنية الجامعة على الحسابات الضيقة والخاصة.

أما الحوار الذي ينادي به الجميع فهو بين اللبنانيين حوار سلبي بمعنى انه عبارة عن اسئلة متبادلة ليس فيها جواب واحد. مثلا عندما نسأل ايا من رموز الطوائف عن الفساد لا ينشغل باثبات براءته بقدر ما يريد توجيه سؤال مقابل عن فساد رموز الطوائف الآخرين ليتحول الحوار عمن هو أكثر فسادا من الآخر.

عندما يطالب البعض باطلاق سمير جعجع فليس باعتبار انه بريء بل باعتبار ان الآخرين امثاله لم تتم محاكمتهم ولا التعرض لهم بل تمت مكافأتهم.

وكما يقول العماد ميشال عون ان قضية جعجع عدالة انتقائية، وبدلا من تعميم العدالة تتعطل العدالة تماماً كما عطلت ملفات محاكمة بعض الفاسدين بدعوى انها ملفات انتقائية كيدية وهو ادعاء صحيح.

كذلك عندما يدّعي الجميع نبذ الطائفية لكنهم <<مضطرون>> لاعتمادها رغما عنهم لان الآخرين كلهم طائفيون. وهكذا يشترك الجميع في الجريمة فتضيع المسؤولية، فالكل مشترك بدم هذا الصديق لكن المجرمين هذه المرة ليسوا الاشقاء بل هم الابناء؛ ابناء هذا الوطن دون استثناء.

في سيرة النبي الاكرم، ان قريشا اجتمعت ليلة الهجرة وقررت قتل محمد، وكي يضيع دمه قررت ان يشترك الجميع في قتله بضربة واحدة وانتدبت لذلك ممثلا عن كل الاعيان والافخاذ، لكن رحمة الله انقذت النبي العربي، فيما هذا الوطن العربي لا يجد من ينقذه من براثن هذه الطريقة العربية العريقة.

اللبنانيون شعب له مميزات ليس لها مثيل وهم قادرون ببساطة شديدة وآلية سريعة متطابقة مع عصر السرعة على تغيير قبلتهم السياسية من الشرق الى الغرب. لديهم من المرونة والقدرة على التكيف ما يمكنهم من التحول من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وبالعكس دون ان يكون لذلك اي انعكاسات خطيرة ذات شأن.

وهم انما ضحية الخارج كما يدعون، وانما هم مستهدفون من هذا الخارج اقليميا كان ام دوليا فيما يبدو ان الخارج ليس دائما عنصراً سلبياً بالكامل بل لعله كان دائماً هو الضامن لوحدة لبنان وليس العكس، بل لعل انتفاء الدور الخارجي يفضي تلقائيا الى انفراط او على الأقل تهديد الوحدة الوطنية المدعاة.

كثيراً ما نسمع ان الحرب اثبتت ان ايا منا لا يستطيع ان يلغي الآخر. هذا صحيح لكننا نادراً ما نسمع ان ايا منا لا يريد ان يلغي الآخر هو لا يستطيع لذلك سبيلاً لذلك لا بد لنا من العيش المشترك كأننا محكومون غصبا عنا بهذا العيش المشترك، وإلا فكيف نفسر ونحن في أوج اعراس <<الوحدة الوطنية>> و<<السيادة>> و<<الاستقلال>> منطق وقد <<أعذر من أنذر>> وحديث الهيمنة والغبن والتهميش وهو لا يخلو من حجة، لكن لحسن الحظ او لسوء الحظ لا ادري كان الموقف الاميركي والفرنسي غير ذلك فساهم في حفظ الوحدة الوطنية.

