ارشيف من : 2005-2008

رئيس الاستخبارات العسكرية للعدو: رهان "إسرائيل" الوحيد في مواجهة حزب الله هو الداخل اللبناني!

رئيس الاستخبارات العسكرية للعدو: رهان "إسرائيل" الوحيد في مواجهة حزب الله هو الداخل اللبناني!

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1132 ـ 21 تشرين الاول/ اكتوبر 2005‏

يحرص قادة العدو الصهيوني بين فترة وأخرى على الإطلالة بمواقفهم على الساحة اللبنانية، أو على إيراد تقديرات وتصورات تتعلق بالمواجهة القائمة مع المقاومة، أو توضيح بعض التطورات التي كان لهم مساهمة فيها على الصعيد الدولي أو الإقليمي، والتي يمكن أن تحقق أهدافهم في لبنان أو المواجهة القائمة. وواضح أن مجمل التطورات على الساحة اللبنانية هي محل متابعة دقيقة من قادة العدو الصهيوني، حتى أن هؤلاء لم يسمعوا نصيحة حلفائهم في واشنطن بعدم الإدلاء بمواقف تتعلق بلبنان من شأنها أن تضر بالمساعي الأميركية المتعلقة بلبنان.‏

وفي الآونة الأخيرة بدا أن قادة العدو عادوا يكثرون الثرثرة وإطلاق المواقف، محددين بعض الخيارات المنوي اعتمادها. فبعد المواقف التي أطلقها رئيس هيئة أركان جيش العدو الجنرال "دان حلوتس" خلال مراسم التسلم والتسليم بين قائد المنطقة الشمالية الجديد اللواء "أودي أدام" وسلفه اللواء "بني غينتس" حول اعتبار الوضع على الحدود مع لبنان بأنه جبهة غير مستقرة ومفتوحة على الاحتمالات كافة، يأتي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال "أهارون زئيفي" (فركش) ليعتبر أن ما جرى حتى الآن من تطورات على الساحة اللبنانية هي تطورات مريحة لـ"اسرائيل"، إذ يقول: "الحلف بين حكومة لبنان وحزب الله وسوريا انفرط عقده مع خروج القوات السورية من لبنان"، والنتيجة التي ترتبت عليه ـ وفقاً لمنظوره ـ هو أن "الإرهاب الجهادي مُطارد، بل ومُكره على كبح نفسه". ولكن على الرغم من اعتباره أن "حزب الله مكبوح عن المبادرة"، إلا أنه برأيه ـ إضافة إلى قوى أخرى ـ ما زال يملك قدرة الردع، من دون تفصيل فيما يرتبط بالتفاوت القائم بين هذه القوى ومنسوب قدراتها في ردع العدو لسبب أو لآخر.. "الجهات الإرهابية تحافظ على قوة ردعها".‏

من الطبيعي على ضوء ما تقدم أن يكون الانطباع الإسرائيلي إزاء ما تحقق على الساحة اللبنانية هو الارتياح الكامل، وهذا ما تردد على ألسنة أكثر من مسؤول سياسي وعسكري في أكثر من مناسبة، خاصة أن هناك تقديراً ـ إسرائيلياً ـ إيجابياً، بغض النظر عن مدى صحته، إزاء التطورات المستقبلية وتأثيرها على حزب الله، انطلاقاً من اعتبارها تساهم في "نزع الشرعية" عن عمله المقاوم، وأن حزب الله يدرك ذلك. وذهب إلى حد الاعتبار أن سلاح حزب الله سيصدأ مع السنوات جراء الضغوط الداخلية، بل والسبيل الوحيد الذي يمكن أن تتحقق عبره هذه النتيجة هو "فقط عبر الداخل (اللبناني)، يمكن لهذا أن ينجح". مستبعداً قدرة التدخل الخارجي على تحقيق ذلك، لأنه "يثيره ويعزز تمسكه بالسلاح، كما قد يؤدي ذلك إلى انتهاء فترة الكبح". وإذا أردنا أن نترجم الفقرة الأخيرة من كلامه عملياً، فإنه يعتبر أن التزام حزب الله بالهدوء على الحدود اذا حصل تدخل أو ضغوط خارجية سينتهي، وبالتالي سينعكس ذلك أمنياً على "إسرائيل".‏

أما بخصوص التقديرات والتحليلات التي تتحدث عن غرق حزب الله في الشؤون الداخلية بما يؤدي إلى تخليه عن دوره المقاوم، فيقول: "احتمال أن يغرق حزب الله في السياسة ويتخلّى عن النشاط العسكري هو احتمال منخفض". لكنه يعود فيؤكد أن التطورات الأخيرة في لبنان تضمن بقاء حزب الله في حال ضعف: "إذا ما واصلنا التصرف قبالته بذكاء".‏

والطريقة الوحيدة بنظر رئيس الاستخبارات العسكرية للقضاء على خطر المقاومة في لبنان وإسقاط هذا السد الذي يكبل جيشه هو عبر دفع حزب الله إلى الشعور بأن مواصلة نهجه الجهادي سيُعرِّض مستقبله في لبنان للخطر، عندها سوف يتّجه أكثر فأكثر نحو حزب سياسي، وبشكل أقل نحو حزب الله".‏

خلاصة القول: إن الرهان الإسرائيلي الاستراتيجي في مواجهة المقاومة في لبنان يرتكز بشكل حصري ومحدد على مسار التطورات السياسية الداخلية في لبنان، والتشكيك الداخلي بجدوى أو فاعلية أو مشروعية المقاومة، على أمل أن تتداعى الأحداث باتجاهات مؤملة. ولكن السؤال الأهم في كل هذا السياق هو: هل من المعقول أن يبقى العدو الإسرائيلي "متفرجاً" من دون أي تدخل غير مباشر في توجيه الأحداث في قضية مفصلية وحساسة بالنسبة إلى كيانه؟!‏

جهاد حيدر‏

2006-10-30