ارشيف من : 2005-2008
"اللوبي اللبناني": التنصل من التكريم باب من الكذب السياسي المفضوح!
قوى 14 شباط تكرم بولتون لجهوده المعادية للعرب!
صدمت قوى 14 شباط مرة أخرى جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني واستفزت مشاعره بمشاركة وفد منها في تكريم المندوب الأميركي الدائم في مجلس الأمن جون بولتون تلبية لدعوة ما يسمى التحالف اللبناني ـ الأميركي ومجلس "القوات اللبنانية" في أميركا الشمالية، وتسليمه درع الأرز تقديراً لجهوده ومساعدته للبنان!
وتجاوز الاستفزاز الشعب اللبناني ليطال الشعوب العربية التي تكن الكره لبولتون بسبب مواقفه الحاقدة ضد العرب، والمنحازة لأبعد الحدود للكيان الصهيوني وتقديمه خدمات كبيرة لهذا الكيان في أروقة مجلس الأمن الدولي لدرجة أن اللوبي الصهيوني كرمه قبل عام تقريباً تقديراً لجهوده!
ردود الفعل الشاجبة لمشاركة قوى 14 شباط في التكريم، عبرت عن استياء كبير لدى جميع القوى السياسية التي تعتبر خارج فريق السلطة، حيث أدانت هذا التصرف واعتبرته "وصمة عار" وتصرفاً لا وطنياً يكرس حالة الانقسام السائدة على الساحة اللبنانية، ويضرب عرض الحائط بمشاعر شريحة عريضة من اللبنانيين تناهض واشنطن وانحيازها الكامل إلى جانب العدو الإسرائيلي.
وبدا واضحاً أن القوى المكرمة لبولتون وهي القوات اللبنانية وحزب الأحرار وقرنة شهوان وتيار المستقبل، حاولت تقليل أهمية هذا الحدث، إلا أنها أمام حملة الانتقادات، اضطرت لتقديم تبريرات كانت أقبح من الذنب نفسه، وهدرت ما تبقى من مصداقية لهذه القوى أمام الرأي العام اللبناني، وخصوصاً أن هذه الخطوة أضافت شاهداً جديداً يؤكد إصرارها على سلخ لبنان بعيداً عن محيطه العربي والتنكر للقضايا العربية وعلاقات لبنان بها مقابل الاندفاع للارتماء في أحضان الدول الكبرى والعمل تحت رعايتها لتنفيذ مشاريعها المشبوهة للهيمنة على المنطقة العربية!
وبدا أن هذه الخطوة توجت سلسلة مواقف أطلقها بعض أركان قوى 14 شباط طوال المرحلة المنصرمة وبلغت ذروتها باعتبار "إسرائيل ليست عدواً الآن، وأن الخطر حالياً يأتي من سوريا"، إضافة إلى المطالبة بتحييد لبنان عن الصراع مع "إسرائيل" وصولاً إلى اعتبار المقاومة لغماً!
هذه المواقف وهذا الأداء أعاد إلى ذاكرة اللبنانيين أجواء اتفاق 17 أيار المشؤوم في الوقت الذي تحل فيه ذكرى توقيع هذا الاتفاق حيث بدا أن هناك من يحاول اعادة الزمن إلى الوراء وتعويض ما فاته من طروحات انعكست ويلات ومآسي على الشعب اللبناني نتيجة رهانات خاطئة ما زال البعض يتمسك بها، وتنضح بها مواقفه في مناسبات متعددة.
ولوحظ في هذا السياق أن الحزب التقدمي الاشتراكي نفى أن يكون المقدم شريف فياض في عداد الوفد مشيراً إلى أنه "في زيارة خاصة للولايات المتحدة" من دون أن ينسى إبداء الاحترام لآراء الآخرين الذين حضروا حفل تكريم بولتون! بينما اتخذ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وجهة متباينة مع حلفائه باعتباره المشاركة في التكريم "خطوة غير موفقة" من دون أن يضيف شيئاً!
