ارشيف من : 2005-2008
الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة لـ"الانتقاد":حوار بعض القوى مشبوه.. ونخشى من فدرالية يخطط لها الأميركي
الانتقاد/ مقابلات ـ العدد 1130 ـ 7 تشرين الاول/ اوكتوبر 2005
نظرة تشاؤمية يرسمها الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة لمن يطرق بابه هذه الأيام، ويستمع منه عن قرب لما يحضّر للبنان في كواليس الإدارة الأميركية، وما يحاك في الداخل اللبناني من "مؤامرات لمواجهة سلاح المقاومة"، وخصوصاً أن البلاد "تعيش صراعاً بين مشاريع سياسية عدة". هذه النظرة المشبعة بالسوداوية يحاول حدادة أن يخفّف من وطأتها بالقول ان الحل الأساسي يكمن في حوار سياسي بين اللبنانيين على قاعدة إعادة الاعتبار لاتفاق الطائف الذي جرى الارتداد عليه من قبل بعض القوى، واليوم يبحثون عن وصاية جديدة تتعدى الوصاية السورية.
"الانتقاد" التقت حدادة وسألته عن الفلتان الأمني والسياسي، وعن الوصاية الجديدة، وعن القرار الدولي 1559، ولجنة التحقيق الدولية، والتعيينات الأمنية إلى المؤتمر الدولي لدعم لبنان، وما يدور خلف كل هذه الملفات، وهنا نص الحوار:
* تعيش البلاد حالاً من الفلتان الأمني والسياسي، وقد زاد من حدتها التجاذبات السياسية بين مختلف القوى السياسية، حل من حل للخروج من هذا المأزق؟
ـ صحيح نحن نعيش حالاً من الفلتان، ولكن الحقيقة الأخطر ليست الفلتان الأمني، بل الصراع السياسي بين عدة مشاريع في البلد. التوتر الحقيقي ما زال برأيي توتراً سياسياً، أما الحل إذا كان ممكناً، فهو بحوار وطني حقيقي لتنفيذ اتفاق كان سبق وحصل وهو الطائف الذي شكّل مدخلاً للإصلاح في لبنان، ولم يُعمل به، ما جعل الارتداد عليه سهلاً باتجاه فرض حالة سياسية في البلد تشكّل ارتداداً ليس على البنود الإصلاحية فحسب، إنما حتى على البنود التأسيسية التي تقول بلبنان العربي الديموقراطي، وما الشعارات السياسية التي ترفع في البلد من سلاح المقاومة إلى المخيمات الفلسطينية تحت لافتة معرفة الحقيقية إلا مجرد تعبئة سياسية منظّمة، والغرب ليس بعيداً عنها من أجل تحويل نظر اللبنانيين من المواجهة مع العدو الإسرائيلي إلى مواجهة أخرى لا بد أن تكون مع مشروع المقاومة وهوية لبنان.
* تحدثت عن أن البلد يمر في حالة من توافق الأزمة الإقليمية مع التوتر الداخلي، هل نحن مقبلون على تدويل للأزمة؟
ـ أحد أشكال هذا التوافق هو التدويل .. لنكن صريحين... حتى اتفاق الطائف كان شكلاً من أشكال التدويل, وألفت هنا إلى أولئك الذين ما زالوا يحكمون البلد ويرفضون اليوم الوصاية السورية، سبق لهم أن كانوا يتبادلون المنافع ويعيقون التنفيذ الحقيقي لاتفاق الطائف، ما جعل الانقضاض عليه ممكناً، ونراهم اليوم يتنكرون لهذه العلاقة، ويبحثون عن وصاية أخرى فيما يتعدى سوريا.
* .. هل تخشى من وصاية جديدة على لبنان؟
ـ نحن في الحقيقة نعيش حالة صراع بين وصاية راحلة ووصاية مقبلة، وصاية متعددة الرؤوس عربياً وعالمياً، ولها رأس أكبر هو الولايات المتحدة الأميركية. هذه الوصاية قوتها الأساسية، هي في تحوّلها إلى وصاية دولية عبر مجلس الأمن الذي تحول بدوره كإحدى دوائر وزارة الخارجية الأميركية.
