ارشيف من : 2005-2008
التشكيك لإعادة الترتيب
الانتقاد/ مجرد كلمة- 1129- 30 ايلول/ سبتمبر 2005
سعد حمية
القلق الذي يعيشه اللبنانيون هذه الأيام على حاضرهم وعلى مستقبلهم قد يكون مبرراً وله أسبابه، خصوصاً مع الإحساس العارم الذي يتملك المواطن بأن مظلة الأمان التي كانت تظلله آيلة إلى الانهيار مع استمرار عمليات التفجير وعدم التمكن من وضع اليد على الفاعلين أو الجهات التي تقف وراءهم.
إذا غادرنا الأحاسيس والمشاعر إلى الوقائع المادية البحتة، نرى أن هذه الظاهرة (التفجيرات) لا نشرب من كأسها المرّة وحدنا، خصوصاً أنها أصبحت ظاهرة دولية ضربت العديد من الدول، حتى تلك التي تمتلك كفاءة وقدرات استخبارية وعسكرية رفيعة، ومع ذلك أخفقت في استباق أي تفجير، وإن تمكنت من وضع اليد على الفاعلين في وقت لاحق.
نورد هذا المثال ليس لتبسيط الموضوع أو الاستهانة، وإنما توخياً للموضوعية والدقة، وحتى لا يجد العابثون الفرصة الملائمة لتعميم الفشل والعجز، وبالتالي الحض على مد اليد إلى الخارج لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، سواء كانت أمنية أو غيرها، وفق مبادىء ورؤى هذا الخارج الذي بالتأكيد له أهدافه ومشاريعه ومخططاته ومصالحه الخاصة، وإن أبدى "اهتماماً وقلقاً" على أمننا الذي لطالما عبث به خبراؤه الأمنيون في أوقات سابقة، تارة بصورة مباشرة وأخرى عبر حلفائه، بتزويدهم بأحدث أنواع الأسلحة وأشدها فتكاً!
صحيح أن الوضع الأمني مع استمرار التفجيرات بهذه الوتيرة يصبح صعباً وبالغ التعقيد، لكن الصحيح أيضاً أن الأجهزة الأمنية اللبنانية لم تستنفد كل قدراتها وخياراتها لوضع حد لهذا المسلسل، وإن كان الأمر بحاجة إلى بعض الوقت.
وما يصح على الأجهزة الأمنية يصح أيضاً على الجهاز القضائي الذي أخذ نصيبه من التشكيك.. وما يثير الريبة والتساؤل هو: لماذا هذا التشكيك في القدرات الذاتية؟ وهل هي الصدفة التي جمعت نغمة التشكيك بكل المؤسسات الأمنية والقضائية، وحتى السياسية.. وربما بهذا الوطن ككل؟!
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018