ارشيف من : 2005-2008

التجاذب يؤخر حسم التعيينات:اكتمال عقد مجلس القضاء رهن التوافق!

التجاذب يؤخر حسم التعيينات:اكتمال عقد مجلس القضاء رهن التوافق!

فشلت المفاوضات الثنائية بين رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وفؤاد السنيورة في الوصول إلى حلّ نهائي وحاسم لأزمة تعيينات مجلس القضاء الأعلى المتوقّفة منذ 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، بعد التباين الواضح في تسمية القاضي الشيعي الخامس الذي يكمل عقد المجلس، لأنّ الخلاف الظاهر منذ البداية، وبحسب ما يشاع في أروقة قصر عدل بيروت ويتداوله القضاة أنفسهم في مجالسهم الخاصة، ليس قائماً حول الشخص المطلوب تعيينه بقدر ما هو دائر حول المخطّط المرسوم للاستيلاء على قرارات مجلس القضاء وتجييرها لمصلحة فريق السلطة ممثلاً بقوى 14 شباط/ فبراير وذلك خلافاً للدستور ولاستقلالية القضاء ونزاهة العدالة.‏

وتفيد المعلومات أنّ السنيورة ومن خلفه تيار "المستقبل" والممسك بالملف القضائي فيه وزير العدل الأسبق النائب بهيج طبارة، يصرّ على تسمية القاضي الشيعي حبيب مزهر المقرّب منه، بعدما ضمن الحصول على سبعة أصوات أي سبعة قضاة بإمكانهم أن يمهّدوا الطريق أمامه لبدء ورشة تنفيذ المادة 95 من قانون القضاء العدلي، والتي تتحدّث عن إصلاح القضاء، بطرد المخالفين والمحالين على التفتيش القضائي والصادرة في حقّهم قرارات تأديبية من هيكله، فضلاً عن أنها تطال كلّ قاض يخالف هذا التيّار وتوجّهاته السياسية، أو يقف على نقيض تام منه، وهذا مكمن الخطر الذي ينظر إليه كلّ القضاة بحذر ووجل، لأنّه لا يميّز بين الممتاز والمخالف الذي ترسم حول أدائه وقراراته علامات استفهام كثيرة.‏

فهذه المادة المعدّلة بموجب القانون الرقم 389 الصادر بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2001، تنصّ على الآتي: "خارجاً عن كلّ ملاحقة تأديبية، لمجلس القضاء أن يقرّر في أيّ وقت عدم أهلية القاضي الأصيل بقرار معلّل يصدر بناءً على اقتراح هيئة التفتيش، وبعد الاستماع إلى القاضي المعني وذلك بأكثرية ثمانية من أعضائه. ولا تقبل قرارات مجلس القضاء في شأن أهلية المرشّح للاشتراك في المباراة كقاض متدرّج أو أصيل أو في شأن أهلية القاضي المتدرّج أو الأصيل والمتخذة استناداً إلى أحكام هذا المرسوم الاشتراعي، أي طريق من طرق المراجعة بما فيه طلب الإبطال لسبب تجاوز حدّ السلطة".‏

ويصف القضاة المعارضون والمعترضون، هذه المادة بأنّها سيف مصلت على رقاب القضاة، وتجعلهم خاضعين لسلطة أعضاء مجلس القضاء، إذ أنّه لم يعد بمقدورهم الاعتراض عليه أمام مجلس شورى الدولة لأنّه مبرم ونهائي ولا يقبل المراجعة تماماً كما هي قرارات المجلس العدلي على سبيل المثال.‏

وبحسب العارفين من أهل الدار من القضاة، فإنّه لتطبيق هذه المادة يلجأ مجلس القضاء الأعلى إلى التصويت، ويحتاج إلى ثمانية أصوات لإقرارها، وبما أنّ فريق السلطة ضمن حتّى الآن سبعة أصوات، فإنّه لا يزال يفتّش عن الصوت الثامن، باعتبار أنّ رئيس الجمهورية العماد إميل لحود سمّى مرشّحه القاضي نعمة لحود، وحركة أمل وحزب الله طرحا اسم القاضي عبد اللطيف الحسيني، فتمّت الموافقة عليه على مضض، وبقي الرهان على الاسم الخامس وهو مقتصر على القاضيين نضال شمس الدين التي يرفض الرئيس بري التخلّي عنها، والقاضي حبيب مزهر، وتبدو الأولى هي الأقرب إلى التعيين لتكون أول امرأة في تاريخ مجلس القضاء.‏

ويتألف مجلس القضاء من عشرة قضاة هم ثلاثة حُكميين يعيّنون بموجب مراسيم خاصة، أيّ رئيس المجلس أنطوان خير حالياً، ونائبه النائب العام التمييزي سعيد ميرزا، ورئيس التفتيش محمد علي عويضة، وتنتخب محاكم التمييز اثنين من رؤسائها، وهذا ما جرى في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2005 حيث انتخب رالف رياشي وسهيل عبد الصمد، وبقي خمسة يقترحهم وزير العدل "بالتوافق السياسي" مع المرجعيات الموجودة، وتمّ التوصّل إلى أربعة حتّى الآن هم: عبد اللطيف الحسيني عن الشيعة، وسعد جبور عن الروم الأرثوذكس، ونعمة لحود وشكري صادر عن الموارنة.‏

ويقول قضاة إنّ ما عجز طبارة عن فعله عندما كان وزيراً للعدل بسبب وجود نائب عام تمييزي قوي هو عدنان عضوم آنذاك، يسعى إلى تحصيله حالياً، مستفيداً من همروجة الأكثرية الوهمية، وهو ما لن يمرّ لأنّه يقوّض مسيرة القضاء.‏

علي الموسوي‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1162 ـ 19 أيار/مايو 2006‏

2006-10-30