ارشيف من : 2005-2008
مواقف شالوم: رؤية الكيان الصهيوني وأولوياته على الساحة اللبنانية
الانتقاد/ محليات- 1128- 23 أيلول/ سبتمبر 2005
تشكل الإحاطة برؤية العدو وأولوياته، وإن أمكن تقديراته لمسار الأحداث، عنصراً أساسياً في بلورة تصور متكامل ومتماسك يؤطر حركة مقاومة أي شعب يتعرض للتهديد والعدوان، وذلك لضمان استقامة وصوابية مسيرته وصولاً إلى تحقيق الأهداف المنشودة. وهذا ما يساهم مساهمة فعالة جداً في كشف الأضاليل المسوقة من قبل هذا العدو، التي تحاول حرف وجهة الصراع وإسباغ بعض الطروحات بتلاوين مختلفة تغطي حقيقة أهدافه (العدو)، ما يوجب عدم إغفال أي طروحات تتوافق أو تتقاطع مع مخططات العدو على حساب المصلحة الوطنية.
لا شك في ان إلحاحية الإحاطة المطلوبة بما تقدم، تحتاج إلى أكثر مما هو متاح هنا.. لكن يمكن تسليط الضوء على جوانب منها لها القدرة على كشف بعض من مخططات هذا العدو وأولوياته للمرحلة الحالية، وفي ذلك من المفيد تتبع حركته بما يشمل تصريحاته وتحليلاته وتقديراته.
وآخر ما يمكن ان يستشهد به في هذا المجال، هو أقوال وزير خارجية العدو سيلفان شالوم، الذي تطرق في محاضرة ألقاها في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ـ المركز الأكثر التصاقاً بـ"اسرائيل" والإدارة الأميركية الحالية ـ وتحت عنوان: "بعد الانفصال: فرص المستقبل"، تطرق إلى لبنان وحزب الله، وكشف عن جوانب دالّة على أهداف السياسة الإسرائيلية تجاه لبنان والمنطقة:
ـ اعتبر شالوم ان حزب الله يبرر تمسكه بسلاحه بادعاء استمرار احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية والتهديد الذي توجهه "إسرائيل" للبنان، في حين ان حزب الله ـ بحسب كلام شالوم ـ يشكل تهديداً للدولة اللبنانية!
يبدو من خلال هذه المقولة أن من ضمن خطة العدو قلب صورة الوقائع في أذهان الرأي العام، فبدلاً من أن يكون احتلاله لأجزاء من الأراضي اللبنانية والتهديد الذي يشكله على سلامة لبنان وأمنه واستقراره هو الحاضر في الساحة اللبنانية، وما يترتب على ذلك من تعزيز ضرورة استمرار التمسك بخيار المقاومة وسلاحها، يريد العدو ان يظهر سلاح المقاومة هو المشكلة، وأن يضعه موضع تشكيك بوصفه مهدداً للدولة اللبنانية! أما كيفية تحقيق هذا الهدف فتشخيصه يتحقق من خلال مراقبة الحراك السياسي والإعلامي في لبنان وخارجه.
ـ اعتبر شالوم أيضاً أن الأولوية لدى "إسرائيل" في هذه المرحلة، هي وضع حزب الله على لائحة الإرهاب الدولي. ولا يخفى أن هذا الأمر يأتي ضمن إطار حرب متعددة الجبهات يشنّها العدوّ على المقاومة في لبنان، من ضمن ما ترتكز عليه الدمج بين مفهومي الإرهاب ومقاومة المحتلين والمعتدين، في محاولة لتطويقها دولياً وإقليمياً على أمل التمكن من إسقاطها محلياً، استكمالاً للمخطط الكامن في القرار 1559.
ـ كما أشار شالوم بشكل واضح إلى أن إخراج النشاطات التي يقوم بها حزب الله التي وصفها بالـ"إرهابية" من المعادلة "أمر جوهري جداً وذو تأثير إيجابي، سواء بالنسبة الى السياسة اللبنانية نفسها أو بالنسبة الى إمكانية تحقيق السلام على الحدود الشمالية".
من خلال ما ورد، يمكن استقراء الرؤية الإسرائيلية للدور الذي يقوم به سلاح المقاومة، والمعنى المقصود ـ إسرائيلياً ـ من الآثار الإيجابية على السياسة اللبنانية. وبهذا الصدد يُطرح التساؤل التالي: ما هو الإطار الذي اذا تحركت ضمنه السياسة اللبنانية يُعتبر إيجابياً لـ"إسرائيل"؟..
قد يصح القول ان هناك مروحة واسعة من الاختلافات بين اللبنانيين ـ سواء على مستوى الرؤية أو الموقف ـ في العديد من القضايا، ولكن بالتأكيد لا ينطبق ذلك على تصور اللبنانيين للصيغة السياسية التي يأمل ويعمل العدو الصهيوني على ان تعتمدها الحكومة اللبنانية، سواء في ما يتعلق بالعلاقات معه أو بالموقف من سوريا.. وعليه يصبح كلام شالوم واضحاً في أن "إسرائيل" تعتبر ان سلاح حزب الله يشكل عقبة أمام تحقيق هذه الأهداف "الإيجابية بالتعبير الإسرائيلي"، والذي بالتأكيد هو أيضاً مطلب أميركي.
أما بخصوص ان يؤدي "نزع سلاح حزب الله أو شلّه" إلى تحقيق السلام على الحدود الشمالية، فيمكن في هذا المجال الاكتفاء بشهادة سكان الجنوب اللبناني المحاذين للحدود مع فلسطين، ومقارنته مع فترة الاحتلال المباشر لهذه المنطقة، بل حتى بالمراحل التي سبقت ذلك. والواضح ان المقصود بذلك العمليات المتقطعة لتحرير مزارع شبعا وسياسة السيف المسلط التي استطاعت ان تبلور وترسخ حالة من الردع أمنت الاستقرار للبنان وشعبه.
جهاد حيدر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018