ارشيف من : 2005-2008
الفعل الإسرائيلي في لبنان: مرتبط بمقدار خدمة المشروع الأميركي!
الانتقاد/ تعليقات ـ العدد 1130 ـ 7 تشرين الاول/ اوكتوبر 2005
بعد الزخم الذي شهده التحرك الدولي المرتبط بالساحة اللبنانية، والمدى الذي وصل إليه السجال اللبناني حول مختلف القضايا القضائية والأمنية والسياسية، والمرحلة التي بلغتها الضغوط الأميركية على سوريا، قد يكون من الضروري إعادة استشراف الرؤية والموقف الإسرائيليين حول الاستراتيجية المتبعة من قبل كيان العدو في لبنان وبمواجهة سوريا، سواء ذهب هذا الاستشراف باتجاه تأكيد وتثبيت ما كان متبعاً، أو لحِظ تعديلات معينة فيها لما لذلك من تداعيات ودلالات تتعلق بمآلات الوضع السياسي والأمني في لبنان.
في هذا السياق تعرض رئيس حكومة العدو إلى كل من لبنان وسوريا خلال حديثه إلى صحيفة "هآرتس"، فعبر عن قلقه من الوضع القائم على الحدود الشمالية، ورأى أن الحل يكون عبر تنفيذ القرار الدولي 1559 الذي ينبغي استكمال تنفيذه، على حد تعبيره. أيضاً لخص آرييل شارون الخلفية والمنطلق الذي يحكم الفعل الإسرائيلي في هذه المرحلة عبر قوله: "إسرائيل يجب أن لا تتخذ خطوات ترمي إلى المس بالجهود الأميركية لممارسة الضغط على سوريا".
ـ بعد أن ثبت بالممارسة والموقف أن الرهان الإسرائيلي من أجل تحطيم السد الذي يقف حائلاً بين "إسرائيل" وضغوطها على لبنان والمتمثل بالمقاومة، يجدد شارون التأكيد هذه المرة مواصلة "إسرائيل" رهانها على تنفيذ القرار 1559 لتحقيق أهدافها في لبنان ومنه.
ـ اعتبار شارون المقياس في الحركة السياسية والأمنية الإسرائيلية هو مقدار تأثيره وعلاقته بالجهود الأميركية لممارسة الضغوط على سوريا، يفرض بالتالي أن يُعتمد هذا التصور على أساس أنه جزء من الاعتبارات، أو من الإطار المساعد على تفسير أي فعل أو امتناع يقوم به الإسرائيلي.
وهنا يأتي السؤال حول الخطوات السياسية والأمنية والعسكرية التي ينطوي عليها كلام شارون، والتي تتمحور حول خدمة المخطط الأميركي والأولويات الإسرائيلية والاستراتيجية المعتمدة لتحقيقها.
إن أول ما يحضر هو شبه الصمت الإسرائيلي ـ الذي يُخرق من فترة إلى أخرى كما هي عادة الإسرائيلي ـ والانكفاء عن الواجهة الذي يمارسه العدو في ما يرتبط بالمخطط الذي ينفذ في لبنان.
هنا لا بد ـ كما كان الفهم السابق لهذا الصمت والانكفاء ـ من إعادة تأكيد أن هذه الحالة لم تكن نتيجة لا مبالاة بما يجري في لبنان، أو لعدم وجود علاقة ما بما سعت وتسعى إليه "إسرائيل"، بل هو فقط من أجل عدم إرباك المشروع الأميركي، ليس إلا.
على المستوى الأمني، والمقصود تحديداً القيام بعمليات أمنية من دون ترك أي بصمات، يأتي هنا السؤال: ما دام المقياس الإسرائيلي في خطواته ـ كما عبر آرييل شارون نفسه ـ هو بمقدار خدمة أو ضرر هذه الخطوات للضغوط الأميركية على سوريا، فهل استمرار مسلسل التفجيرات الأمنية التي تضرب لبنان في هذه الفترة، تخدم المخطط الأميركي أم تعيق تنفيذه؟ أيضاً ومن دون الدخول في توجيه الاتهامات أو تبرئة هذا الطرف أو ذاك، نسأل: إذا حاولنا تقييم هذه العمليات من خلال ما يترتب عليها من نتائج أو ما يبدو أنها تسعى إلى تحقيقه مقارنة مع ما أورده شارون بأنه المقياس الحاكم على الفعل الإسرائيلي، ألا يدفع ذلك ولو من باب التساؤل المحفز للبحث والتحقيق، لأن يكون العدو هو مصدر هذه التفجيرات، أو جزء منها على الأقل؟
أما بخصوص العمليات العسكرية الواسعة والمباشرة، ما ينبغي ان يكون له الأولوية لدى السياسيين اللبنانيين هو إعمال الفكر من أجل تشخيص الوضع الذي قد يرى فيه العدو مبرراً ودافعاً للمبادرة إلى شن أعمال عسكرية، على أساس أنها قد تخدم حركة المخطط الأميركي من جهة تطويق وتأليب الرأي العام اللبناني على المقاومة.. فهل ينتبه بعض السياسيين الى هذا الفخ ويعبرون عن مسؤولية وطنية يتطلبها الوطن منهم في المرحلة التاريخية من تحديد مصيره.
انطلاقاً من ذلك ألا تشكل بعض الدعوات التي تحاول أن تصور لبنان على أنه منقسم حول مقاومته، أرضية خصبة قد يتطلب المخطط الأميركي فعلاً إسرائيلياً ما لتطوير هذا "الانقسام" باتجاهات أخرى..
جهاد حيدر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018