واللافت أن التبريرات التي سارعت بعض قوى 14 شباط لتقديمها ولم تقنع الرأي العام اللبناني، استفزت صاحب الدعوة إلى التكريم (اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة) الذي استغرب "التنصل من المشاركة" و"التذرع بعدم معرفتهم المسبقة ببرنامج المؤتمر"، و"الزعم بأن المشاركين فوجئوا بتكريم بولتون"، معتبراً أن هذه التبريرات هي "من باب الكذب السياسي المفضوح"!
وذهب ما يسمى اللوبي اللبناني إلى التأكيد وفق ما أوردته الزميلة "البلد" بأن "الدعوة للمشاركة في المؤتمر قد وجهت قبل أكثر من شهر"، كما "حددت برنامج الدعوة بأنه يتضمن كلمة خطيب الاحتفال والمكرم بمنحه درع الأرز الفخري سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة صاحب السعادة جون بولتون".
وبعدما كشفت أوساط "اللوبي اللبناني" المتحالف مع الولايات المتحدة كذب ادعاءات القوى المشاركة في التكريم، باتت هذه القوى في وضع مُحرجـ خصوصاً أن بعض أركانها تصدى للدفاع عن المشاركين وتبرير المشاركة ووضعها في إطار "التحركات الديبلوماسية لنصرة القضية اللبنانية"، وهو ما يجافي الحقيقة ويضع هؤلاء أمام واقعة التضليل والكذب على الرأي العام تحقيقاً لأهداف لم تعد خافية على أحد، ليس أقلها التحريض على المقاومة وحلفائها ومن يساندها في أروقة المحافل الدولية وكواليسها.
وفي سياق لا يبدو بعيداً عن واقعة التكريم، وربما يتكامل معه ومع المشاورات التي كانت تجري في أروقة مجلس الأمن حول تقرير المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن لمتابعة تنفيذ القرار 1559، جال وفد يضم أعضاء ما يسمى "ثورة الأرز الدولية" يرافقون لجنة تقول ان مهمتها متابعة تنفيذ 1559 على الحدود اللبنانية السورية قرب عرسال مظللين بأعلام الأمم المتحدة، في وقت نفى مصدر إعلامي في مكتب الأمم المتحدة في بيروت أي علاقة لهؤلاء بالمنظمة الدولة، مؤكداً أنهم يتصرفون باجتهاد شخصي بعيداً عن أي مهمة رسمية!
ولم يتورع هؤلاء عن إطلاق مواقف تحريضية واستفزازية تمس العلاقة اللبنانية ـ السورية.
هذا الوفد على صلة وثيقة بما يسمى "اللوبي اللبناني" وهو نفسه الداعي لتكريم بولتون، وينضوي فيه جماعات سياسية تعمل تحت مسميات جمعيات مدنية مرخصة في الولايات المتحدة، وتحظى برعاية وزارة الخارجية وجهاز "السي أي أي" وأشهرها جمعية التحالف اللبناني الأميركي، والاتحاد الماروني العالمي وبعض رموز الجامعة اللبنانية الثقافية وبعض النواب الأميركيين من أصل لبناني. وكان لهذه الجماعات دور كبير في التحريض ضد المقاومة والوجود السوري في لبنان، وبعد التغييرات التي حصلت في لبنان خلال العام المنصرم نشطت هذه الجماعات لمد خطوط مع قوى فريق السلطة
للاستفادة والانخراط في المشروع الأميركي للتغيير في لبنان تحت عنوان القرار 1559 وغيره من القرارات المتعلقة بالشأن اللبناني.
ووفرت هذه الجماعات الموجودة في أميركا والمتحالفة مع المحافظين الجدد بوقاً للتعبير عن مكنونات قوى في السلطة لا تستطيع أن تظهرها علنا في لبنان، ومنطق هذه الجماعات لا يختلف عن المنطق الأميركي المنحاز كلياً إلى العدو الصهيوني ويعادي كل من يعادي هذا الكيان حتى لو كان شقيقه اللبناني!
سعد حميه
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1162 ـ 19 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018