ارشيف من : 2005-2008

حملة "عشرة الفجر" لدعم الشعب الفلسطيني:وفاء شعبي لدعوة المساندة

حملة "عشرة الفجر" لدعم الشعب الفلسطيني:وفاء شعبي لدعوة المساندة

على مدى عشرة أيام استمرت حملة دعم الشعب الفلسطيني التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تحت عنوان "والفجر وليال عشر" في احتفال عيد المقاومة والتحرير في مدينة صور، عشرة أيام لم تكن حصيلتها فقط مبلغاً من المال فاق التوقعات، بل أيضاً رسائل كثيرة منها ما هو موجه للشعب الفلسطيني من خلال التأكيد على الوقوف إلى جانبه ودعمه في صموده أمام الاحتلال الصهيوني، ومنها ما هو موجه للعدو الإسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية وكل الدول التي رفضت الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني، فراحت تضيق عليه وعلى حكومته من خلال قطع المساعدات وتهديد كل من يود المساعدة بوضع اسمه على "لائحة" تكبر يوماً بعد آخر، ومما لا شك فيه أنها أُثقلت خلال الأيام العشرة الأخيرة نظراً للإقبال الكبير على التبرع كل بحسب إمكانياته، ويبدو أن تلك اللائحة ستطول لأنه برغم انتهاء الموعد المحدد لحملة "عشرة الفجر" في الخامس من الشهر الجاري، إلا أن الاتصالات لم تتوقف على مركز هيئة دعم المقاومة الإسلامية لتقديم المزيد من التبرعات.‏

بيان ابن السبع سنوات أحضر مغلفاً وضعه أمام والده وطلب إليه أن يضع المال فيه، ومن بعد أن لبى الوالد طلب ابنه، سأله "لِمَ أردتني أن أضع مالاً في المغلف؟" أجابه بيان "كرمال السيد حسن"، حينها أراد الوالد أن يفسر لابنه بشكل أوضح إلى أين يذهب المال الذي تبرع به، وراح يقص عليه أخبار من هم في سنه في فلسطين المحتلة، اخبار أطفال حملوا بأيديهم حجارة بدل الألعاب، أخبار أطفال يعانون الحرمان والقتل والتدمير والتهجير... عندها قال ابن السبع سنوات "بابا كان لازم نحط مصاري أكتر".‏

هو مشهد من المشاهد الكثيرة التي حفلت بها الأيام العشرة لحملة دعم الشعب الفلسطيني التي حضرت لها هيئة دعم المقاومة الإسلامية في وقت قياسي، وهي الجهة التي كانت لها تجربة مميزة خلال عدوان تموز 93 ونيسان 96 من خلال الجهد الذي قامت به لجمع التبرعات، ولهذا فإنه لم يكد يطلق الامين العام لحزب الله مبادرته حتى بدأت التحضيرات والعمل الميداني في كل المناطق، وكانت النتيجة كما أفادنا المسؤول الإعلامي في هيئة الدعم احمد زين الدين "أكثر من 200 حاجز بالإضافة إلى خيم في انتشرت في كل المناطق اللبنانية، مع التذكير ان 90% من العاملين في هيئة الدعم هم من المتطوعين والمتطوعات، وحملة إعلامية منظمة من خلال طباعة اكثر من 250 ألف منشور حول الحملة و15 ألف بوستر ملون، نشر بيانات في الصحف المحلية ومواكبة إعلامية يومية مع قناة "المنار" وإذاعة "النور"، ولقاءات تلفزيونية عبر القنوات المحلية والفضائية العربية والعالمية".‏

الإقبال وتفاعل الناس مع حملة الدعم برغم الضائقة المعيشية والاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون كانت بحجم وعلى مستوى المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وخصوصاً أن العدو الذي ذاق اللبنانيون من قسوته وهمجيته ما هو غير قابل للنسيان، هو نفسه الذي ينكل ويقتل ويدمر ويشرد الفلسطينيين. ويشير زين الدين إلى "أن التبرعات لم تقتصر على فئة من اللبنانيين او طائفة معينة، بل شملت كل الطوائف، وهنا أشار إلى امرأة مسيحية مرت على أحد حواجز التبرع، أخرجت من محفظتها قطعة ذهب ووضعتها في الصندوق، وحين شُكرت على دعمها أجابت "فلسطين ليست فقط للمسلمين، وهي ليست فقط للمسيحيين، من يعرف قيمة فلسطين وقيمة بيت المقدس يجب أن يتبرع بأكثر من ذلك".‏

الدعم لم يقتصر فقط على اللبنانيين من مواطنين عاديين إلى مؤسسات تربوية واجتماعية ونقابات، بل تعداهم إلى الإخوة العرب الذين راحوا يتصلون بمكتب هيئة الدعم للتنسيق معها من أجل إيصال المبالغ التي يودون التبرع بها، هم وجدوا في الحملة فرصة لتأكيد دعمهم للقضية الفلسطينية حين خاب أملهم في تعاطي بعض الأنظمة العربية مع ما تتعرض له أرض عربية وشعب عربي".‏

ولعل في مبادرة عميد الأسرى سمير القنطار ومن بعده الأسير نسيم نسر اللذين لم يكتفيا بما قدماه ويقدمانه من سنوات حياتهما في خدمة القضية وفي دعمها، متبرعين براتبيهما من مجلس الجنوب إلى الحملة، ما شكل حافزاً للآخرين وما أضفى دلالات أخرى على الحملة كلها تصب في إطار "جهاد هؤلاء الأسرى وتمسكهم بالقضايا التي اعتقلوا من أجلها من وراء القضبان".‏

وما قام به الأسرى انسحب على الجرحى الذين وجدوا أن دماءهم التي بذلوها ليست كافية، فكان أن تبرعوا هم أيضاً برواتبهم دعماً للشعب الفلسطيني.‏

يقول زين الدين "إن كل 1000 ليرة وضعت في الصناديق كانت بمثابة استفتاء أن القضية الفلسطينية هي في قلب الجميع، وأن الكلمة واحدة في دعم هذه القضية مهما حاول العدو جاهداً لزرع الفتنة وبث التفرقة"، مضيفاً "إن توقيت الإعلان عن الحملة في أجواء عيد المقاومة والتحرير هو رسالة للشعب الفلسطيني أن يكمل طريق الصمود والعزيمة التي توصل للانتصار".‏

خلال الأيام العشرة لحملة الدعم جاءت امرأة إلى مركز هيئة الدعم، قالت ما يلي "انا لا املك المال ولكن أريد المساعدة، أطبخ، أجلي، أخيط، أنظف، أفعل كل ما يمكنني تقديمه". تلك المرأة لم تملك المال لكنها ملكت بموقفها ما يفتقده من تكتنز الاموال على قلوبهم ممن لا يرمش لهم جفن امام معاناة الشعب الفلسطيني، تملك من الحس الإنساني والقومي ما يجعلها أغنى من هؤلاء جميعاً.‏

ميساء شديد‏

الانتقاد/ تحقيق ـ العدد 1165 ـ 9 حزيران/يونيو2006‏

2006-10-30