ارشيف من : 2005-2008

"دهشنا بالأمن المستتب الذي تحقق بفضل انتصار المقاومة":ربيع التحرير يجذب المغتربين للعودة إلى قراهم

"دهشنا بالأمن المستتب الذي تحقق بفضل انتصار المقاومة":ربيع التحرير يجذب المغتربين للعودة إلى قراهم

مع إطلالة ربيع التحرير والمقاومة في ذكراه السادسة عاد الجنوب ليكون محط رحال عائلات المغتربين اللبنانيين والعائلات المقيمة في العاصمة، حيث يجدون مساحة للراحة وعودة الى الجذور.‏

مع بدء تباشير الصيف بدأت القرى الجنوبية تشهد حركة عودة لبعض المغتربين لقضاء عطلة الصيف، يجذبهم الاستقرار الذي تشهده المناطق الجنوبية.. وعادت الصالونات لتجمع الأهل والأصدقاء، وتشهد الساحات سهرات تحت ضوء القمر، وسرد ذكريات الصمود والمواجهة إبان فترة الاحتلال.‏

ساحة بلدة حاريص واحدة من تلك الساحات التي بدأت تزدهر أسواقها وشوارعها مع عودة معظم المغتربين من أبناء البلدة لقضاء عطلة الصيف في ربوعها.‏

المغترب العائد محمد أحمد لا يخفي سعادته بالعودة وبالتغييرات التي يلمسها فيقول: "سعادتنا كبيرة بأن نعود إلى ديار الأهل لقضاء عطلة الصيف. لقد دهشنا بالأمن المستتب الذي تحقق بفضل انتصار المقاومة. هناك فرق كبير بين الجنوب الذي ينعم بالاستقرار والأمن اليوم بعد التحرير، والجنوب الذي كان يلتهب بنيران العدوان الصهيوني. إن حاريص تشجعنا على العودة، وتطالبنا بأن نقوم بعملية استثمار واستصلاح الأراضي، خصوصاً تلك التي انسحبت منها القوة الدولية في الجنوب وجرى تنظيفها من الألغام الإسرائيلية. لا يجوز أن تبقى الزراعة الوحيدة في الجنوب هي التبغ أو القمح، فهذه الأرض غنية وقد روتها دماء المقاومين، وينبغي على المغتربين أن يرووها بعرقهم وجهدهم، ويفتحوا فيها المصانع والمستشفيات وكل ما من شأنه أن يعزز من صمود أهلنا".‏

بعض المغتربين لا يكتفون بإبداء السعادة، إنما تتجاوز بهم الحماسة لدعوة أقرانهم في بلاد الاغتراب إلى العودة والمساهمة في البناء والاستثمار.‏

يقول المغترب العائد أبو علي فرحات: "لقد قبّلت أرض برعشيت، وقررت أن أبني لي بيتا مع العائلة، وأعود من أفريقيا كليا للبقاء في هذه الأرض التي أعطت الكثير لأجدادنا.. لقد أصبحت هذه الأرض اليوم بعيدة كثيراً عن مرمى القناص الإسرائيلي الذي قطعت رأسه المقاومة. حقولنا أصبحت آمنة وطرقاتنا سالكة، وعليه فإن الواجب كل الواجب يدعونا اليوم لكي نشد الأيدي ونعمل بكل جد من أجل إعادة إعمار برعشيت التي أصابتها القذائف الإسرائيلية في ما مضى، ولنبني فيها المؤسسات الزراعية والصناعية والتجارية التي يستفيد منها أبناء القرى المجاورة، وتكون حلقة وصل بين تبنين وبنت جبيل وبرعشيت وحاريص وعين المزراب وحداثا والسلطانية وبيت ياحون".‏

أضاف: "ان الغاية من عودتي من الاغتراب في هذا الصيف هي رؤية الأهل والأرض، فليس هناك أغلى منهما علي وعلى عائلتي. وأنا أشجع إخواني المغتربين على أن يحذوا حذوي بزيارة الجنوب ومساعدته، فهو من أجمل البلدان وأكثرها غنى".‏

من جهتها قالت المواطنة أنطوانيت كفوري العائدة من أستراليا لرؤية أقربائها في مرجعيون: "إن فرحتي بالعودة لا يضاهيها فرح، سيما ان أهلنا يعيشون نعمة السلام والهدوء، ويتقاسمون الرغيف مع إخوانهم من بقية الطوائف. أتمنى من الرب أن يديم علينا هذه النعمة، وأن تلتفت الدولة اللبنانية نحو تعزيز أواصر التواصل بين لبنان المقيم والمغترب، فالجنوب لن يكون هناك أجمل منه مكانا لقضاء عطلة الصيف مناخا وحركة وشعباً. إن العودة اليه هي عودة الى جذور الضيعة الجنوبية اللبنانية، حيث طعم الطبيعة والماء والشجر وكل ما يتحرك في هذه الأرض التي نعتبرها جميعاً أرضاً مقدسة".‏

موسم عودة المغتربين لم يبدأ بعد، لكن تباشيره بدأت تلوح في الأفق، ويشير رئيس بلدية بنت جبيل د. علي بزي إلى أن سكان المدينة 52 ألفاً، بينهم حوالى 30 ألفاً مغتربون في أميركا وأستراليا وبعض الدول العربية والأفريقية. وتوقع أن تصل نسبة العائدين هذا العام إلى 60%. كما أشار إلى رغبة بعض المغتربين في القيام بمشاريع إنمائية وتجارية تهدف الى تحريك الصناعة والتجارة في مدينة بنت جبيل التي كانت تعتبر تاريخياً أهم أسواق الجنوب، وهمزة وصل بين فلسطين والشام وبيروت.‏

ويشدد رئيس بلدية بنت جبيل على أهمية دور المغتربين في إحياء الدورة الاقتصادية والاجتماعية، وعلى أهمية أن تبادر الدولة إلى تعزيز الخدمات البيئية والصحية والإنمائية في مدينة بنت جبيل، حتى تكون المدينة نموذجية في استقبال أبنائها المغتربين الذين قرروا قضاء عطلة الصيف في ربوعها.‏

وقال: "إن الواجب الوطني والاقتصادي يحتم علينا جميعا أن نتعاون من أجل خلق دورة اقتصادية تربط ما بين بنت جبيل المقيمة وأبنائها المغتربين، إذ إن هؤلاء هم الرئة التي يتنفس بها أهالي المدينة، وعادة ما نرى بصماتهم الخيّرة في عدد من أعمالهم".‏

ولا ينسى أن يشير إلى فضل المقاومة في هذا السياق فيقول: "الفضل في عودة هؤلاء هو للمقاومة التي حررت الأرض، وأعادت للناس كراماتهم وجعلتنا نعيش في هذه الأيام بركة الانتصار والتحرير وعودة المغتربين".‏

وإلى المغتربين.. بدأت القرى الجنوبية تشهد مع نهاية كل أسبوع توافد قوافل المقيمين في بيروت لتمضية العطلة الأسبوعية، وبعضهم بدأ استعداداته لتمضية عطلة فصل الصيف. وفي هذه الأيام بالتحديد، أيام الانتصار والتحرير، تشهد القرى الجنوبية لا سيما تلك المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة، حركة ناشطة، حيث بدأت تباشير اللافتات تنتشر في القرى والدساكر والاستعدادات لإقامة نشاطات مختلفة إحياءً للمناسبة.‏

محمد جعفر‏

الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد 1162 ـ 19أيار/مايو 2006‏

2006-10-30