ارشيف من : 2005-2008
"الموساد" الاسرائيلي يوسع دائرة المواجهة ويستبيح السيادة اللبنانية:سيارة مفخخة تغتال أحد قياديي حركة الجهاد في صيدا
عادت الأيدي الإسرائيلية عبر عملائها للنيل من الاستقرار الأمني في لبنان والدخول مجدداً على خط التطورات المتسارعة على الساحة اللبنانية في محاولة واضحة لخلط الأوراق وإيجاد مزيد من التعقيدات.
واختار العدو هذه المرة مدينة صيدا للنيل من أحد قياديي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محمود المجذوب (أبو حمزة) وشقيقه نضال من خلال تفجير سيارة مفخخة أمام منزله في صيدا يوم الجمعة الفائت (26/5/2006) أي اليوم الثاني على عيد المقاومة والتحرير.
وأثارت جريمة الاغتيال ردود فعل شاجبة وتوجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" التي سبق لها أن نفذت عمليات مماثلة في لبنان واستهدفت العديد من كوادر المقاومة الإسلامية وكوادر المقاومة الفلسطينية.
واتهمت حركة الجهاد الإسلامي "الموساد" الإسرائيلي بتنفيذ العملية معتبرة أنها مؤشر خطير على نية العدو توسيع المواجهة مع المقاومة الفلسطينية خارج فلسطين المحتلة، وأنها تهدف إلى توجيه رسائل تصعيدية إلى أكثر من جهة لبنانية وفلسطينية مستفيدة من الأجواء السياسية السائدة في لبنان وحالة الانقسام الحاصلة حيال التعاطي مع ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والبدء ببحث البند المتعلق بسلاح المقاومة في الحوار الوطني اللبناني.
وإذ أشارت بعض الأوساط المراقبة إلى أن العملية أعادت تسليط الضوء على خطر كامن في الداخل اللبناني عبر عملاء "إسرائيل"، تخوفت من أن تشهد المرحلة المقبلة عمليات مماثلة نتيجة تراجع أولوية هذا الخطر لدى بعض الأجهزة الأمنية الرسمية وتركيزها على أولويات تتوافق مع البرنامج السياسي المعلن من قبل القوى السياسية الحاكمة وضياع بوصلة الاتجاهات لتحديد من هو العدو ومن هو الصديق!
وأضافت المصادر المراقبة أن العملية الأخيرة في صيدا هي في المحصلة نتيجة حسابات إسرائيلية تتعلق بالساحتين اللبنانية والفلسطينية على السواء، وهي تسلط الضوء أيضاً على عمل حركة الجهاد الاسلامي التي تركز جهودها في داخل فلسطين المحتلة.
ولفتت مصادر أمنية إلى أن الشهيد المجذوب سبق أن تعرض لمحاولات اغتيال عدة، وأن الأخير اتخذ إجراءات أمنية احترازية بُعيد محاولة اغتياله الأولى في العام 1999 وقام بالانتقال من منزله عند الأوتوستراد الشرقي لمدينة صيدا حيث تعتبر منطقة مكشوفة أمنياً إلى منطقة البستان الكبير الأكثر أمناً لاكتظاظها بالسكان ولكونها تقع وسط المدينة.
وأضافت المصادر أن الشهيد المجذوب وضع كاميرات مراقبة على مداخل بناية البربير حيث كان يسكن في الطابق الخامس، وقلل من تحركاته.
وتوقفت مصادر أمنية عند بعض المعطيات الميدانية بعد الكشف على السيارة المفخخة ونوعها وطريقة تفخيخها، مشيرة إلى أن السيارة المستخدمة في عملية الاغتيال مرسيدس sc180 رصاصية اللون تحمل الرقم 146350/ج، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها سيارة حديثة الطراز. إذ أن العدو كان يعمد إلى زرع العبوات الناسفة المموهة كالصخور على جانب الطرق كما حصل مع الشهيد أبو حسن سلامة او الاعتماد على سيارات قديمة أو تفخيخ سيارات المستهدفين.
ولفتت المصادر إلى أن منفذي العملية اختاروا السيارة المستخدمة كونها تشبه سيارة أحد جيران الشهيد المجذوب الأمر الذي من شأنه أن يوفر لهم التمويه والحرية في ركن السيارة مباشرة أمام المدخل من دون لفت الانتباه أو إثارة الريبة.
وأضافت المصادر "أن السيارة ركنت ليلاً بعدما أعد تفخيخها بعناية ودقة متناهية".
وعُلم أن العبوة موجهة ووضعت في الباب الخلفي لجهة اليمين باتجاه المدخل، وقدرت زنة المتفجرات بحوالى الـ400 غرام، وهي محشوة بالكرات والمسامير. وجرت عملية التفجير لاسلكيا من مكان يشرف على المدخل لحظة خروج المجذوب وشقيقه من المبنى.
وأضافت المصادر أنه نتيجة لشدة الانفجار دمّرت السيارة بشكل كلي وتطاير سقفها وأجزاء منها إلى مسافة عشرات الأمتار وعثر على بعض الأجزاء على سطح المبنى، كما تضررت السيارات التي كانت متوقفة في الشارع فضلاً عن تحطم زجاج عدد من الأبنية المحيطة.