لبنان هذا الوطن الجميل الذي حباه الخالق بالجمال الطبيعي والاعتدال المناخي والموقع الوسطي اشبه ما يكون بفتاة جميلة لم تكتف بجمالها الطبيعي وحسن قوامها بل عملت على استخدام كل مساحيق التجميل وادوات الزينة للفت الانظار إليها واغراء المعجبين بها، وبدعوى الحرية الكاملة ارادت العيش متفلتة من كل الضوابط والقيود. يعجبها من المؤمن ايمانه ومن الثري ماله ومن الشاب شبابه ومن القوي قوته ومن المتعلم علمه، لكن لسوء حظها لا تجتمع هذه الصفات كلها في شخص واحد. وعندما يطمع بها احدهم تنادي بالشرف والعفة والشهامة. وهكذا هو وطني: فتاة لعوب وتريد الحفاظ على عذريتها وعفتها وتأبى الحماية من احد من اهلها بدعوى عدم تقييد حريتها، وتفضل عليهم دائما حماية <<البادي غارد>>. هكذا هو وطني... حتى اشعار آخر.

(*)اعلامي لبناني

صحيفة الشرق:

انتخابات الجبل والتوترات والانصهار الوطني في عكار

كتب عوني الكعكي

قد تكون المرحلة الثالثة من الانتخابات ـ عكس سابقتيها ـ هي الأكثر حماوة ، خصوصاً في دوائر الجبل، فقد تحوّل الصراع في هذه المنطقة إلى صراع مسيحي ـ مسيحي، وذهب الخطاب السياسي إلى أكثر مما ينبغي، ما يدعونا إلى الأسف الشديد.

... ربما نجد ان الإشكالية الكبرى في التقسيم الإداري للانتخابات تتمثل بدوائر الجبل، ما يدفعنا إلى رؤية القضاء كدائرة انتخابية ليس خياراً صحيحاً على الاطلاق، وجمع قضاءين مثل بعبدا ـ عاليه ليس الحل الأمثل كذلك، وتبدو المحافظة أفضل الممكن لأنها ـ على الأقل ـ تخفّف إلى حد كبير من خطاب التطرف، وإثارة النعرات والحساسيات.

... وأشد ما يلفت في هذا المعنى هو مجيء السيدة ستريدا جعجع إلى عكار، وهذا أمر غير ممكن لو لم تكن بشري مع عكار في دائرة انتخابية واحدة، ولو كانت الانتخابات قائمة على أساس ضيق، وستريدا مرشحة في قضاء بشري فقط لما حضرت، ولما صفق لها أهل عكار بدعوة من النائب المنتخب سعد الحريري.

هذا هو الانصهار الوطني في معزل عن أي موقف آخر، ولو تمت إعادة النظر في التقسيمات الإدارية ـ كما جاء في اتفاق الطائف، وجرت الانتخابات على أساس المحافظة وبتساو بين جميع المناطق ـ لاستطاع اللبنانيون فعلياً تجاوز الطائفية والطوائفيين على قاعدة حاجة المرشح المسلم الى المقترع المسيحي، والعكس صحيح تماماً.

... نُسجل هنا للنائب المنتخب سعد الحريري انه حقق انجازاً كبيراً في تحقيق الانصهار، فمن خلال رعايته لتشكيل اللوائح، وحرصه الشديد على التعاون مع الجميع، ستكون النتيجة الحتمية وفاقاً وطنياً صحيحاً، والمصالحة بين اللبنانيين، ستكون الأكثر جدية منذ انتهاء الحرب اللبنانية.

... ان ما فعله «تيار المستقبل» برئاسة سعد الحريري له أكبر الإيجابيات على الاطلاق، ولعل أهمها يتجسد في انكفاء الخطاب المتطرف لمصلحة الخطاب المعتدل.

... يحضرني هنا العماد ميشال عون، الذي لم يأت إلى لبنان ـ على ما يبدو ـ إلا لافتعال حال لا وفاقية بين اللبنانيين، وكأنه ـ بكل أسف ـ قد صدّق نفسه بأنه مثل هتلر، قادر على فعل أي شيء يرغب فيه، والأنكى من ذلك انه لا يترك فرصة إلا ويستغلها مدعياً بأنه هو الذي حرّر لبنان ... لكن ممن وكيف؟ ومتناسياً ان من حرّر لبنان من الاحتلال الإسرائيلي هي المقاومة الوطنية اللبنانية، وان استشهاد الرئيس رفيق الحريري أدى إلى هذا المتغير الإيجابي الذي أعاد إلى اللبنانيين حاجتهم إلى التكاتف والوحدة، فالرئيس الشهيد كان في حياته رمزاً للوفاق الوطني، وحقق باستشهاده أرقى مشاهد الانصهار الوطني.

