ارشيف من : 2005-2008
الإساءة إلى السيد نصر الله منسقة ضمن الحملة على المقاومة:حزب الله يحبط أهداف حملة الأكاذيب
ما هي النتائج التي انتهى اليها الفصل الجديد من فصول الاستهداف للمقاومة ورموزها، والذي انطلق الخميس الماضي عبر الإساءة للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله من خلال برنامج "بس مات وطن" على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال؟ وماذا حقق فريق الرابع عشر من شباط من خلال حملته السياسية الهوجاء التي بناها على كم كبير من الأكاذيب والافتراءات حول ما جرى من رد فعل شعبي عفوي ليل الخميس احتجاجاً على الإساءة للسيد نصر الله؟ وما هي الأهداف التي كان يسعى هذا الفريق إلى تحقيقها؟ وهل نجح في ذلك؟
ترى مصادر سياسية متابعة ـ بداية ـ أن تناول شخصية السيد نصر الله بشكل سيىء على شاشة الـ"الـ بي سي" لم يكن معزولاً عن السياق السياسي العام الذي ينتهجه فريق الرابع عشر من شباط وفقاً للإملاءات الاميركية منذ أشهر ضد المقاومة، والذي سعى في أكثر من محطة سياسية إلى محاولة النيل من قدسية المقاومة ورموزها، والحديث عن "قدسية وهمية" و"سلاح الغدر" وما إلى ذلك من النعوت التي دأب على تكرارها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، اضافة إلى التصريحات المتكررة لرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع.
وهنا تتساءل المصادر: لماذا لم يعمد هذا البرنامج إلى تناول شخصية السيد نصر الله قبل ذلك، علماً أنه يبث منذ سنوات عدة؟ ولماذا اختار هذا التوقيت الذي يشهد احتضاناً سياسياً ويترافق مع دخول جلسات الحوار في البند المتعلق ببحث الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان؟ وهنا تلفت المصادر إلى أن محاولة المس بالسيد نصر الله جاءت بعد الجولة السابقة من الحوار في السادس عشر من أيار الماضي التي قدم فيها مطالعة معمقة حول الاستراتيجية الدفاعية أبهرت الحاضرين على الطاولة، ولم يكن بمقدور أحد مواجهتها في لحظتها لما حوته من حجج منطقية دامغة. وقد أريد النيل من هذه الهالة ضمن الحملة المنسقة ضد المقاومة لإبعاد أي امكانية للتوافق حول الاستراتيجية الدفاعية التي تحمي لبنان.
وما يؤكد هذا المنحى بحسب المصادر السياسية المتابعة، هو مسارعة قوى الرابع عشر من شباط بعد تظاهرات ليل الخميس العفوية الى بث كم كبير من الأكاذيب والشائعات حول ما جرى بما يصب في خانة استهداف المقاومة ومحاصرتها. وقد برز ذلك من خلال خطوات عدة منسقة:
أولا: تمثلت بموقف وزير الاعلام غازي العريضي في اليوم التالي للتظاهرات، حيث رمى القوانين جانباً ووضع مظلة سياسية غطى بها ما ارتكبته المؤسسة اللبنانية للإرسال. وبذلك وضع نفسه كفريق سياسي خصم لحزب الله في السياسة في القضية، وهو ما شجع رئيس مجلس ادارة المؤسسة بيار ضاهر الذي زاره يومها في الوزارة على عدم تقديم اعتذار طلبه المجلس الوطني للإعلام، وكان يمكن أن ينهي القضية عند ذلك الحد، قبل أن يعمد المجلس الى رفع توصية لمجلس الوزراء وفق الأطر القانونية.
ثانيا: بيان لجنة المتابعة لقوى الرابع عشر من شباط الذي بنيت فقراته على جملة من الأكاذيب والافتراءات حول ما جرى ليل الخميس، لجهة الزعم أن تخريباً واعتداءً على المواطنين حصل في الأشرفية والطريق الجديدة، اضافة الى الاعتداء على مؤسسات عامة ومؤسسات سياحية.. وأُتبع هذا البيان برزمة من التصريحات لأفرقاء الرابع عشر من شباط لمحاولة تحويل هذه الأكاذيب الى حقائق عبر التصريحات المتتابعة.
ثالثاً: طريقة تعاطي وزير الداخلية أحمد فتفت الذي استقال من مسؤولياته وراح يغطي على ذلك ببيانات متناقضة كما جرى مع مسألة سامي الجميل نجل الرئيس أمين الجميل، وهي التي اعتمد بشأنها تحقيقات "غب الطلب" لينقلب على الحقائق التي وردت في تقرير وزارته الأول عن الأحداث.
