ارشيف من : 2005-2008
وزير الزراعة طلال الساحلي لـ"الانتقاد":خطر أنفلونزا الطيور خارج حدودنا... والإجراءات المتخذة وقائية
الانتقاد/ ملفات ـ العدد 1132 ـ 21 تشرين الاول/ اكتوبر 2005
وباء أنفلونزا الطيور الذي ضرب عدداً من دول العالم ووصل مؤخراً إلى تركيا هزّ أعصاب اللبنانيين المهزوزة أصلاً، وكأن اللبناني لم يعد ينقصه سوى سماع هذا الخبر الآتي على عجل على أجنحة الطيور المهاجرة حاملة وباءً قاتلاً .. هذا الخطر المحتمل استدعى تحرك الدولة تحسباً للأسوأ، واستنفر بعض الوزارات والأجهزة المختصة.
وزير الزراعة طلال الساحلي يبدو منهمكاً هذه الأيام في متابعة الوضع من خلال فرق متخصصة، وهو خلال الأسبوع المنصرم طمأن اللبنانيين أكثر من مرة أن لا إصابات في لبنان حتى الساعة، لكن هذا لا يجعلنا ـ كما يقول الوزير الساحلي ـ بعيدين عن الخطر.. نحن نحاول أن نبعد خطر أنفلونزا الطيور عن حدودنا قدر الامكان، و"الإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارتا الزراعة والصحة وغيرها من الوزارات المعنية، ووعي اللبنانيين كفيل لاحتواء الموقف".
"الانتقاد" التقت وزير الزراعة وسألته عن الاجراءات والاستعدادات لتفادي هذا الوباء.
* هل دخل لبنان فعلاً دائرة الخطر الناجم عن مرض أنفلونزا الطيور؟
ـ الخطر موجود، ولكنه ليس على الأراضي اللبنانية في الوقت الراهن. هو موجود في تركيا ورومانيا وبلدان أخرى، وهي تعمل على اتخاذ إجراءات احترازية. لا يمكن القول اننا بعيدون عن الخطر كما لا نؤكد أننا في قلب الخطر... نحن نحاول أن نبعد خطر أنفلونزا الطيور عن حدودنا قدر الامكان.
* ما هي الإجراءات المتخذة لدرء هذا الخطر؟
ـ نحن في وزارة الزراعة عقدنا مؤتمراً صحافياً الأسبوع الماضي، وسبق أن تابعنا الأمر منذ شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم، لكن عملياً تابعنا المسألة بشكل دقيق عندما اقترب الخطر منا، وقمنا بالإجراءات اللازمة ليس فقط بمنع الصيد، بل شددنا على مربي الدواجن إبقاء دواجنهم في "الأقنان" لئلا تشارك الطيور العابرة الدواجن في طعامها فتنتشر العدوى إذا ما كانت مصابة بالمرض، وأكدنا على ضرورة تعقيم المزارع واحترام قواعد الأمن الوقائي واتباع الشروط الصحية للتربية، وضرورة تلقيح المزارع ضد مرض الأنفلونزا البشري لسبب بسيط هو أن أنفلونزا الطيور عندما تصيب الإنسان المصاب بالأنفلونزا العادية ينتج عن تلاقح هذين النوعين فيروس جديد، ويصبح بالامكان أن ينتقل من إنسان إلى آخر وبالتالي يصبح وباءً. كما شددنا على وزارة الداخلية أن تعمل على عزل المسطحات المائية وتفريغها من المياه ثم تنشيفها لئلا تجذب الطيور العابرة إليها، أو الصيادين الذين قد تسوّل لهم أنفسهم الاصطياد في المسطحات المائية مصطحبين معهم طيورهم الخاصة، كما عملنا على منع استيراد طيور الزينة من البلدان الموبوءة والدواجن على مختلف أنواعها، ثم أن هناك الشريط الإخباري الذي يبث باستمرار على شاشات التلفزة والذي يتضمن معلومات وإرشادات تعنى بكيفية الحماية من أنفلونزا الطيور، وبرغم كل هذه الإجراءات نجد أن البعض لا يتقيد بالتعليمات من بينهم الصيادون، لذلك طالبت وزارة الداخلية بالتشدد، وإذا اقتضى الأمر سوقهم إلى السجن.