... لقد حرّر الرئيس الشهيد رفيق الحريري الإنسان اللبناني، وأعاد إليه طموحاته الكبيرة، وثقته بوطنه وبقدراته على البناء والإعمار، وحين كان ميشال عون يتمتع بالربوع الباريسية طوال خمسة عشر عاماً، كان الشهيد رفيق الحريري يصنع خلالها معجزة إعادة البناء والإعمار، ولم يكن له أي همّ سوى تحصين الوحدة الوطنية اللبنانية.

صحيفة النهار:

... وحزب اللـه؟

كتبت سحر بعاصيري

اليوم "حماس"، وغدا - من يدري؟- ربما "حزب الله"، على اختلاف وضعهما السياسي و لكن لتشابههما في التصنيف الاميركي "الارهابي" لكليهما.

الجديد اليوم هو اعلان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قبيل وصوله الى اسرائيل ان بلاده أجرت اتصالات مع "حماس" في الاراضي المحتلة، علمًا ان "حماس" مصنفة على قائمة الاتحاد الاوروبي للمنظمات الارهابية منذ 2003.

صحيح ان سترو حاول ان يضع الاتصالات في اطار "المعضلة" التي ـأوجدها النجاح الذي حققته "حماس" في الانتخابات البلدية. ذلك ان جزءا أساسيا من عمل الديبلوماسيين اينما كانوا، كما قال، هو ان يلتقوا أشخاصا منتخبين، وعندما يتوجه ديبلوماسي الى بلدة ما فإن عليه ان يتحدث مع رئيس بلديتها، و"لقد حصل ذلك في مناسبتين- مناسبتين فقط".

لكن الواقع ان كشف الاتصالات هو تعبير عن توجه غربي جديد حيال حماس يتبلور منذ مدة تقوده أوروبا وتحاول ان تأخذ معها أميركا اليه. ويبدو ان أوروبا التي وضعت "حماس" على لائحة الارهاب بضغط من أميركا واسرائيل أعادت النظر في موقفها بعدما اقتنعت بان التشدد في هذا المجال لايفيد.

واسبابها لذلك كثيرة: تلاحظ نفوذا سياسيا متصاعدا لـ"حماس" ان في النتائج التي حققتها في الانتخابات البلدية وأو في النتائج المتوقعة لها في الانتخابات النيابية التي تأجلت الان، واعتدالا لدى العديد من مرشحي الحركة أو من تدعمهم. تدرك مدى الحاجة الشعبية والدعم الكبير للخدمات الاجتماعية التي تقدمها "حماس" أو تمولها. وطبعا تقدر التقاء كل هذا مع قبول "حماس" اتفاق الهدنة.

ويبدو ايضا ان السعي الاوروبي الى موقف أميركي مرن من "حماس" أثمر اشارات سبقت الكلام الذي يتردد عن واقعية جديدة مفادها ان إدخال "حماس" في السياسة سيهمش العسكريين فيها. ولعل الاشارة الاولى الاقوى حتى الان كانت في 26 أيار عندما لم يطلب الرئيس جورج بوش من الرئيس محمود عباس في البيت الابيض تفكيك ما يسميه بنى الارهاب وان ذكّر بان الحركة "تنظيم ارهابي"، بل ركز على الانتخابات قائلا: "نريد ان يشارك الجميع في التصويت".

وليس مصادفة ان يكون هذا الكلام أزعج اسرائيليين كثرا يومها واعتبروه تجاهلا أميركيا كاملا للتحليل الاسرائيلي بان عباس لم يفعل شيئا لضرب الارهاب. كما ليس مصادفة ان يستقبل وزيرالخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم نظيره البريطاني بتصريح يصر على ابقاء "حماس" على اللائحة الاوروبية للارهاب وهو الذي يجهد لضمان ادخال "حزب الله" اليها.

