ارشيف من : 2005-2008
جولة الحوار الثامنة: السيد نصر الله افتتح نقاش استراتيجية الدفاع و"إجماع" على بقاء الرئيس لحود إلى آخر الولاية الممددة
نتائج الجولة الثامنة من مؤتمر الحوار الوطني التي انعقدت على مدى أربع ساعات في مقر المجلس النيابي بحضور جميع القادة السياسيين المشاركين يوم الثلاثاء الماضي، ثبتت "بالإجماع" بقاء رئيس الجمهورية العماد اميل لحود حتى انتهاء ولايته الممددة في تشرين الثاني من العام ألفين ..... وذلك بعدما جرى الاتفاق على بقاء الاختلاف بشأن هذا الملف الذي استغرق نقاشه قرابة شهرين.
وفتحت الجلسة النقاش على الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من المخاطر الصهيونية عبر مداخلة معمّقة للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله استمرت أكثر من ساعة، تحدث فيها بالتفصيل عن المخاطر الصهيونية على لبنان.
في الملف الرئاسي افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة بسؤال قوى الرابع عشر من شباط عما اذا كان لديها جديد بشأن هذا الملف، فجاءه الجواب بالنفي، فأقرّ هذا البند بصيغة أن "المتحاورين اتفقوا على أنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق، وبالتالي "بقوا على اختلافهم بشأنه"، وأقفل الملف.
نتائج ما جرى على هذا الصعيد شكلت ترجمة رسمية لهزيمة فريق الرابع عشر من شباط وعجزه عن اسقاط رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، وبالتالي بات عليه التعايش معه من الآن حتى انتهاء ولايته في تشرين الثاني من العام ألفين وسبعة المقبل، وهو مهّد لهذا التوجه الذي أرغم عليه من خلال تصريحات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة يوم الاثنين الماضي عندما قال إنه على تواصل مع الرئيس لحود ولا مانع من الصعود إلى قصر بعبدا في وقت ما.
وأتبع هذا الموقف بموقف رئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري بعد انتهاء جلسة الحوار عندما سئل عن التعايش مع الرئيس لحود فأجاب: "أعان الله الرئيس السنيورة".
وفي هذا السياق تبرر أوساط قوى الرابع عشر من شباط تحمل رئيس الجمهورية سنة ونصف السنة حتى انتهاء ولايته بالقول إن ذلك أفضل من وصول رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، مشبهة هذا الوصول بأنه لو حصل سيكون تمديداً ست سنوات، وعليه تكون جلسة الحوار الأخيرة قد كرّست التباعد بين العماد عون وقوى الرابع عشر من شباط إلى حين حلول الاستحقاق الرئاسي، ليتجدد حينها الكباش السياسي، لأن المعادلة الدستورية القائمة حالياً ستكون هي ذاتها في ذلك الوقت، حيث ان قوى الرابع عشر من شباط التي عجزت عن اسقاط لحود الآن لن تكون قادرة على انتخاب خلف له بعد سنة ونصف السنة الا في سياق توافق سيأخذ أبعاداً محلية وإقليمية ودولية.
المصادر المتابعة تتوقع أن تكون المرحلة المقبلة ساخنة سياسياً، خصوصاً أن التيار الوطني الحر سيواصل تصعيد معارضته للأداء السياسي والاقتصادي للحكومة ساعياً إلى اسقاطها، وهو ما سيتلاقى أيضاً مع معارضة منظمة من قبل التجمع الوطني المزمع اطلاقه من قبل العديد من القوى السياسية، وعلى رأسها الرئيس عمر كرامي.. على أن الأوساط المتابعة تتوقع أن يكون عنوان المرحلة يتعلق بالملف الاقتصادي الاجتماعي وضرورة سحب البنود الضرائبية وتلك التي تمس مكتسبات الموظفين من الورقة الاصلاحية للحكومة، وهو معطى لم يعد باستطاعة أحد تجاوزه بعد تظاهرة العاشر من أيار التي أرست معادلة جديدة على هذا الصعيد لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، بعدما احتشد نصف مليون مواطن أمام السراي الحكومي رافضين السياسات الضرائبية للحكومة.