* هذا السؤال يقودنا إلى القرار الدولي 1559، كيف يجب أن يتعاطى لبنان مع الإصرار الدولي على تطبيقه؟
ـ في الحقيقة أرى أن الاتجاه العام لدى القوى السياسية النافذة في البلد، هو التعاطي من أجل تنفيذ الـ1559. وهنا اسمح لي أن أقول، إن بعض القوى التي تدّعي الحوار، عنوان حوارها مشبوه، لأن البعض يدعو إلى الحوار بين اللبنانيين من أجل تنفيذ أفضل للقرار 1559! بمعنى هناك فهمان للحوار: الأول هدفه تحصين المقاومة بالتفاف وطني عام، والثاني يسعى إلى تنفيذ أفضل للقرار، وهذا ليس افتراءً، راجعوا الدعوات التي يطلقها الكثيرون من الأكثرية النيابية!
* .. ثمة رأي آخر يعتبر أن السلطة السياسية (والتي منها الأكثرية) تعمل على "تدوير الزوايا"، فهي من جهة لا تريد الاصطدام بالمقاومة، ومن جهة أخرى لا تريد إغضاب الولايات المتحدة؟
ـ لا .. أعتقد أن السلطة بانتمائها وقرارها الواضح هو للقرار 1559، وإلا ما معنى كل هذه الضجة الإعلامية من وسائل اعلام مملوكة من الأكثرية النيابية حول سلاح المقاومة وسلاح المخيمات!
* .. هل يعني أن لبنان انتقل فعلاً إلى عهد الوصاية الدولية؟
ـ أولاً لبنان يتميز بخصوصية يبدو أن الأميركي لم يلحظها بعد. المحاولة التي سعى إليها الاميركي في العام 82 من خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وبعدها بقوات متعددة الجنسيات، بهدف أن يوقّع لبنان سلاماً مع "إسرائيل" باءت بالفشل بعدما فاجأته انطلاقة المقاومة. واليوم يحاول الفعلة ذاتها بعد تعديل طرأ على بعض الموازين الداخلية بفعل اغتيال الرئيس الحريري وخطأ التمديد لرئيس الجمهورية..
التعيينات الأمنية
* بعد التوقف القسري والتجاذب الذي شهده ملف التعيينات الأمنية، ثم إقراره بالأمس في جلسة مجلس الوزراء، هل يمكن القول ان مسلسل التفجيرات المتنقل لن يقضّ مضاجع اللبنانيين بعد اليوم؟
ـ لو أتوا بأهم الخبرات الأمنية لضبط الوضع في البلد فلن يجدي نفعاً، لأن الحل برأيي يبقى في حل الأزمة السياسية عن طريق حوار سياسي يعيد الاعتبار لاتفاق الطائف. لذا نحن مدعوون لمراجعة نقدية لكل الاهتزازات السياسية التي حصلت بدءاً من التمديد، وصولاً إلى استشهاد الرئيس الحريري، لان الولايات المتحدة تسعى إلى نشر خطتها المسماة بالفوضى البنّاءة بدءاً من إيران مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، وهي خطة لتقسيم لبنان على غرار ما يحصل في العراق من خلال إقامة فيدراليات متناحرة، وخاصة أن الانتخابات النيابية قد أنتجت حالة تؤهل لتنفيذ هذا المخطط الأميركي.
لجنة التحقيق الدولية
* كيف تنظر إلى عمل لجنة التحقيق الدولية؟
ـ نحن قبلنا بحذر وبتحفظ لجنة التحقيق الدولية لما لها من تجارب غير مشجعة وفاشلة وخطيرة في العالم، فضلاً عن انحياز المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الأمن إلى الولايات المتحدة، وبالتالي نحن سنلتزم الصمت لحين صدور التقرير.