هذه مؤشرات تغيير محتمل في الموقف الاميركي وهذا ليس بالامر البسيط. فاذا نجحت أوروبا التي تصنف "حماس" تنظيما ارهابيا في تغييرالموقف الاميركي منها، يصير من باب اولى لها وهي التي لا تصنف حزب الله تنظيما ارهابيا ان تسعى الى القيام بنقلة مماثلة مع أميركا حياله. وهذا في أي حال يستحق المراقبة.

صحيفة النهار:

موج البحر... وأسماكه

كتب راجح الخوري

السياسة امزجة وشعارات استساغة وردات الفعل اسلوب شخصي. وهكذا ما اثار في الجنرال ميشال عون الاستياء يثير في الرئيس نبيه بري المفاخرة.

انه "التسونامي" الذي دخل اللغة الانتخابية في لبنان على خلفية المأساة التي شهدتها دول عدة في المحيط الهندي.

لم يكن وليد جنبلاط يقصد الاساءة الى عون عندما قال: "غدا يأتي التسونامي". كان المقصود محاولة الاشارة الى ان شعبية عون جارفة مثل "التسونامي"، لكن الجنرال رد بشكل غاضب جدا، فلم يفهم جنبلاط ولا فهم الناس لماذا الغضب والعتب.

نبيه بري انهى انتخابات الجنوب بإبدال شعاراته التي صارت تثير في الناس حنقا ومرارة. لقد بدا الحديث دائما عن "البوسطة" و"المحدلة" وكأنه يعكس نوعا من التجبّر، لذلك قفز ابو مصطفى الى شعار بحري جديد قد يكون فيه نوع من "الشاعرية".

اذاً ذهبت "المحادل" الى الاستيداع ورفعت البوسطات عن الطرقات، ليس لان الناس لم يعودوا من "الحصى" الذي يتم سحقه ولا لانهم باتوا شيئا من غير "الزفت" الذي يُعبِّد طرق البوسطات، بل لان الانتخابات اللبنانية صارت مثل الطوفان وسفينة نوح.

"انتصارنا ليس محدلة بل هو موج البحر" يقول بري، وهو ما يعني اننا امام مفاخرة صريحة بـ"التسونامي الشيعي" الذي اكتسح اقلام الاقتراع في محافظة الجنوب، وخلّف الذين "نافسوا" التحالف بين "امل" و"حزب الله" جثثا سياسية طافية على ضفاف "النهر الهدّار".

طبعا لم تكن عمليات التصويت جنوبا تتم من منطلق المفاضلة بين متنافسين، فالقانون السيىء، اي قانون عام 2000، اسقط جوهر عملية تجديد التمثيل العام وتحول مسخا لارادة الاقليات حتى الاقلية الشيعية المعارضة لواقع "الاستقطاب الثنائي". كان التصويت بمثابة اعلان موقف شيعي من القرار 1559 وسلاح "حزب الله". وعندما اندفع "موج البحر" لم يجرف هذا القرار ولا اغرق بنوده، بل جرف المفهوم البسيط لديموقراطية التمثيل العام. كان الامر محسوما اصلا من خلال القانون الجائر وعبر التحالف الساحق بين اكبر قوتين شيعيتين، وعندما اعلنت النتائج كان صراخ الضحايا في جزين يعانق صراخ الضحايا في مناطق جنوبية اخرى، من الذين ظنوا ان في وسعهم ان "يسبحوا" وسط التيار الجارف.

***

واذا كان لا بد من ملازمة الاطار الرمزي في الحديث عن الانتخابات، من زاوية الاشارة الى "التسونامي الجنوبي"، فإن من الضروري التطرق الى واقع العملية الانتخابية في جبل لبنان التي ستجري يوم الاحد المقبل.

هناك رابط رمزي بين "موج البحر" في الجنوب و"اسماك البحر" في الجبل، حيث تسود في الواقع شريعة "الاحياء المائية" عندما يأكل السمك بعضه بعضا. واذا كانت الاسماك الكبيرة تأكل الصغيرة كما هو معروف، فإن اسماك الانتخابات في "الاكواريوم المسيحي" تحديدا تنهمك في نهش بعضها بعضا، متساوية الاحجام والاوزان ومتباينة والى حد ان البزري يخال ان له انياب القرش!

