ارشيف من : 2005-2008

جلسة المساءلة للحكومة حركت الرقابة البرلمانية: توقعات بأجواء ملتهبة في جلسة المناقشة الأسبوع المقبل

جلسة المساءلة للحكومة حركت الرقابة البرلمانية: توقعات بأجواء ملتهبة في جلسة المناقشة الأسبوع المقبل

الانتقاد/ محليات- 1129- 30 ايلول/ سبتمبر 2005‏

جلسة المساءلة للحكومة التي عقدها مجلس النواب أمس الأول الأربعاء، حول ملفات الدواء والمراقبين الصحيين والهاتف الخلوي، التأمت وسط تعقيدات كبيرة تواجهها البلاد، ومواقف متباعدة بين الأطراف السياسية من العديد من القضايا المطروحة سياسياً واقتصادياً وغيرها.‏

وهي جاءت بعد ردود الفعل القوية التي صدرت من أكثر من طرف حول التخوف من الشروط السياسية للمؤتمر الاقتصادي الذي انعقد في نيويورك، والتوضيحات التي قدّمها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بعد عودته الى بيروت، كذلك أعقبت هذه الجلسة اهتزاز الوضع الأمني مجدداً اثر محاولة الاغتيال التي تعرضت لها الاعلامية مي شدياق، وردود الفعل السياسية والشعبية التي توقفت عند عجز الحكومة عن القيام بأي خطوات فاعلة للحد من هذا المسلسل، ولو بحدها الأدنى المتمثل بإجراء التعيينات الأمنية المعلقة حتى اشعار آخر لأسباب سياسية.‏

انطلاقاً من هذا الواقع يسجل المراقبون العديد من المعطيات المرتبطة بجلسة المساءلة ـ برغم عدم تناولها الشأن السياسي ـ وما سيليها الأسبوع المقبل من جلسة مناقشة عامة لسياستها في الاطار الأمني، وتوزع مواقف الأطراف السياسية من القضايا المطروحة:‏

أولاً: شكل انعقاد جلسة المساءلة بحد ذاته مسألة ايجابية في سياق انطلاق العمل الرقابي لمجلس النواب بعدما بدا على مدى نحو شهرين، الغائب الأكبر عن التطورات السياسية الحاصلة على مسرح الساحة الداخلية وامتداداته الخارجية. وبهذا تكون فترة السماح للحكومة قد انتهت بعدما "باتت تشبه حكومات تصريف الأعمال" حيث عجزت عن الانطلاق في سياسات وقرارات عملية، خصوصاً تجاه القضايا الملحة التي تمس حياة المواطنين مع استمرار الوضع الاقتصادي بالتدهور على كل المستويات، فضلاً عن الوضع الأمني المهتز.‏

ثانياً: لا تخفي الأوساط المتابعة ان فكرة المسارعة في عقد جلسة المساءلة للحكومة انطلقت عملياً بعد الغموض الكبير الذي لفّ المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد في نيويورك تحت لافتة الدعم الاقتصادي للبنان، حيث تخلل هذا المؤتمر تصريحات اميركية وفرنسية واضحة تربط المساعدات بتطبيق القرار 1559 ونزع سلاح المقاومة، اضافة الى تصريحات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة التي تحدث فيها عن "فصل السلطات"، ومضيه في التحضيرات للمؤتمر دون بحث الأمر في مجلس الوزراء او التنسيق مع مجلس النواب، وهو ما لاقى ردود فعل قوية، وتساؤلات من قبل حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، وكانت الأمور حينها تسير نحو عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة فيما لو لم يبادر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى تقديم توضيحات لهذه الأطراف حول ما جرى في نيويورك، وقد تم تفهم هذه التوضيحات خصوصاً لجهة الالتزام بالثوابت التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة، وعند هذا الحد ترى الأوساط المتابعة أن الأمور مالت نحو التهدئة، وبناءً عليه جاء القرار من هيئة مكتب مجلس النواب بعقد جلسة مساءلة للحكومة تحدد جدول أعمالها فقط بالأسئلة الواردة الى الحكومة حول ملفي الدواء والهاتف الخلوي، وذلك التزاماً بأجواء التهدئة.‏

ثالثاً: ما تقدمت الاشارة اليه من خفض سقف الرقابة البرلمانية من المناقشة العامة، وما تعنيه من امكانية طرح الثقة بالحكومة الى المساءلة في ملفات اجتماعية وحياتية تبدلت أجواؤه مجدداً، انما من مكان آخر هو محاولة الاغتيال التي تعرضت لها الاعلامية مي شدياق، وردود الفعل التي حملت الحكومة مسؤولية التقصير على الصعيد الأمني، وهو ما دفع هذه المرة تكتل "الاصلاح والتغيير" الذي يرأسه العماد ميشال عون الى طلب عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة في الملف الأمني للبلاد، وفي هذا السياق تقدم التكتل بعريضة لتحويل جلسة المساءلة التي عقدت امس الأول الى جلسة مناقشة، وهو ان كان لم ينجح في ذلك، فإنه حصل على وعد وقرار من رئاسة المجلس النيابي بعقد جلسة مناقشة عامة للحكومة في الملف الأمني يوم الأربعاء المقبل، وعليه فإن الانظار باتت متجهة الى تلك الجلسة التي يتوقع أن تكون جلسة "ملتهبة" نظراً لكون الملف الأمني بات الملف الأول في البلاد، وتلك الجلسة ستكون جلسة مطولة قد تستمر يومين نظراً لأن النظام الداخلي للمجلس يفسح في المجال امام النائب للحديث بين نصف ساعة اذا كانت الكلمة مكتوبة، وساعة ارتجالاً.‏

وما يشير الى حماوة الجلسة المقبلة ان النائب ميشال عون كان قد طالب في معرض انتقاده تقصير الحكومة في الملف الأمني باستقالة رئيسها فؤاد السنيورة ووزير الداخلية حسن السبع، وهنا تطرح الأوساط المتابعة السؤال عما اذا كان النائب عون سيحول هذا الطلب الى موقف عملي في جلسة المناقشة العامة الاسبوع المقبل عبر طرح الثقة بالحكومة؟ وماذا سينتج عن طرح الثقة، فهل ستضعف الحكومة؟ أم أنها ستجدد "بريقها" الذي شارف على الأفول نتيجة مراوحتها في مكانها.‏

رابعاً: يتوقع المراقبون ان لا يتغير أداء الحكومة برغم مثولها الذي سيتكرر امام مجلس النواب، وذلك قبل صدور تقرير المحقق الدولي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو بات قريباً في الحادي والعشرين من شهر تشرين الأول المقبل، وهو التقرير الذي سيؤثر بشكل كبير على الأجواء السياسية في البلاد لجهة ما سيتضمنه.‏

وفي هذا السياق يلاحظ المراقبون باهتمام ما بدأ يتسرب من أكثر من موقع قرار، ومنها نيويورك ومقر الأمم المتحدة، حول امكانية التمديد لمهمة لجنة التحقيق الدولية، وهو ما يفسره المراقبون بأن اللجنة على ما يبدو لم تتوصل بعد الى "أدلة دامغة" حول الجهة التي تقف وراء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.‏

هلال السلمان‏

2006-10-30