* هل يمكن الجزم بأن الإجراءات الوقائية المتخذة كافية لمنع دخولنا في هذا "الأتون" الوبائي؟
ـ أولاً نحن إلى الآن لم تسجّل لدينا أي إصابة بهذا المرض، نحن نقوم بإجراءات وقائية، وكل مرحلة لها شروطها وتقويمها..
* كيف؟
ـ لنفترض أن وباءً ضرب مكانا ما، فيجري العمل أولاً على إبادة كل الطيور في هذه المنطقة من خلال حرقها والتخلص منها بطريقة صحية، ثم إقامة منطقة عازلة من الطيور قطرها 6 كيلومترات تقريباً، بعدها يجري مسح المنطقة من قبل وزارتي الصحة والزراعة بشكل علمي للوقوف على المشكلة، ولاحقاً في الدوائر الأوسع نعمل على تطعيم ضد أنفلونزا الطيور، وكل ما يلزم لبقاء هذه الدائرة خارج تفشي الوباء.
* هل لديكم الإمكانيات التقنية واللوجستية الكافية؟
ـ طبعاً.. منذ بعض الوقت ورد إليّ خبر مفاده أنه في بلدة القرعون نفق عدد من الطيور، ومباشرة تم أخذ عينات من هذه الطيور لفحصها في المختبرات ليتبين أنها غير مصابة بأنفلونزا الطيور.
ولا ننسى أن الدواجن لديها عوارض كثيرة منها الأنفلونزا العادية وهي تحصل في الأيام العادية. وما يحصل اليوم أنه مجرد أن ينفق طير هنا أو هناك يسارع الناس للقول انه مصاب بأنفلونزا الطيور! وأسارع إلى القول ان أهم إمكانية لدينا هي وعي الناس.
* .. وأيضا وعي السلطة للخطر الداهم على لبنان؟
ـ تأكد تماماً إذا كان مجتمع متخلف مهما فعلت من الإجراءات لن تصل إلى نتيجة.. لذا نحن نعتبر أنفسنا مجتمعاً حضارياً، وإن كان هناك بعض المستهترين... مثلاً كشّاش الحمام الذي يعي انه يجب أن يقفل على طيوره، وهذا يعني أننا أمام مجتمع حضاري.
* ما دمت ذكرت كشاشي الحمام نجد أن البعض ما زال يطلق طيوره في السماء دون حسيب أو رقيب؟
ـ ماذا تفعل لهؤلاء..
* من المسؤول؟
ـ البلدية، أليست سلطة محلية، لماذا لا تأخذ دورها، ماذا تفعل؟ .. ثم بإمكان البلدية أن تمنع كشاش الحمام أن يقتني طيوراً دون الاستحصال على رخصة منها.
* ثبت علمياً حتى الساعة أن مرض أنفلونزا الطيور لا ينتقل بالعدوى من إنسان إلى آخر، لكن بعض الدراسات ومنها ما أفادت به رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية الدكتورة سهى كنج بأن مرض أنفلونزا الطيور قد بدأ أخيراً ينتقل من إنسان إلى آخر، لافتة إلى أن حالة واحدة سجلت بين شخصين من عائلة واحدة في تايلندا. كيف توضح؟
ـ إلى الآن ثبت أن هذا المرض لا ينتقل بالعدوى بين شخص وآخر إلا في حال إذا كان الشخص المصاب بأنفلونزا الطيور مصاباً بالأنفلونزا العادية (رشح) فيتحول هذا التلاقح إلى فيروس جديد له خصائص أخرى، وبالتالي يصبح بالإمكان أن ينتقل إلى شخص آخر ويصبح وباءً آخر.