في هذا السياق ليس هناك من لا يدّعي انه من الحيتان الكبيرة وانه قادر انتخابيا على التهام خصومه. وعلى هذا الاساس دب الصراع الانتخابي بين ابناء العائلة الواحدة وبين الاشقاء، وثمة من يحار في الامر الذي تجددت اجواؤه، وخصوصا عندما يتذكر اهالي كسروان ايام "حرب الالغاء" وما اثارته من الحيرة والمرارة والآلام.

وفي غياب البرامج الانتخابية الواضحة والحوافز التي تشكل اساسا لبناء اقتناعات المقترعين، تداخلت الصورة الانتخابية وتناقضت فلم يعد في وسع الكثيرين ان يتخذوا قرارا من مسألة المفاضلة بين المرشحين.

وعلى هذا الاساس يمكن القول ان الانتخابات في الجنوب، كانت مثل "شم النسيم" لان الناس تحشدوا وراء موقف واضح يشكل استفتاء على موقع الطائفة وقوتها ووحدتها في مواجهة القرار 1559 وسلاح "حزب الله"، بينما تبدو الانتخابات التي ستجري في الجبل بمثابة مسيرة شاقة للمقترعين وسط حقل من الاشواك والالغام.

واذا كانت "الادبيات العونية" في المسألة الانتخابية قد اتخذت شكل "مطهر" يواجه المرشحين، من منطلق رغبة الجنرال في تأكيد القول: "الامر لي"، فان الناس وجدوا انفسهم يتقلبون داخل هذا المطهر، طبعا على وعد بـ"الجنة"، التي ستسبقها اقامة حساب الآخرة العسير للذين اخطأوا في الارض.

***

من الجنوب الى الجبل يحضر "التسونامي" جارفا شيعيا ومدمرا ومشرذما مسيحيا. والحديث عن انعكاس "موج البحر" في الجنوب على ديموقراطية التمثيل العام، هو تماما مثل الحديث عن حال الديموقراطية مع "اسماك البحر" في الجبل.

وفي ظل قانون عام 2000 وما سبقه من هدر للمهل الدستورية، وتلاه من إثارة للمشاعر الطائفية وذرف لدموع "المسيحيين الجدد" على حقوق الطوائف المسيحية ويا للغرابة، لا يغالي المراقب اذا قال، ان الديموقراطية غاطسة الآن في "البحر الميت"!

صحيفة النهار:

كتاب مفتوح... إلى "أبي جمال" !

كتب غسان تويني

"... إن الشعوب التي تُحكمُ بعقلية ترتكز على ردود الفعل والانفعال (...) محكومة بتعطيل مسار نموها وتقدمها وتبقى بعيدة عن خط الانطلاق نحو تحقيق طموحاتها..."

أخي أبا جمال،

قد تستغرب – والقرّاء قد يستغربون – توجهي اليك بهذا الكتاب المفتوح في مناسبة استقالتك من كل مسؤولياتك في الحزب والسلطة في سوريا الشقيقة... ومتوّجاً بكلمات من فكرك وأدبك!

تذكرتُ يوم التقينا صدفة في أحد أروقة قمة الجزائر، فشكرتك لأنك جئت للتعزية بالصديق المشترك الكبير، أبي بهاء. وقلت لك انني تأثرت لأنني رأيت عينيك تغرورقان بالدموع. فتركتني وذهبت. أدركت آنذاك أنك لا بد مستقيل يوماً .

لم أحزن. ولم أفرح. فقط مضيت في التأملات أستعيد السنوات الثلاثين وأكثر التي كنا نلتقي خلالها، غالباً لمناقشة تقارب المقارعة أحياناً (هل تذكر ليلة طويلة في القصر الجمهوري في بعبدا، ذات شباط، إثر وضع "الوثيقة الدستورية"، يوم تركني الرئيس فرنجية الذي كان يودّك كثيراً شبه وحيد في مفاوضتك، فمضت الليلة ولم نتفق، وانت آمر قوة الردع الحول القصر، وأنا ليس في متناولي أن آمر حارساً خارج الباب! فكيف نتفق؟). ومرة أخرى، هددتنا بأنك ستضم لبنان بكامله الى سوريا، اذا استمر البعض يعمل على ما قد يؤدي الى تقسيم لبنان!