"استراتيجية الدفاع"
على خط استراتيجية الدفاع الوطني في مواجهة المخاطر الصهيونية ضد لبنان التي شرع مؤتمر الحوار في مقاربتها بعدما أغلق ملف رئاسة الجمهورية، فإن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله قدم مطالعة مطولة استغرقت أكثر من ساعة وكانت محل إنصات واهتمام كبير من قبل الحاضرين، حدد فيها أولاً من هو العدو للبنان، ومن ثم حدد مخاطر هذا العدو على لبنان، ثم شرع في تفصيل السبل التي يمكن من خلالها مواجهة هذا الخطر. وقالت مصادر الجلسة ان سماحته تحدث أولاً عن خطرين صهيونيين على لبنان: أولاً عبر الاحتلال المستمر لمزارع شبعا وتلال كفر شوبا وباقي النقاط الحدودية، وثانياً الأطماع الصهيونية المتواصلة.
وقالت المصادر إن سماحته استعرض بالتفصيل تاريخياً وحاضراً المخاطر الصهيونية على لبنان وسبل مواجهتها، وأعطى أمثلة على الاجتياح الذي حصل عام ثمانية وسبعين والاجتياح الذي حصل عام اثنين وثمانين. ولفت إلى الجهوزية المطلوبة لمواجهة أي عدوان صهيوني من أي نوع يحصل في المستقبل ضد لبنان.
وقالت المصادر إنه في ختام هذه المداخلة المطولة التي أنصت اليها الجميع باهتمام كبير طلب فريق الرابع عشر من شباط رفع الجلسة ربما لتحضير مواقف محددة مما ورد فيها، وهو ما سيعمدون إلى تحضيره في الفترة الفاصلة بين الجلسة الأخيرة والجلسة المقبلة التي تقررت في الثامن من حزيران المقبل.
وتشير الأوساط إلى أن بعض قوى الرابع عشر من شباط ربما تلجأ إلى أسلوب المناكفة في هذا الملف من خلال المطالبة بسحب سلاح المقاومة أو استيعاب أفرادها في صفوف الجيش اللبناني، وذلك في محاولة للرد على فشل مشروعهم في اسقاط رئيس الجمهورية.. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري أشار إلى أنه متفائل بنتائج إيجابية لبند الاستراتيجية الدفاعية لمصلحة لبنان والمقاومة، معوّلاً على حالة من المسؤولية لدى الأطراف الموجودين على طاولة الحوار.
وفي ملف العلاقات مع سوريا وضع الرئيس بري المتحاورين في أجواء نتائج زيارته الأخيرة إلى دمشق، وأن كل المتحاورين كانوا مؤيدين لهذه الخطوة، مكرراً أن أبواب دمشق لا تزال مشرعة أمام تحسين العلاقات، لكن من دون تجاوب فريق الرابع عشر من شباط مع هذا التوجه للأجندة الاميركية التي يلتزمون بها في سياق استمرار توتير العلاقة مع سوريا.. ويبدو أنهم لا يزالون منضبطين ضمن هذا السقف الذي يجري تظهيره عبر قرار يصدر عن مجلس الأمن ضد سوريا، وهذا الأمر دفع رئيس مجلس النواب الى التلويح بكشف الجهات التي تعرقل تطبيق قرارات الحوار في ما يتعلق بالعلاقة مع سوريا، وهو ربما يضطر الى الحديث بصراحة عن هذا الأمر اذا استمرت قوى الرابع عشر من شباط في انقلابها على مقررات الحوار بهذا الشأن.
بكل الأحوال، فإن جولة الحوار الأخيرة أرست رسمياً معادلة سياسية باتت مسلمة على الصعيد الرئاسي، ودخلت الأطراف في بند الاستراتيجية الدفاعية التي ستستغرق جلسات عدة من الحوار نظراً لأهمية هذا الملف وتأثيره على مستقبل لبنان وموقعه في معادلة الصراع العربي الصهيوني.
هلال السلمان
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1162 ـ 19 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018