ارشيف من : 2005-2008
أنفلونزا سياسية
لم يكن ينقص لبنان إلا أنفلونزا الطيور ليختم الربع الأخير من هذا العام كما بدأ الربع الأول بحالة من الخوف والقلق، وإن اختلف موضوع الخوف والقلق.
والمفارقة المضحكة المبكية أن لبنان الذي يحبس أنفاسه في مرحلة انتظار يفترض أن تنتهي بعد صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أي بعد اسبوع تقريباً، عليه أن ينتظر اسبوعاً وبضعة أيام إضافية لمعرفة ما إذا تجاوز قطوع وباء انفلونزا الطيور أم لا.
والمفارقة الثانية التي لا تقل خطورة عن الأولى، هي أن لبنان في حالة استنفار على جبهتين:
1ـ جبهة الاستعداد لإنهاء مرحلة انتظار تقرير ديتليف ميليس، ومعرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود، واحتواء تداعيات التقرير والتركيز على الجانب الأمني وتشديد الاستعدادات الأمنية التي أسبغ عليها البعض صبغة حالة الطوارىء ولكن من دون إعلان رسمي في محاولة لتطمين اللبنانيين الذين يتنازعهم قلقان، إن لم نقل خوفان، قلق من الحقيقة وقلق على الحقيقة!
2ـ جبهة الاستعداد الصحي لمواجهة "انفلونزا الطيور" من خلال الإجراءات التي أعلنت عنها وزارتا الصحة والزراعة، والتي يفترض أن تواكب بحملة توعية كبيرة للمواطنين لتجاوز حالة الرعب والالتفاف على الوباء القاتل، ومواكبة التطبيق الفعلي للإجراءات في مختلف المناطق لتجاوز فترة مرور الطيور المهاجرة فوق لبنان من دون وقوع أي حالة مرضية لا سمح الله.
والمفارقة الثالثة، أن فترة الانتظار لمرور قطوع "انفلوزا الطيور" فترة محددة إذا ما مرت ولم تظهر أي حالة مرضية نكون قد انتهينا من هذا البلاء. أما الانتظار المتعلق بتقرير ميليس فقد يكون قابلاً للتجديد في وقت لم يعد اللبناني قادراً على تمديد الحالة الانتظارية التي جمدت حتى الدماء في عروق اللبنانيين، فكيف بحياتهم السياسية والاقتصادية، خصوصاً بعد عام طويل من الأنفلونزا السياسية التي شهدها لبنان.. وربما تكون أنفلونزا الطيور أهون منها!
الانتقاد/مجرد كلمة ـ العدد 1131 ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر 2005
سعد حميه
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018