* ماذا تفسر اللغط الدائر حول ما يجري تسريبه من معلومات عن لجنة التحقيق الدولية؟
ـ يؤكد أولاً الحذر الذي أبديناه حيال هذه اللجنة، وثانياً أن أغلب القوى السياسية حتى القريبة من الرئيس الحريري ليس همّها اكتشاف الحقيقة بقدر الاستفادة من توظيفاتها السياسية.
* ما يظهر من المعطيات المتداولة، أن ميليس سيتجه إلى تمديد إضافي لعمل لجنته بواقع 15 كانون الأول، كيف تقرأ الأمر؟
ـ هذا يشكل خطراً كبيراً، لأن استمرار الغياب الحكومي عن قضايا لبنان وشعبه لا سيما القضايا الاجتماعية والأمنية والسياسية، لهو أمر غير مقبول، لذا نخشى أن تتحول الثلاثة أشهر القادمة إلى وقت ضائع مجدداً في بلد مريض أصلاً، وهذا يهدد لبنان وكيانه ووحدته.
* ما تعليقك على طلب مساعدات أمنية من الولايات المتحدة وفرنسا؟
ـ بصراحة الاتصال الأول الذي أجراه الرئيس السنيورة مع السفير الأميركي قبل أن يجري تصحيحه لا يليق بتاريخ الرئيس السنيورة، ولا بهذا البلد، لأننا نعتقد أن مثل هذه المطالب من أمنية وتقنية يجب أن يؤتى بها من دول لا تحمل مشاريع معادية للبنان والعرب، لذا نحن ندعو إلى استبعاد كامل للتعاون البشري والتقني من الولايات المتحدة. من هنا نعتقد أن هذا المطلب كان خطأ سياسياً كبيراً برغم شكوكنا بأنه ينطوي على نهج حكومي يميل أكثر باتجاه التعاون مع المشروع الاميركي في المنطقة، ونحن نعلم أن لبنان تعاون مع الأميركي تقنياً وبشرياً بعد العام 82! ونأمل أن لا يكون من نفس التعامل، لأنه في المرحلة التي كان لبنان يتجه لأن يكون جزءاً من المشروع الأميركي في المنطقة كان يجري فيها التعاون (عام 82) والآن هناك بدايات مؤشرات لإجراء هكذا نوع من التعاون!
* .. كيف قرأتم مؤتمر دعم لبنان في نيويورك، وهل وجدتم من أثمان سياسية ستترتب على لبنان؟
ـ هناك من السياسيين من يريد استغباء الشعب اللبناني. أولاً أحد شروط التعاون الدولي الاقتصادية هي سياسية بالدرجة الأولى، خاصة إذا ما تعلق الأمر بموضوع الخصخصة. وإذا أراد الرئيس السنيورة أن يمنع زعماء المزارع من السيطرة على هذا القطاع نقول له إن زعماء المزارع هم من سيشتري هذا القطاع، لأن المواطن اللبناني غير قادر على شراء هذا القطاع.. وليسمح لنا الوزير صلوخ من أن ليس هناك خطأ في الترجمة... والرئيس السنيورة بدل أن يدافع عن وزير حزبي في حكومته طلب من رايس مهلة لتنفيذ القرار 1559!
* سؤال أخير أين وصلت مجريات التحقيق بشأن اغتيال الشهيد جورج حاوي؟
ـ للأسف حصل تمييز في التعاطي بهذا الملف من قبل بعض القوى السياسية بحيث لم يُحل الملف إلى المجلس العدلي إلا بعد ضغوطات كبيرة.. الآن التباطؤ في التحقيق ما زال سيد الموقف، وسأقوم باتصالات بهذا الخصوص مع المعنيين نظراً إلى أن كشف أي جريمة يساعد على رسم خيوط الجرائم الأخرى.
أجرى المقابلة : حسين عواد
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018