وتواصل الأجهزة الأمنية والقضائية تحقيقاتها لمعرفة مالكي السيارة الحقيقيين كون كشف هذا الخيط ربما يؤدي إلى معرفة المنفذين. وقامت الأجهزة الأمنية اللبنانية بمعاينة السيارة ورفع عينات من مكان الانفجار، وتبين ان للسيارة ثلاث وكالات بيع تعود احداها إلى شخص من آل جابر وآخر من آل كرم اضافة إلى أردني مجهول الهوية، كما استمعت الأجهزة الأمنية إلى افادات عدد من الشهود من أبناء الحي وتردد أنه جرى توقيف أحد الأشخاص على ذمة التحقيق. وقيل ان السيارة كانت ترددت إلى المنطقة قبل تنفيذ العملية بعشرة أيام ويُظن أنها مسروقة.
واستنكرت القوى الوطنية والفلسطينية في صيدا جريمة الاغتيال، وعقدت هذه الأحزاب لقاء موسعاً اعتبرت فيه أن جريمة الاغتيال تصب في خانة التآمر على الأمن الوطني الذي تقف وراءه "اسرائيل"، وتوقفت عند توقيت الجريمة في اللحظة التي كان يحيي فيها لبنان والجنوب ذكرى التحرير ودحر الاحتلال عن أرضه.
وفي اليوم الثاني وفي أجواء عيد المقاومة والتحرير شيعت مدينة صيدا الشهيدين الشقيقين في مأتم حاشد تقدمه ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي، رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري، ومسؤول منطقة الجنوب في حزب الله الشيخ نبيل قاووق الذي اعتبر جريمة الاغتيال عدواناً وإرهابياً على لبنان وسيادته واستقلاله.
وأحيت صيدا وحركة الجهاد الإسلامي ذكرى مرور ثلاثة أيام على استشهاد الشقيقين من آل المجذوب باحتفال أقيم في قاعة بلدية صيدا حضره رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد والنائب أسامة سعد ونائب الأمين العام لحركة الجهاد زياد نخال ومسؤولو الفصائل الفلسطينية في لبنان وممثلون عن الأحزاب اللبنانية ورجال دين وشخصيات سياسية وفعاليات.
وألقى النائب رعد كلمة حزب الله فأكد للشعب الفلسطيني وقوف حزب الله الدائم إلى جانبه قائلاً "لن نتخلى عن أي فرصة لدعم هذا الشعب من أجل أن ينتصر على أعدائه".
أمين شومر
ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي لـ"الانتقاد":رد الحركة سيكون مزلزلاً بحجم الجريمة النكراء التي ارتكبها "الموساد"
أكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي ان الحركة تدرس بعناية كيفية الرد على جريمة اغتيال العدو الإسرائيلي أحد قيادييها محمود المجذوب (أبو حمزة) وشقيقه نضال. مشيراً إلى أن هذا الرد سيكون مزلزلاً في قلب وعمق الكيان الصهيوني.
وإذ تكتم الرفاعي على دور المجذوب الجهادي قال: "قد لا نستطيع أن نعلن اليوم ما هي خبراته وعمله المقاوم وتاريخه النضالي، ولكن سيأتي اليوم الذي تعرف فيه صيدا ولبنان وفلسطين والقدس أنها خسرت مجاهداً كبيراً".
وقال الرفاعي لـ"الانتقاد": "إننا على يقين بأن "إسرائيل" هي التي خططت لجريمة الاغتيال، وأن رد الحركة سيكون مزلزلاً بحجم الجريمة النكراء التي ارتكبها الموساد الصهيوني، وهذا الرد متروك لسرايا القدس التي لديها باع طويل في الوصول إلى قلب وعمق الكيان الصهيوني".
ولفت الرفاعي إلى "أن هذه الجريمة تؤكد أن الاحتلال الصهيوني بدأ يوسع دائرة الصراع إلى خارج الأراضي الفلسطينية، لكن مجاهدينا وشعبنا الصامد في فلسطين ولبنان بصمودهم ومقاومتهم وإصرارهم على متابعة خيار الجهاد والمقاومة، سوف يكونون قادرين على إفشال كل هذه المشاريع والمخططات".
وأوضح الرفاعي: "عندما لا يجد الاحتلال الإسرائيلي محاذير من توسيع دائرة الصراع، أعتقد أننا معنيون أن ندرس الوضع بدقة لنرد ونقطع اليد التي تمتد على مجاهدينا في الخارج".
وقال: "هناك مستوى معين من التنسيق مع القوى الأمنية اللبنانية، وهذه المرحلة الدقيقة تتطلب رفع مستوى التنسيق إلى أعلاه بين الأجهزة اللبنانية والقوى المقاومة في لبنان بشقّيها اللبناني والفلسطيني، فالساحة اللبنانية أصبحت مرتعاً للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، وبالتالي المطلوب تحصين الجبهة الداخلية اللبنانية لمنع الاختراق الأمني للساحة اللبنانية، لأن التنسيق يفشل كل المشاريع التي تستهدف استقرار لبنان وأمنه".
وعن مجريات التحقيق قال: "إن التحقيق ما زال في بدايته، وهناك جهد كبير يُبذل للوصول إلى نتائج واضحة، والأيام المقبلة سوف تكشف طبيعة وكيفية حصول هذه العملية الجبانة.. إننا واثقون بأن التخطيط إسرائيلي مئة في المئة، نظراً للدور المقاوم الذي كان يلعبه "أبو حمزة"، والقليل من الناس حتى من كوادر "الجهاد" يعرفون أهميته في ساحة الجهاد والمقاومة".
أ.ش
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018