رزق الله... المهم ان لبنان لا يزال، وليس فيه لا من يظن بعد أنه قابل للتقسيم، ولا من يخاف ان تضمه سوريا اليها، لا طوعاً ولا قسراًً !

***

بسيطة، مرت الايام، ولا نزال ننتظر أن نتفق.

تريد أن أصارحك، ولو علناً؟

أنا فرحتُ لك باستقالتك، لسببين:

أولاً، لأنك كنت دائماً تهددني بمذكراتك وتتحداني أن أنشرها. ثم تعلن انك تنجزها بعد ترك الحكم. لعله آن الأوان، ولو زادت عن العشرة آلاف صفحة التي قلت من سنة انها بلغتها. بالله، تفضل. أنا أنتظر.

ثانياً، لأن الذين يستقيلون في بلادنا قلائل، فاذا بك منهم. وقد حزنت كيف يتصدى لك صحافي لا أعرفه، ثم تحاول الدكتورة بثينة شعبان وزيرة "الحرس الجديد" نفي الخبر، فلم يأبه لها أحد. ترى، هل ممنوع عليك الاستقالة وسيمنعونك كما في بعض "التجمّعات"؟ نتكل على صمودك، وعلى كبر عقلك، وعلى كونك في النهاية ديمقراطياً، حتى عندما "تقارع" في المناقشة... لأننا نعرف، ولو لم يدرك ذلك بعض "الحرس الجديد" أمثال... أمثال من؟ لن اسمي... نعرف أن في عميق ايمانك ما عبّرت عنه مرة، في منتدى فكري في بيروت قائلاً:

"أكثر ما يقلق ويؤلم ويخيف ان العدوان الذي تتعرض له هذه الأمة هو من داخلها، عبر التخلّف والظلم والتسلّط ومصادرة الارادة".

وأظنك، وأنت تستقيل، كنت تتمنى لو يقرأ هذا الحرس كتابك عن الديمقراطية!

الى لقاء أرجوه قريباً، حينما يتاح لنا، ربما في مطبعة وربما في "زاروب" (والكلمة منك)، نتذاكر عن الظلم و"مصادرة الارادة"!!!

وننشر معاً رايات التصدّي لـ"الظلم والتخلف"، ولو بالاستقالة...

أية استقالة، لا يهمّ، إلا الاستقالة من الكلمة ومن الحياة الحرة.

فاسلم لأخٍ يحبك أكثر مما تظن ويظنون.

صحيفة النهار:

مبارك لا يعرف ماذا يفعل !

كتب سركيس نعوم

عن قطر ايضا تحدث مسؤول سابق رفيع في الادارة الاميركية قال: "حكام قطر والمملكة العربية السعودية ليسوا على علاقة طيبة في ما بينهم. قطر تخشى ومن زمان اطماع السعودية فيها. يجب التوصل الى تفاهم بين هاتين الدولتين الشقيقتين. هناك بعض الخلاف بين اميركا وقطر على قناة "الجزيرة" التلفزيونية. فهي عندها خط مباشر على "الارهاب" وتدافع عنه. نحن نقدر انفتاح "الجزيرة" علينا وظهورنا على شاشتها والاعلان عن مواقفنا عبرها. لكن ذلك لا يمنع انها تقوم بالدعاية للارهاب والارهابيين. بدأ ذلك اولا في افغانستان والشيء نفسه يحدث في العراق الآن والمسؤولون في قطر بدأوا يدركون خطورة هذا الامر وهم يعملون للتخفيف منه ولاسيما بعدما شعروا وتأكدوا ان الارهاب بدأ يصل الى ارضهم". وعن البحرين ايضا قال المسؤول السابق نفسه: "اكثرية الشعب في البحرين شيعية، وستعيش هذه الدولة دائما حالا من عدم الارتياح (Unrest) وستسير فيها دائما تظاهرات وستحصل تحركات احتجاجٍ متنوعة. وقد يكون للجمهورية الاسلامية الايرانية دور في ذلك. والهدف من ذلك الضغط على العرب واميركا لاقناعهم وتحديدا اميركا بتخفيف ضغطهم عليها. هناك مشكلة ثانية في البحرين هي وجود علاقات جيدة وربما ما هو اكثر من ذلك بين نافذين بحرينيين وربما البعض في الاجهزة الامنية وبين الارهاب المتمثل بتنظيم "القاعدة". ونحن نعرف ذلك بوسائل عدة. واحد ابرز الادلة على هذه العلاقة هو فرار المطلوبين السعوديين وغير السعوديين الناشطين في المملكة الى البحرين كلما تعرضوا لضغط امني سعودي او ملاحقة واسعة وحارة".