هذا الكم الهائل من الأكاذيب والشائعات والتحريض الذي مارسه فريق الرابع عشر من شباط على مدى أيام عدة سعى عبره الى تحقيق ثلاثة أهداف بحسب المصادر السياسية المتابعة:
أولاً: محاولة نسف ورقة التفاهم الموقعة بين حزب الله والتيار الوطني الحر التي تشكل هاجساً مستمراً لفريق الرابع عشر من شباط، لكونها تفوت عليهم الكثير من مشاريعهم المشبوهة. وتمثل ذلك ببث الشائعات عن تعرض المواطنين في المناطق المسيحية، لا سيما الأشرفية وعين الرمانة، لاعتداءات من قبل المتظاهرين، وهو ما انكشف زيفه بعد البيان الأول الذي أصدرته وزارة الداخلية بناءً على طلب رئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، حيث تبين أن حجم الأضرار لم يتعدَّ تكسير زجاج بعض السيارات في مناطق ليست مسيحية، إضافة الى افتضاح أكاذيب سامي الجميل عندما أكد تقرير وزارة الداخلية أن الأخير تعرض للضرب من قبل عناصر الجيش اللبناني عندما حاول مع مجموعته التوجه نحو ساحة بشارة الخوري، وقد منعته القوى الأمنية من القيام بذلك. وفي هذا السياق بدا الرئيس أمين الجميل مرتبكاً لدى سؤاله بعد حديثه عن الأضرار في الأشرفية عن المسح الذي أجراه حزب الكتائب عن هذه الأضرار، فكان جوابه إحالة السائل على مستشفى رزق! علماً بأن هذا المستشفى استقبل جرحى بينهم نجله سامي الذي ضُرب من القوى الأمنية.
ثانياً: محاولة إثارة فتنة سنية شيعية تمثلت بما ورد في بيان لجنة المتابعة لقوى الرابع عشر من شباط، من أن منطقة الطريق الجديدة قد تعرضت لعمليات تخريب واعتداء على المواطنين، وساهم في هذه المزاعم وزير الداخلية أحمد فتفت الذي قال من بكركي ان الطريق الجديدة نالها النصيب الأكبر من التخريب.. لكن جولة ميدانية في تلك المنطقة أظهرت زيف هذه الادعاءات، وهو ما أكده أبناء تلك المنطقة بالصوت والصورة على شاشة قناة المنار.
الهدف الثالث الذي سعى لتحقيقه فريق الرابع عشر من شباط هو التصويت على سلاح المقاومة الذي يبقى نزعه حلماً يراود هذا الفريق، فجرى الزعم بأن بعض المتظاهرين كانوا يحملون سلاحاً، وهو ما كذبته التقارير الأمنية الرسمية، وبرغم ذلك أخذ هؤلاء يتحدثون عن هواجس ومخاوف من ارتداد هذا السلاح الى الداخل ليبنوا في ما بعد على هذا الأساس مواقفهم من الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار، وهذا ما باح به وزير الصناعة بيار الجميل وظهرت معه النيات الحقيقية على قاعدة "خذوا أسرارهم من صغارهم".
في مقابل هذا الكم من الاستهداف والافتراءات برزت حكمة حزب الله في التعاطي مع التطورات وفي تعطيل الألغام التي حاول وضعها الفريق "الشباطي"، وهو تحرك على أكثر من اتجاه بعدما انكشفت الحقيقة وبان زيف الادعاءات.
وبعد البيان الذي أصدرته اللجنة الاعلامية في حزب الله رداً على بيان قوى 14 شباط، توجه الحزب أولاً الى الرابية عبر وفد ضم عضو المجلس السياسي غالب أبو زينب ومسؤول لجنة التنسيق والارتباط وفيق صفا، حيث التقى العماد ميشال عون ووضعه في حقيقة ما جرى. ثم كانت زيارة الى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من قبل وفد ضم عضو المجلس السياسي الشيخ عبد المجيد عمار وصفا يوم الأحد الماضي ووضعه أيضاً في حقيقة ما جرى. كما جرت زيارة مماثلة في اليوم التالي من قبل أبو زينب وصفا للبطرك الماروني نصر الله صفير الذي كان متفهماً لموقف حزب الله. وتُوج الهجوم المعاكس لحزب الله على حملة فريق الرابع عشر من شباط بالمؤتمر الصحافي للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله يوم الاثنين الماضي، الذي فنّد فيه أكاذيب هذا الفريق ووضع فيه النقاط على الحروف.
وفي الخلاصة ترى الأوساط السياسية أن قوى الرابع عشر من شباط خرجت خائبة بعد فشل هذا الفصل الجديد من حملتها على المقاومة، حيث كانت النتيجة تكريس التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر بعدما جرى، وأصبح أكثر ضرورة، وهو ما لفت اليه الجنرال عون في مؤتمره الصحافي الذي عقده الاثنين الماضي، والذي أكد فيه أن ورقة التفاهم باقية ومستمرة ولن تنجح محاولات حرقها من قبل فريق الرابع عشر من شباط.
كذلك فإن من ظنوا أنه باستطاعتهم المس بالمقاومة من خلال ما جرى واهمون وسيصلون الى الفشل، وهذا ما أكده سماحة السيد نصر الله.
يبقى أن قضية الإساءة للأمين العام لحزب الله من قبل المؤسسة اللبنانية للإرسال لم تعالج بشكل صحيح بعد، وباتت الكرة في ملعب وزارة الإعلام والحكومة للتعاطي بمسؤولية ووفقاً للقوانين المرعية الإجراء لإنهاء ما حصل، وإلا فإن عدم سلوك الأمور في هذا الاتجاه سيضيف ملفاً جديداً الى السجل الحافل لقوى الأكثرية الذي يقدم الإملاءات الأميركية الصهيونية على أي مصلحة وطنية.
هلال السلمان
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1165 ـ 9 حزيران/يوينو2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018