ارشيف من : 2005-2008

لبنان في التصنيف الشاروني : تغييرات بعيدة المدى باتجاه "الاعتدال"!

لبنان في التصنيف الشاروني : تغييرات بعيدة المدى باتجاه "الاعتدال"!

يبدو من خلال تناول رئيس حكومة العدو آرييل شارون الصريح والمباشر للوضع في لبنان خلال كلمة له في معهد "سابان" بمناسبة الذكرى العاشرة لمقتل رئيس وزراء العدو الأسبق إسحاق رابين، أن التحذيرات الاميركية للكيان الإسرائيلي بضرورة التزام الصمت إزاء ما يجري في لبنان قد بدأت تتلاشى، وأننا بلغنا مرحلة جديدة من التعاطي الإسرائيلي تجاه لبنان، حيث بادر شارون إلى توصيف الواقع السياسي في لبنان وآفاقه من زاوية مدى انسجامه مع الأهداف والمخططات الإسرائيلية، إذ اعتبر ـ شارون ـ بعد أن صنَّف دول المنطقة بين "محور شر متمثل بإيران وسوريا ودول أكثر اعتدالا"، أن "لبنان يمر بتغييرات بعيدة المدى"، باتجاه الاعتدال وفق التعريف الإسرائيلي.‏

في تعليق سريع على ما أدلى به شارون، يمكن استخلاص التالي:‏

التوصيف الإسرائيلي وتحديداً الشاروني للواقع السياسي الحالي في لبنان، انه يمر بمرحلة انتقالية من محور الشر إلى الدول "الأكثر اعتدالاً"، وبأن عملية الانتقال من موقعه العربي المناهض لـ"إسرائيل" إلى الموقع المؤمل إسرائيلياً، لم تكتمل حتى الآن (تغييرات بعيدة المدى)، وما حصل حتى الآن ليس سوى انطلاقة في الطريق "نحو الأفضل"، وفقا لتعبيره، "في أعقاب اغتيال رفيق الحريري".‏

السبيل لاكتمال العملية بنظر شارون، يتجسد "بمواصلة الضغوط الدولية على الحكومة اللبنانية من أجل الالتزام بتعهداتها"، مع إيلائه "أهمية لتعزيز وتقوية مكانة الحكومة اللبنانية الجديدة"، للتمكن من تحقيق الأهداف المرسومة. هذا فضلاً عن تبنيه السياسة التي يعتمدها "المجتمع الدولي" على الساحة اللبنانية، والذي تقوده كل من الولايات المتحدة وفرنسا، كما عبر.‏

أمام ما تقدم يقف المرء متسائلاً عما دفع أعلى سلطة في كيان العدو كي يكون صريحاً ومباشراً في التعبير الدقيق عن التطابق بين المسار السياسي المتحرك على الساحة اللبنانية، والمصالح والأهداف الإسرائيلية فيه ومنه. هل يعود ذلك إلى القناعة التامة بأن هذا التطابق لن يغير من الأمر شيئاً؟. إذا كان الأمر على هذا النحو فذلك يستتبع التساؤل عن السبب الكامن وعن حقيقة هذا الواقع؟ أم أن التطورات بلغت بتقدير شارون، مرحلة لم يعد للذين شاركوا في إيصالها إلى ما وصلت إليه من طريق للعودة.‏

الخلاصة أننا ربما نكون أمام بداية مرحلة جديدة تتميز بفرز واضح وجلي بين التيارات والمعسكرات، وهي مرحلة ستكون مجردة من الأقنعة. لكن الواضح أن الإدارة الأميركية هي التي دفعت بالاتجاه الذي أجبرها و"إسرائيل" على أن تسمي الأمور بأسمائها، لأنها تعتبر أن الزمن قد لا يكون لمصلحتها، وأنه لا بد من العجلة في هذا المجال.‏

برغم كل ذلك، من المفيد الإشارة إلى انه مع بلوغ التطورات ذات الصلة هذا المستوى من الوضوح، فسنجد الكثيرين من جمهور الناس تحديداً، يعيدون تأكيد صوابية مواقفهم واستقامة ولاءاتهم، لأن هذا الشعب في غالبيته الساحقة وطني بالفطرة والتكوين، وهو ما لا يتعايش ويتواءم مع المصالح والأهداف الإسرائيلية.‏

جهاد حيدر‏

الانتقاد/مقالات ـ العدد 1136 ـ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005‏

2006-10-30