ارشيف من : 2005-2008
أربع سنوات على اعتقاله في سجون العدو:والدة الأسير نسيم نسر تنتظر عند عتبة الدار
خيالها ناظر إلى السماء لترى "نسرها" طليقاً خارج القضبان..
أربع سنوات مضت على اعتقال الأسير نسيم موسى محمد نسر في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأمه لم تره منذ أكثر من أربعة عشر عاماً.. في بلدة البازورية الجنوبية التي تستعد غداً (السبت) لإحياء الذكرى الرابعة لاعتقال نسر، تنتظر والدة نسيم فالنتين الصايغ بفارغ الصبر، أن ينال ولدها الحرية ويعود مع أولاده إلى الوطن. مشاعر الفخر بابنها تختلط مع ألم الفراق، وأملها يبقى كبيراً وهي متفائلة بالوعد الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله لإطلاق جميع الأسرى. والعائلة أيضا تكبر هذا الإصرار على تحرير جميع الأسرى، وهو أول ما بادرت إلى التعبير عنه صراحة لـ"الانتقاد" التي زارت العائلة في البازورية لمناسبة الذكرى الرابعة على اعتقال نسيم.
الأسير نسر البالغ من العمر 38 عاما توفي والده بعدما أعلن عن اعتقاله عبر وسائل الإعلام بأربعين يوما، وفي قلبه أمنية واحدة هي أن يرى ابنه حراً طليقاً.. لكن القدر كانت له مشيئته، فارتحل عن هذه الدنيا من دون أن تتحقق هذه الأمنية. والدة الأسير فالنتين صايغ تمنّي النفس أن لا تموت كما مات زوجها من دون أن ترى ابنها.
معالم الحزن على وجه والدة نسيم تبدو عميقة وهي على باب بيتها تنتظر عودة ابنها منذ أربعة عشر عاما عندما توجه الى فلسطين المحتلة. تسرح في خيالها ناظرة إلى السماء لترى "نسرها" طليقاً خارج القضبان. تعود بذاكرتها إلى 3 حزيران عام 2002، وهو تاريخ لن تنساه، لأنه اليوم الذي اعتقل فيه ولدها بتهمة العمل لمصلحة المقاومة في لبنان، وحوكم بالسجن ستة أعوام مع إمكانية التجديد تحت عنوان السجن الإداري!
تقول والدة نسيم: "أملي كبير وكبير جدا بحزب الله الذي سيقوم بإطلاقه مع الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.. أنا أفتخر بابني نسيم، وإذا كان قد ساعد المقاومة فهذا مدعاة افتخار لنا كعائلة وبلدة وجنوبيتين. نحن صابرون ومنتظرون، ونتمنى أن يعود ولدنا مع زوجته وعائلته الى بلده".
تتابع وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "في الآونة الأخيرة لم أتلقَّ أي رد على الرسائل العديدة التي أرسلتها عبر الصليب الأحمر، سوى ذلك الاتصال الهاتفي القصير قبل أسبوعين!
الألم الذي يعتمل في صدر والدة الأسير نسر لا يقتصر على ابنها، إنما يتجاوزه إلى عائلته داخل فلسطين المحتلة، خصوصاً أن لا اتصالات معها هناك.. وعائلة نسيم مؤلفة من زوجة روسية الأصل وابنتيه، وابن من زواج سابق.
وتقول فالنتين: "أملي أن يُفرج عنه قريباً، وأطالب بعودته مصحوباً بأولاده الثلاثة وزوجته أيضاً".
أما عمران الشقيق الأكبر للأسير، فيشير إلى معاناة شقيقه التي ازدادت بعد الرسالة الصوتية التي أدلى بها الى إذاعة "النور" في عيد الأضحى المبارك. وقال: "ان أجهزة الاستخبارات الصهيونية نقلت الأسير نسر من زنزانته في سجن "تلموند" الى زنزانة افرادية، وقد انقطعت أخباره ولم يردنا منه إلا اتصال قصير قبل أسبوعين".
ويوضح عمران معاناة شقيقه هناك، حيث يتعرض لشتى أنواع التعذيب الجسدي والمعنوي بشكل شبه يومي من قبل سجانيه والسجناء الصهاينة الموجودين معه في السجن.. هذا فضلاً عن السجن الافرادي الذي يتعرض له بين الحين والآخر، والممارسات غير الإنسانية من ضرب وإهانات متكررة، وآخرها الاعتداء الوحشي الذي تعرض له اثر توجيهه كلمة عبر "إذاعة النور"، حيث كبّلوه بالأصفاد في سريره وانهالوا عليه بالضرب المبرّح.
ويناشد عمران كل الجهات التي تُعنى بحقوق الإنسان التدخل لوضع حد لهذه الممارسات التي فاقت وحشيتها حدود التصور الإنساني.
وقال: نطالب الدولة اليوم أكثر من أي وقت بالتحرك العاجل والفاعل والعمل على كل المستويات والمحافل الدولية للإفراج عن نسيم نسر ورفاقه. لماذا الصمت تجاه هذه القضية الإنسانية والوطنية على الرغم من مطالبتنا وعملنا الدؤوب بالتنسيق والتعاون مع اللجنة اللبنانية للأسرى والمحررين برئاسة الشيخ عطا الله حمود، الى جانب بقية عوائل الأسرى والمفقودين اللبنانيين في فلسطين المحتلة؟!
ويتابع عمران: "لقد قمنا بعدة اعتصامات ولقاءات مع كبار المسؤولين المحليين والدوليين، كان آخرها اللقاء الذي حصل في القصر الحكومي عبر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع ممثل الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، وجرى عرض معاناة الأسرى، ورفع مذكرة عبره الى الاتحاد الأوروبي للتدخل ومتابعة هذه القضية. كذلك مع الأمين العام المساعد للأمم المتحدة إبراهيم غمبري.. لكن للأسف أي تقدم لم يحصل على هذا الصعيد.
أملنا كبير بتحرير أسرانا عبر المقاومة التي أثبتت التجارب صدق وقوة عزمها الموصل الى تحرير أسرى لبنانيين وعرب مرات عدة. وهنا أيضا لا بد لي من الوقوف عند الدور المهم لفخامة رئيس البلاد العماد إميل لحود بالاهتمام بهذه القضية وبمصير هؤلاء الأسرى الذين قدموا أنفسهم في سبيل عزة وكرامة واستقلال لبنان وسيادته الحقيقية، الى جانب إخوانهم في المقاومة الشريفة والبطلة.
محمد جعفر
الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد 1166 ـ 16 حزيران/يونيو2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018