وعن دولة الامارات العربية المتحدة قال المسؤول السابق نفسه "انها دولة مهمة ومستقرة. كان هناك خوف عليها بعد رحيل مؤسسها ورئيسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. لكن هذا الخوف زال ويبدو ان الاوضاع فيها مستقرة. اما سلطنة عمان فالحال ماشية فيها. لكن هناك نوعاً من القلق او بالاحرى من الحذر والترقب بسبب عدم وجود وريث ظاهر للسلطان قابوس. وقد حضته في الماضي الرئيسة السابقة لحكومة بريطانيا مارغريت تاتشر على الزواج لانجاب وريث. الوضع في السلطنة جيد ومستقر. وهي بعيدة عن كل متاعب العالم العربي لان السلطة فيها تهتم بالشعب على نحو جيد".

ماذا عن مصر في واشنطن؟

تحدث المسؤول الاميركي السابق الرفيع نفسه عنها، قال: "الرئيس المصري حسني مبارك لا يعرف ماذا يفعل. انه يشتري وقتا. عندما كنا نتحدث مع اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات كان يشرح لنا الاوضاع والامور في بلاده بكثير من الواقعية والهدوء. انه رجل هادىء وبارد (Cool). تحدث عن "الاخوان المسلمين" المصريين وشرح حجمهم وخطرهم واكد ان السلطة تتصدى لهم. اما الرئيس مبارك فكان يقول: خلصنا منهم وضربناهم. وقد تبين لنا وللعالم اخيرا انهم لا يزالون موجودين وان قوتهم لا يستهان بها. واذا اجريت انتخابات حرة في مصر فان "الاخوان" سيفوزون فيها. عاملتهم السلطة بنصف ليونة وبنصف قوة. وقد عزز ذلك قوتهم. على مبارك اجراء اصلاحات جدية وليس اللعب على الاصلاح. فهو يطرح تعديلا دستوريا مهما لكنه يفرغه من مضمونه. في كل الاحوال ان اللواء عمر سليمان مهم. في اي حال انا لا افهم حتى الآن لماذا لا يزال نائب الرئيس المصري سابقا المشير ابرهيم ابو غزالة في الاقامة الجبرية. لقد كان جيدا". عن مصر ايضا قال مسؤول ابرز في الجمعيات والمنظمات اليهودية الاميركية: "ماذا يحصل في مصر وسياسة الرئيس مبارك تقضي بترك "الاخوان المسلمين" ينفسون عن احتقانهم بتظاهرة من هنا واخرى من هناك. لكن ما حصل اخيرا مقلق اذ سارت تظاهرات ضمت اكثر من عشرة الاف متظاهر. وتكاثرت التظاهرات في الشوارع ولم تجرؤ السلطات الامنية او القوى الامنية على منعها او وقفها. ويشكل ذلك مشكلة كبرى. الديموقراطية مهمة في مصر وكذلك خارجها. لكن يجب ترتيبها بحيث تطبق على الجميع وبحيث يعجز مَن تُوصله الى السلطة عن حرمان الاخرين اياها بعد وصوله اليها".