* هل من كميات وافية من اللقاحات المقاومة لهذا الوباء؟
ـ طبعاً، وأيضاً هناك لقاحات للطيور، ولكن الذي يحصل أنه في بعض الأحيان يؤدي استخدام اللقاح إلى رد فعل عكسي، من هنا يفترض أن يتم اللقاح بطريقة بيطرية بحتة.
* شكّلتم 12 فرقة للاستقصاء الميداني في شكل مستمر من أجل رصد الطيور العابرة ومواكبة كل مستجد، هل هي كافية؟
ـ طبعاً كافية في الوقت الحاضر على اعتبار أن ليس هناك إصابات بل نفوق طيور عادية، وبالتالي يمكن لهذه الفرق أن تستعين بفرق أخرى مجهزة بتجهيزات لوجستية، ثم لبنان بلد صغير.
* ما دمت تحدثت آنفاً عن المسطحات المائية، كيف يمكن معرفة وضع الطيور البرية المحلية إذا ما أصيبت بمرض الأنفلونزا أثناء اختلاطها بالطيور العابرة أو المهاجرة؟
ـ الطير المصاب عنده فترة حضانة من يومين إلى ثلاثة أيام بحيث تظهر عليه علامات المرض من سعال واختناق وانقطاع الشهية عن الطعام والتنفس بصعوبة بعدها ينفق.
* البعض قد يفترض أن لا مشكلة في مزاولة الصيد من باب الهواية ورمي ما يصطاده على الأرض ظناً منه أنها لا تلحق ضرراً؟
ـ هذا غير صحيح لان الطير المصاب قد يتناوله خنزير في إحدى المزارع ما يسبب العدوى للمزرعة بكاملها، فضلاً عن الأشخاص الذين يتناولون هذا النوع من اللحوم، وقد تنتقل العدوى عبر انتقال ريش الطير بواسطة الهواء من مكان إلى آخر حيث الدواجن والطيور البرية الأخرى فيصيبها هي الأخرى.
* أنت تمنيت على الصيادين أن يصبروا لانتهاء موسم هجرة الطيور (مدته شهران) هل يمكن القول انه بانتهاء الشهرين نكون تجاوزنا القطوع؟
ـ المرحلة الصعبة هي في هذين الشهرين كون الطيور المهاجرة تعبر سماء لبنان باتجاه افريقيا، بينما هناك نوع من الطيور المهاجرة تمكث في لبنان لبعض الوقت ثم تهاجر مثل "السمّنة". هذه الطيور إذا أصيبت تنفق فوراً لأنها ليس لديها القدرة على التحمل كما حال الطيور المهاجرة. عملياً يبقى خطر آخر هو الطيور البرية المحلية إذا كانت مصابة أم لا. لذا من الضروري أن نبقي على الإجراءات المتخذة، وبحسب المعطيات التي ترد لنا نتصرف، فإذا تبين خلوّ لبنان وسوريا من الإصابات عندئذ نكون قد تجاوزنا القطوع خلال هذه الفترة.
* ما هي آخر الإحصاءات لديكم لعدد الإصابات البشرية من أنفلونزا الطيور في العالم؟
ـ لا يتجاوز المئة شخص من اندونيسيا حتى رومانيا وايرلندا، والى الآن لم يسجل سقوط ضحايا بفضل الوقاية المتبعة.
* منظمة الصحة العالمية ذكرت في تقرير لها أن الحد الأقصى لعدد ضحايا وباء أنفلونزا الطيور المنتظر الذي سيغزو كما هو متوقع المنطقة الآسيوية هو 250 مليون شخص. أليس في الأمر مبالغة؟
ـ لا شك أن هذا المرض خطير، وإذا لم تحصل الوقاية المطلوبة بالتأكيد سيحصد هذا العدد، ولكن في عصرنا هذا وبفعل التكنولوجيا المتطورة ووسائل الاتصال الكبيرة والتواصل بين العالم وإمكانيات الوقاية الضخمة، أرى امكانية الحد من خطر هذا الوباء والعمل على حصره بشكل كبير، لا كما حصل في العام 1918 حيث كل هذه الإمكانيات كانت معدومة.
وار حسين عواد
تصوير موسى الحسيني
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018