ارشيف من : 2005-2008

شبه إجماع على رفض "نظام التعاقد الوظيفي" المطروح:وصاية إصلاحية تنذر بفقدان الأمن الوظيفي في القطاع العام

شبه إجماع على رفض "نظام التعاقد الوظيفي" المطروح:وصاية إصلاحية تنذر بفقدان الأمن الوظيفي في القطاع العام

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1137 ـ 25/11/2005‏

نظام التعاقد الوظيفي المطروح على جدول أعمال مجلس الوزراء واستعجال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تمريره قبل إقرار موازنة العام 2006، من شأنه إلغاء ما يسمى "الملاك" في القطاع العام مستقبلاً، ويقضي على آمال شريحة من الأساتذة المتعاقدين الذين لطالما سعوا إلى الدخول في "جنة" الملاك.‏

أظهرت المؤشرات الأولية رفضاً للنظام المطروح لانعكاساته السلبية على القطاع التعليمي والأمني، وإمكانية تنامي حركة الاحتجاج عليه في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعدما أكدت أكثر من جهة معنية مخاطره وحذرت من تداعياته الاجتماعية.‏

"نظام التعاقد الوظيفي" المطروح يعني بكل بساطة إلغاء ما يُعرف في القطاع العام بـ"الملاك"، واستبدال التعاقد مدة أقصاها خمس سنوات قابلة للتجديد به, وقابلة للفسخ قبل انتهاء مدة العقد وفق رغبة الإدارة المعنية بالموظف المتعاقد! وهذا يعني حسب مصادر مطلعة على المشروع أموراً عدة:‏

أولاً: عدم شعور الموظف بالأمان الوظيفي الضروري في بعض القطاعات، لا سيما في قطاع التعليم والقطاع الأمني والعسكري.‏

ثانياً: خضوع الموظف المتعاقد للقمع والمحاسبة السياسية إذا ما تعارضت ميوله مع الإدارة المعنية التابع لها والخاضع استمراره فيها لإرادتها.‏

ثالثاً: البعد سياسي للمشروع، إذ هناك خشية لدى البعض من أن تكون منطلقات طرح هذا المشروع مرتبطة بالمتغيرات والواقع السياسي الجديد في لبنان، وبرغبة بعض الأطراف في تكريس اتجاه سياسي معين في الإدارات على غرار ما هو حاصل اليوم في بعض القطاعات الأمنية.‏

وما يبرر هذه المخاوف أن الإدارة في لبنان ليست منفصلة عن السياسة، ومثل هذا المشروع بحاجة إلى الاستقرار والتوافق، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تقتضي تعاطياً مسؤولاً وجدياً لتلافي العودة إلى الوراء.‏

وتتخوف بعض الجهات السياسية والنقابية من "وصاية إصلاحية" ووصفات مستوردة لا تتناسب مع الواقع اللبناني.‏

مسؤول التعبئة التربوية في حزب الله الحاج يوسف مرعي قال: "إن طرح هذا الأمر من خلفية المطالب الإصلاحية التي ينادي بها البنك الدولي ومن ورائه الدول النافذة من دون العودة إلى القوى الأساسية في البلد للتوافق حوله ومن دون محاولة معالجته داخلياً مع النقابات وروابط الأساتذة، يجعل من هذا الموضوع أزمة حقيقية إذا ما أصر رئيس الحكومة على تمريره".‏

وينبه مرعي الى خطورة اعتماد هذا النظام في القطاعين التعليمي والأمني، فالمعلم صاحب رسالة لا يجوز التعامل معه كأجير تحت أي ظرف من الظروف، بل يجب تأمين كل المستلزمات الضرورية له وإعطاؤه جميع حقوقه".‏

ويتساءل مرعي عن المغزى من إضعاف التعليم الرسمي "الملاذ الأخير للفقراء الذين يزدادون سنوياً في لبنان".‏

أما المخاطر على القطاع العسكري والأمني فكبيرة وخطيرة، إذ لا يعقل أنه في بلد مثل لبنان مفتوح على شتى أنواع الأعمال الأمنية الدولية، أن تعمد بعض الجهات إلى ما يشبه خصخصة هذا القطاع عن طريق جلب أشخاص ليس لديهم الولاء الكافي للوطن!‏

ويشير مرعي إلى شبه إجماع على الاعتراض على هذا المشروع سياسياً ونقابياً، يقول: "إن تحرك هيئة روابط التنسيق النقابية المعترضة على هذا المشروع حظيت بتأييد قوى رئيسية في البلد كحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل والتيار العوني، إضافة إلى رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية ورابطة التعليم الثانوي الرسمي والاتحاد العمالي العام وغيره من الاتحادات".‏

ويبدو واضحاً أن النظام المطروح له تداعياته السلبية على مطالب الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الذين يطالبون بالدخول إلى الملاك، وعلى القطاع التعليمي ككل لناحية إفراغ القطاع من الكفاءات والخبرات، وإخضاع ملف التعاقد للإقطاع السياسي، ومن ثم تحويل المعلم إلى أجير غير مستقر، ما ينعكس على أدائه لرسالته التربوية.‏

وأمام هذه المخاطر يبدو أن هناك قضية جديدة مرشحة بقوة للدخول إلى ملف القضايا المطلبية العالقة، وعنوانا جديدا لأزمة قد تنفجر في أي وقت.‏

مروان عبد الساتر‏

2006-10-30