ماذا عن اليمن في واشنطن؟

وصف مسؤول اميركي متخصص رئيس اليمن علي عبدالله صالح بانه "ساحر". واضاف "انه تكتيكي وليس استراتيجياًً. عندما تسلم الحكم بالطريقة المعروفة لم يعتقد احد انه سيستمر فيه اكثر من بضعة اشهر. لكنه صمد. انه ماهر جدا. في اليمن شيء من الديموقراطية والقبلية والعشائرية. والسلاح متفشٍ فيه وكذلك الفساد. اما في موضوع الارهاب فان الرئيس صالح ادرك بعد عملية تفجير المدمرة "يو اس اس كول" ان عليه ان يفعل شيئا. فتحول الى محاربة الارهاب وخاض ولا يزال يخوض معارك جدية ضده بمساعدتنا. طبعا هو يحاول توظيف ذلك بغية الحصول على مساعدات اميركية لبلاده. السعودية تخشى اليمن والشعب اليمني. لليمن دور اقليمي مهم اولاً في القرن الافريقي ثم في منطقة الخليج". هل تنضم اليمن الى مجلس التعاون الخليجي؟ سألت. اجاب: "كلا. ربما في الامور الاجتماعية فقط. وربما كمواطنين يمنيين. وليس كسلطة او كدولة. دول مجلس التعاون تخاف اليمن".

ماذا عن تونس في واشنطن؟

اجاب عن ذلك مسؤول متخصص في الادارة الاميركية، قال: "في تونس حركة اقتصادية جيدة. وحركة نسائية ناشطة. لكن في موضوع الحرية السياسية هناك مشكلة مع رئيسها زين العابدين بن علي. الرئيس جورج بوش انتقد تونس مرات عدة بسبب ذلك. ونحن في كل الاحوال اشد قسوة على تونس في موضوع الحريات والديموقراطية من فرنسا".

ماذا عن ليبيا؟ يقال ان الليبراليين فيها مستاؤون من اميركا لانفتاحها على نظام العقيد معمر القذافي الذي لا علاقة له بالديموقراطية، رد: "هناك اولويات في سياسة اميركا. هل كان يجب ان نترك اسلحة الدمار الشامل في ليبيا وان لا نحل هذه المشكلة بسبب القضايا التي اثيرت؟ حللنا هذه المشكلة. وكان عملنا بالغ الاهمية. الا ان ذلك لا يعني اننا نعمل استثناءات. نحن تابعنا في ليبيا موضوع الحريات وسنتابعه وموضوع الديموقراطية والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ابلغنا ذلك الى المعارضين الليبيين. ليبيا مهمة في حربنا على الارهاب لاننا واياها نتعرض للارهاب نفسه. على ليبيا ثماني دعاوى قضائية بسبب اعمال ارهابية قامت بها. وهي مستعدة لتسويتها على النحو المطلوب. قد تحصل تسوية للمشكلة الليبية مع بلغاريا. لكن حصول الاخيرة على عضوية مراقب في الاتحاد الاوروبي قد يدفع اوروبا الى التشدد مع ليبيا وخصوصا بالنسبة الى هذه المشكلة. على كل حال زار معظم رؤساء اوروبا ليبيا لاسباب خاصة بدولهم اهمها اقتصادي. اما من اميركا فلم يزرها حتى الان الا موظفون رفيعو المستوى".

هل هزم الرئيس بوتفليقة الارهاب في الجزائر؟ سألت. اجاب المسؤول الاميركي المتخصص نفسه: "هزمه من الناحية الاستراتيجية. طبعا ستستمر بعض العمليات الارهابية في الوقوع. لكنها ستخف مع الوقت". هل هزم الرئيس بوتفليقة الجيش؟ سألت. اجاب: "اجرى مناقلات وتعيينات في الجيش الجزائري بعد استقالة الضابط الكبير محمد لعماري منه. ويدل ذلك على موافقة ما على سياسته وعلى امور اخرى". هل ستجد ازمة الصحراء الجنوبية حلا قريبا لها؟ سألت. اجاب: "لن تحل قريبا. لكن العلاقة بين الجزائر والمغرب بدأت تعود الى طبيعتها رغم بعض العقبات التي تظهر بين الحين والآخر. وعندما تكتمل هذه العودة لا بد ان يبدأ حوار بين الدولتين حول هذه المشكلة. في اي حال ان الصحراء الغربية لا تزال مشكلة ولم تتحول ازمة. لذلك فان الاهتمام بها سيستمر ولكن من دون سرعة او تسرع".

2006-10-30