ارشيف من : 2005-2008

صرخة في بداية العام الدراسي: الكتب "تتجدَّد" وأسعارها "تنبش" الجيوب

صرخة في بداية العام الدراسي: الكتب "تتجدَّد" وأسعارها "تنبش" الجيوب

الانتقاد/ محليات- 1128- 23 أيلول/ سبتمبر 2005‏

إنه شهرٌ مثاليٌ للمدارس وللكتب بطبعاتها المتجددة. "نقمة أيلول", كما يسميها الناس, تفرض نفسها على الأهل الغارقين هذه الأيام في تأمين مستلزمات أولادهم المدرسية على وقع الشكوى المستمرة من غلاء الكتاب المدرسي والقرطاسية والزي المدرسي وغيرها من مستلزمات الدراسة المستجدة لمواكبة آخر التطورات التعليمية".‏

يبدو أن العلم في لبنان "غالٍ" بإرادة معظم المدارس الخاصة التي تتقاسم نصف عدد الطلاب في لبنان تقريباً مع المدارس الرسمية. وإذا كان التعليم الرسمي مجانياً في الدول العربية المجاورة، فإنه في هذا البلد الصغير يصبح العبء الأول على المواطنين الذين يبدون أمام هذا الاستحقاق لا حول ولا قوة لهم!‏

هاجس الكتب واللوازم والقرطاسية يسيطر على الأهل إلى حد "الهلوسة" في بعض الأحيان، خصوصاً لدى ذوي الدخل المحدود في هذه الظروف الصعبة والعصيبة سياسياً واقتصادياً، لا بل إن البعض وجد نفسه غارقاً فجأة في "لجة" رسوم التسجيل والأقساط وبدل النقل المدرسي، ثم الكتاب واللوازم القرطاسية والزي المدرسي إلى آخر اللائحة التي لا تنتهي.‏

هذه المعاناة يمكن الاحساس بها في أي مكتبة من المكتبات التي تنشط في هذا الموسم وتزدحم بالزبائن المجبرين على شراء الكتب، وتظهر معالمها بشكل واضح عند صندوق المحاسب تعابير تبرم ودهشة على وجه الأهل في بعض الأحيان لسعر هذا الكتاب أو ذاك. ولولا أن الإيمان ما زال قائماً بقدسية وضرورة العلم في لبنان لما عض الأهالي البَنان وصبروا على ما لا طاقة لهم عليه...‏

"الانتقاد" جالت على عدد من مكتبات الضاحية وبيروت واستمعت الى شكاوى الأهالي من الكتب وأسعارها وطبعاتها المتجددة في كل سنة دراسية، لعلّ هذه الشكوى تطرق آذان المسؤولين المعنيين الغارقين في السياسة حتى الأذقان، وعادت بعينات ليست إلا جزءاً يسيراً من معاناة كبيرة يبقى التعبير عنها أقوى بلسان أصحابها.‏

أحد الآباء يقول: "لدي ثلاثة أولاد, وأدفع ثمن القرطاسية 100000 ل.ل. لكلّ منهم، فالمدارس الخاصة أصبحت دكاناً ولا تبغي العلم, هي مؤسسات للربح فقط".‏

يتابع الأب نفسه بلهجة المتشائم: "نحن بين مطرقة المدرسة الخاصة وسندان تلك الرسمية. فإما ان تضع ابنك في مدرسة خاصة وتدفع ما في جيبك, وإن أودعته لدى الثانية فليس معلوماً مصيره!".‏

ما يزيد الطين بلة، اعتماد بعض المدارس على الكتب المستوردة كأي سلعة بغض النظر عن محتوى الكتاب والمنهاج الذي يعتمده، إذ بات لكل مدرسة كتابها، وإذا كان مستورداً فهذا يعني مستوى أرقى لأن "كل شي فرنجي برنجي"! لماذا لا تستبدل هذه الكتب بأخرى وطنية! سؤال طرحه العديد من المواطنين وعلامات الاستهجان بادية على وجوههم.‏

احدى الأمهات وهي أم لولدين في مدرسة خاصة تستغرب ظاهرة الكتب المستوردة، وتحث على استعمال كتب غير مستوردة من الخارج قائلة "يمكن للمدارس أن تخفف على طلابها لكنها مستمرة "بنبش" الناس. لدي مشكلة صحية وزوجي يدفع بدل علاجي ملايين الليرات".‏

وتتابع بلهجة حادة "معقول كتاب واحد ثمنه 80000 ل.ل للأول متوسط لأنه أجنبي!".‏

أحد الآباء يوافق تلك الأم مضيفاً بأن "كتاب اللغة الإنكليزية لولده ثمنه 80$! لماذا؟".‏

احدى السيدات لفتت إلى ظاهرة تقسيم بعض الكتب وقالت "يتزايد اعتماد ظاهرة تقسيم الكتاب الى جزئين, فيُفصَل كتاب المادة عن دفتر التمارين. ويؤدي التقسيم, الى ارتفاع سعر الكتاب المجزأ عمّا كان عليه عندما كان موحداً، لا بل أن بعض هذه الكتب مجزأ إلى أكثر من قسمين!".‏

ويقر صاحب إحدى المكتبات بهذا الأمر ويضيف بأن "سعر الكتاب يزيد بثلاثة آلاف ليرة لبنانية بعد تقسيمه".‏

ويتشعب الحديث وكذلك الشكوى لدى الأهل، وتطرح العديد من الأسئلة ويشاركهم فيها بعض أصحاب المكتبات، لماذا لا يتم توحيد الكتب في المدارس؟ أين وزارة الإقتصاد من دور النشر والكتب المستوردة؟ أليس هناك من يراقب ويحدد الكتب المطلوبة؟ ولماذا "موضة" تغيير الطبعات كل سنة!! وهل تغيير الطبعة يعني تغيير الغلاف وجزء يسير من المضمون لنكون أمام كتاب جديد؟ ما الضير إذا استخدم الطلاب كتباً مستعملة؟‏

أصحاب المكتبات يردون على هذه الشكاوى بأنهم ليسوا هم السبب وخاصة أن دورهم هو وسيط، ويلمح هؤلاء إلى أن السبب الرئيس لارتفاع أسعار الكتب هو الحلف الثنائي السري بين المدارس ودور النشر، وهو ما يجب البحث فيه ومعرفة أسراره!‏

هذه الشكاوى حول الكتاب المدرسي لا تنتهي ولن تنتهي بانتهاء العام الدراسي, لأنها ستتجدد أيضاً العام المقبل، وتتجدد معها الأسئلة: "هل يستمر الواقع على هذا الشكل التجاري؟ ألا تستطيع المدارس التخلي عن بعض الكتب، حيث تؤكد معظم المكتبات ان 90% من الكتب المدرسية لا حاجة للطلاب بها؟".‏

تحقيق حسن زراقط‏

2006-10-30